مقالات

الرئيس أوباما و الرئيس محمد مرسي بين عنصريتين بغيضتين

أحمد هلال

كاتب وحقوقي مصري – عضو منظمة العفو الدولية
عرض مقالات الكاتب

في ذكرى استشهاد الرئيس محمد مرسي

غدر به الجميع ،ولم ينصفه في حياته غير القليل ،

ستبقى عنصرية النخب السياسية المصرية الساقطة شاهدة على ما ارتكبوه في حق الشعب المصري كله ،بالتخلي عن دعم أول تجربة ديمقراطية في تاريخ مصر، لكنها ستبقى خطوة مهمة من خطوات متدرجة نحو التغيير السلمي ؛لأن التغيير لا يأتي فجأة ولا من دون تضحيات.

استطاع الرئيس أوباما القادم من أم أمريكية، وأب من كيني أفريقي أن يكون أول رئيس أسود يبقى في البيت الأبيض ثماني سنوات متتالية، كان من أثرها إحداث تغيير مهم في العنصرية السوداوية التي تتحكم، وتتجذر في تاريخ أمريكا و قوانينها ،ورغم أنه لم يستطع تغيير قوانين العنصرية في أمريكا ،إلا أنه قال (نعم نستطيع).

نستطيع تغيير الواقع المرير المليء بالكره، و العنصرية؛ لأن الإنسان لم يولد وفي ضميره البغض و العنصرية ،نستطيع أن نعلم الناس الحب كما تعلموا الكراهية.

وكانت تغريدة الرئيس أوباما في 2017

هي التغريدة الأشهر في تاريخ تويتر حيث حصدت إعجاب ثلاث ملايين وكانت الأعلى في تاريخ تويتر (تغريدة الحب بعيدا عن العنصرية).

رغم أن أوباما كان رئيسا لفترتين، ولم يستطع حصاد حقوق السود في أمريكا ،إلا أنه قال هناك تغيير مهم قد حدث في السنوات الخمسين السابقة ،وعلى الأحفاد أن يسألوا الآباء عن الأجداد ،

قام أوباما بتحييد تلك النظرة وعمل على إمكانية التعايش في مجتمع متعدد الأعراق والثقافات من دون عنصرية.

وهكذا أراد الرئيس محمد مرسي الرئيس الشهيد أن يغير بالحب وليس بسيف الحجاج ،ولو أراد الإخوان المسلمون التغيير بالسيف فإنهم كانوا يمتلكونه في العام 52 وكانوا يستطيعون الانقلاب على الانقلاب لما في يديهم من قوة ،كادت أن تطيح بآمال اليهود في فلسطين القدس لولا الغدر و الخيانة ،ولكنهم كانوا نبلاء؛ لأن هذا السلاح لا يمكن أن يرتد في صدر المصريين ؛لأنه لليهود وكل المستعمرين .

قدم الرئيس محمد مرسي الرئيس الشهيد يده للجميع بالحب رغم أنه لم يأت أحد منهم برغبة واختيار الشعب المصري عبر انتخابات نزيهة ،لكنه مبدأ المشاركة لا المغالبة يعتبرونه ركيزة أساسية في احتواء كل مكونات الشعب المصري وأن الوطن لن تقوم نهضته إلا بكل مكونات الشعب المصري.

لكن العنصرية البغيضة كانت حجر عثرة أمام تطلعات الرئيس محمد مرسي في تجميع الشعب المصري تحت راية واحدة ،

ورفض الجميع دعوته وتحالفوا مع المجلس العسكري في صناعة مشهد ثوري مدني منزوع الدسم فاقد الصلاحية؛ ليكون غطاء مدنيا لانقلاب عسكري، وكانت الكارثة التي يعيشها الشعب المصري كله اليوم.

في أول اجتماع للأمم المتحدة طلب الرئيس أوباما ترتيب لقاء على هامش المؤتمر مع الرئيس محمد مرسي الرئيس الشهيد

لكن الرئيس محمد مرسي رفض ذلك الطلب على أساس أنه رئيس لدولة كبيرة لاينبغي أن يكون أول لقاء به لقاء هامشيا ،إنها مصر الجديدة القوية.

وكانت كلمة الرئيس محمد مرسي التاريخية التي لم يتخلف زعيم عن سماعها، ليرسي فيها سياسة مصر الجديدة مرتكزة على الهوية الإسلامية للشعب المصري ،وكان الاحتفاء كبيرا وعظيما.

ستزول تلك العنصرية البغيضة يومًا ما عندما يكتشف الجميع موضع أقدامهم الصحيحة وعندما يتعاملون من منطلق مختلف بعيدا عن تلك العنصرية البغيضة .

في ذكرى استشهاد الرئيس محمد مرسي سيكون وفاؤه وثباته خطوة مهمة في طريق التغيير والانتقال السلمي المتدرج من الحكم الشمولي الاستبدادي العسكري إلى حكم مدني عبر التعددية، و الانتخابات و التشاركية السياسية في الحكم لانتزاع مصر من احتلال العسكر الذي لم يترك جريمة في حق الشعب المصري إلا و ارتكبها.

لا تأتي الحريات من دون تضحيات، ومن أراد الحرية و الكرامة من دون تضحية فليراجع التاريخ ليرى متى حدث ذلك وأين ؟!

أصحاب الغايات الكبرى لا توقفهم التضحيات ،لانهم يدركون جيدا معنى الحرية و الكرامة.

وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21) يوسف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى