صحافة

سورية في أحضان الكرملين

على الرغم من الوضع الصعب الذي يتسبب به وباء “كورونا” والأزمة الاقتصادية المصاحبة له، فإن روسيا تقاتل للحفاظ على نفوذها وتوسعته في سورية.

في 25 أيار، عين فلاديمير بوتين سفير موسكو في دمشق ألكسندر إيفيموف كمبعوث خاص له لتطوير العلاقات مع سورية، و بذلك يصبح الثالث على التوالي بالإضافة إلى المبعوثين الحاليين، فبالإضافة إلى إيفيموف ، هناك المبعوث الخاص لسورية ألكسندر لافرينتييف , والمبعوث الرئاسي الخاص للشرق الأوسط ، نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف ،و هو السفير السابق في إسرائيل.

نشر موقع المونيتور على الإنترنت مقالاً بقلم أنطون مارداسوف ، رئيس قسم دراسات النزاع في الشرق الأوسط في مركز كارنيجي موسكو ، والذي يحلل أسباب منح السفير سلطات جديدة.

يعمل ألكسندر إيفيموف سفيراً لدى سوريا منذ عام 2018، وقبل ذلك، عمل لمدة خمس سنوات سفيراً لدى الإمارات العربية المتحدة، ووفقًا للخبير، فإن السلطات الجديدة لإفيموف لها ثلاثة جوانب:

أولاً، في الرغبة في إيجاد توازن بين القوى الدبلوماسية والعسكرية لفريق السياسة الخارجية الروسية العامل في سورية. يرتبط لافرنتييف بالجانب العسكري للبعثة، وكان دوره في المفاوضات مع تركيا وإسرائيل، وكذلك في إنشاء وإدارة “مناطق خفض التصعيد”.

وفقا للخبير، عزز لافرينتييف موقف الجيش، الذي يسعى إلى زيادة الميزانية لتعزيز القوات المسلحة وتعزيز موقف روسيا في الشرق الأوسط.

إن ما يقوم به العساكر الروس من مهام، مثل نزع سلاح جماعات المعارضة وإلحاق المتمردين ” عناصر المصالحات” في الأجزاء التي تتبع بشكل مباشر لروسيا في الجيش السوري، تشبه إلى حد بعيد موقف حكم غير متحيز، وعلاوة على ذلك، تقلل هذه المهام من دوافع النظام في دمشق لتقديم تنازلات.

لدى الجيش الروسي في سورية أيضًا مشكلة في العلاقات العامة. وقد تلقوا عدة ضربات خطيرة تتعلق بالسمعة، على وجه الخصوص، عندما عرض التلفزيون الروسي مقاطع فيديو لألعاب فيديو لأفراد متنكرين في هيئة عسكريين، أو عندما رفضت وزارة الدفاع الاعتراف بوفاة زعيم تنظيم الدولة الإسلامية “أبو بكر البغدادي”, وهكذا، فإن السلطات الجديدة للسفير مصممة لتأمين عملية التوازن في تأثير الجيش.

وكما يلاحظ مارداسوف، فإن الجانب الثاني من تعيين إفيموف يرتبط بمهمة إعادة إعمار سورية، وهنا ربما يراهن على تجربته الناجحة في الإمارات العربية المتحدة. ففي العام الماضي، كانت العديد من شركات الطيران، بما في ذلك طيران الخليج من البحرين وطيران الاتحاد من الإمارات، قد درست عملية استئناف رحلاتها إلى مطار دمشق.

من جانبهم، أبدى رجال الأعمال الروس استعدادهم لتمويل توسيع المطار من خلال بناء محطة إضافية، ووفقا لبعض التقارير، طلبت روسيا من إسرائيل وقف الهجمات على المطار. ومقابل ذلك، قالت موسكو إنها يمكن أن تساعد في تقليل تدفق الأسلحة الإيرانية عبر دمشق. كما نقلت الإمارات إلى موسكو استعدادها للمشاركة في إعادة بناء الاقتصاد السوري المدمر.

وفي هذا الصدد، يبدو أن تعيين طلال البرازي مؤخراً كوزير للتجارة في سورية أمر منطقي جدا، والذي يملك صلة وثيقة مع الجانب الإماراتي.

يرى مارداسوف الجانب الثالث لتعيين أفيموف، وبأهمية لا تقل عن الجانبين السابقين، من حيث أنه يعمل على تعزيز سيطرة بوتين على الوضع في سورية عبر توسيع دائرة مبعوثيه، إذ يريد بوتين أن يتأكد من حصوله على وجهات نظر مختلفة حول الوضع وخطوط العمل المحتملة، كل هذا يجعل تفضيلات بوتين الشخصية عاملاً حاسماً وأقل قابلية للتنبؤ في تحديد استراتيجية موسكو.

من جانبنا، دعونا نلفت الانتباه إلى حقيقة أن الصراع بين الجناحين الأمني والدبلوماسي ” الروسيين” مستمر في سورية .

بتاريخ 29 أيار، بعد أربعة أيام فقط من حصول إيفيموف على سلطات جديدة، ظهر مرسوم جديد للرئيس الروسي فيما يتعلق بسورية، ينص على ما يلي:

 من أجل “نشر مجموعة طيران من القوات المسلحة للاتحاد الروسي في سورية”، يطلب الجانب الروسي أن ينقل إليه “عقارات إضافية ومساحة مائية”, كلفت وزارتي الدفاع والخارجية في روسيا الاتحادية بإجراء محادثات مع الجانب السوري والتوقيع على البروتوكول اللازم.

يستخدم الجيش الروسي عدة قواعد دائمة في سورية، تملك القوات الجوية الروسية قاعدة حميميم الجوية., كما تمتلك البحرية الروسية قاعدة بحرية في طرطوس.

في الوقت الحالي، لا توجد بيانات دقيقة حول المناطق التي نتحدث عنها، ولكن من الواضح أن الجيش الروسي يحاول الحصول على موطئ قدم في سورية، وقد تكون الأحداث الأخيرة مصممة لتبديد الشائعات بأن موسكو غير راضية عن الأسد وتدرس إمكانية استبداله بشخصية أقل شناعة.

وليس من قبيل المصادفة أنه في 21 أيار، عشية تعيينه الجديد، أجرى إيفيموف مقابلة كبيرة مع صحيفة “الوطن”، حيث كان أول حديثه هو الإجابة على السؤال عن مدى صحة هذه الشائعات، بالطبع، دحض هذه الافتراضات، قائلاً إن “التلميحات والشائعات حول الخلاف في العلاقات الروسية السورية التي يتم تداولها الآن ليست مبررة. أولئك الذين يحاولون بعناد تقديم التعاون بين موسكو ودمشق في ضوء مشوه وشرير، يسيئون تفسير الحقائق الواضحة، ببساطة يرتكبون تخريبًا للمعلومات “. بغض النظر عما إذا كانت موسكو ستدعم الأسد أو أي نظام سوري آخر، فإن الأحداث الأخيرة تظهر أنها لن تتخلى عن مواقعها في الشرق الأوسط، وهو أمر مهم للغاية بالنسبة لطموحاتها الجيوسياسية.

المقال-أعلاه- منقول عن موقع”ديتالي” و تمت ترجمته من الروسية إلى العربية بواسطة الدكتور زهير حنيضل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى