منوعات

ظهور الأهِلَّة… مابين هلال شيعي، وآخر نفطي في ليبيا..

جهاد الأسمر

كاتب ومحامٍ سوري.
عرض مقالات الكاتب

يبدو أننا أمام هلال آخر من الأهلّة التي نسمع بها بين الحين والآخر،فبعد الهلال الشيعي التي تحاول إيران تحقيقه الذي يربط بين قم والعراق وسوريا ولبنان الذي ظهر منذ سنين، فقد ظهر هلال آخر ولكن هذه المرة بعيدًا عن المعتقدات الدينية لتحكمه الأمور والمصالح الإقتصادية إنه “الهلال النفطي الليبي”

الجميع أدرك من الدول أهمية الهلال النفطي الليبي وأهمية أن يكون لها موقع قدم فيه، فسارعت الدول وخاصة بعد الإنهيارات والضربات التي تلقاها الإنقلابي حفتر على يد حكومة الوفاق الليبية والمدعومة من تركيا وسيطرة قوات الوفاق على الغرب الليبي والشريط الساحلي فيها فقد تنبهت دول كثيرة منها مصر وفرنسا وإيطاليا وقبرص واليونان وغيرها من مغبة أن تصل قوات حكومة الوفاق إلى الشرق الليبي وتسيطر على الجفرة وسرت والتي قال عنهما السيسي” إن سرت والجفرة خط أحمر لن تسمح مصر لحكومة الوفاق أن تسيطر عليهما”تصريح يبين أهمية هاتين المنطقتين، وسعي دول كثيرة أن تضع لها موطىء قدم لها فيهما، السؤال هنا الذي يطرح ما هي الأهمية الحقيقيه للهلال النفطي؟

تعتبر سرت والجفرة الهلال النفطي الليبي والذي يتموضع فيه ٨٠ بالمئة من النفط والغاز الليبي ،
فتلك المنطقة تضم ما يقارب من ١٨ بئرًا نفطيًا ليبيًا ناهيك عن الآبار الأخرى الكثيرة من النفط والغاز التي لم يجرِ اكتشافها بعد.

أهمية سرت والجفرة بالإضافة إلى هذا فأنها تشكل عقدة مواصلات بين الغرب الليبي وبين شرقه، فقوات حكومة الوفاق تدرك جيدًا أنها بدون السيطرة على الجفرة وسرت ستكون إنجازاتها منقوصة ،وهذا ما لا تريده فلابد لهاإذاً من أن تسيطر على سرت والجفرة والتي وكلما اتجهت قوات حكومة الوفاق الليبية باتجاهها شرقًا اقتربت من الحدود الليبية المصرية ،وهذا ربما ما دفع السيسي أن يقول ماسقناه آنفًا بأن سرت والجفرة خط أحمر بالنسبة إليه!

تركيا بدورها تعلم وتدرك أن الاتفاقات التي عقدتها مع حكومة الوفاق الشرعية والمعترف بها من المجتمع الدولي والمتعلقة لترسيم الحدود البحرية بين البلدين والإتفاق على التنقيب عن النفط والغاز بين المؤسستين التركية والليبية لا يمكن أن ترى النور دون السيطرة على منطقة الهلال النفطي الليبي في سرت والجفرة.

مثلٌ عراقي ينطبق على تهافت الدول على منطقة الهلال النفطي وهو” أكو دبس أكو ذبان ما كو دبس ما كو ذبان” فالأمر هنا لا يتعلق بدبس،بل بما هو أغلى يتعلق الأمر بنفط وغاز ليصبح المثل” أكو نفط أكو ذبان ما كو نفط ما كو ذبان”

فمصر السيسي، يداعبها الحلم أن تكون منصة أوربا لتصدير الغاز والنفط ،ولتكون لاعبًا إقليميًّا في هذا المجال وقد عقدت السنة المنصرمة اجتماعات في هذا الخصوص ضمت كلًا من اليونان وقبرص وإيطاليا وفرنسا،وهاتان الدولتان الأخيرتان تريدان لشركتيهما “توتال” الفرنسية و”إيني” الإيطالية النفطيتين أن يكون لهما حصة الأسد في الغاز والنفط الليبي في الهلال النفطي الجفرة وسرت.

أما عن التواجد الروسي وحرص روسيا أن يكون لها هي الأخرى موطىء قدم لها فيه، فقد أدركت روسيا أنها سمحت للناتو أن يفعل بليبيا القذافي ما فعلته ونتيجة الإنكسارات لقوات حفتر الآن، وخسارته للغرب الليبي ،ونية حكومة الوفاق بالتقدم إلى سرت والجفرة فهي لا تريد أن تتواصل خسائرها ومصالحها أن تستنزف أكثر وتحاول أن تنقذ ما يمكنها إنقاذه، وتأخذ هي الأخرى حصتها من الهلال النفطي حتى لو كان كالعرجون القديم.

روسيا تريد من وجود قواعدها بالقرب من سرت والجفرة أن تتحكم بتدفق النفط والغاز إلى أوربا ،والتي تأمل من خلال هذا التحكم أن تؤثر على القرار السياسي لأوربا.

أما تركيا ،فهي وكما أسلفنا تسعى للوصول إلى سرت والجفرة ،والذي بوصولها إليه تستطيع أن تبدأ بتنفيذ كافة الاتفاقيات التي عقدتها مؤخرًا مع حكومة الوفاق بشأن ترسيم الحدود البحرية، واتفاقياتها بالتنقيب عن النفط واستخراجه في منطقة الهلال النفطي.

تركيا تعي جيدًا أنها الحليف الاستراتيجي لواشنطن، وربما هي اليد التي تبطش بكل من يحاول العبث بهذه المنطقة الخصبة ولا سيما أنها -أي تركيا- تدرك أن تواجدها يتناغم مع رغبة أمريكية أن تأخذ تركيا هذا الدور في ليبيا لتقطع الطريق على موسكو أن تصل إلى ما تسعى أن تصل روسيا إليه، ولعل ما يثبت هذا أن أمريكا تريد لتركيا أن تلعب هذا الدور هو سماحها بتدفق الدعم التركي لحكومة الوفاق وأن أمريكا لم تطلب مجلس الأمن أن ينعقد، ولا أظنه سينعقد وإن انعقد فلن تسمح أمريكا بتمرير أي قرار يمس تركيا ودورها في ليبيا ،الذي ريما هو الدور الذي يريد حلف الناتو مجتمعًا أن يقوم به.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى