تحقيقات

“بشار أسد” في سوق النخاسة ضمن مزاد القمة الثلاثي

فراس العبيد – رسالة بوست

انتهى اجتماع الثلاثي “موسكو، أنقرة، طهران”، على الترتيب السابق الذي يجعل من “تركيا” في المنتصف، والمعارضة معها اﻷسد، على طاولة المزاد بيعًا وشراءً. تسجيل حضور:

والراجح أنّ القمة كانت لمجرد تأكيد “الحضور” على مسرح اللعبة السوري، مع بعض المكاسب التي لا تذكر، والتي أبقت الوضع الراهن على حاله، في الملعب النظيفة شباكه من اﻷهداف الجديدة، وفق معادلة “صفر-صفر” للمعارضة والأسد. مع مناخ غائم يؤكد انعدام ثقة بين الثلاثي السابق، أكده اجتماع أستانا يوم اﻷربعاء الفائت، إذ إن الحشود العسكرية مستمرة بين الطرفين اﻷتراك التي لم يتوقف تدفق عسكرها إلى المحرر، والنظام بمساندة الميليشيات الطائفية اﻹيرانية على المقلب اﻵخر، وبالطبع بضوء أخضر روسي. والفصل المسرحي يؤكد أنّ الجميع على الخشبة يأخذ وضعية المتأهب، واحتمالية المعركة ممكنة، لكن بعض الظروف قد لا تسمح بها، وإنما ستكون على نظاق ضيق، يتوقع أن تكون باتجاه “جبل الزاوية”.

أسد للتفاوض والبيع:

وبمعظم اﻷحوال؛ فإن أحداثًا سبقت قمة الثلاثي “الروسي، التركي، اﻹيراني”، تعتبر مؤشرًا وملمحًا يعطي تصورًا أنّ “اﻷسد” واقع تحت “ابتزاز” دولي، قد لا يشير إلى حتمية “إنهائه” وإنما تقديمه مزيدًا من فروض الوﻻء والطاعة، تطيل في أجله، وتجعله “في قفص المفاوضات”… ضمن مزادات مقبلة اﻷيام القادمة. ونستذكر بالترتيب من اﻷخير تلك اﻷحداث؛ التي كان أولها تصريحات رئيس وزراء الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو، وهو أبرز اللاعبين على اﻹطلاق في الملف السوري، وكان صريحًا في خطابه لبشار الأسد، حيث ربط بقاء الميليشيات الإيرانية في سوريا بزوال حكمه. كما سبقه تطبيق قانون العقوبات اﻷمريكي “قيصر/سيزر”، والذي سرعان ما بدأت تأثيراته تظهر بوضوح على الليرة السورية وحياة الشارع في مناطق النظام. والضربة التي تلتها كانت عبر رفض ما يسمى بالدول المانحة تمويل إعادة الإعمار قبل تحقيق عملية سياسية مستندة إلى قرارات الأمم المتحدة. وبذلك يبقى “بشار الأسد” رهين التفاوض الدولي، حتى التوصل إلى تفاهمات ترضي جميع اﻷطراف فيما عدا “المعارضة” التي سلّمت “لحيتها” للأتراك.

سقف مطالب دولي:

ومعظم تلك المؤشرات تعطي هامشًا للأسد في المناورة، فجميعها يصر على “تغيير سلوكه وتحلله من إيران”، فيما يحاول اﻷسد، التأكيد على أنّ عقد نكاح المتعة مع اﻹيرانيين شرعي، على اﻷقل حتى يبقى متعلقًا بالقشة وممسكًا بالعصا من منتصفها. وبالمجمل؛ فإن اﻻجتماع؛ انتهى إلى حصول موسكو وإيران على دعم سياسي، بينما حافظت أنقرة على الهدنة وموافقة على موقفها من الملف الكردي، حيث تتشاطر مع “إيران واﻷسد” في هذه النقطة. والملاحظ أيضًا أن القمة تتوج فكرة “إضعاف اﻷسد” التي انتهجها المجتمع الدولي، دون التخلي المطلق عنه، وإنما قبوله بـ”شروط” ماتزال خاضعة للتفاوض، وغير محققة. وإن كانت مسألة التضحية به ممكنة، وتتعلق فقط بتلميع بقايا فلول نظامه اﻷمني، وهو ما تحدثت عنه موسكو وتل أبيب مرارًا، ولم تعر له المعارضة أهمية على مبدأ “مطنش كأنك مفيش”. وفي ذات السياق فإن دول الخليج تساير وتقبل بالدور الروسي، شريطة أن تبعد “إيران”، ما يكسب موسكو موقفًا قويّا ويعزز وجودها مستقبلًا في المنطقة.

مجرد رومانسيون:

ويبدو أنّ مراهنة بشار اﻷسد على حلفائه كبيرة، لكن عليه وعلى الروس أوﻻ ، التخلي عن إيران أو تقزيم دورها في سوريا، ويقصد هنا الجانب العسكري واﻷمني، مع ترك الباب مفتوحًا للشق الديني او الثقافي، فلا ضير لدى المجتمع الغربي من تغيير البنية الدينية للمجتمع السوري؛ فالمفهوم الشيعي، يبتعد تمامًا عن مصطلحات أبناء السنة التي لا تزال تتمسك بفكرة “الجهاد العالمي” حتى وإن تم تشويهها إعلاميّا، فضلا عن الكثير مما يطول شرحه في هذا المقام ويجعل الدور اﻹيراني محصورًا في بابٍ واحد، للتخريب. ومن جهةٍ أخرى، على موسكو أن تقدم صفقة التخلي عن إيران، إذا أرادت اﻻستمرار فهي بالمحصلة تتماهى مع اﻹرادة اﻹسرائيلية، شئنا أم أبينا، والحلف الصهيوصليبي واضح المعالم. بالتالي؛ ﻻ معنى لبقاء الرومانسيون يقتاتون على أمل إزاحة ومحاكمة اﻷسد، متجاهلين أنه يمثل “رغبة دولية” و”نزوة غربية” تمثل مصالحه في تدمير المجتمع السوري المسلم، وتحمي حدود الكيان السرطاني في فلسطين. لكن هذا لا يمنعنا من القول بأنّ “بشار أسد” يعيش أيامه في سوق النخاسة ضمن مزاد البيع والشراء، المعروف، الذي يديره الثلاثي “روسيا، تركيا المكبلة، إيران” علنًا، واﻷصابع الخفية لتل أبيب والرغبة الأمريكية خلف الكواليس. وفيما عدا “السيف” فلا معنىً للقمم، ولا دوام للمعارضة، والتاريخ شاهد، ومجازر الروس بحق المسلمين الذين ألقوا سلاحهم خير دليل، فلا يحك جلدك مثل ظفرك، وخديعة المؤامرات /المؤتمرات واضحة للعين المجردة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى