مقالات

لماذا تأجل “قانون قيصر”؟

محمد علي صابوني

كاتب وباحث سياسي.
عرض مقالات الكاتب

بات من المعلوم لدى جميع المهتمين بالشأن السوري أن “قانون قيصر” مرّ بمراحل عديدة منذ أن تم تسريب الصور الفوتوغرافية لضحايا التعذيب الممنهج في الفترة مابين 2011 و 2014 من أقبية النظام و معتقلاته .. مراحل من تقديم مسودات وإصدارات تم اقتراحها ورفعها لمجلسي الكونغرس (النواب والشيوخ) حيث رُفض بعضها وتم تعديل البعض الآخر وحذفت وألغيت بعض الفقرات كالفقرة التي تضمنت مقترح إنشاء مناطق لحظر الطيران في سورية، وقد أجّلت الولايات المتحدة العمل بقانون قيصر عدة سنوات إلى أن قررت البدء بتنفيذه في منتصف هذا العام 2020 مع بداية شهر حزيران/يونيو .. وكل ذلك لمنح مهلة إضافية لنظامهم المدلل ريثما يستكمل تنفيذ مهامه ويلملم أموره ويستأنف رهن وبيع ما تبقى من منشآت وموانئ ومرافق حيوية هامة وبتواطؤ “روسيا” التي هي في واقع الأمر ذراع من الأذرع الأمريكية في المنطقة سواء اقتنع محلّلوا “الغفلة” أم لم يقتنعوا .. أنا لا يهمني ما يروّج عبر وسائل الإعلام التابعة والموجّهة بأن هناك خلافات روسية أمريكية، أو إيرانية أمريكية أو إيرانية إسرائيلية، واصطفافات استعراضية لأحلاف وهمية تستهدف العقول المغيبة لقطيع “المقاولة والمماتعة” .. ما يهمني هو ما يحصل على أرض الواقع وفي الميدان .. روسيا خدمت النظام بتغاضٍ أمريكي واضح جليّ، والنظام السوري هو أداة غربية مزروعة كبقية الأنظمة العربية، إذاً روسيا في نهاية المطاف تخدم المشغل الرئيسي المسيطر، وتنفذ رغباته في حماية أداة من أدواتهم التي خدمتهم لأكثر من نصف قرن .
نعم فالمعادلة بسيطة .. ومن يعتقد بأن روسيا يمكن أن تدعم النظام طيلة تلك السنوات وتفرد سيطرتها على قسم هام من الجغرافية السورية وتستحوذ على الموانئ وتعزز قواعدها البحرية والبرية والجوية دون موافقة ومباركة الولايات المتحدة الأمريكية فإن فهمه بالسياسة لا يتعدى فهم دونالد ترامب بالطب حين ذكر في إحدى كلماته وقال : (بما أن المعقمات تقضي على فايروس كورونا .. لما لا نحقن رئتي المصاب بهذه المعقمات ونقضي على الفايروس داخل جسمه ..!! ) وهذا موثق بالصوت والصورة وقد تم نشره .. وطبعا هذا يقودنا إلى المسألة الثانية وهي أن دوائر القرار في أميركا مستقلة كلياً عن المزاج الشخصي للرئيس وهذا ينطبق على كافة رؤساء الولايات المتحدة وليس فقط ترامب .. والرئيس عندهم هو موظف لا أكثر ولا أقلّ و مكلف بمتابعة واستئناف تنفيذ الخطط الاستراتيجية طويلة الأمد من حيث توقف من سبقه من الرؤساء وهامش الحرية الذي يُمنح لأي رئيس من الرؤساء الأمريكيين في اتخاذ القرارات المصيرية ضئيل جداً بل يكاد يكون معدوماً ..
إذاً الرئيس الأميركي وأجهزته ليسوا هم من يصنع السياسات أو يقررها، لكنهم مجرد واجهة سياسية تظهر في المرحلة النهائية من عملية معقدة تتشكل في ثناياها السياسة الأميركية، وتساهم مجالس مهمة في تخطيط تلك السياسة تتمثل في الحكومة الخفية وأذرعها كشارع المال والمصارف، ومجلس العلاقات الخارجية، ومؤسسة “بروكنغز” للأبحاث، ولجنة التنمية الاقتصادية، ومؤسسة “راند” للأبحاث، ومعهد “هيدسون” للأبحاث، وأدوات المخابرات المركزية CİA، ودوائر مكتب التحقيقات الفيدرالي FBİ وغيرها .
إذاً فالموضوع كبير ومتشعب وعلاقات الولايات المتحدة الأمريكية المعلنة رسمياً وإعلامياً بباقي دول العالم .. لا تعكس بالضرورة حقيقة تلك العلاقات .. ومدى عمقها .. وطبيعتها.

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

    1. تفءل خير تلقيالخير انشاءالله تجع سوريا متل ماكانت واحسن بي امل ولا لا انت سوري بتحب سوريا بدي تدعي لله علشان سوريا قول يالله على الله فليتوكل المؤمنون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى