صحافة

لماذا لا تستخدم سورية S300 ضد الطائرات الإسرائيلية!

تحت هذا العنوان , كتب الصحفي الاسرائيلي ” يوشي ميلمان ” – صحيفة هآرتز, ليضمن مقاله سرداً لشرح عن النظرة الإسرائيلية للدور الإيراني في سورية , معرجاً على الدور الروسي, و قد أفرد الكاتب مساحة لقاسم سليماني و علاقته بحزب الله اللبناني , نظراً لما لهذه العلاقة من تأثير مباشر و محوري في مجريات الثورة السورية و ارتباطه بالموقفين الاسرائيلي و الروسي منه.

فيما يلي ترجمة المقال:

——————-

من أحد أهم الإنجازات التي حققتها “الحملة بين الحروب” أن مئات الهجمات على المنشآت العسكرية لإيران وحزب الله في سوريا  نفذتها- وفقًا لمصادر أجنبية- القوات الجوية الإسرائيلية.

يُطلق هذا الاسم  ” الحملة بين الحروب ” على حملة جيش الدفاع الإسرائيلي والاستخبارات ضد أعدائه ، بما في ذلك إيران و سورية و القوات الإيرانية في العراق، فضلاً عن المنظمات الإرهابية مثل حزب الله وحماس و الدولة الإسلامية في سورية وسيناء.

في عام 2018 ، تم إسقاط مقاتلة F-16 بواسطة صاروخ سوري، و لكن عملية الإسقاط تمت -على الأرجح – بسبب خطأ طيار إسرائيلي و ليس بسبب مهارة المدفعية السورية المضادة للطائرات, و استطاع الطيار استخدام مظلته للهبوط بأمان حينها.

وهذا يؤكد مرة أخرى مدى نجاح طائرات سلاح الجو الإسرائيلي في الكشف عن الصواريخ الموجهة إليها، وفي المناورة ، و حجب الإشارات اللاسلكية لأنظمة العدو.

لقد سمح إطلاق الصواريخ السورية بشكل مكثف على سلاحنا الجوي بتجميع المزيد من المعرفة والخبرة في هذه المنطقة أكثر من أي سلاح جوي آخر في العالم ، بما في ذلك القوات الجوية الأمريكية ، التي تشارك أيضاً في العمليات العسكرية في سوريا و العراق ,كما تقوم إسرائيل  بمشاركة خبرتها ومعرفتها في هذا المجال مع زملائها من الدول الصديقة.

– قدرات الجيش الإسرائيلي :

صحيح أن الصواريخ السورية عفا عليها الزمن، لكن هذا ليس سبباً للاستخفاف بالقدرات الرائعة للجيش الإسرائيلي, و الذي يمكن تفسير إنجازاته من خلال العقيدة العسكرية الجديدة التي تم تطويرها في السنوات الأخيرة, بالإضافة للخبرة، وإدخال طائرات الشبح (F-35)، بالإضافة إلى حقيقة أن سورية لم تستخدم بعد بطاريات S-300 المتقدمة.

في أيلول 2018، أسقطت بطارية دفاع جوي سوري طائرة استطلاع روسية كانت متجهة إلى قاعدة في اللاذقية, أطلق السوريون الصواريخ بالخطأ عندما كان سلاح الجو الإسرائيلي يعمل في المنطقة نفسها, واتهم وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو إسرائيل باستخدام الطائرات الروسية كغطاء للمقاتلين الإسرائيليين.

و على الرغم من دحض إسرائيل للمزاعم الروسية، فقد استغلت موسكو هذا الحادث لفرض آلية جديدة على إسرائيل لمنع أية نزاعات محتملة بين القوات الجوية للبلدين, كما استخدمت  موسكو هذا الحادث كذريعة لتزويد النظام السوري ببطاريات صواريخ S-300.

تم إرسال ضباط المدفعية  الجوية السورية إلى روسيا للتدريب، ثم زودت موسكو سورية ببطاريات جديدة ونشرتها على أراضيها, و على الرغم من مرور حوالي 20 شهرًا على الحادث لم يتم إطلاق صاروخ واحد من بطاريات S-300 في سورية  ضد طائرات سلاح الجو الإسرائيلي.

هناك ثلاثة أسباب لذلك:

– الأول, هو أنه يتم التحكم  بالبطاريات بالكامل من قبل المستشارين والمشغلين الروس الذين يضعون أيديهم على الأزرار.

– السبب الثاني ,  و هو أن هؤلاء المستشارين لا يسمحون لجيش الأسد بإطلاق الصواريخ من تلقاء نفسه, و هذا دليل آخر على أنه و منذ عام 2015 ، عندما حاول الكرملين  إنقاذ نظام الأسد ، ونشر الآلاف من قواته في سورية ،بالإضافة  للطائرات وبطاريات S-400 الأكثر تقدمًا لحماية قواعده ، فإنه- أي الكريملين – إنما يلعب لعبة مزدوجة

على النحو الآتي:

-من ناحية، تسعى موسكو إلى تحقيق الاستقرار في سورية ,حيث تدعمها إيران، و التي تتعاون – بدورها- مع الأسد وحزب الله في الحرب ضد داعش و المتمردين، وتريد أيضاً تقليل مشاركة إسرائيل في الشؤون السورية.

– من ناحية أخرى، فإن روسيا تغض الطرف عن هجمات إسرائيل ، وفي الوقت نفسه ، تشجع – عملياً – العمليات العسكرية ضد إيران, و مثل إسرائيل، تريد روسيا أيضًا  مغادرة القوات الإيرانية والمسلحين الشيعة وحزب الله من سورية.

-والسبب الثالث لعدم إطلاق بطاريات S-300  النار حتى الآن, هو خوف روسيا من أنها إذا فشلت ، فإنها ستثبت التفوق التقني لإسرائيل والغرب ، والذي من شأنه أن ينتهك كبرياء بوتين وصناعة الدفاع الروسية.

روتين العنف :

بعد عدة أسابيع من الهدوء الذي تسببت فيه أزمة كورونا، و التي صرفت القيادة في القدس وطهران عن القضايا العسكرية، عادت البلدان إلى “روتين العنف”.

 وفقا لوزير الدفاع الإسرائيلي المنتهية ولايته ” نفتالي بينيت” ، جدد سلاح الجو الإسرائيلي – بقوة أكبر -الهجمات على الأهداف الإيرانية في سورية ؛ وبحسب ما ورد فقد نفذ سلاح الجو الاسرائيلي ست هجمات من هذا القبيل في الأسبوعين الماضيين.

تقسم المخابرات الإسرائيلية تورط إيران في الشؤون السورية إلى عدة فترات:

1- تميزت الفترة الأولى ،و التي امتدت حتى عام 2006 ، بعلاقات قوية بين هذه الأنظمة، والتي كانت تتألف بشكل أساسي من المساعدة العسكرية لحزب الله، و إن على نطاق غير واسع نسبياً.

2- واستمرت الفترة الثانية من حرب لبنان الثانية، أي من 2006 إلى 2011 ، عندما شددت إيران سيطرتها على حزب الله في لبنان ونقلت صواريخ بعيدة المدى إليها عبر الأراضي السورية.

3-تحسب المرحلة الثالثة من بداية الحرب الأهلية في سوريا عام 2011 و حتى عام 2016, و تميزت بمساعدة عسكرية مباشرة وغير مباشرة لدمشق في الحرب ضد داعش من قبل قوات حزب الله والمسلحين الشيعة.

4- وأعقبت ذلك المرحلة الرابعة، التي أطلقها غادي أيزنكوت، رئيس الأركان العامة السابق لجيش الدفاع الإسرائيلي ، والمخابرات العسكرية على “رؤية قاسم سليماني” – تكريما لقائد قوات القدس التي هي جزء من الحرس الثوري الإيراني.

 لقد فهم الجنرال الإيراني أنه بما أن القوات المشتركة للتحالف الدولي و روسيا وإيران اجتمعت على معاداة داعش، فإن نهاية الإرهابيين كانت قريبة.

في محاولة لهزيمة الدولة الإسلامية، اتخذ قاسم سليماني خطوة غير عادية للغاية:

 أمر باغتيال مصطفى بدر الدين، و هو أحد كبار القادة العسكريين الثلاثة لحزب الله.

 وشمل الثلاثي أيضاً طلال حمية وفؤاد شكر ، اللذين قادا الجناح العسكري لهذه الحركة بعد مقتل عماد مغنية في دمشق عام 2008, ونسبت مقتله إلى الموساد ووكالة المخابرات المركزية, و عماد مغنية هو صهر مصطفى بدر الدين.

وقد قاد مصطفى بدر الدين -الذي ظلت المخابرات الإسرائيلية تطارده منذ سنوات سعياً للنيل منه –  قوات حزب الله في سورية منذ بداية الحرب الأهلية فيها.

بسبب العدد الكبير من الضحايا بين مقاتليه (أكثر من ألفي قتيل وجرح الآلاف منذ بداية الحرب الأهلية) ، طالب مصطفى بدر الدين بتقليص وجود حزب الله في سورية , و كانت الاستخبارات الاسرائيلية تصنف مصطفى بدر الدين على أنه مريض نفسي و زير نساء.

أصر قاسم سليماني على استمرار المشاركة النشطة لحزب الله في الأعمال العدائية. مما أدى إلى ارتفاع التوتر بينه و بين مصطفى بدر الدين , و في أوائل أيار 2016، اتصل سليماني بمصطفى بدر الدين للقاء في أحد مكاتبه في مطار دمشق الدولي, حيث شربوا الشاي ، وأكلوا ، وحاولوا حل نزاعهم, و في بعدة فترة معينة – و على غرار الأفلام عن المافيا- غادر

قاسم سليماني الغرفة ، و جاء حراسه وأطلقوا النار على مصطفى بدر الدين من مسافة قريبة.

كانت رؤية قاسم سليماني تقوم على  استخدام هزيمة الدولة الإسلامية لإرساء الهيمنة الإقليمية لإيران, حيث سعى الحرس الثوري الإيراني والمرتزقة الشيعة المقاتلون والمتطوعون من باكستان وأفغانستان والعراق بقيادة السليماني وضباطه إلى خلق دعم كبير لإيران في اليمن والعراق وسورية.

خطط السليماني لنشر 100 ألف من المقاتلين الشيعة في سورية، ونشر قواعد جوية واستخباراتية ، بالإضافة إلى قاذفات صواريخ موجهة إلى إسرائيل ، وجلب الآلاف من المعلمين إلى سوريا لتعزيز العلاقات الشيعية مع طهران.

و لتحديث نظام الأسلحة الإيرانية في سورية و نظام أسلحة حزب الله في لبنان ، فقد خصص السليماني حوالي 100 مليون دولار لمراكز البحث وحدها.

في الماضي ، عمل العلماء الذين كانوا يعملون تحت رعاية الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد وابنه بشار في هذه المراكز على إنتاج أسلحة بيولوجية وكيميائية. قي حين أنهم يعملون حالياً على تحديث الصواريخ السورية والإيرانية ، وتحسين تقنيتها ​​عالية الدقة.

 و كان هاجم سلاح الجو الإسرائيلي قد هاجم هذه المراكز عدة مرات خلال الحرب الأهلية السورية ، و كان آخرها قبل بضعة أيام في ” السفيرة” التابعة لمحافظة حلب.

رؤية غير محققة:

لكن تحقيق رؤية قاسم سليماني لم يكن أمراً سهلاً, إذ لم تكن القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل – تحت قيادة أيزنكوت أولاً ، وخلافة خلفه أفيف كخاوي ، إلى جانب رئيس المخابرات العسكرية تامر هيمان ومدير الموساد يوسي كوهين – أقل إصراراً من الجنرال الإيراني.

لقد أحبطت هجمات سلاح الجو الإسرائيلي – بشكل متكرر و على أساس معلومات استخبارية دقيقة- محاولات سليماني لنشر قواته في سورية و الشروع في تطوير صواريخ عالية الدقة في لبنان و بناء البنية التحتية و إنشاء رأس جسر لحزب الله لفتح جبهة ثانية في مرتفعات الجولان.

 في نهاية المطاف ، أُجبر سليماني عام 2019 على تقليص وجود قواته في سورية.

وجه اغتيال ” قاسم سليماني” في بغداد في أوائل عام 2020- نتيجة لعملية جريئة من قبل الولايات المتحدة -ضربة قوية لهيبة وسمعة طهران, ويضاف إلى ذلك العقوبات الأمريكية  وإضعاف الاقتصاد الإيراني ، والانخفاض الحاد في أسعار النفط , وأزمة كورونا التي تفتك بإيران.

 وفقًا لتقديرات حذرة ، يوجد حاليًا حوالي 20 ألف مقاتل شيعي ، وعدة مئات من الضباط والمستشارين الإيرانيين ، وحوالي 2000 مقاتل من حزب الله في سورية.

ترى وزارة الدفاع الإسرائيلية أن الفرصة سانحة الأن لتحقيق انسحاب إيران من سورية, و في غضون ذلك ، تقوم إيران بنقل بعض قواعدها من شرق دمشق إلى أماكن بالقرب من الحدود

 العراقية ، لإبعادها عن إسرائيل والهجمات المحتملة ضدها , كما انه يبدو جلياً غياب قاسم سليماني ، و الذي لم يستطع خليفته ” اللواء إسماعيل كاني ” أن يعوض مكانه.

إن إيران دولة كبيرة تتمتع بالقدرة العالية على الصبر, و هي اليوم , نقف عند مفترق طرق و ننتظر نتائج الانتخابات الأمريكية المقرر إجراؤها في تشرين الثاني ,لكنها لم نتخل عن خططها لتحدي إسرائيل.

في نيسان ، أطلقت إيران بنجاح أول قمر صناعي عسكري لها في المدار ، وحاولت – دون جدوى – اختراق نظام إدارة إمدادات المياه الإسرائيلية من خلال الخوادم الأمريكية.

و على الأغلب فإن إسرائيل – بأدوات الحرب السيبرانية الأكثر تقدمًا – ستنتقم من إيران قريبًا, لكن و رغم كل ما تقدم ، فإن إيران تبقى ملتزمة باستراتيجيتها و رؤيتها وثلاثة أهداف رئيسية:

1-الحفاظ على النظام الإسلامي وتحسين الوضع الاقتصادي في البلاد.

2- تحقيق الهيمنة الإقليمية .

3-محاولة الحصول على أسلحة نووية ، كوثيقة تأمين.

——————

المقال للكاتب الاسرائيلي ” يوشي ميلمان ” – صحيفة هآرتز .

ترجم المقال من العبرية إلى الروسية بواسطة, فريق عمل صحيفة ” ديتالي” الروسية

ترجم المقال من الروسية إلى العربية , الدكتور زهير حنيضل .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى