مقالات

بين نظرية المؤامرة ونظرية المقامرة…

محمد رضوان ملاك

كاتب أردني
عرض مقالات الكاتب

ومع التطواف في هذه الحياة وتباين الناس في عقولهم وأفهامهم يقابلني أشخاص كثيرون يرفضون نظرية المؤامرة، فهم ينفونها بشكل هجومي عجيب وكلما تحدثت مع أحدهم بحقائق وأرقام رمى عليك تهمة الإيمان بنظرية المؤامرة،
بطبيعة الحال تدرك أنه قليل البضاعة في القراءة في هذا الجانب، ضحل المعرفة فيها يردد كلمة نظرية المؤامرة كالببغاء فلم يسمع قط بيهود الدونمة ولا قرأ عن المحافل الماسونية ولا يعرف عن الصهيونية سوى اسمها وتكتشف ذلك بأبسط نقاش تخوضه معه فهو لا يعرف عن اللوبيات العاملة داخل الدول وتشكيلاتها ولا يعرف حتى طريقة عمل المؤسسات الدولية ولا الهيئات العالمية؛ لكنه عند كل نقاش يخوضه يرفع لك الكرت الأحمر أنت من المؤمنين بنظرية المؤامرة !

فهذا من أصحاب نظرية المقامرة

وعلى الضفة الأخرى شخص آخر على النقيض تماماً يؤمن إيماناً قاطعاً بأن كل ما يحدث على وجه الأرض وكل حركة وكل سكنة تحركها أجهزة الاستخبارات العالمية الدولية وكأنها آلهة لا تخطئ، بل يصل به الأمر أن يفسر ثوران البراكين والزلازل الأرضية بل ربما حركة بعض الأفلاك والنيازك التي تضرب الأرض بأنها مدبرة بليل، قد تشرب قلبه نظرية المؤامرة فلا يتصور فعلاً يحدث إلا أنه مخطط له مدروس من قبل أجهزة الماسون ،ونسي أو تناسى أن هناك رباً له تدبير غير تدبير البشر، وأنه مالك متصرف يرفع من يشاء ويخفض من يشاء والأمر إليه وحده .

وما بين هذين الصنفين من أتباع نظرية المقامرة ونظرية المؤامرة تختلف أفهام الناس وتصورهم للحوادث؛ فلا الأول مصيب في تحليلاته ،ولا الثاني الغارق لأذنيه في الإيمان بنظرية المؤامرة قادر على الخروج من مأزق !

والتوسط والاقتصاد لايكون إلا بعدم الجنوح لأي من هذين الاتجاهين المتضادين ،ولا يمكن ذلك إلا بعدة أمور :

أولها: سؤال الله سبحانه الهداية للحق ورؤيته.

ثانيها: بذل الأسباب الموصلة للحق من كثرة القراءة والمطالعة الجادة ، وتنويع مصادر المعرفة من جهات متضادة ومحاولة التحليل والتفريق بين الحق والباطل.

وثالثها : اتهام الرأي باستمرار وعدم الركون لفكرة واحدة والاستسلام لها، مع نقاش أهل الخبرة وبالذات المخالفين في المسائل المراد الوصول لحقيقتها، والاستماع لهم بعين الاسترشاد،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى