مقالات

رسالة إلى الناعقين..

سوسن الزعبي

باحثة إسلامية سورية.
عرض مقالات الكاتب

بين الحين والأخر، يخرج علينا بعض الرويبضات والناعقين الذين يردّدون ما يسمعون من أراجيف، صدّقوها دون إدراك لحقيقتها ومعناها ودون تفكير، ظانين أنفسهم أنهم وصلوا إلى القمّة في العلم والفلسفة بمجرد قراءتهم رسالة أو كتابا في الفكر أو الفقه أو في علم آخر، أو أن شهادتهم الجامعية صارت تخولهم الطعن في أهل العلم..
ربما تتقبل منهم ان كان كلامهم لاعلاقة له بالدين والاحكام الشرعية ؛ اما أن يتطاولوا على علماء لهم شهرتهم بمجال العلم الشرعي بجميع تخصصاته فهذا أمر غير مقبول ويجب مواجهته والرد عليه .

فكثيراً ما سمعنا من أمثال هؤلاء إطلاقات طاعنة في بعض العلماء ؛ كنوع من أنواع الاستهزاء بهم والسخرية منهم وبعلمهم الذي بلغ الآفاق وأمضوا سنوات عمرهم في سبيله وتبيانه للأمة ..
مثل عبارتهم الشهيرة في حق علماء أهل السنة، وإطلاق مسمى عليهم بأنهم علماء الطهارة !!

يطلقون تلك الحملات والمسميات بذريعة أن ما يحصل للأمة الآن من قتال وحروب لا يلقون له بالاً، وليسوا مهتمين به؛ وأن همّهم الوحيد الحديث عن أحكام الطهارة وكيفياتها

لاأدري في نظر هؤلاء هل هذا العلم – أحكام الطهارة- والحديث عنه وشرحه وتوضيحه للمسلمين ليس مهماً ؟

أم أن الهدف الحقيقي هو فقط تشويه صورة العلماء أمام العامة والتقليل من مكانتهم ؟

يقال لهؤلاء إن كنتم ترون أن هذا العلم ليس مهماً لكم ، لكن بالنسبة لغيركم يراه مهماً جداً، ويبحث ويسأل ليتعلم أمور دينه، ويستمد أهميته هذه من أهمية العبادات لديه، وعلى رأسها الصلاة التي هي عمود الدين ؛ فهو يريد أن يعلم ماهي أحكام الطهارة وكيفيتها؛ حتى تكون عبادته صحيحة .

فالطهارة كما يعلم المسلمون هي شرط من شروط صحة الصلاة، فأي خطأ أو إخلال بهذا الشرط لن تصح صلاتهم أصلا، وما لا يتم به الواجب إلا به فهو واجب؛ فهو واجب شرعي يجب أن يعلمه ويتعلّمه كل مسلم، يهمّه أمر دينه وصحة عبادته وخاصة أمر الصلاة، والتي هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وأول ما يسأل عنه العبد في باب حقوق الله تعالى.

فإن كان هذا الأمر لا يهمّ هذه الفئة المستهزئة بأحكام الطهارة، من قريب أو من بعيد، فما دخلهم في من يهمه تعليم وتعّلم هذه العبادة الجليلة ؟ ولماذا هذا التشويش على هؤلاء العلماء المتخصصين في هذا العلم؟ وهل أصبح واجباً على كل عالم مسلم أن يتحدث في السياسة ؟
الستم ممن تدعون دائماً وأبداً وتطالبون بأنه لاسياسة في الدين ولا دين في السياسة ؟!
فما بالكم الآن تناقضون أنفسكم ؟

ألا يدرك هؤلاء أن هناك تخصصات شرعية اختص بها علماء الشريعة، وكل اشتهر بتخصص معين، كما هو الحال مع التخصصات الطبية والهندسية والزراعية والاقتصادية والعسكرية، وما ينطبق على تلك التخصصات الآنفة الذكر كذلك ينطبق على التخصصات الشرعية ؛ لأننا نعيش في زمن التخصص .

فهناك من العلماء من كان تخصصه في كتاب الطهارة وأحكامها، ومنهم من كان اختصاصه في كتاب الطلاق، ومنهم من اشتغل بعلم المواريث والمعاملات والسياسة الشرعية والمادية وغيرها من التخصصات…

والسؤال الذي يُطرح على هذه الفئة المهوّنة من شأن العلماء :
هل لديكم الجرأة للاستهزاء بالتخصصات الطبية أيضاً وتطلبون من الأطباء الحديث عن كل شيء؟
وهل لديكم الجرأة أو هل من المناسب أن تطلبوا من المهندسين والإداريين والعسكريين أن يتحدثوا عن كل شيء أيضاً ؟!
أم أنّ جرأتكم والمستباح عندكم فقط هو: كل ما يتعلق بالدين والعلماء؟!

لا أقول لكم بالنهاية إلًا أن تتقّوا الله في دينكم إن كان يهمّكم ، ولا أعتقد ذلك إلاّ أن يتدارككم الله برحمته ؛ لأنكم تنفّذون ما تم تكليفكم به وأنتم أعلم بذلك ولم يعد خافياً على أحد ، من يستهزئ بعلماء الدين لا يهمه لا دينه ولا أمته ولا وطنه يبيع آخرته بدنياه لأجل المال والجاه …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى