مقالات

نجيب ساويرس خريطة من التناقضات والإشكاليات

نعيم مصطفى

مدير التحرير
عرض مقالات الكاتب

هجا جمال عبد الناصر، وساند مبارك، وناهض الإخوان، وناصر السيسي، ودعم الثورة السورية.

خريطة من التناقضات في المواقف يمكن تفكيكها بعد تسليط الضوء على سيرة رجل الأعمال المصري الشهير نجيب ساويرس.

ولد عام 1955 هو أكبر رجال الأعمال المصريين، رئيس أوراسكوم للاتصالات، وأوراسكو للتكنلوجيا، أطلق قناة/أوتي في/ التي تم افتتاحها في 6اكتوبر 2008، مساهم في جريدة /المصري اليوم/.

قدرت مجلة فوربس  سنة 2015ثروته ب2،9مليار دولار وترتيبه رقم 577 في قائمة أغنى أغنياء العالم.

بعد هذه الوقفة المقتضبة عند سيرة الرجل يمكننا عرض ما صدر عنه من مواقف سياسية:

هاجم عبد الناصر قائلا في حقه:

“ضيّع البلد وجاب عاليها واطيها، ودمر الرقعة الزراعية بتقسيمها، وأفلس كل الشركات الناجحة بتأميمها، ودخلنا حرب اليمن وبهدلنا، وفضحنا قدام إسرائيل في67 بهزيمة منكرة، وسجن كل من طالب بالحريات، غير التعذيب في المعتقلات بحمزة البسيوني وصلاح نصر”.

وأشاد بإنجازات مبارك قائلاً:

” حبيته على المستوى الإنساني، ثم ذكر بصماته: دوره في حرب ونصر أكتوبر، وتشجيع القطاع الخاص، وفتح باب الاستثمار الأجنبي، والحفاظ على استقلالية مصر وجيشها واستقرارها، تحرير الكويت، وإعادة العلاقات العربية لما كانت عليه”

ناهض الإخوان وسخر كل إمبراطورتيه الإعلامية وغيرها لتشويه صورتهم وللتأليب على الدكتور مرسي رحمه الله، وشبه الدكتور مرسي بالرئيس التركي أوردغان قائلاً:

” أوردغان تآمر على شعبه، ويتعامل مع الأتراك مثل تعامل مرسي مع الشعب المصري خلال فترة حكمه”.

وعندما وصل السيسي إلى سدة الحكم عبر الانقلاب المعروف، أيده ودعمه وناصره بقوة، وقدّم له هو وعائلته مبلغاً قدره 3 مليارات جنيه – إلى ما يسمى صندوق تحيا مصر –  

وبالنظر إلى هذه الشهادات والآراء، التي أدلى بها السيد نجيب يتبين لنا، أنه لم يوفق ويصيب الهدف إلا في رمية واحدة قذفها في وجه عبد الناصر.

فخلال حكم جمال عبد الناصر الذي امتد على مدار 14 عاماً عاث في أرض الكنانة فساداً وحولها إلى شبه دولة، ابتداء من انقلاب يوليو تموز الذي سماه ثورة – كما فعل السيسي فيما بعد – ومروراً بالهزائم المتتالية على الصعيد الخارجي/ العدوان الثلاثي 1956 – نكسة حزيران 1967\

وعلى الصعيد الداخلي ألغى الحياة السياسية والمدنية، وفتك بكل صوت معارض أو مؤيد يمكن أن يشكل خطراً على حكمه، وسيطر على وسائل الإعلام والصحف كلها، وأطلق العنان للعسكر الذين وضعوا أيديهم على الوزارات وجميع المؤسسات حتى إن وزارة الثقافة لم تنجو من قبضتهم، فقد كان الوزير ضابطاً عسكرياً اسمه ثروت عكاشة…

وعند اندلاع الثورة السورية أيدها السيد ساويرس وزعم أنه وقف بجانب الشعب المظلوم.

والآن لو نظرنا إلى هذه الشخصية لوجدنا أنها مشكلة وتجمع المتناقضات  فما السّر في ذلك؟

الجواب ببساطة، ثمة تجار أبرار مقتفين بسيرة سيدنا عثمان بن عفان وهم قلة في هذا العصر، وثمة تجار فجار وما أكثرهم، ويمكننا بكل سهولة وموضوعية ودون أي تجني أن ندرج السيد نجيب وشريكه في يوم من الأيام رامي مخلوف في هذه القائمة.

فالمبادئ الثابتة تولد سلوكاً واضحاً، والسلوك الواضح ينتج شخصية محددة المعالم كما يقول كريم الشاذلي.

ويقول المهاتما غاندي: يوجد سبعة أشياء تدمر الإنسان منها التجارة بلا أخلاق.

فأما موقف السيد ساويرس من مبارك والسيسي، فهو لحفظ ترسانته الاقتصادية لأن رجال الأعمال في الدولة المستبدة تجد ضالتها، فهي تحصد الأموال دون حسيب ولا رقيب، فقط عليها أن تعلن ولاءها للرئيس، وتقدم الرشاوى لمن حوله، فتستطيع التجارة بأي شيء ولوكان مخدرات، فضلاً عن التهرب من الضرائب والجمارك…

وبهذا يتضح لنا موقفه المناهض للإخوان وللدكتور مرسي؛ لأنه كان يتحسس أنهم يمكن أن يشكلوا خطراً على امبراطوريته، وذلك بإخضاعها للقانون وللرقابة والمحاسبة، زيادة على ذلك وهذه تأتي في الدرجة الثانية من توجهات ساويرس، وهي محاربته للإخوان لأنه  قبطي متزمت يطلق بين الفينة والأخرى تصريحات ضد الإسلام والمسلمين منها هجومه بشكل ساخر على أصحاب اللحى والنقاب وما إلى ذلك، فهذه العوامل مجتمعة تجعله يخشى من حكم الإخوان.

فأما هجومه على عبد الناصر مع أنه على شاكلة مبارك والسيسي في الاستبداد والقمع والنهب والعسكرة إلا أنه انتهج خطاً اشتراكياً فراح يجرد الأثرياء ورجال الأعمال من أموالهم، ولو كان ساويروس في عصره لجرده أملاكه.

وأما تأييده للثورة السورية ووقوفه ضد النظام، فكما يقال إذا اختلف اللصان ظهرت الحقيقة، فقد دخل الرجل في شراكة مع الحرامي رامي مخلوف وقد تبين أنه أكثر منه دهاء في فن النصب مما جعل ساويرس يصب جام غضبه عليه.

فقد جاء في  تغريدة  كتبها الملياردير ساويرس عبر حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي تويتر رداً على أحد المغردين: يقول المغرد لساويرس (شركات الاتصال في سورية بيتخانقوا عليها، مش كانت بتاعتك وسرقوها منك  ليجيب ساويرس: ربنا يمهل ولا يهمل).

فقد كان على خلاف مع رامي حول ملكية مئات الآلاف من الأسهم في شركة الاتصالات الخليوية الشهيرة سيريتل.

وهكذا يتبين لنا مما تقدم أن هذا الرجل وأمثاله لا تعني له المبادئ ولا الأخلاق ولا القيم ولا الضمائر شيئاً وإنما همه الوحيد أن يملأ خزينته من المال حلالاً أو حرامًا.

فمواقفه وآراؤه التي عرضنا لها كلها تدور في فلك مصالحه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى