حقوق وحريات

إضاءات سياسية (27)

هيثم المالح

عرض مقالات الكاتب

في سورية : بين التغاضي عن فتح الحوزات الإيرانية الشيعية واستمرار الضغط على خطباء المساجد واستدعاءات أمنية لآخرين

02/04/2005

ينشط العديد من الشيعة الإيرانيين على الساحة السورية بدءاً من مركز السيدة زينب إلى منطقة الجزيرة السورية مروراً بوسط سورية وخاصة حول حماة ، وتجري في هذه المناطق فتح الحوزات وإجراء الاجتماعات وممارسة وسائل عديدة في اتجاه صرف أهل السنة والجماعة عن مذهبهم إلى التشيع على الطريقة الإيرانية .

وفي المقابل تنشط الأجهزة الأمنية بلا كلل لتعقب كل من تسول له نفسه أن يستقبل بعض أصدقائه أو معارفه سواء كانوا رجالاً أم نساءً لتدارس القرآن الكريم أو السنة النبوية ، ويجري بصورة دورية استدعاء أئمة وخطباء لممارسة سادية القمع عليهم لإخافتهم ، ومن ثم تتم اعتقالات واسعة في هذا الطيف تحت ذريعة السلفية أو الوهابية وما سوى ذلك ، ويجري منع الصلاة في بعض قطعات الجيش ومراكز الأمن خلافاً للدستور والقانون .

نريد هنا أن نتساءل هل هذه الازدواجية في تعامل الأجهزة مع الشرائح العديدة من التيار الإسلامي هو محض صدفة أم وراء الأكمة ما وراءها ؟ .

وهل نستطيع أن نستشف أن هناك اتفاقاً ضمنياً بين الدولة الإيرانية عقب ثورتها التي قادها الإمام الخميني والنظام في سورية لوضع التسهيلات أمام الوافدين من إيران بغية مد جسور الثورة من هناك إلى المجتمع السوري من أجل التغيير الديمقراطي بين أبناء الشعب ؟ وتحويله من السنة إلى التشيع على الطريقة الإيرانية ؟ .

وهل أن هناك استراتيجية تسعى لقلب السنة إلى شيعة كما حصل في تاريخ إيران عقب الحركة الصفوية ؟ على اعتبار أن التشيع هو الأصل والسنة على خطأ كبير ؟ على أرض الواقع لقد تم تحويل العديد من السنة إلى التشيع ، ونحن لا نتهم الإخوة الشيعة ولكن هل نستطيع  أن تعتبر أن حركتهم حركة تبشيرية على غرار الحركات التبشيرية التي يقودها ما يسمى المبشرون في عالمنا الإسلامي ؟

فكما هو معلوم يعتبر المبشرون أن المسلمين على ضلال ويجب هدايتهم ولهذا عقد مجموعة مؤلفة من مائة وخمسين “منصراً” مؤتمرهم في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1978 واتخذوا قرارهم بوجوب تحويل المسلمين إلى مسيحيين وجُمعت تقاريرهم في كتابٍ تحت عنوان (التنصير) ، ولم يلفت نظر هؤلاء انتشار الموبقات من مخدراتٍ وفحشٍ وسواها والتي تنخرُ في جميع المجتمعات في العالم فيركزوا اهتمامهم على تنظيف هذه المجتمعات مما فيها من عيوبٍ كثيرة وإنما ركزوا اهتمامهم على تحويل المسلمين إلى ديانةٍ أخرى .

وانتشروا حقيقة في أرجاء العالم الإسلامي ، وقد نجح بعضهم  في الجزائر كما هو معروف بينما نجح آخرون في مناطق أخرى !! .

فهل سرت هذه العدوى إلى الإخوة الشيعة الإيرانيين فنقلوا هذه الفكرة والاستراتيجية لتحويل السنة إلى شيعة ، في حين تغاضت الأجهزة الأمنية السورية عن نشاطهم بينما تمارس التضييق على التيار الإسلامي في الجانب الآخر ، وبالتالي نرى دور التوقيف تغص باتباع هذا الجانب ؟ .

وهل أتت هذه الأفكار مصادفة أم أن الأمر قد دبر بليل ؟ .

وهناك السؤال الأكبر والأهم وهو : هل يعتقد الإخوة الإيرانيون الشيعة أنهم على صواب ويمارسون حملة تبشيرية بين أهل السنة لأنهم على ضلال ، بينما شيعة إيران على صواب ؟

أسئلة أضعها أمام المهتمين بالشأن العام وكما أضعها أمام الزعامة الدينية الإيرانية علها تجد الجواب الشافي .

خطوة منح المهجرين جوازات سفر ، هل ستتبعها خطوات أخرى ؟ 

03/04/2005

منذ أيام أصدرت وزارة الخارجية السورية تعميماً إلى سفاراتها في الخارج كي يتم منح السوريين الموجودين في المهجر جوازات سفر لمدة سنتين .

هلل كثيرون لهذه الخطوة واعتبرها آخرون ناقصة ، وبرغم أنني أضم صوتي للناقدين إلا أنني أخشى أن لا تكون هذه الخطوة ذات جدوى في اتجاه حل بعض المشكلات المستعصية للمهجرين وتنفس الاحتقان لدى شريحة كبيرة من المجتمع .

فمعلوم أن من يملك جواز سفره ، عقب إنفاذ التعليمات إياها ، يملك أن يعود إلى بلده بحرية ، مما يستدعي معه بحث مصير القانون (49) الصادر عام 1980 والذي قضى بصورة متصادمة مع الدستور السوري لعام 1973 ومع جميع القوانين المحلية والدولية والمعاهدات الموقعة من قبل الحكومة السورية والمرتبطة بحقوق الإنسان ، والذي أعطى مفعولاً رجعياً لعقاب جريمة لم تكن موجودة قبل نفاذه .

هذا القانون سيكون هو الصخرة التي تقف أمام الخطوة التي اتخذتها السلطة فيما يتعلق بالجوازات !

معلوم أن السلطة القائمة في سورية متهمة بأنها سلطة طائفية ، وبغض النظر عن صحة هذه التهمة من عدم صحتها فإن أمام هذه السلطة فرصة تاريخية نادرة ، والآن وعلى وجه التحديد بأن تتخذ خطوة هامة وجريئة جداً بأن تقدم على إلغاء القانون (49) لعام 1980 ، وأن يكون هذا الإلغاء بسبب انعدام الدستورية ، كما إلغاء ما ترتب عليه من آثار . إن هذه الخطوة إنما تمثل رسالة واضحة للشريحة الأعظم في مجتمعنا وهي الشريحة الإسلامية التي يظن بعضها بالنظام سوء لجهة الطائفية المشار إليها .

إن وسائل تنفيذ إلغاء القانون أضحت مهيأة في الشارع كما في مجلس الشعب حيث تم طرح هذا الأمر منذ فترة ليست ببعيدة من قبل بعض أعضاء المجلس .

ثم إن هذه الخطوة تساهم في تمتين الوضع الداخلي وتماسك لحمة المجتمع ، سيما ونحن نتعرض الآن لضغوط خارجية مترابطة مع الجريمة النكراء التي ارتكبت بحق المرحوم رفيق الحريري والذي يمثل أحد قياديي الجانب السني الإسلامي في لبنان ، كما أنه لن يكون الأخير في مسلسل اغتيالات طالت عدداً من القادة الإسلاميين ، كان منهم مفتي لبنان المرحوم الشيخ حسن خالد والدكتور صبحي الصالح أحد أبرز المفكرين المسلمين في لبنان .

إنني من موقعي محامٍ مدافع عن الحق وموقعي رئيساً لجمعية حقوق الإنسان أدعو السلطة للإسراع في عرض مشروع على مجلس الشعب بإلغاء القانون (49) لعام 1980 مع ما استتبعه من آثار ، هذا ما يساهم في إزالة بعض الاحتقان والتوتر كما يزيد في لحمة المجتمع ويلجم الأقاويل الخارجية عن انعدام الرؤية المستقبلية لسوريا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى