منوعات

سوا ربينا

جهاد الأسمر

كاتب ومحامٍ سوري.
عرض مقالات الكاتب

عبارة لطالما صدّع بها رؤوسنا النظام السوري وعلى مدار سنين طويلة للدلالة على العلاقة الحميمة التي تربط الشعب السوري بالشعب اللبناني، عبارة اتضح كذبها، وزيفها كشَفها السوريون المهجرون في سنين الثورة الذين عاشوا في لبنان، والتي اتضحت فصول كذبها كما اتضح كذب وزيف عبارات وأقوال كان النظام يرددها على مسامع الشعب، لتأتي ثورته لتكذبها وتدحضها. 

لعلي أبدأ هنا بما يدحض عبارة  “سوا ربينا” وربما يأتي في هذا السياق  شهادة بشارة الخوري “الأخطل الصغير” شاعر لبنان الكبير، وشهادته في لبنان واللبنانيين، والذي رأى فيهم أنهم لاهون لاعبون في وقتٍ يجِدُّ فيه غيرهم، ولم يرى فيهم شاعرهم في الملمات عزمًا ولا مروءة، فشهادة الأخطل ما أجملها من شهادة فهي تأتي شهادة شهودٍ في أهليهم.

فبشارة الخوري اللبناني خبِرَ لبنان وعرفه، وعرف خفايا كثيرة فيه ومن هنا تأتي أهمية شهادته في لبنان وأهله، يقول الأخطل في لبنان:

لبنانُ..لبنانُ مالكَ إنْ غمزتكَ تغضبُ..

أيَجِدُّ غيرك في الحياةِ وتلعبُ..؟

إني هززتكَ في البلاء فلمْ أجِدْ

عزمًا يَفِلُّ ولا إباءَ يغضبُ…

 مقدمة رأيتها لازمة  لموضوع بات ظاهرة في لبنان فقد كثُرت  جرائم الاعتداء على السوريين فيه  ببلد يفترض أن يكون حاميًا من جاء إليهم ملهوفًا، فإذ بهؤلاء الحماة الذي يفترض بهم أن يكونوا حماة لملهوفيهم يمارسون جرائم بحق السوريين تندى لها الجباه، فما دفع بالسوريين للهروب من بلدهم خشية جرائم النظام تقع عليهم في لبنان من لبنانيين.

فبالأمس ثلاثة شبان لبنانيين يطاردون في قربة لبنانية في البقاع اللبناني يطاردون طفلًا سوريًا لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره، ويقومون باغتصابه في فيديو انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، ولم يشفع للطفل صراخه واستغاثته بالقريب منه وبالبعيد عنه ولكن عبثًا.

الجرائم المرتكبة بحق السوريين باتت جرائم شبه دورية وتجري بانتظام في ظل غياب سلطة الدولة والقانون فيه، ولا سيما في المناطق المحسوبة على حزب الله، وحركة أمل الشيعيتين وبات فاعلو هذه الجرائم يحظون بالحماية من حزب الله وحركة أمل، وهم يقومون بأفعالهم تحت عناوين طائفية مقيتة لا بل وصل الأمر بالجناة أن يقوموا بتصوير ما قاموا به على وسائل التواصل الاجتماعي وبأسمائهم الصريحة وبجرائمهم يتفاخرون.

 جريمة اليوم ضجت بها وسائل التواصل الاجتماعي كما ضجت منذ سنين قليلة جريمة تشبهها عندما قام  سبعة شبان لبنانيين باغتصاب فتاة صغيرة على التناوب قام بعدها القضاء اللبناني بتسويف القضية، ولم يُعرف ماذا حدث بعدها من إجراءات وربما تمت تذييلها وإعطاء القرار فيها  بأنها ضد مجهول.

جريمة أخرى وقعت على عامل سوري كان الفاعل فيه هذه المرة طبيب لبناني هو زوج المطربة اللبنانية نانسي عجرم الذي قام بقتل عاملٍ سوري  كان  يعمل في “فيلته” ولم يعرف أحد ما الذي حدث فيها بعد أن انتشرت انتشار النار في الهشيم ولقيت ما لقيت ويعتقد كثيرون  أنّ مصيرها مصير سابقاتها من الجرائم، وربما لاحقاتها من الجرائم والانتهاكات التي تقع على السوريين في لبنان.

جرائم بعض اللبنانيين- ولا نقول كل اللبنانيين- على السوريين لم تقتصر على الأحياء منهم بل شملت حرمات أخرى فقد قام اللبنانيون بمنع دفن السوريين في مقابرهم وكتبوا على المقابر ” يمنع دفن السوري”.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. مقال رائع ولكن هل من منصت؟ هل من محكمة عادلة تنصف هؤلاء الأبرياء؟ هل من قاض عادل يحكم بالانصاف دون أن يكون تحت عباءته القضائية والعدلية بدلة عسكرية؟ أطفالنا يعانون ما يعانون.. من اغتصاب الى القتل الى الخطف الى البيع الى سرقة أعضائهم.. كلنا يعلم أن لبنان تحكمه ميليشيات ولكن من ينصف هؤلاء الابرياء؟ جمعيات حقوق الطفل أين صوتها؟ أين عيون هذا العالم الذي يتشدق بالانسانية والديموقراطية.. أين معارضينا؟ أين حكومة الائتلاف اللصوص؟ على الأقل أصدروا صوت استنكار واحد لعله يكون صدقة عن كذبكم ولصوصيتكم وفجوركم

  2. حينما دُفن الضمير العربي برزت هذه العبارات للعلن
    مثلها مثل كل الشعارات التي صدعتنا صِغَارًا
    أمة عربية واحدة ! أين هذه الأمة وكيف ماتت ومتى ومن قتلها ؟
    جيش عقائدي ! على أي عقيدة تربى هذا الجيش وكيف استطاع توجيه سلاحه لصدر اولاده ؟
    جيش المقاومة ! أي مقاومة هذه ؟
    محور الممانعة ! عن أي ممانعة تحدثوا ؟
    مئات الشعارات زرعت في وجدان شعب منهوب مستباح …..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى