حقوق وحريات

إضاءات سياسية (26)

هيثم المالح

عرض مقالات الكاتب

التاريخ المعاصر لسوريا – دمشق

19/12/2004

 دخلت سورية تجربة ديمقراطية عقب انسحاب الجيوش الفرنسية عام 1945 ، ولم يتم المجلس النيابي دورته حتى استولى حسني الزعيم بانقلابه العسكري على السلطة عام 1949 وزج بقادة البلاد في السجون ، وتعاون بعض الساسة مع صاحب الانقلاب ظناً منهم أنهم سيجنون أرباحاً سياسية من هذا التعاون ، وكانت هذه في نظري الخطوة الخاطئة الأولى في تاريخ السياسيين ، إذ كرسوا شرعية الإطاحة بالسلطة المنتخبة عن طريق انقلاب عسكري ، ثم تتالت الانقلابات تخللها ومضات صغيرة من حياة ديمقراطية إلى أن جاء عهد الوحدة بين سورية ومصر ، وكان الثمن الأول بهذا العهد الجديد هو حل الأحزاب السياسية الذي أدى لتلاشي العمل السياسي .

وما أن حل عام 1962 حتى وقع الانفصال بين شطري الجمهورية وعادت سورية مجدداً إلى مسلسل الانقلابات العسكرية .

وما إن جاء يوم الثامن من آذار/مارس 1963 حتى استولى عسكريون على السلطة وأطاحوا مجدداً بالحياة السياسية ، وعلى أثر الصراع الدامي بين البعثيين والناصرين في تموز/يوليو 1963 استتب الأمر لحزب البعث ، ثم أعقب ذلك في عام 1963 صياغة دستور للبلاد كرس فيه الدور القيادي لحزب البعث بحيث نصت المادة الثانية من الدستور على ما يلي :

“حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة ، ويقود جبهة وطنية تقدمية تعمل على توحيد طاقات جماهير الشعب ووضعها في خدمة أهداف الأمة العربية” .

ومع هذا الدستور بدأ عهد جديد من الاستبداد والتسلط المشرعن ، وانتشرت فروع الأمن في كل مدينة وقرية ، وعاشت سورية بين عامي 1980 و1990 عهداً دموياً قمعياً لم تشهده من قبل ، وانكفأ العمل السياسي نهائياً في أعقاب تكريس السلطة لمفهوم “من لم يكن معنا فهو ضدنا” وزج بآلاف المواطنين في السجون التي شيدت كما لم تشيد من قبل ، وكان أكبر هذه السجون وأسوؤها سجن تدمر العسكري السيئ الصيت الذي يضم بين جدرانه خمسة وأربعين مهجعاً يستوعب بصورة وسطية عشرة آلاف سجين ، ومورس على السجناء هناك أنواع من العذاب تفوق كل تصور ، ومارس السجانون والمسؤولون عنه سادية عالية .

 وبين عامي 1980 و1990 دارت رحى القمع كما دارت آلته بحيث كانت أفواج السجناء تموج بين سجن تدمر وآخر بحيث قدرت أعدادهم في تلك الفترة بنحو من خمسين ألف سجين .

وهكذا فإن النظام الاستبدادي لم يكن ليسمح بوجود أية فعالية سياسية أو حراك من هذا القبيل .

ولقد قضيت نحواً من سبع سنين في السجن تنقلت فيها بين سبع سجون للأجهزة القمعية ، وشاهدت كما شاهد غيري شرائح عديدة من الناس من جميع الخلفيات السياسية أو الدينية تساق إلى أقبية الفروع الأمنية المختلفة ، ولئن كان المستهدف الرئيس هو التيار الإسلامي بكافة أطيافه من إخوان وتحرير ودعوة وتبليغ ، فقد كان إلى جانبه التيار اليساري من شيوعيي المكتب السياسي بأمينه العام الأستاذ رياض الترك ، وحزب العمل الشيوعي ، وبعض تروتسكيين ، والبعث الديمقراطي ، وبعث العراق وسواهم ، وبالإجمال فقد زج في السجون أي منتمٍ لأي تيار يمكن أن يشكل معارضة أو صوتاً سياسياً خارجاً عن حزب السلطة . 

وأغلق سجن تدمر والمزة العسكريين بالنسبة للمدنيين ونقل السجناء إلى سجن صيدنايا العسكري وبرغم كل الإفراجات فلا زال يوجد في هذا السجن نحواً من ثلاثمائة وعشرين سجيناً بخلفيات سياسية مختلفة وإن كان معظمهم من التيار الإسلامي ومن قدماء السجناء ، ترى هل نستطيع أن نقول أن هؤلاء السجناء في سجن صيدنايا هم كل السجناء في سورية ؟ .

كلا طبعاً ففي بلادنا يوجد نحو من خمسة عشر فرعاً من فروع الأمن وكل فرع لديه سجنه الخاص ، خارج رقابة القانون أو رقابة السلطة القضائية ، وجميع هذه السجون تغص بالمعتقلين .

إلا أننا لا نستطيع أن نقول أن جميع المعتقلين في فروع الأمن المتعددة هم من السياسيين أو المنتمين إلى أحزاب سياسية ، ذلك أن الاعتقال لا يتم بالضرورة على خلفيات سياسية إذ يوجد عدد من المعتقلين على خلفية استعمال الإنترنت أو توزيع صحيفة حزب ما مثلاً أو توجه ديني فهل نقول عن هؤلاء سجناء سياسيون ؟ .

على كل حال فإن سجون فروع الأمن بالإجمال تغص بالمعتقلين وطبعاً ليسوا معتقلي جرائم عادية ، وقد نعتبرهم سجناء رأي .

كانت السلطات السورية المسؤولة تنكر سابقاً وجود سجناء سياسيين في سجونها حتى كان الإفراج الأخير عن (112) سجيناً من صيدنايا حيث صرحت وكالة سانا بالإفراج عنهم على أنهم سجناء سياسيين .

من هنا نجد أن حرية الرأي في سورية ليست مصونة من العدوان ، وتكاد تكون معدومة ، إذ ما معنى أن يعتقل مواطن من أجل استعمال الإنترنت أو توزيع صحيفة لأحد الأحزاب الكردية أو ما شابه ذلك ؟ .

إلا أن حرية الرأي والتعبير تحتاج إلى قانون يحميها وقد ظننا أن السلطة بإصدارها قانون المطبوعات سوف تحمي حرية الرأي ، إلا أننا فوجئنا بأن هذا القانون قد كرس قمع حرية الرأي وقمع ممارسة النشر ، وما شابه ذلك ، فكيف لنا أن نقول بأننا مقبلون على انفتاح في جانب حرية الرأي والتعبير ؟ إذا كانت السلطة تسن القوانين للحد من حرية الرأي وتقنين القمع في جانب هذه الحرية ؟

إن حديثنا عن المعتقلين والأرقام التي سقناها تدفعنا للحديث عن المفقودين ، فإذا علمنا أن المادة /16/ من المرسوم (14) لعام 1969 الذي نظم إدارة أمن الدولة قد نصت على ما يلي :

ولا يجوز ملاحقة أي من العاملين في الإدارة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكولة إليهم أو في معرض قيامهم بها إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن المدير” .

وهكذا فإن هذه المادة قد أطلقت يد عناصر الأمن بارتكاب الجرائم دون إمكان المحاسبة ، وقد سبق ذلك كله إعلان حالة الطوارئ منذ عام 1963 والتي أرخت بظلالها على الحياة العامة في سورية لأكثر من اثنين وأربعين عاماً أدت للاستهتار بالقوانين وإيقافها والاستهتار بحياة المواطنين وحريتهم بصورة غير مسبوقة ، فإذا أضفنا إلى كل ذلك صلاحيات غير محدودة لما سمي محاكم ميدانية عسكرية لا تندرج تحت مفهوم القضاء العادي والعادل وتجري المحاكمات فيها دون دفاع ولا تتوفر فيها معايير المحاكمات العادلة ، وهي أساساً لا تملك صلاحيات إلا في إطار قانوني لم يكن يتوفر لها ، ومع ذلك أصدرت أحكاماً بالموت على آلاف المعتقلين دون حق ودون أي دليل أو إثبات ، وفوق ذلك كان السجانون في المزة وتدمر يمارسون قتل السجناء خارج إطار القانون أو القضاء ولمجرد الانتقام أو إشباع غزيرة السادية لديهم .

لقد تمت تصفيات جماعية بحق سجناء سياسيين تغص بهم سجون محددة من أمثال سجن تدمر السيئ الصيت .

صحيح أن السلطات تعمد بين الفينة والفينة إلى إطلاق سراح سجناء قضوا سنوات طوال في السجون أو أنهوا محكوميتهم لأحكام صادرة عن محاكم أمن الدولة أو عسكرية ، ويرحب المجتمع بهذه الإفراجات ، إلا أنها لا تصلح أن تكون مؤشراً على انفتاح أو تغيير جذري في الإطار السياسي أو الفكري ، ذلك أن التغيير أو الانفتاح لا يمكن أن يتم إلا باتخاذ خطوات أساسية تضمن حريات الناس وأرواحهم وأموالهم وهي :

1- رفع حالة الطوارئ .

2- إلغاء المادة /16/ من المرسوم (14) لعام 1969 .

3- إلغاء القانون (49) لعام 1980 والخاص بإعدام المنتسبين للإخوان المسلمين ، وما ترتب عليه من آثار .

4- السماح بعودة المهجرين قسرياً أو اختياراً دون شروط .

5- كشف ملف المفقودين والتعويض على أسرهم .

6- تبييض السجون وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي .

7- إلغاء صلاحيات القضاء العسكري لمحاكمة المدنيين .

8- بالإجمال إعادة النظر في سائر القوانين بصورة تضمن حقوق الإنسان وحرية المواطنين وكرامتهم .

فإذا أضفنا إلى كل ذلك محاربة الفساد ومساءلة الفاسدين ، الذين تشابكت مصالحهم مع مصالح الأجهزة الأمنية بصورة أدت للزج بالنائبين رياض سيف ومأمون الحمصي في السجون لمجرد تقدمهم بخطوة فاعلة لمكافحة الفساد ..

ثم أخيراً وليس آخراً لا بد من إصدار قوانين تهيئ لحياة سياسية واجتماعية سليمة وذلك بإصدار قانون للأحزاب وآخر للجمعيات يشارك في إصدارهما شخصيات حيادية مرموقة حتى تكون ممثلة لتيار المجتمع .

آمل أخيراً أن أكون قد وفيت أو استوفيت الإجابة على تساؤلات جريدة الخليج الإماراتية مساهمة مني في إيضاح الصورة للأوضاع العامة في سورية .

الحبيبة دمشق إلى أين ؟

19/01/2005

كنت أشاهد برنامجاً لإحدى القنوات الفضائية حول أيسلندا بخصوص إنشاءات تضر البيئة ، وكان هناك احتجاجات تصب في اتجاه معارضة تلك الإنشاءات وتندد بها  وتبين مدى ضررها وما سوى ذلك .

وأثناء هذا البرنامج عادت ذاكرتي إلى بلدي دمشق الحبيبة التي أعشقها حتى الثمالة ، وأعتبرها من أجمل مدن العالم ، وأفكر بما حل بها في بيئتها من تدمير من خلال التوسع العشوائي . هذه البيئة التي تشكلت عبر مئات الألوف من السنين ، استطاع الإنسان بجهله وطمعه أن يدمرها خلال ثلاثة عقود ونصف ، بشكل يستحيل تعويضه . المؤسف أن الدولة كانت تتجاهل تجاهل العارف حجم الأذى الذي يلحق بالبيئة التي هي ملك لكل الشعب السوري ولأجياله القادمة ، بل ملك للإنسانية .

مثلاً ، نُصّب على محافظة ريف دمشق شخص ليس له همّ سوى جمع المال ، فغض الطرف عن البناء العشوائي مقابل رشوة عن كل متر مربعٍ مخالفة ألف ليرة سورية ، مكدساً المال  بحيث كان دخله أسبوعياً يعادل ملء كيس قمامة أسود ، فدمّر غوطتا دمشق وبخاصة الشرقية منها وأباح قطع أشجار الجوز المثمرة وسواها والتي يبلغ عمرها مئات السنين وأقيم بدلاً عنها عمارات أسمنتية بنيت دون ترخيص من أية بلدية في سائر الغوطة أو حتى دون دراسة فنية ، وتم تبديد تربتها الخصبة التي يبلغ عمرها آلاف الآلاف من السنين وكذلك اقتلعت أشجار الحور من الغوطة الغربية تلك الأشجار التي تغنى بها شوقي حين قال :

والْحُورُ في دُمَّرَ أو حَولَ هامَتِها

حُورٌ كَواشِفُ عَنْ سَاقٍ ، وَوِلْدانُ

وبالنظر لعدم وجود خطة مدروسة لاستيعاب القادمين إلى دمشق من كل مكان في سورية بصورة لا تثقل كاهل المدينة ، فقد تم الاعتداء على مجرى نهر بردى وغارت المياه ولم يجد هذا النهر من ينقذه ، وكأن الأمر لا يعني أحداً.

أما في محافظة مدينة دمشق فقد أصدر محافظها حكماً بإعدام بساتين كفر سوسة الرئة الوحيدة لدمشق ، فبدلاً أن يجري تنظيم المنطقة بصورة يتم الحفاظ على المساحة الخضراء ، أقيمت أبنية شاهقة متلاصقة تنعدم فيها هذه المساحة وبالتالي تنعدم هذه الرئة الوحيدة لدمشق ، ويبدو أن الفساد لعب دوراً هاماً هنا فتم التنظيم على هذا الشكل ، أما سكان دمشق فهم لا يبالون بما يجري لمدينتهم من تشويه وتخريب وكأنهم غير معنيين بها ولا مكترثين لمصيرها .

ثم إن السلطات المسؤولة غضت الطرف عن البناء العشوائي المحيط بدمشق بدءاً من غربها وحتى مناطقها الأخرى جنوباً وشرقاً ، وإمعاناً في إكساء الشرعية على البناء العشوائي والمخرب للمدينة والمشوه لمنظرها فقد وافقت الجهات المعنية على تزويد أبنية هذه المجمعات بالكهرباء والماء ، ودون أن تبحث في مشروعية هذه الأبنية ، ولسان حالها يقول خالفوا كما تريدون ، ونحن نحمي مخالفتكم .

وهنا أود أن أتساءل عما إذا كانت الأمور تجري عشوائياً أم هناك مخططاً لهذا التدمير ؟  أم هل هناك حقد ما على هذه المدينة أم أنه مجرد الرشا والكسب الحرام ! أمر يمكن أن نطرحه الآن لنلقى عليه الإجابة الصحيحة والصريحة مستقبلاً ؟ ، ولعل الوقت سيأتي لمحاسبة هؤلاء المسيئين للمدينة والذين ملؤوا جيوبهم وخزائنهم بالأموال دون اكتراث لما يقع على المدينة من تشويه متكرر وممنهج ؟ إن السماح بالبناء العشوائي خارج إطار القانون يشكل سابقة خطيرة في قوننة الجريمة .

من المعلوم أن قسماً من عقارات دمشق وريفها يعود لأصل وقفي ، ومن هذا الوقف أرض معرض دمشق الدولي السابق الذي كان يقبع على ضفاف بردى ، هذه الأرض تم وقفها من أجل الخيول المكسورة ، وفي دمشق أوقاف كثيرة منها وقف القطط الكائن في سوق ساروجة ومنها وقف الأواني المكسورة ، ويعوض هذا الوقف آنية بدل عن الآنية التي تكسر بيد الخادم الذي يرسله معلمه لشراء مثلاً (فتة) أو (فول) صباحاً كما هو عادة أهل دمشق فإذا كسرت الآنية يذهب الخادم إلى الوقف الذي يعوضه عنها حتى لا يتعرض للإيذاء أو التوبيخ من قبل معلمه .

وسوف أتناول الأوقاف الإسلامية التي كانت تسد حاجة كبيرة لدى المجتمع وهي من أهم مؤسسات المجتمع المدني في بحث مستقل إن شاء الله ، أعود لأقول لقد تم نقل معرض دمشق الدولي إلى منطقة مطار دمشق وبدئ بهدم أبنية المعرض السابقة فماذا سيكون مصير أرضه يا ترى ؟ .

لا شك أن السلطات المعنية بهذا الأمر تملك الكثير من أجل استثمار هذه الأرض ، والمغريات كثيرة ويجري الآن الحديث بين الناس أن مشروعاً استثمارياً ستخضع له أرض معرض دمشق الدولي والتي كانت تسمى مرجة (الحشيش) باعتبار أن هذه الأرض كانت مرجاً مزروعاً بالعشب وهو ما تحتاجه الدواب حين تأوي إليه حين حاجتها إلى الرعاية ، وأما المشروع الذي يجري التداول بين الناس حوله فهو إقامة مشاريع بناء تصب أرباحها في جيوب بعض المتنفذين .

إن إعدام منطقة كفر سوسة رئة دمشق والتحول عنها لإجراء مماثل في أرض معرض دمشق الدولي السابق ، وما شاهدناه حتى الآن لجهة إنشاء فندق الفصول الأربعة إنما يؤشر إلى الإعراض عن مصلحة سكان دمشق ، وعدم الاهتمام بوجود ساحة خضراء كافية لتكون رئة لهذه المدينة والتي تسير سريعاً نحو التلوث الخطر الذي بات يهدد بعض الأحياء ، أو ليس من حق هذه المدينة وحق سكانها الذين يتجاوز تعدادهم الخمسة ملايين أن يكون فيها منتزه قريب في متناول يد الناس الذين لا يملكون سيارات كما لا يملكون المال للخروج خارج مدينتهم للقيام بنـزهة أو ما شابه ذلك ؟ ، والفقر قد شمل القسم الأعظم من السوريين ، والفساد قد انتشر وتسرطن ولم يعد يجدي معه مشرط الجراح فتيلاً !

هل يا ترى لدى المسؤولين خطة أو رغبة في أن يتركوا لدمشق ما تتنفس منه قبل أن تختنق بحيث تدب الأمراض في سكانها أم هناك رأي آخر غير هذا ؟؟

أسئلة كثيرة أضعها أمام المسوؤلين عن هذه المدينة الجميلة وأتساءل هل من مجيب ؟! .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى