تحقيقات

عن آخر التقلبات السياسية في سوريا…حوار مفتوح مع الدكتور أسامة الملوحي

خاص | رسالة بوست

تصدّرت أخبار الثورة السورية منذ عام 2011 وإلى يومنا هذا تقارير وكالات الأنباء، ونشرات الأخبار الدولية والإقليمية، على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والاقتصادية وتقلباتها المستمرة خلال هذه السنين، فضلا عن التدخل البرّي الروسي إلى جانب قوات النظام وميليشيات حزب الله وإيران، والتدخل التركي في الشمال السوري إلى جانب فصائل الثوار.
ومع زيادة تقلبات وتعقيدات المشهد السوري في الآونة الأخيرة في جوانب عديدة، أهمها خلاف رامي مخلوف وبشار الأسد، ودخول قانون قصير حيز التنفيذ، وإرسال المقاتلين السوريين من كلا الطرفين للقتال في ليبيا، أجرت رسالة بوست حوارًا مفتوحًا مع الدكتور الفاضل أسامة الملوحي، رئيس هيئة الإنقاذ السورية، وهو سياسي وكاتب، من مدينة حمص، وعضو في هيئة علماء حمص وطبيب أسنان استشاري.

حيث بدأ الملوحي حواره في الحديث عن الثورة السورية، وأطلق عليها مسمى الثورة السورية الكبرى، معللا ذلك بأسباب عديدة، ملخصًا إياها بقوله: (إن الثورة السورية هي ثورة كبرى، ولذلك لحجم المواجهة وعمقها بين الشعب السوري وهذا النظام الطائفي، الذي شكّل دكتاتورية لم يشهد التاريخ مثيلًا لها، منذ الثمانيات وإلى يومنا هذا، ضمن صراعات مختلفة على كافة الأصعدة السياسية والعسكرية والدعوية وغيرها، كحرب شاملة على أهل السنة والجماعة).
وأضاف مؤكدًا على أن نجم السورية مازال ساطعًا، وأنها مازلت مستمرة: (إن هذه الثورة ثورة قيم وضرورة لإنقاذ مستقبل سوريا، ولو افترضنا أن النظام سيطر على كافة الأراضي السورية، هذا لا يعني أن الثورة قد انتهت، لأنها ثورة مبنية على قيم ومبادئ، ملخصها إسقاط هذه الدكتاتورية وهذا النظام الطائفي، وهذا مطلب عروبي وإسلامي وإنساني، وطالما أن ثلة من الشعب ما يزالون ملتزمين بهذه المبادئ وصامدين في وجه هذا النظام، فهذا يعني أن الثورة مازالت مستمرة ولم تنته وستنتصر بإذن الله، كما يوجد العديد من المؤشرات الدالة على حتمية سقوط النظام الطائفي، وهذا ما يحتاج إلى الصبر والثبات على مبادئ الثورة السورية).

وفي الحديث عن آخر تطورات خلاف مخلوف والأسد ومهاجمة الصحف الروسية للأسد وتردي الوضع الاقتصادي للأسد وداعميه، ذكر لنا الدكتور الملوحي: (إن النظام السوري يعاني من أزمة اقتصادية ليست خانقة، بل لا حل لها، واستنادًا للأرقام والوقائع، إن النظام يحتاج إلى 2 ترليون دولار ليست من أجل تطوير البلاد ولا حتى من أجل عودته كما كان، وإنما حتى يستطيع المعاودة في الوقوف على قدميه).
واستأنف حديثه قائلًا: (إن الدول الداعمة للنظام السوري كروسيا وإيران، باتوا عاجزين عن دعم النظام، وذلك لأسباب عديدة أهمها وآخرها أزمة فايروس كورونا، التي تسببت بخسائر اقتصادية هائلة لكلا البلدين، وأما فيما يتعلق بالهجوم الصحفي الروسي على الأسد، هذا لا يعني أن روسيا قد تخلت عن الأسد، لأنه لا يوجد بديل لبوتين غير الأسد في سوريا، وخاصةً أن غالبية اجتماعاته مع الأسد كانت مقتصرة على الاجتماع معه بمفرده كشخصية واحدة ممثلة للنظام وليس مع شخصيات متعددة).

كما أضاف فيما يتعلق بخلاف مخلوف والأسد: (أجزم بأن أي خلاف يحدث داخل النظام سوف يحسم لصالحه، وإن خلاف الأسد ومخلوف قد أعُطي حجمًا أكبر من جحمه، والكلام في أن هذا الانشقاق العائلي الكبير سيؤدي لتدهور النظام، هذا كلام غير صحيح، لأن الجميع سيعدون ويعتذرون فيما بينهم آخر المطاف، ولسبب آخر أن هذا النظام مدعوم دوليًا، والأجهزة المسؤولة عن بقائه هي إسرائيل ومن ثم أمريكا وفي المرتبة الثالثة روسيا، ثم تليها أوروبا وإيران، ولذلك أدلّة ملموسة، أبرزها كان في إحدى خطابات أوباما عن داعش، ذكر أن أمريكا ستتعاون مع إيران سياسيًا وعسكريًا في الحرب على داعش، في الوقت الذي كان بإمكان أمريكا القضاء على جميع القواعد الإيرانية الموجودة في سوريا، وقد كان هذا بمثابة إعلان صريح مشترك بالتعاون بين البلدين في الحرب على السنة في سوريا).

وفي سؤال رسالة بوست للدكتور أسامة الملوحي حول رؤيته عن الانتخابات الرئاسية القادمة، أجاب: (حتى لو أُجريت انتخابات نزيهة وتحت إشراف أممي ورقابي دولي، ستكون نسبة نجاح بشار الأسد 90%، وهذا الكلام مبني على إحصائيات واستقراء داخلي، لأن القبضة الأمنية للنظام مازالت مؤثرة جدا على الشعب السوري، وما يزال الشعب في خوف كبير منها، حتى ولو سمح للاجئين خارج سوريا بالمشاركة في الانتخابات سيكون النجاح أيضًا للأسد، للأسباب ذاتها، إضافةً إلى ضمان عودتهم لسوريا في ظل بقاء النظام حتى ولو اكتسبوا جنسيات أخرى، والجدير بالذكر أيضًا، أن غياب دور المعارضة سيكون له أثرًا كبيرًا، حتى ولو كان من طرفهم شخصيات مرشحة، لن تكون إلا مجرد شخصيات شكلية يتلاعب بها دول الخارج).

وتحدث الملوحي أيضًا فيما يتعلق بقانون قيصر الأمريكي: (إن العامل الاقتصادي والعامل الأمني هما من سيسقط بشار الأسد بزوالهما، فلا شك بأن قانون قيصر سيضغط على النظام السوري وروسيا، وإذا أعلنت روسيا تخليها عن الأسد، فلا بد من سقوطه، لأن الملف السوري أُعطي لروسيا من قبل الدولة العميقة في أمريكا، وما الرئيس الأمريكي إلا واجهة إعلامية لهذه الدولة التي تحكم الداخل الأمريكي فعليًا وتدير الملفات الدولية الخارجية).

وفي سؤالنا للدكتور الملوحي عن الأوضاع الحالية في إدلب وهل من تغير متوقع سيجري فيها؟
أجاب: (إن الوضع الحالي لإدلب لا يطمئن بخير، وذلك بسبب تبعية الفصائل الخارجية، وللأسف غالبية المناطق التي سقطت بيد النظام في إدلب وريف حلب، سقطت دون قتال، وهذا أمر خطير جدًا على إدلب، بمعنى أن روسيا لو أرادت التقدم سيكون ذلك سهلًا عليها، وتركيا ربما تعيق هذا الأمر بمسيراتها داخل الأراضي السورية، لكن من المستحيل أن تدخل تركيا حربًا واقعية ومباشرةً مع روسيا في سوريا).

كما عبّر متأسفًا عن حال أجسام المعارضة في الداخل والخارج بقوله: (إن جميع مكونات المعارضة اليوم من ائتلاف وهيئة التفاوض والمجلس الإسلامي، جميعهم باتوا تابعين وهزيلين لدول الخارج).
وأكمل حديثه مضيفًا فيما يتعلق بإرسال المقاتلين من قبل الجيش الوطني للقتال في ليبيا: (لا يوجد إجبار من الجانب التركي للأفراد المقاتلين في صفوف الجيش الوطني للذهاب والقتال في ليبيا، وإنما هو قرار فردي، وهذا مع الأسف يضر بالسمعة الثورية، وهذا يعود بسبب التخلي عن الأخلاق الإسلامية والثورية لدى الكثير من المقاتلين والفصائل).
في الوقت ذاته أضاف عن علاقة التدخل التركي والروسي في لبيبا، بالوضع السوري، بقوله: (بالتأكيد له علاقة، لكن ليست بالعلاقة القوية، لأن الوضع في ليبيا مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالقرار الأوروبي).

كما تطرأت رسالة بوست في حوارها مع الدكتور الملوحي، حول قضية نبش قبر الصحابي الجليل الخليفة عمر بن عبد العزيز، فأوضح قائلًا: (إن هذا العمل، عمل إجرامي شاذ لا يفسر، وبالتالي يخضع للأمراض النفسية، فالفاعل مريض نفسي قاتل ليس بسوي، وهذا ناتج عن توجه طائفي إيراني، بهدف التأجيج الطائفي في المجتمع السوري، ولإكساب المقاتل الشيعي نوعًا من الحماس والاندفاع، من باب التعبئة المعنوية للمقاتلين).

واختتم الحوار مع الدكتور أسامة الملوحي، بسؤالنا عن إمكانية إعادة بناء سوريا ماديًا ومعنويًا، وخاصةً بعد عشر سنوات من الحرب التي خلفت مئات الآلاف من الشهداء والمعتقلين والمفقودين، والملايين من اللاجئين والمهجرين، فأجاب: (مع وجود أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين في كل مكان، أظهر أمرًا مهمًا جدًا للعالم أجمع، بأن أثر العامل السوري كان مفاجئة حقيقية للعالم، بالهمة والعمل وكفاءة وإتقان وحب العمل، فإذا أعُطيت الفرصة للاجئين والمهجرين في العودة والمشاركة في إعمار بلدهم، ستكون هنالك مفاجئة أكبر للعالم، بأن سوريا سيعاد بناؤها خلال 5 سنوات، ولكن شريطة وجود حكم وطني يحكم الأراضي السورية، ووجود عدالة وتحرر حقيقي).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى