مقالات

المرتزقة السوريون ووضاعة بعض القنوات

نعيم مصطفى

مدير التحرير
عرض مقالات الكاتب

قبل الولوج إلى صلب الموضوع لا بد من الوقوف عند تعريف المرتزقة.

المرتزقة: هم جنود مستأجرون؛ ليحاربوا من أجل دولة أخرى غير دولهم، لتلبية مصالحهم الخاصة بهم، بعيداً عن المصالح السياسية، أو الإنسانية، أو الأخلاقية، وهي ظاهرة قديمة عُرفت على مدى العصور الماضية، منذ الإمبراطورية البيزنطية في القرن الرابع عشر.

وبعد إنه لمن دواعي حزننا وأسفنا أن نجد أن بعض القنوات العربية انحدرت وهبطت إلى مستوى الوضاعة في هجائها لأبناء جلدتها من العرب السوريين ووصمهم ليل نهار بالمرتزقة، وبطريقة منفرة ومريبة تأباها الفطرة الإنسانية السليمة.

لا أحد من العقلاء إلا ويدرك قباحة هذه الكلمة، ومدلولاتها، وسقوط من يمارس هذا الفعل المستهجن.

سلطت القنوات التلفزيونية التابعة لمحور الشر منذ أسابيع سهامها على بعض السوريين بوصفهم مرتزقة، وذلك بتوجههم إلى ليبيا البعيدة عنهم آلاف الكيلومترات، لمناصرة فريق من المتحاربين على الآخر، وعلى الرغم من أن تلك الأخبار لم ترق إلى درجة اليقين،  ولكن مع الأسف يُتاجر بها كورقة من أجل تحقيق مكاسب سياسية وعسكرية، إلا أنني أفترض أنها أخبار صحيحة.

نحن نعلم أن الحرب في سورية بدأت عام /2011/ واشتد أوارها فيما بعد إلى ذروته، حيث قُتل مئات الآلاف وشُرّد وهُجّر الملايين، ولم يكن موقف تلك الدول – التي تهاجم السوريين الآن –  سوى المتفرج والمندد إن لم نقل المؤجج للنار التي حرقت ومازالت تحرق السوريين، وبدل أن يقفوا أمام المجرمين (بشار – روسيا – إيران…) راحوا يجلدون ويغزون نصالهم في جسد الضحية، فضاقوا ذرعاً بالذين فرّوا من البلاد من هول المأساة، وبعد عشر سنوات من القتل والدمار الذي حلّ بالشعب السوري، لا بد وأن تتغير بعض نفوس أولئك، لأنهم بشر يحملون مشاعر وأحاسيس – وليسوا حجارة صماء – تتنوع وتختلف في التأثر بين شخص آخر، وبما أن المقاتلين السوريين تابعون لأجندات مختلفة، فلا بد من التحكم بهم وتسييرهم إلى الوجهة التي يريدها من يحميهم ويدعمهم، ولابد من ذكر أمر في غاية الأهمية وهو أن أولئك الذين يُتحكم بهم ويُستغلون هم صغار في السن، ويعانون من مشاكل نفسية، نتيجة ما رأوا من قتل وسحلٍ وتعذيب واغتصاب وفقدان لكثير من أفراد أسرتهم، فالحرب كما يقول /سيمون بوليفار/ ” خلاصة كل الشرور”

ويقول /فريدريك نيتشة/: ” من يتصارع مع الوحوش عليه أن يحذر أن يتحول هو الآخر إلى وحش”.

فلماذا لا تنظرون إلى أولئك الشباب اليافع يعين الرأفة والعطف والمساعدة بدل أنّ تزيدوا النار وقوداً وتجعل منهم شياطين، وأحب أن أهمس في آذانكم أيتها القنوات الشريرة، ومن خلفها مشغلوها من العملاء الخونة، أن المرتزق الشاب الذي لم يشب عن الطوق لا جناح عليه بقدر ذلك الناضج الذي يحمل شهادات الدكتوراه من أعرق الجامعات .

فمن ينظر في هذه الأيام إلى تلك القنوات التي تهجو ليل نهار صنيع المرتزقة الشباب السوريين ، ومن ناحية أخرى تجند بالأموال النجسة أصحاب الشهادات العليا والذين يقيمون في أكثر دول العالم ديمقراطية وحضارة، يصاب بالدهشة والذهول.

فمن يراقب القنوات العربية في هذه الأيام الصعبة ، أيام الحروب والشقاق، يجد أن معظم من يتحدث على تلك القنوات هو عبارة عن بوق مرتزق مهما علا كعبه في الشهادات التي يحملها، فعندما أرى شخصاً يُقدم على أنه يحمل شهادة (البرفيسور) وأستاذ في جامعة اكسفورد أو جورج تاون أو السوربون…

ثم يشرع في الكلام وإذا به يتحدث عن مناقب وشمائل بشار والسيسي وابن زايد وابن سلمان… يصيبني الغثيان والتقيؤ.      

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى