مقالات

العراق.. صراع العملاء.. من يربح المليون؟

داود البصري

كاتب وصحفي عراقي
عرض مقالات الكاتب

وسط كرنفال المأساة العراقية المستمرة فصولا دموية مرعبة منذ أربعة عقود من الحروب و الصراعات الدموية والتصفيات و سنوات الحصار الدولي الطويلة و تآكل الدولة العراقية و إنهيار منظومتها و تحلل القوى السياسية وبروز التيارات الفاشية العبثية برموزها الطائفية الرثة وحيث دخل العراق بعد الإحتلال التدميري الأمريكي الشامل للدولة التي بنيت منذ عام 1921 لتدخل في خضم تقسيمات طائفية خطرة لم تكن تستهدف العراق فقط بل أنها ضمن سيناريو شرق أوسطي كامل في تعميم نموذج رث لدول الطوائف و الملل و النحل التي أستعملت فيها أدوات سياسية وحزبية و تنظيمات دينية وطائفية كانت هي الإحتياطي المضموم الحقيقي لتدمير الحياة العراقية و العربية و بأقصر الطرق ، فالطائفية الرثة في العراق هي سلاح دمار شامل رخيص وممنهج و يمكن اللجوء إليه لتدمير كل ما بناه الأجداد و للإساءة للقيم الوطنية و الدينية ، لقد كان واضحا منذ تفعيل ملفات التدمير الداخلي أيام رئيس الحكومة الدعوي الأسبق نوري المالكي بأن العراق يتجه نحو المجهول بعد الدور القذر الذي لعبه نوري المالكي في تصعيد التيارات الطائفية و إبراز الروح الإنتقامية وفي تنفيذ مخطط مرسوم بدقة لتدمير الروح الوطنية العراقية عبر إشاعة الأحقاد الطائفية ودعم أنظمة الموت و الدمار في سوريا وإيران و دويلة الضاحية الجنوبية إضافة للحوثيين ولكل التيارات الشعوبية المشبوهة في شرق الجزيرة العربية وكانت الطامة الكبرى في تسليم الموصل لعصابة تنظيم الدولة وفق تواطيء شيطاني مدروس وومنهج أدى في الحصيلة لإشهار أخطر فتوى مشبوهة في تاريخ الشرق الأوسط تلك التي أطلقها مايسمى السيستاني بتشكيل ما يسمى بالحشد الشعبي الذي هو في حقيقته إعلان واضح لقيام مؤسسة ( الحرس الثوري العراقي ) المرتبط بالتنظيم الأم الحرس الثوري الإيراني الذي تكون مهمته طائفية بحتة في تدمير قوة الدولة المركزية ودعم القوى الطائفية العميلة المرتبطة بالنظام الإيراني مركزيا و تنظيميا وولائيا ووجودا ومصيرا ، لقد كانت تلك الفتوى بمثابة الجحيم الذي فتحته مرجعية التجف ليسلط على رؤوس العراقيين وتحت ظلال الدفاع عن العراق في مواجهة التكفيريين!! وهي لعبة خبيثة أدرك الأحرار كنهها منذ البداية ولكن الصرخات الطائفية المدعومة بإرادات دول كبرى إستطاعت أن تمرر المؤامرة ليعيش العراق اليوم وضعا كارثيا بعد فشل الدولة العراقية التي تعاقب على قيادتها قادة مشبوهين ومعروفين بعمالتهم الواضحة والصريحة للنظام الإيراني مثل حيدر العبادي وعادل عبد المهدي و أشباههم من وكلاء البلاط الطائفي ، وبعد ثورة تشرين الشبابية في العام الماضي ووصول النحبة السياسية الحاكمة لطريق مسدود في مواجهة إرادة شعب قرر على إستعادة وطنه وقدم في سبيل ذلك مئات الضحايا و آلاف المصابين إلا أن الوضع ظل يسير في طريق مسدود بعد أن فشل العديد من مرشحي الإنقاذ المزعوم في المرور نحو قمة السلطة حتى جاء شخص ليس في العير ولا في التفير ولم يكن يوما يشكل أي رقم معين فهو بلا ماضي ولا تاريخ ومجرد وهم إستطاعت الدولة العميقة الطائفية زرعه لتوهم الباحثين عن الخلاص بأنه المنقذ والفارس الذي سيصحح المسيرة ويقود البلد والشعب نحو بر الأمان ، فكان أن ظهر مصطفى مشتت المعروف بالكاظمي الذي عينه الفاشل حيدر العبادي رئيسا للمخابرات في طفرة جينية ليس هنالك ما يشابهها أو يحاكيها في تاريخ العراق المعاصر ليقفز على سدة السلطة الأولى في عراق متهالك أخذ منه الفساد و الأمراض و التفكك الشامل ما أخذ و ليخرج على العالمين بتصريحات مهتزة و بأسلوب ركيك ثم ليمارس حربا نفسية إعلامية توحي بأنه سيفعل الكثير ولكنه في الواقع لم ينجح سوى في إدارة الأزمة إعلاميا وعن طريق الإستعانة بجمهرة الإعلاميين الذين عينهم مستشارين لحكومته في تزويق البشاعة و تجميل القبائح وعبر تعيينات حكومية لرموز سياسية وعسكرية لها من السمعة أكثر مالها من القدرة الميدانية على التنفيذ ، لقد حاول إعلاميا تحدي دولة الميليشيات لكنه فشل في إستعراض القوة الأول في البصرة في مواجهة عصابة ( ثأر الله) المتخلفة المرتبطة بالمخابرات الإيرانية التي إستعادت مقرها ، ثم فشل في مواجهة عصابات حزب الله مؤخرا في بغداد ذاتها!!.. كما أن أدائه في مقاومة كورونا كان كارثيا عبر تكليف عصابة الصدر بإدارة وزارة الصحة وهي العصابة الفاشلة التي لم تنجح في إدارة أي ملف ليثبت ذلك بأن الطائفية وليس الوطنية هي المعيار الأول لحكومة مصطفى مشتت الذي يبدو واضحا إن العراق سيتشتت أكثر في عهده الميمون ، وقد يبدو مبكرا الحكم النهائي على ما ستؤول إليه الأوضاع في العراق ولكن معرفتنا الشخصية بقائد التغيير تؤكد بما لايدع أي مجال للشك بأن العراق يصعد اليوم بإمتياز وتفرد نحو الهاوية….

الطائفيون لايصنعون دولة بل يبنون جحيما لايطاق ، وحتى يقرر العراقيون طريقا واضحا للتغيير يظل الفشل و الإنهيار سيد الموقف…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى