ثقافة وأدب

من كتابي القيامة انشقاق لأجل الحرية

محمد الفضلي

كاتب وأديب سوري
عرض مقالات الكاتب

من الأمور التي توقفت عندها في بحثي عن هويتي وإنتمائي، هي شعار ( واحد واحد..الشعب السوري واحد)
شعار أطلقه المتظاهرون من بداية الثورة السورية، واستمر حتى مراحل متقدمة منها، ولقد لمست من كل مَن قابلتهم من متظاهرين ومن أفراد عاديين، رغبةً حقيقيةً في أن ينضم لثورتهم كل أبناء المكونات وخاصة الطائفة العلوية، نعم خاصة العلويين.
كانوا ينادوهم في كل المحاور ويناقشوهم كلما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، يريدونهم أن يفهموا أن ثورتهم لا تستهدفهم كطائفة، وهم جزء من الشعب السوري.
هم لايريدون من العلويين في أضعف الإيمان غير أن يقفوا على الحياد، وألا يكونوا أداة في يد النظام لتفريق الشعب السوري عن بعضه،
كانت الرغبة الصادقة من المتظاهرين نابعةً من قلوبٍ لم ولا تعرف الكره أو الحقد، لكن العلويون في معظمهم خذلونا جميعاً، وكأن نداءً من مكان ما قد صدر لهم وتطوعوا لخدمة النظام وفروع أمنه بكل ماأوتوا من قوة.
كم آلمني مشاهدة رجال ونساء من الطائفة، وهم يحضّون أولادهم على الذهاب للقتال في صفوف النظام، لقتل المتظاهرين، ويشحذون عزائمهم بعبارات طائفية.
شاهدتهم في قسم الشاطئ الأزرق، وشاهدتهم على التلفاز، وسمعتهم في المسيرات المؤيدة، التي كان يخرجها النظام ويضعنا كشرطة في حراستها، كنت أسمع فيها هتافات ٍوعبارات ٍطائفية.
ففي إحدى تلك المسيرات المؤيدة، وبناءً على الأوامر الوزرية تم تمركزي برفقة دورية أمام مدخل أحد الشوارع الرئيسية التي ستمر منه المسيرة.
حينها مر من أمامي عجوزٌ سبعيني من أبناء الطائفة (شركاء الوطن) وحوله أشخاص كثيرون يهتفون بالولاء للرئيس، ويطالبونه بلبس البزة العسكرية ليقتل الخونة (في إشارة للمتظاهرين)،
فجأةً اتجه باتجاهي هذا العجوز قائلاً:
الله يحميكم… اقتلوا أعداء الله، واعداء الوطن.
فقلت له: من تقصد ياعم؟!
قال لي: هؤلاء الذين يخرجون ضد سيادة الرئيس، وبدهم حرية.
قلت له: طيب تابع مسيرك.

اقترب مني أحد عناصر الشرطة من (شركاء الوطن) الذين كانوا تحت أمرتي وكان بيننا مودة
قال لي مازحاً وهامساً بأذني: يا سيدي لو يعرف هذا أنك من جماعة الحرية، لقام بقتلك.
فضحكت وقلت له: أترى؟! نحن نقول الشعب السوري واحد، وأنتم تقولون نريد أن نقتلكم، فكيف سنحلها بيننا؟!

تلك الواقعة بما تحمله من مزاح وضحك، كانت تثير في نفسي سؤالاً لم يفارقني من بداية الثورة وأبحث عن إجابته:
” إلى من ننتمي؟!! ومن هو عدوي؟! “.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى