غير مصنف

الهروب من سفينة النظام

نعيم مصطفى

مدير التحرير
عرض مقالات الكاتب

لا أعتقد أن هناك من يماري بأن المأساة السورية تعتبر مأساة القرن بلا منازع، وتصنف بأنها من أشد الكوارث التي حلت على الإنسانية منذ الحرب العالمية الثانية ، وكان وراء هذه الكارثة الثلاثي المجرم: بشار وروسية وإيران…

لقد اندلعت الثورة السورية في ربيع 2011 ونفضت غبار الخوف والذل الذي ران على الناس عقوداً من الزمن على يد آل الأسد الذين أذاقوا الشعب مرارة القمع والاستبداد وأوغلوا في إهانته وسحق إنسانيته .

وعلى الرغم من الخسائر الفادحة في الأرواح والممتلكات التي مُني بها الشعب السوري إثر اصطفاف ضباع الأرض وذئابها أمام ثورته المجيدة، إلا أنه استطاع أن يردم كل السدود التي حاولت إعاقته، وأن يتحرر من( فوبيا ) آل الأسد، وراح يفضح جرائم وموبقات الأسد، عبر الوسائل المتاحة وما أكثرها في هذه الأيام، لقد اسُتشهد واعتقل وفُقد قرابة المليوني  إنسان وهُجر، وشُرد، نحو عشرة ملايين، ومع كل هذه الفظائع، بقي شعاع أمل ونور في حياة السوريين ورأى بعضهم أن من إيجابيات تلك الثورة المباركة هو كشف وفضح المنافقين والبراغماتيين وتجار الحرب و…ومن ينظر إلى النخبويين من السوريين، بعد هذه الرحلة الطويلة من الخراب والدمار عبر عشر سنيين، ير أنهم قد فرزوا أنفسهم وظهرت حقيقتهم، ولم يعد هناك حاجة للأقنعة المزيفة، فكثير منهم كان يحمل لواء المعارضة تبين أن لعابه يسيل من أجل مصالحه الشخصية وليس من أجل الشعب المنكوب…

بعد أن استشهد من استشهد وجُرح من جُرح واعتقل من اعتقل… ومورست كل ألوان وأصناف انتهاكات حقوق الإنسان وصار الشعب السوري منبوذاً في الخارج – وجريمته أنه قال لا للقمع والاستبداد نعم للحرية والعدالة والديمقراطية – منهكاً في الداخل على جميع الأصعدة، بعد هذا كله، وبعد أن أوشكت الحرب أن تضع أوزارها بدأ بعض المطبلين والداعمين والمؤيدين للنظام من الشخصيات المعروفة، والذين بُحت أصواتهم في الدفاع عن جرائم النظام ، فبدؤوا يغيرون مواقفهم، ويدعون أنهم ينحازون إلى الشعب.

والسؤال المطروح هل استفاق ضمير هؤلاء بعد سبات عقد من الزمن عاث فيها النظام فساداً، وأهلك الحرث والنسل، وسحق البشر والشجر والحجر. أم أن مصالحهم بدأت تدبر عنهم؟

الواقع أن النظام بعد تلك الانتصارات التي يزعم أنه حققها على شعب أصبح عالة على المجتمع الدولي برمته بما فيهم حلفاؤه ومؤيدوه؛ لأنه أعاد الدولة التي تحت سلطته إلى العصور الحجرية، وباتت تحتاج إلى مليارات من الدولارات حتى تستطيع الوقوف على قدميها، لذلك تذهب كل التحليلات إلى أن نهايته اقتربت وأنه يحتضر الآن.

وقد شعر المؤيدون بالأمس والمنافقون، والمجردون من الإنسانية بقرب أجله، فراحوا يبحثون عن موقع جديد يحافظ لهم على مصالحهم ورغباتهم، وليس صحوة ضمير كما يعتقد البعض؛ لأن هؤلاء لا يملكون ضميراً أصلاً.

التفسير لظاهرة الهروب من السفينة، وهو أنّ أولئك، كانت تأتيهم الأموال على حساباتهم المصرفية في ألمانيا وإسبانيا وفرنسا ولبنان… – هؤلاء الأبواق في كل مكان – وبعد أن تدهورت العملة السورية بسبب قانون قيصر، لم يعد النظام قادراً على إرسال الأموال لهم من ناحية، ومن جانب آخر شعورهم بدنو أجله فراحوا يدعون أنهم انحازوا إلى الشعب وأن النظام فاسد.

آلآن وبعد كل تلك الدماء التي ساهموا بإراقتها، أدركوا أن النظام فاسد وقاتل.

لا لن يرحمكم الشعب، والتوبة عند الغرغرة غير مقبولة. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى