مقالات

مأزق ادارة اليمين الليبرالي العنصري المتطرف، تمثلت سياسة البلتجه للترامب

د. ياسين الحمد

أكاديمي سوري
عرض مقالات الكاتب

أصدقائي  الأعزاء والمتابعين ، أعتذر مسبقا عن الإطالة ،

 رغم المحاولة  الجادة للاختصار قدر الإمكان، ولكن ضرورة إيصال الفكرة دفعني للإطناب قليلًا ومكرهًا. فكرة منشوري تنطوي على إيضاح الأسس والمنطلقات الفكرية، والطبقية التي تنطلق  منها  سياسات  الإدارة الأمريكية  الحالية المتطرفة، والعنصرية ، والوقوف عند المأزق التي وقعت فيه نتيجة سوء النهج الذي سلكته، وهذاما يساعدنا في فهم  ما يجري في العلاقات الدولية . 

واجهت الليبرالية  في العقود الأخيرة  مأزقًا يتجلى بعدم قدرتها على مواجهة المشاكل المستعصية وإيجاد الحلول لها .

إن النظام الليبرالي وخاصة جناحه اليميني المتطرف ، الذي كان يعتقد أن آليات الليبرالية كفيلة  بحل المشاكل التي تعترض النظام الرأسمالي ، ولكن اتضح أن آليات النظام أصبحت عاجزة عن إيجاد حلولًا للمشاكل التي تراكمت عليه  وتزداد حدة يومًا بعد يوم، وهذا ما أثار هواجس الجناح اليميني  المتطرف ، ولذلك نجد أن برنامج ترامب الاقتصادي والسياسي يتطابق تماما مع المدارس الفكرية اليمينية المتطرفة ، وتمثل في /مدرسة شيكاغو/ نسبة إلى /جامعة شيكاغو/ . و/مدرسة اقتصاديات الغرض/ ، والتي تتقاطع مع مصالح الشركات الاحتكارية  الكبرى، وأصحاب تراكم رأسمال .

ونجد أهم  شخصيات إدارة ترامب تتبنى أيديولوجيا قومية متطرفة، تؤمن بتفوق العرق الأبيض، وتعارض الهجرة  والمهاجرين، وقد رفعوا شعار أمريكا أولا، وخرجوا من  كافة اتفاقيات المناخ ، ومنظمة التجارة الدولية، وعادوا إلى فكرة الحماية الاقتصادية . ولذلك ضاعت كثير من جهود البشرية عبر عقود حول العولمة وحرية التجارة الدولية، وحرية حركة  رأسمال، وأهم من يجسد هذا البرنامج كان (ستيفن ميلر) . وكذلك  كبير المستشارين الاستراتيجيين  لترامب  (ستيف بانون) ، وكان لهما تأثير كبير في سياسة ترامب وقرارته . 

إذًا الإدارة الأمريكية  انتهجت  سياسة البلطجة سواء  على الصعيد الداخلي أو الخارجي ، كأسلوب لتقديم علاجات  لمآزق النظام،  وكان ترامب شفافًا في معظم تصريحاته ،  أي شئ يُطلب من أمريكا يجب أن لا يكون بلا مقابل مادي، إذًا انتهجت سياسة نفعية   تخلت بموجبها عن دورها الرائد كنموذج لقيادة العالم ،ونموذج للحريات العامة  والشخصية .

 فعلا حققت إدارة ترامب مكاسب اقتصادية  خلال الثلاث سنوات من إدارتها ، وحققت معدلات نمو اقتصادي جيدة لحد ما، وخفضت مستوى البطالة ، وتم تخفيض عجز الميزانية الفدرالية ، مع العلم أنها  – من جهة أخرى –  انتهجت سياسة تخدم هذا التيار بتخفيض الضرائب على الشركات الكبرى ، وأصحاب تراكم رأس المال . وخفضت النفقات الاجتماعية  على البرامج الصحية والتأمينات  الصحية التي اتبعت في عهد أوباما الديمقراطي، وبرامج التعليم  وغيره من البرامج ذات الطبيعة الاجتماعية .

 من المؤكد هذه النجاحات لم تكن بفضل آليات النظام، وإنما بفضل البلطجة  السياسية التي اتبعها  ترامب في سياساته الخارجية ، مع الحلفاء والأصدقاء قبل الأعداء . تمثلت بالضغوط على أوروبا وخاصة أعضاء حلف الأطلسي لرفع مساهمتها  في ميزانية  الحلف وهذا ما تحقق . مارس بلطجة سياسية والتهديد مع دول الخليج ، بفرض عقود واستثمارات ، بحيث استنفذت  نسبة كبيرة من صناديقها السياسية و احتياطيها النقدي . وأيضا مع بقية دول العالم . خرج من كافة الاتفاقات الدولية التي التزمت فيها أمريكا ، وضرب بعرض الحائط كل الجهود الدولية  لعقود .

جاء وباء كوفيد 19 ، ليكشف غباء وجهل وعنجهية  وتخبط  سياسة الإدارة الأمريكية  المتبعة،  والأسس النفعية المادية للطبقة المهيمنة  على القرارمن أصحاب رؤوس الأموال والشركات الكبرى  .  ويضعها في مأزق آخر  ويتضح أن خيارات الإدارة الأمريكية باتت صعبة، واضطرت للمفاضلة  بين المصالح الاقتصادية لأصحاب الرساميل  والشركات الكبرى والنمو الاقتصادي  خدمة لهذا التيار اليميني العنصري المتطرف  الذي تمثله إدارة ترامب، وهاجس ترامب الشخصي للنجاح في الانتخابات القادمة لولاية ثانية،  وبين  المتطلبات الإنسانية والمعيشية  والصحية  التي تتطلبها مواجهة وباء كورونا ، واتخاذ إجراءات الحظر لمحاصرة انتشار الوباء .

وقد اتضح بأن سياسة الإدارة الأمريكية  كانت  الأكثر سوءاً في العالم  في مواجهة وباء كورونا .

وأخيرا النهج القومي العنصري للإدارة الأمريكية  أوقعها في أزمة  داخلية  ما يسمى “حرب الذات مع الذات”   بعد الطريقة  التي قُتل فيها الموطن الأسود “جورج فلويد ”  من  قبل جهاز الشرطة ، والأحداث ليس فقط في أمريكا ،ولكن جذبت بدورها اهتمام  كافة شعوب العالم ، حول قضية العنصرية  وخطورتها على حقوق الإنسان ،  والحريات الفردية والعامة .

وقد تعرضت إدارة اليمين الليبرالي المتطرف وخاصة إدارة ترامب  لانتقادات  كثيرة وواسعة إثر حادثة فلويد وكيفية معالجتها التي زادت موجة  الاضطرابات ، حيث اتهم ترامب  ” فوضويين تتزعمهم حركة انتينا ، و اليساريين الراديكاليين ” في أعمال العنف الجارية في كثير من المدن الأمريكية ، وكذلك أسلوب التهديد والوعيد لترامب عبر تصريحات متكررة في استخدام الجيش لقمع الاحتياجات ، يذكرني  هذا النهج بأكثر الأنظمة الاستبدادية في العالم الثالث .

 نخلص إلى ما يلي : –  النظام الليبرالي   في جوهره وقع في مأزق وفقدت آلياته  القدرة لإيجاد حلول لمشاكله الاقتصادية والسياسية  والمالية  والاجتماعية  التي تراكمت  عبر عقود،  إذًا النظام  نفسه في مأزق حقيقي . ويمارس سياسة عنجهية  عنصرية  داخلية وخارجية .

 – نهج وسياسات النظام اليمني المتطرف  أوقع الولايات المتحدة  في مأزق في مواجهة جادة وحقيقية لوباء كوفد 19 .

-النهج العنصري المتطرف للإدارة أفقدها القدرة على إيجاد الحل الأخلاقي والقانوني لحادثة المواطن الأسمر جورج .

-أعتقد أن إدارة ترامب وتيار اليمين المتطرف أصبح في مأزق دولي وداخلي، وأصبحت فرص نجاح ترامب في الانتخابات  ضئيلة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى