ثقافة وأدب

أحمد فتحي.. مأساة شاعر الكرنك!

محمود القاعود

كاتب واديب مصري.
عرض مقالات الكاتب

أحمد فتحى إبراهيم سليمان، وُلد في 2 أغسطس 1913م بقرية كفر الحمام بمحافظة الشرقية بجمهورية مصر العربية.
سيرته:
أسرته عمل أكثر أفرادها بحرفة الزراعة، وفي هذه القرية عاش ونشأ الشيخ إبراهيم سليمان من علماء الأزهر (وهو والد شاعرنا أحمد فتحي).
كان الشيخ إبراهيم ينظم الشعر فيلهب به حماس الجماهير زمن ثورة 1919 وكان أحد من قادوا المظاهرات في مدينة الإسكندرية حيث كان يعمل وقتها شيخاً للمعهد الديني، فنال من السجن والاعتقال ما ناله كل وطني شريف.
وعلي الرغم من ميلاد شاعرنا أحمد فتحي بالقرية إلا أنه قلما عاش فيها، ففي الإسكندرية التحق بمدارسها حتي المرحلة الثانوية.
ماتت أمه وهو في العاشرة مِن عمره وبعدها بقليل وجد نفسه يتيماً بلا أب أيضاً مما أدي لتعثره في الدراسة التى هجرها وبدأ في نظم الشعر والصراع المبكر مع الحياة.
كان أحمد فتحي ممشوق القوام بهي الطلعة ورث عن أبيه وسامته وزرقة عينيه كما ورث عنه ملكة الشعر، ولكن عَرف الخمر وأدمنها وبسبب حالته تلك لم يستطع أن ينال شهادة الكفاءة رغم بساطة الحصول عليها.
حاول أحد أخواله الذي تكفل برعايته أن يُقوِّمه لكن جهوده ذهبت هباء مما جعله يلتحق بمدرسة صناعية متوسطة تخرج منها عام 1930م.
عمل بعدها موظفاً في جمرك الإسكندرية ثم انتقـل للعمل بالتدريس في مدرسة الصناعات بالسويس ومن ثمة بدأ اتصـاله بجماعات الأدب في القاهرة فقام بمراسلة مجلة أبوللو التي كان يصدرها الشاعر أحمد زكي أبو شادي.
وفي خلال هذه الفترة وطد أحمد فتحي من دعائم علاقاته بالعديد من الأدباء والشعراء في العاصمة وارتاد منتدياتهم وجلساتهم وخاض المعارك الفكرية التي كان أشدها ضراوة معركته التي أشهر فيها مقالاً هاجم فيه عباس العقاد وجماعته متهماً إياهم بأنهم نظروا في شعر السابقين وأخذوا من معانيه.
بعدها انتقل أحمد فتحي بوظيفته للعمل بمدرسة الأقصر للصناعات ، وهناك ألهمته تلك المدينة الرائعة قصيدته الكرنك التي غناها عبد الوهاب وجعلت نجمه يسطع في سماء الشعر.
وكانت هذه القصيدة موعداً للشهرة لأحمد فتحي الذي حمل بعدها لقب شاعر الكرنك مما حفزه علي الكتابة ثانية لعبد الوهاب وأم كلثوم بقصيدة نداء الغروب مستلهماً فيها عظمة وادي الملوك لكنه لم يلق بالاً من أي منهما ..
نظم أحمد فتحي العديد من القصائد بالفصحي والعامية لكثير من المطربين ليس من بينها قصيدة استطاعت أن تقف إلي جانب الكرنك سوي قصيدته الشهيرة “قصة الأمس” التي لحنها لأم كلثوم الموسيقار رياض السنباطي وكانت تلك القصيدة تصويراً حياً لبعض مِن معاناة الشاعر وحياته.. يقول في مطلعها:

   أنا لن أعودَ إليك مهما اسْتَرْحَمَتْ دقاتُ قلبي
      أنتَ الذي بدأ الملالةَ والصُّدودَ وخانَ حُبّي
    فإذا دعوتَ اليومَ قلبي للتصافي لا لن يُلبِّي

وبعد فترة انتقل الشاعر أحمد فتحي للحياة والعمل بالفيوم فعاش بين ربوعه ينهل من معين واحتها الوارفة وبما حباها الله بها من طبيعة خلابة ومناظر بديعة وهناك عاش أحمد فتحي متجولاً ما بين عين السليين وبحيرة قارون والسبع سواقي وغيرها من المعالم الرائعة.
ولما كانت الحرب العالمية الثانية عرفت خطاه الطريق إلي الإذاعة البريطانية وبث من خلالها أغانيه وبعضاً من أحاديثه وحواراته مما ساعده علي العيش فناصر الحلفاء وندد بدول المحور وله في ذلك العديد من القصائد ، بعدها أصبح ضابطاً بين قوات الحلفاء في الصحراء الغربية .
ولكن تأتي الرياح بما لا يشتهي السفنُ أحيانا فلم يلبث أن عاوده القنوط وانتابته حالة من اليأس العميق أخذت عليه مجامع نفسه فراح يكتب بين أوراقه يبوح لها بأسرار نفسه وأخذ الأمر كل مأخذ فأدمن الخمر حتي أنهكت قواه.
وفي هذه الفترة توسط له صديقه محمد سعيد لطفي ـ مدير الإذاعة المصرية يومئذ ـ فعين مترجماً ومذيعاً في الإذاعة البريطانية في فترة كانت لندن تعيش تحت وابل من قنابل دول المحور ، ولم يمض وقت طويل حتي أهمل أحمد فتحي عمله بالإذاعة مما حدا بالإذاعة البريطانية أن تستغني عنه فاستقال منها عام 1946م وذلك بعد أن وضعت الحرب أوزارها.
ومن هناك أراد أحمد فتحي أن يعمل مراسلاً للصحف المصرية إلا أن هذا العمل لم يكن ليوفر لصاحبه سبيلاً للعيش فحاول العمل بالتجارة إلا أن قلة خبرته لم تكن لتسعفه في هذا المجال ، حتي ساقته الأقدار للتعرف علي فتاة إنجليزية اسمها كارول كانت تعمل بالكتابة علي الآلة الكاتبة سرعان ما تزوجها وأنجب منها طفلة حملت اسم چوزفين .
وعاد أحمد فتحي لإفراطه في الشرب مما أدي إلي صعوبة قيامه بأعباء الزوجية وفي الوقت نفسه رفضت السلطات البريطانية تجديد الإقامة له.
ومِن هنا كانت أقوى ضربات القدر له.. حرمانه مِن زوجته وأيضًا ابنته التى بقيت مع أمها فى إنجلترا.

أحمد فتحي وعبد الله الفيصل :
كان عبد الله الفيصل يأخذ مِن قصائد الشاعر أحمد فتحي وينسبها لنفسه، ولذلك كان يرعى أحمد فتحى ويدبر له الأموال ويبقيه بجواره فى السعودية، فكتب له: سمراء التى غناها عبد الحليم حافظ.. وأيضاً …ثورة الشك ومِن أجل عينيكَ اللتان غنتهما أم كلثوم… والقصائد الثلاث يتطابق أسلوبها الشعرى وحالتها العاطفية مع ماكان يكتب أحمد فتحى وقتها.

في صباح الأربعاء 3 يوليو عام 1960م نعت صحف القاهرة بأسف شديد وفاة الشاعر الغنائي أحمد فتحي، عن عمر يناهز ال 47 عاما نتيجة تشمع الكبد.
فقد مات وحيداً فى فى أحد فنادق القاهرة المتواضعة فى غرفته رقم 14 بنفندق كارلتون بشاعر 26 يوليو بالقاهرة. بعدما تأخر عنه الطبيب ولم يكن فى الحجرة سوى صورة ابنته التى حُرم منها.. ويُقال صورة حبيبته الأولى التي تزوجت غيره.

وخرج في جنازته المتواضعة قله من الأصدقاء المخلصين تتقدمهم سيدة الغناء العربي أم كلثوم.

عاش أحمد فتحي رحمه الله بين نقيضين.. روحٌ رقيقة حالمة.. وواقع قاسي وصعب لايرحم.

⁦🖍️⁩أعمـــــــــــــاله:

أعمالـه الأدبــــية :

  • ديوان شعر بعنوان ( قال الشاعر )
  • قصـــــــــــة بعنوان ( الله والشيطان )
    أعمـــــــــاله الغنائية:
  • قصيدة الكرنـــــــك
    لحن وغناء: محمد عبد الوهاب
  • قصيدة قصة الأمس
    غناء: أم كلثوم ..لحن: رياض السنباطي
  • قصيدة فجـــر
    لحن وغناء: رياض السنباطي
  • حديـــث عينــين
    غناء: أسمهان.. لحن: رياض السنباطي
  • ظنــــــــون
    غناء: فتحية أحمد.. لحن: رياض السنباطي
  • ماكانش يخطر على بالي
    غناء: فتحيه أحمد.. لحن: رياض السنباطي
  • أغاريدُ مِن ذكرى هواكِ
    غناء: لور دي كاش.. لحن: محمد القصبجي

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. رحمنا ورحمه الله لم تبقى ظروفه المعيشيه له الفرصة ولو كانت لكان من اعظم شعراء العربيه الذى يشار لهم بالبنان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى