تحقيقات

أبو أيوب حكاية من حكايات الثورة السورية ورمز للصبر

أحمد الحسين – رسالة بوست

أحمد الحسين ؛ المعروف في أوساط الجالية السورية في لندن باسم “أبو أيوب” مواطن سوري من مواليد دير الزور 1965، مغترب منذ 21 عامًا يتظاهر بشكل يومي أمام السفارة الرّوسية في العاصمة البريطانيّة لإيمانه بأنّ الإعلام الغربي لا يغطي حقيقة ما يحدث في بلده ، والشعوب الأوربية مغيبة عن الأحداث التي تجري في دول العالم العربي ،2548 يومًا من التّظاهر اليومي، وعزيمة الأستاذ أحمد لا تلين، بل زادته إصرارًا على شرح قضيته للرأي العام العالمي ، وازداد قوة وثباتًا، “هذه الثورة السورية العظيمة، هي قضيتنا الوجوديّة والإنسانيّة الأولى، والّتي علينا جميعًا خدمتها، ونصرتها والدّفاع عنها بما نستطيع من وسائل” على حدّ وصفه في تصريحات خصّ بها “موقع رسالة بوست”.
يصف “أبو أيوب” الثّورة السّورية، بالثّورة الأعظم في التّاريخ، والشّباب المنخرط فيها بالشباب المبدع الخلاق الذي استطاع أن يقهر العالم بإصراره على نيل حريته، و انتزاع كرامته من نظام الأسد الطائفي، ويراهن بثقة الإنسان المنتصر على تحقيق أهداف الثورة ولو بعد حين، فالحق “على حدّ تعبيره” حليف السوريين وثورتهم المُباركة، وما يحدث اليوم من تخاذل دولي لا أخلاقي، يتبعه تخاذل بعض السوريين من أقطاب المعارضة والمهاجرين واللاجئين القدامى من عام 1980 والجدد بعد عام 2011 ، لايعني بحال من الأحوال أنّ الثّورة ستموت، فمن ينظر إلى الشباب السوري في الداخل كيف يقاوم الموت، وكيف يصنع الحياة ببطولة وشرف يدرك أنّ هذه المرحلة الصعبة من عمر الثّورة زائلة، وأن الصورة الناصعة للثورة سيعيدها أبناؤها المخلصين الذين أوقدوا شعلتها.
ينطلق ” أبو أيوب ” في صباح كلّ يوم إلى امام السفارة الروسية في لندن، ليقضي يومه أمام مبنى السفارة حاملاً اللافتات التي تعكس معاناة السوريين اليومية مع براميل الموت والغازات الكيماوية الّتي يطلقها النّظام على مدنهم وقراهم، ولايغادر مكانه إلا عندما تخلو من المارة، ويخيم الظلام على شوارع المدينة، يقول الأستاذ “أحمد” : إن فكرة الاعتصام انطلقت من الحاجة إلى فضح ممارسات عصابة الأسد إعلاميًا ،ووضع العالم بالصورة الحقيقية للجرائم التي ترتكبها هذه العصابة بحق السّوريين، والبحث عن دور فاعل للمغتربين السوريين في خدمة الثورة، وهو إذ يسميّه “جهاد النّفس والكلمة اليومي” يؤكد أنَّ إصراره اليومي على مواصلة اعتصامه جعل الكثيرين يلتفتون إليه ويسألونه عن سبب وقوفه ليشرح لهم حقيقة الأمور معتبرًا أنَّ الاكتفاء بإحياء الذكرى السنوية للثورة ليس إلا تقليدًا بائسًا من مظاهر وسلوك وتقاليد حكم البعث في سورية- أو كما يقول- فهل يموت السوريون مرّة واحدة في العام، حتّى نخرج لنتظاهر في الذّكرى السنوية للثورة ؟

ويؤكد “أبو أيوب لـ ”رسالة بوست” أنّ وقوفه أمام السفارة الروسية عائد لسببين أساسيين، الأوّل ؛ أنَّ روسيا هي الشريك الرئيس بالقتل المباشر على الأرض والحامي للعصابة الحاكمة في دمشق سياسيًا كعضو دائم بمجلس الأمن الدولي ، من خلال حق نقض الفيتو بالمشاركة مع الصين ضدّ أي قرار ينصف الشّعب السّوري ولو على استحياء ضد جرائم الأسد وعصاباته ضد السوريين المدنيين من قتل وتجويع ، والثّاني ؛ هو موقع السفارة في العاصمة لندن، إذ تقبع في شارع واسع يقع في طريق يؤدي إلى سوق شعبي مزدحم بالأدوات القديمة يزورها كل زائر وسائح مهتم بالتراث والتّاريخ لمدينة لندن ،بالإضافة لمركز أكبر عدد من الفنادق السياحية من الدّرجة 3,4 ، وهو ما جعل وقوفه يحظى بانتباه أكبر عدد ممكن من المارة على اختلاف جنسياتهم، حتى أنّ الكثيرين باتوا يأتون إليه – بشكل خاص- للاستماع عن معاناة السّوريين في الدّاخل. ويضيف الأستاذ “أحمد” الّذي بدأ اعتصامه في 05/06/2013 ، أنّ الهدف من وراء هذا الاعتصام المفتوح ،يكمن في توجيه العديد من الرسائل، أوّلها للشباب السوري في الدّاخل، الأبطال الذين التصقوا بالأرض وقاوموا الموت ، بأن هناك من أبناء وطنهم من يقف بقربهم ويدعم صمودهم ويبذل الغالي والنفيس لخدمة قضيتهم، وأنّ اللجوء الذي ناله القادمين الجدد لأوروبا بعد عام 2011 لايعني بحال من الأحوال إعفاء من حصل على الأمان ، نسيان القضية، وأن خدمة الثورة واجب على الجميع على اختلاف مواقعهم الجغرافيّة، وفي ذلك دعوة أيضاً للمغتربين السوريين والمهاجرين واللاجئين لنصرة من بقي بالداخل، فالثورة على حدّ وصفه ثورة شعب ولايمكن لمن خرج من رحمها أن ينفصل عنها. ويتابع الأستاذ ” أحمد” :

إنّ هدف الاعتصام هو مخاطبة الشّارع في الغرب المغيب إعلاميًا، من خلال توضيح الصورة النمطية المغلوطة عما يجري في سورية ، مشيرًا إلى أنّه يسعى إلى الاستفادة من حرية الرأي والتعبير المكفولة بالقانون البريطاني للدفاع عن قضية الثورة السورية العادلة.
لا يخفي “أبو أيوب” الصعوبات الكبيرة التي واجهته والعراقيل التي وضعت في طريقه للكف عن نشاطه، إذ يقول : إنّه يتعرض للشتائم دائمًا، كما تعرض للتهديدات والمضايقات التي وصلت إلى حد الاعتداء المباشر عليه وعلى ممتلكاته الشخصية من قبل بعض الشبيحة من المؤيدين للأسد من سورية والعراق ولبنان ؛ وقد وصلت لسرقة سيارته في الشهر الرابع من عام 2015 التي كان يسميّها بارجة الثورة ، فقد تعرّضت قبل سرقتها لأكثر من اعتداء لإعطابها ، وفي كل مرّة يقوم بإصلاحها وإعادتها للحراك الثوري لأنه يستخدمها كمعرض ثوري متحرك، يشرح معاناة الشعب السوري من إرهاب الأسد وداعميه ، ورغم كل ما جرى إلاّ أنه أنه ماضٍ – كما يقول- في اعتصامه حتى تحقق الثورة السورية مطالبها وأهدافها، واصفًا أي جهد يبذل بالضيئل أمام الآلام الكبيرة التي يواجهها الشعب السوري في الداخل.
قناعة “أبي أيوب” باتت راسخة في وجدان كل السوريين ، بأن “سوريا”ستحصل على حريتها عاجلاً أو آجلاً ، فقدر الشعوب الحيّة التضحيات الجسام ،وفي ملفنا نعرض حكاية من حكايات الثورة منذ البدايات والظروف التي رافقت البداية، وماذا عمل النظام بالاعتماد على الحل العسكري ، ورفض الحل السياسي ، ونؤكد أن الثورة لم تكن صراعًا عسكريًا، ولن تحسم بالسيطرة على الجغرافيا فالنظام سقط عندما سقط جدار الخوف الذي بناه الأسد الأب والوريث بشار مع أولى الصرخات في دمشق ودرعا، وتلبية النداء في باقي المناطق. ومع وصف كثير من وسائل الإعلام ما يجري في سوريا على أنها حرب أهلية، نعود بالذاكرة إلى الثورة السلمية، وكيف أجبر بعض السوريين على حمل السلاح للدفاع عن أرضهم وعرضهم، ولا ننسى تأثيرات العسكرة على مسار الثورة. وبمساعدة خبراء ومحللين نسعى في “رسالة بوست” إلى رصد أكبر مأساة إنسانيّة في القرن الحادي والعشرين بعد لجوء ونزوح أكثر من نصف سكان سوريا بسبب قمع النظام وتدمير مناطق الثائرين على رؤوسهم. ونبحث في تفاصيل القضية الإنسانية التي يسعى نظام القتل والقمع إلى تغييبها، وقضية المعتقلين والمغيبين قسريًا، وكيف استخدمها لإرهاب السوريين ومنعهم من مواصلة الثورة. ولا ننسى التطرق إلى أوضاع الاقتصاد المتردية، وكلفة إعادة الإعمار الباهظة، وكيف سلم النظام مقدرات البلاد الاقتصادية لروسيا وإيران من أجل الحفاظ على الكرسي. ونبحث في الآثار المجتمعية لذهاب النظام إلى خيار الحل العسكري، من العائلات الثكلى التي فقد الأب أو الأم أو الابن والابنة، إلى العلاقة بين السوريين بمكوناتهم العرقية والطائفية، وكيف يمكن إعادة جمع الشعب السوري. وفي ملف المواقف الدولية نبحث في مواقف روسيا والولايات المتحدة، ومواقف القوى الإقليمية تركيا وإيران وإسرائيل، والمواقف العربية، وتأثيرات تطور هذه المواقف على مسار الثورة.
ومع تأكيدنا على أن المقالات، والتقارير تسعى إلى معرفة الحقائق، تنطلق من رؤية نقدية للواقع فإننا واثقون بأن سوريا على موعد مع ربيع لن يتأخر طويلاً، وكما قال ( أبو أيوب ) سوريا بدها حرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى