بحوث ودراسات

“الإمام الثاني عشر”: عقيدة “المخلِّص” في الصِّراع الصُّهيوني-الصَّفوي على حُكم العالم 4 من 4

د. محمد عبد المحسن مصطفى عبد الرحمن

أكاديمي مصري.
عرض مقالات الكاتب

رسالة روزنبرع: الإيمان بالمسيح “الرَّب الوحيد الحقيقي” وحده كفيل بوأد فتنة “الإمام الثَّاني عشر”

يتوصَّل ديفيد إلى نجَّار مالك، ويعرف منه ما يفيد بأنَّ الرَّؤوس النَّوويَّة الجاري تطوير، من المقرَّر تهريب إحداها إلى غزَّة عبر صحراء سيناء، وبواسطة أنفاق حماس؛ بهدف تفجيره في تل أبيب. يسرد نجَّار قصَّة سفره إلى إيران بعد أن خُدع بأنَّ الهدف من الإتيان به المشاركة في تطوير مفاعل سلمي، ساعيًا إلى كشف حقيقة أهداف إيران التدميريَّة لمنع وقوع كارثة. يعد ديفيد نجَّار بحياة آمنة في أمريكا، وبمال أكثر ممَّا أعطاه الإيرانيُّون، وحينها يقرُّ الفيزيائي الشَّاب أنَّه لا يفعل ذلك إلَّا بدافع آخر غير المال، موضحًا أنَّ يسوع النَّاصري هو مَن أرسله إلى ديفيد، تمامًا كما أرسل حنانيا إلى شاول الطرسوسي كي عيد إليه بصره “كَانَ فِي دِمَشْقَ تِلْمِيذٌ اسْمُهُ حَنَانِيَّا، فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ فِي رُؤْيَا: «يَا حَنَانِيَّا!». فَقَالَ: «ها أَنَا ذَا يَا رَبُّ». فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «قُمْ وَاذْهَبْ إِلَى الزُّقَاقِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمُسْتَقِيمُ، وَاطْلُبْ فِي بَيْتِ يَهُوذَا رَجُلًا طَرْسُوسِيًّا اسْمُهُ شَاوُلُ. لأَنَّهُ هُوَ ذَا يُصَلِّي. وَقَدْ رَأَى فِي رُؤْيَا رَجُلًا اسْمُهُ حَنَانِيَّا دَاخِلًا وَوَاضِعًا يَدَهُ عَلَيْهِ لِكَيْ يُبْصِرَ»” (سفر أعمال الرُّسل: إصحاح 9، آيات 10-12). في تلك اللحظة، يدرك ديفيد أنَّ الصَّراع بين بلاده والجمهوريَّة الإسلاميَّة أخذ منعطفًا جديدًا؛ فالمعركة ليست معركة جيوسياسيَّة، إنَّما روحانيَّة، بعد تعاقُب الرُّؤى عن الإمام الثَّاني عشر والمسيح، وتشتُّت العامَّة في سعيهم إلى اتِّباع مخلِّصهم، وأصبح من الحتمي لأهل إيران الانضمام إلى الطَّرف الذي يعتقدون في صحَّة دعواه (ص456).

يعرف المهدي بانضمام نجَّار مالك إلى الأمريكان وتزويده إيَّاه بمعلومات عن البرنامج النَّووي التدميري؛ وحينها يطلب الإتيان به كي “يفصل رأس ذلك الكافر عن جسده، ويُشقَّ صدره ليخرِج قلبه” (ص462). تستعدُّ في تلك الفترة أعدادٌ كبيرة من الإيرانيِّين للحاق بالإمام الثَّاني عشر في موسم الحجِّ، بينما يخطِّط ديفيد إلى إخراج نفسه ونجَّار مالك وأسرته في طائرة خاصَّة، تمامًا مثلما فعل زاك زالنسكي عام 1979 ميلاديًّا، لمَّا أخرج أبويه من إيران، برفقة أسرة تشارلي هاربر، وكأنَّنا نرى ثمرة “نجاة” أبوي ديفيد المسلمين أصلًا أن يصير نجلهما عميلًا لوكالة المخابرات المركزيَّة، مهمَّته محاربة التطرُّف الإسلامي وإنقاذ المتحوِّلين إلى المسيحيَّة من المسلمين، وإن لم نُنكر خطأ عقيدتهم وانحرافها عن صحيح رسالة الإسلام. غير أنَّ ديفيد ونجَّار يدخلان في صراع دامٍ مع رجال الحرس الثَّوري الإيراني، الذين يكثِّفون البحث عن نجَّار، حتَّى يتمكَّن ديفيد من تهريب نجَّار وحده، بعد فقدان أسرته، المكوَّنة من ابنة صدِّيقي، العالم النَّووي المسؤول عن البرنامج التدميري، وزوجته، وابنة لنجَّار أنجبها من ابنة صدِّيقي. كأنَّما الرسالة هي دفع صدِّيقي ثمن تآمره على الأبرياء من اليهود والنَّصارى، وكذلك تضحية ابنته وزوجته بحياتهما في سبيل المسيح، بعد أن قبلتاه مخلِّصًا.

ظهور الإمام الثَّاني عشر في موسم الحجِّ

يصل إلى السَّعوديَّة في موسم الحجِّ في ذلك العام 14 مليون شخص، فيما لا تتَّسع مدينة مكَّة المكرَّمة لأكثر من مليوني شخص، ليكون ذلك التجمُّع الأكبر للمسلمين على الإطلاق؛ حيث يفوق ذلك عدد الوافدين إلى مدينة طهران عام 1989 ميلاديًّا لحضور جنازة الخميني. لحفظ الأمان، واكب الحدث حضور ربع مليون من عناصر الشُّرطة، وحرص حوالي 5 آلاف صحافي على تغطية الحدث. حضر العاهل السَّعودي بنفسه، في جلبابه الأبيض المعهود، ولكن دون الأبَّهة المرتبطة به. بدا الملك “واجمًا”، كما “ارتعشت يداه قليلًا وهو يقرأ نصًّا مُعدًّا من قبل من ورقة واحدة” (ص487). في حضور عدد كبير من الأمراء ورجال الدِّين من السُّنَّة والشِّيعة، دخل الإمام الثَّاني عشر، متميِّزًا عن الجميع بجلباب أسود وعمامة سوداء، في إشارة إلى انحداره من نسل النبيِّ (ﷺ).

يقف “المهدي” ليلقي خطبته الأولى، التي يبدأها بقوله “حان الوقت. ولَّى زمن الغرور والفساد والطَّمع، وأتى عهد جديد من العدالة والسَّلام والأخوَّة؛ حان وقت وحدة المسلمين. لم يعد للمسلمين رفاهية الدخول في خلافات تافهة أو انقسامات. لا بدَّ وأن يتَّحد السُّنَّة والشِّيعة؛ فهذا هو وقت تكوين شعب مسلم واحد، أمَّة إسلاميَّة واحدة، حكومة إسلاميَّة واحدة. حان الوقت لنظهر للعالم أنَّ الإسلام على استعداد للحُكم. لن نتقيَّد بحدود جغرافيَّة، أو جماعات عرقيَّة، أو أمم. رسالتنا عالميَّة ستقود العالم إلى الوحدة والسَّلام اللذين لم تتوصَّل إليهما الأمم…جئتُ لتدشين مملكة جديدة، واليوم أعلن أن حكومات السَّعوديَّة وإيران ودول الخليج تتَّحد معًا في أمَّة واحدة ستكون أساس خلافتي. يجري عملائي نقاشات سلميَّة ومحترمة مع كافَّة حكومات المنطقة، وعلى المدى القريب، سنُعلن عن توسُّعنا” (ص488-489). يضيف المهدي أنَّ دولة خلافته ستسيطر على نصف صادرات النفط والغاز الطبيعي في العالم، وسيدعمها سلاح نووي رادع للمعارضين، الذين يوجِّه إليهم رسالة “لا ترتكبوا حماقة، فأي اعتداء من دولة على جزء من دولة الخلافة سيشعل حرب إبادة” (ص489). تنتهي الرُّواية مع تلميح لدخول العالم في حالة طوارئ بعد سيطرة المهدي على منطقة الخليج العربي، ممَّا يعني اشتعال صراع يفضي، وفق نبوءات الكتاب المقدَّس، إلى تأسيس مملكة المسيح، الإله الحقِّ، بعد إبادة الأمم المعادية له ولأتباعه.

كيف تتقارب أحداث الرُّواية مع الواقع؟

لم يختلق جويل روزنبرغ مسألة إعداد إيران برنامجًا نوويًّا؛ فقد بدأ تأسيس مفاعل نووي في إيران في خمسينات القرن الماضي، وبمساعدة أمريكيَّة استهدفت تعزيز الاستخدام السِّلمي للطَّاقة النوويَّة. أوقفت إيران بعد الثَّورة الخمينيَّة عام 1979 ميلاديًّا البرنامج، بأمر من المرشد الأعلى، روح الله الخميني، الذي رأى فيه ما يخالف الشَّرع. غير أنَّ الجهود في مجال الطَّاقة النَّوويَّة ما لبثت أن استُأنفت خلال الحرب العراقيَّة-الإيرانيَّة خلال ثمانينات القرن الماضي، لتبدأ سلسلة من التهديدات الأمنيَّة الإيرانيَّة، التي تستهدف إسرائيل في المقام الأوَّل، بحسب زعم قادة إيران منذ ذلك الحين وحتَّى يومنا هذا. وتعتبر الولايات المتَّحدة أكثر دول العالم معارضةً للبرنامج النَّووي الإيراني، برغم أنَّها هي الدَّاعم الأكبر لذلك البرنامج في مهده؛ ما أغرى صحيفة شيكاغو تريبيون (Chicago Tribune) الأمريكيَّة بنشر مقال تحت عنوان ساخر “تهديد ذرِّي صُنع في أمريكا”، بتاريخ 28 يناير 2007 ميلاديًّا، أي قبل عقد كامل من تفجُّر الصِّراع الأمريكي-الإيراني بشأن ذلك البرنامج.

انسلخ الرَّئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، من الاتِّفاق النَّووي الذي أبرمه سابقه، باراك أوباما، عام 2015 ميلاديًّا مع إيران، بالانسحاب الكامل من الاتِّفاق في مايو من عام 2018 ميلاديًّا، وفرْض عقوبات رادعة على إيران تتمثَّل في حظْر بيعها للنفط بالكامل، متَّهمًا إيَّاها بتطوير سلاح نووي في الخفاء. وقد وجَّه ترامب لقادة إيران في يوليو من عام 2019 ميلاديًّا، تحذيرًا من سعيهم إلى تطوير سلاح نووي، الأمر الذي توعَّد الرَّئيس الأمريكي بالحيلولة دون حصوله. وقد نشرت وكالة سي إن إن الأمريكيَّة بتاريخ 8 يوليو 2019 ميلاديًّا، نصَّ التحذير كما جاء على لسان ترامب.

أمَّا دخول لبنان إلى حلبة الصِّراع الصُّهيوني-الصَّفوي، فحزب الله، الإسلاموي الشِّيعي، ينال دعمًا إيرانيًّا هائلًا، ويعترف بتبعيَّته لولاية الفقيه، نائب الإمام الغائب، كما جاء خطاب جماهيري له يبرِّر فيه مشاركة ميليشيات حزب الله المسلَّحة في الصِّراع الدَّائر في سوريا، ويوضح أنَّ جهوده تصبُّ في مصلحة تأسيس “الجمهوريَّة الإسلاميَّة الكبرى، التي يحكمها صاحب الزمان ونائبه بالحق، الولي الفقيه”. وقد نشر موقع شبكة العربيَّة الإخباريَّة عن ذلك بتاريخ 26 مايو من عام 2013 ميلاديًّا.

هذا وقد نشر وكالة ميزان الإخباريَّة الإيرانيَّ بتاريخ 10 ديسمبر 2019 ميلاديًّا، تحذيرًا شديد اللهجة لقائد الحرس الثوري الإيراني، اللواء مرتضى قرباني، يتوعَّد فيه بـ “تسوية إسرائيل بالأرض بدءً بلبنان”، إذا ما ارتكب الكيان الصُّهيوني حماقةً ضدَّ إيران.

تجدر الإشارة إلى أنَّ الكاتب السويدي، إيراني الأصل، تريتا بارسي، ألَّف كتابًا عن حقيقة التحالف السِّرِّي بين إيران من ناحية، وأمريكا وإسرائيل من ناحية أخرى، يعبِّر عنوان الكتاب عن طبيعته؛ حيث أطلق عليه Treacherous alliance: The secret dealings of Israel, Iran, and the United States- التحالف الغادر: التعاملات السريَّة بين إيران وأمريكا وإسرائيل (2007). يشير بارسي إلى تقارُب المصالح الإيرانيَّة مع الأهداف الإسرائيليَّة في منطقة الشَّرق الأوسط، وإلى التشابه العقائدي بين اليهود والشِّيعة، وإلى التعاون السِّرِّي في مجال التَّسليح والتَّزوُّد بالتِّقنيات الحديثة، وكذلك إلى تشارُك البلدين في الإرث الزرادشتي، لتقل المجوسي، لإمبراطوريَّة فارس، التي بدأ سقوطها على أيدي المسلمين في زمن أمير المؤمنين عُمر بن الخطَّاب، ثاني الخلفاء الرَّاشدين، بدايةً من معركة القادسيَّة عام 636 ميلاديًّا، وحتَّى سقطت الدَّولة بالكامل في أيدي المسلمين عام 652 ميلاديًّا. يحذِّر بارسي في مقدِّمة كتابه من “خطر حرب كارثيَّة قد تعصف بالشَّرق الأوسط وأمريكا لعقود”، ما لم تتَّبع أمريكا استراتيجيَّة “لترويض الخصومة الإسرائيليَّة-الإيرانيَّة” (صXV).

وفي النِّهاية نتساءل:

تمثِّل شخصيَّة داود/ديفيد، بطل الأحداث في رواية الإمام الثاني عشر (2010م) للكاتب الصُّهيوني المسيحي جويل روزنبرغ، الجيل الثَّاني للمهاجرين إلى الغرب من العالم الإسلامي، ممَّن نشأوا على القيم الغربيَّة المعادية للإسلام، والمتجاهلة للدِّين بوجه عام؛ ليصبح ديفيد أداة لاصطياد المتطرِّفين من بني موطنه الأصلي، بعد تبرُّؤه التَّام من الإسلام الذي لم يرَ فيه إلَّا العنف واستغلال النُّبوءات لتحقيق مصالح سياسيَّة، وتحوُّله إلى المسيحيَّة عن اقتناع، ودون توريث أو تأثير. ومن حيل روزنبرغ أن جعل اقتران ديفيد، فارسي الأصل، بمارسيل هاربر، ابنة الأمريكيَّين اللذين أنقذا والدي ديفيد من بطش نظام ملالي الشِّيعة، وكان جزاؤهما أن ذهبا ضحيَّة الإرهاب المنسوب إلى الإسلام، يحمل ثمرة عالم جديد من السَّلام والأمن، بعد القضاء على الإرهاب بمساعدي أمريكي متنصِّر من أصول مسلمة. من المعروف أنَّ النَّسب في اليهوديَّة والصهيونيَّة المسيحيَّة للأم وليس للأب، ممَّا يعني أنَّ ثمرة اقتران مارسيل وديفيد سيغلب عليها العرق المسيحي، ليفنى الأصل المسلم في تلك السلالة. والسؤال: هل نموذج داود، الذي تحوَّل إلى ديفيد، هو النَّموذج المُفترَض اتِّباعه بين المسلمين لتحقيق التَّعايش السِّلمي مع الغرب، بعد نيل رضا اليهود والنَّصارى؟

هاجم جويل روزنبرغ بضراوة في روايته الإمام الثاني عشر (2010م) عقيدة الإماميَّة الاثني عشريَّة، التي تقوم على ظهور مخلِّص من آل البيت النَّبوي يعيد تأسيس دولة الإسلام ويُظهر أتباعه على الأمم، والذي يوازي شخصيَّة “ضدِّ المسيح”، المذكور في إنجيل متَّى “إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: هُوَذَا الْمَسِيحُ هُنَا! أَوْ: هُنَاكَ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ” (إصحاح 24: آيتان 23-24)، وفي رسالة يوحنَّا الأولى “كَمَا سَمِعْتُمْ أَنَّ ضِدَّ الْمَسِيحِ يَأْتِي، قَدْ صَارَ الآنَ أَضْدَادٌ لِلْمَسِيحِ كَثِيرُونَ. مِنْ هُنَا نَعْلَمُ أَنَّهَا السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ” (إصحاح 2، آية 18) و “مَنْ هُوَ الْكَذَّابُ، إِلاَّ الَّذِي يُنْكِرُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ؟ هذَا هُوَ ضِدُّ الْمَسِيحِ، الَّذِي يُنْكِرُ الآبَ وَالابْنَ” (إصحاح 2، آية 22)، وفي رسالة يوحنا الثَّانية “دَخَلَ إِلَى الْعَالَمِ مُضِلُّونَ كَثِيرُونَ، لاَ يَعْتَرِفُونَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ آتِيًا فِي الْجَسَدِ. هذَا هُوَ الْمُضِلُّ، وَالضِّدُّ لِلْمَسِيحِ” (الإصحاح الوحيد، آية 7)، وفي رسالة بولس الرَّسول الثَّانية إلى أهل تسالونيكي “إنْسَانُ الْخَطِيَّةِ، ابْنُ الْهَلاَكِ” (إصحاح 2، آية 3)، وفي رؤيا يوحنَّا اللاهوتي “الْوَحْشُ الَّذِي رَأَيْتُهُ كَانَ شِبْهَ نَمِرٍ، وَقَوَائِمُهُ كَقَوَائِمِ دُبٍّ، وَفَمُهُ كَفَمِ أَسَدٍ. وَأَعْطَاهُ التِّنِّينُ قُدْرَتَهُ وَعَرْشَهُ وَسُلْطَانًا عَظِيمً” (إصحاح 13، آية 2). ويعتبر الإيمان بظهور ضدِّ المسيح من أهم أركان عقيدة الصهيونيَّة المسيحيَّة، كونه الممهِّد بظهوره لاشتعال حرب كونيَّة، تُعرف بمعركة مجيدو وفق تلك العقيدة، وهي توازي الملحمة الكبرى المذكورة في السُّنَّة النَّبويَّة. ونلاحظ أنَّ روزنبرغ، مع تشويهه المتعمَّد لشخصيَّة الإمام الثَّاني عشر، وإقران عمليَّة الإعداد لظهوره بالإرهاب، لا يسجِّل موقفًا غربيًّا لمعاديًا لذلك الظُّهور، بل يشير إلى ممارسة ضغوط على الأنظمة الخليجيَّة لاستقباله في مكَّة المكرَّمة. غير أنَّ ما يستتبع التحرُّك الأمريكي في نهاية الرُّواية تهديد الإمام الثَّاني عشر من قلب الحرم المكِّي بدحْر أيِّ محاولة تعرقل سيطرته على الشَّرق الأوسط، بقوله لخصومه “لا ترتكبوا حماقة، فأي اعتداء من دولة على جزء من دولة الخلافة سيشعل حرب إبادة” (ص489). والسُّؤال هو: إذا كان تأسيس دولة دينيَّة تقوم على النُّبوءات منعوتًا بالتَّطرُّف في حالة الإمام المهدي، فلماذا هو محمود في حالة مسيَّا بني إسرائيل المنتظَر؟ والسؤال الأهم: هل في اشتعال صراع بعد ظهور الإمام الثَّاني عشر، كما تُظهر الرُّواية، ما يبرِّر استخدام السِّلاح النَّووي في إبادة الأمم المعادية؟!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى