أسماء هندية وأسماء سورية

تقول الحكاية : إن الهنود الحمر- سكان أمريكا الأصليين – درجوا على تسمية أبنائهم المولودين حديثاً وفقاً لظاهرة طبيعية شاهدها الأب عند ولادة ابنه أو وفقاً لحدث تزامن مع قدوم ذلك المولود ، وربما تبعاً لأول شعور أو حالة يمر بها الأب فور خروج (الداية) من خيمة القصب لتبشره بمولوده .
وجرت العادة أيضاً – وفق الحكاية – على أن تكون تلك الأسماء طويلةً ومركبةً ، بل قد يبلغ اسم الشخص لديهم من الطول بأن يشكل جملة تصف لك الحالة أو المشهد وصفاً تصويرياً دقيقاً يأخذك إلى تلك العوالم البكر الساحرة .
فحين تكون الولادة في يوم شتويّ مطير مثلاً يمكن أن يكون اسم المولود : خيط الماء المنساب على ورقة موز عريضة في يوم ماطر ، وإذا وقعت عين الأب على الغيوم في ذلك الحين سمى مولوده : أكداس الغيوم السوداء المتلبدة فوق جبال الآنديز .
وربما كان اسم المولود الذي يأتي في يوم عاصف : صفير رياح الشمال عند مرورها على على أغصان شجر الماهوجاني على ضفاف الأمازون .
وكذلك قد تجد لديهم أسماء أخرى مثل : صهيل الخيول قبل سباق حماسي عظيم للفوز بقلب ابنة شيخ القبيلة ، أو هجوم البيض في ليلة مقمرة على ظهور خيولهم الحديدية .
هذه الحكاية البسيطة وبصرف النظر عن صحتها وبصرف النظر عن مصدرها أيضاً ، تعكس لنا نمط حياة لأولئك الناس ، وتصور لنا واقعاً معاشاً إلى حد ما ، مبينة لنا من خلال مفردات وتراكيب تلك الأسماء مدى ارتباط الهندي بالطبيعة والمناخ وعناصرهما ، لكن وفي المقابل فقد أوحت لي هذه الحكاية أيضاً بفكرة لا تخلو من طرافة ، إذ ماذا لو اتبعنا – نحن السوريون – طريقة هؤلاء القوم في تسمية أبنائنا ؟
فماذا يمكن أن نجد في سجلات القيد المدني من أسماء ؟
أظن أننا سنجد من بين تلك الأسماء مثلاً : الخائن الذي سلم المحتل وثيقة ً يطالبه فيها بدوام الاحتلال وإقامة دويلة لهم في بعض الجبال ، ولكن سنجد في سجل آخر وفي الفترة عينها : المقاوم لاحتلال بلاده حتى آخر قطرة من دمه الزكي .
وفي فترة لاحقة ربما تجد : الرئيس المُنقَلَب عليه يعود ليحكم فترة أخرى قبل أن نمزق صورته ، وستجد في السجلات نفسها : البرلماني الذي رفض الموافقة على استبدال سيارة السيد الرئيس أو إصلاحها، أو الرجل الأول في البلاد الخارج من صلاة الصبح ليقف في طابور الخبز دون مرافقة أو حتى سائق .
في فترة تلت ما سلف تطالعنا السجلات بأسماء لم يكن في بال أحد أنه قد يأتي ذلك اليوم الذي يسمع فيه ما يسمع ، مثل : الخائن لرفاقه الذي اغتصب السلطة في بلد الحضارات ، وهذا المولود نفسه له من الأسماء ما يفوق العدّ ، منها : بائع الجولان في زمن الخذلان ، الحارس الأمين لحدود المحتلين ، مرتكب المجازر في عهد لم تكن فيه الفضائيات قد دخلت البلاد، والكثير الكثير …
وفي عهده أيضاً درجت بين العامة أسماء جديدة أيضاً مثل : المنسيُّ في سجن تدمر منذ سنوات طوال دون ثبوت أية تهمة عليه ، الخارج من المعتقل وفي رأسه مرض سببه التعرض المديد للصعق بالكهرباء حيث لم يستطع التعرف على ذويه ، ومن أسماء النساء : المُعيلة لخمسة أيتام بعد أن مات زوجها في سجن صيدنايا تحت التعذيب .
في الفترة التي تليها تغير إيقاع تلك الأسماء بحكم حتمية التطور الزمني للمجتمعات وربما بفضل التواصل الكبير بين الأمم ، والأهم هو أننا نفضنا عن أنفسنا غبار المهانة ، فأصبحت الاقراص المدمجة والحافظات الرقمية تطالعك بأسماء جديدة مثل: الوريث القاصر ، ذيل الكلب ، مختار المهاجرين ، أم منجل ، المندسّون، فبركات إعلامية ، ومن أسماء البنات في حاسبات أخرى تجد : ثورة ، حرية ، كرامة ، أما أسماء الرجال فمنها : ثائر ، حر ، شهيد ، مهندس لوحات كفرنبل رائد الفارس و حارس ثورة الكرامة الشهيد عبد الباسط الساروت .
اي نعم..
هناك على الساحة العربية مفرزات أسماء كثيرة يا صديقي
أرجو أن تجعلها ملحقا لهذا المقال الرائع
إسقاط جميل على ساحة السياسة.