إنه الفكاهي الفرنسي المشهور ” جون ماري بيغار” ، الذي عرف بمواقفه المثيرة للجدل ، في نصرة القضايا العادلة ، والذي لا يتورّع عن النقد اللاذع لسياسات حكومة بلاده ، فهو الذي عارض بشدة منذ سنوات إغلاق مستشفى مدينة Guingamp الفرنسية ، و تسبب في ضغط شعبي على الرئيس ماكرون ، بل و ووجه له ولزوجته رسالة قوية يطالبه بالتراجع عن قراره ، مما جعل زوجة ماكرون تتصل به شخصيا ، ويتم التراجع فعلا عن إغلاق ذلك المستشفى و تتم تسوية وضعيته ، وهو الذي بنى من نفقته الخاصة مستشفى للولادة في بوركينافاسو و سماه على اسم ولده من زوجته البرازيلية , hôpital Sacha Bigard , يستوعب فوق 400سرير !
وهو الذي طلبت منه حارسة عمارته البرتغالية أن يعينها على معالجة ابن أخيها الذي يعاني من سرطان الحنجرة، فما كان منه إلا أن تبرع بمبلغ يقدر ب 300.000 يورو !
ولما سئل لمَ تفعل ذلك رغم أنه لا بربطك بالمريض أي علاقة أسرية ؟ فقال : رجل مريض طرق بابي استحييت أن أرده !
والعجيب أنه يحدّث بذلك الموقف بكل تأثر ، ويقول: إن الله عوضه بعد شهر من تبرعه وذلك عن طريق شركة اشهارية اقترحت عليه مبلغا قدره 400.000 يورو ، ويقول عن نفسه : ما فعلت خيرًا إلا عوضني الله !
وها هو اليوم يعلو صوته من جديد في انتقاد لاذع لسياسة الحكومة ، وتباطئها في توفير الكمامات للطواقم الطبية وسائر أفراد الشعب، وغيرها من القرارات التي يعتبرها ارتجالية ، مما تسبب في انزعاج الطبقة الحاكمة ، و دفع الرئيس الفرنسي ماكرون أن يتصل به شخصيا ، لامتصاص غضبه ، وتجنب تأليب الشارع ضده !
فأين هذا الفنان ، من كثير من فناني العرب وفكاهييهم ،الذين لم ولن يزالوا خدمة للطغاة الجائرين المفسدين ، و أبواقًا لهم ، والذين يتم استخدامهم لتخدير الشعوب العربية والتمويه عليها ؟!
وكم سقط من قناع عن وجوههم منذ اندلاع الربيع العربي ؟
وها نحن لا نراهم اليوم إلا في محافل مشبوهة ، و منصات إعلامية مأجورة مأزورة ، في تحالف صريح مع الثورة المضادة ، و تجنّد جلي مع معسكر الأحزاب السياسية الفاسدة !
وهل نسينا الموقف المخزي لبعضهم حيث لم يتورع عن إقامة الحفلات في ربوع الكيان الصهيوني المحتل ؟
بل والتقاط الصور مع بعض جنوده !
وإن تعجب فعجب أمر من هو محسوب على الإمامة والمشيخة، من يعانق جنود الاحتلال، ويدعو لهم بالتوفيق، ويعلن تطبيعه وولاءه لهم بلا أدنى حياء ! في اهتزاز واضح بعقيدة الولاء والبراء !
فقط هي ومضة أردت أن ألفت انتباهكم إليها أيها السادة القراء ، للمقارنة بين فنان غربي أوروبي وما أكثر هذه النماذج ، وبين كثير من أشباه الفنانين والفكاهيين ، فضلا عن أشباه الشيوخ !
وليس الشأن أن تكون فنانًا أو شيخًا بقدر ما هو الشأن بالمواقف الرجولية والشريفة !
أعلم يقينًا أن البعض كعادته يمارس مع منشوراتي مهنة القنص ، و محاولة التشويش ، حيث سيرفع عقيرته ويقول : ما هذا المقال يا شيخ ؟ صرت تمجّد الكفار ؟ أين عقيدة الولاء والبراء ؟
ومرة أخرى أيها الصياد القنّاص قد طاش سهمك !