مقالات

مجزرة الحولة.. والتواطؤ الدولي

محمد علي صابوني

كاتب وباحث سياسي.
عرض مقالات الكاتب

في مثل هذا اليوم وتحديداً في الخامس والعشرين من شهر أيار/مايو من العام 2012 أقدمت قوات الأسد وشبيحته باقتحام منطقة الحولة في ريف حمص وتحديدا بلدة “تلدو” وقتلت المدنيين هناك بدم بارد. وقد أكدت معظم الإحصائيات التي وثقها الناشطون وفريق مراقبي الأمم المتحدة الذي كان متواجداً هناك أثناء المذبحة استشهاد أكثر من 100 ضحية حيث تم توثيق 92 ضحية معروفة بالإسم جميعهم مدنيين و بينهم 49 طفلا و32 سيدة ذبحاً بالسكاكين و”السواطير” و”البلطات” على أيدي شبيحة القرى المجاورة والميليشيات الطائفية الموالية لنظام أسد، وقد كانت صور الأطفال المذبوحين بالأسلحة البيضاء والتي نشرت عبر شاشات التلفزة هي أكثر ما يصفع الضمير الإنساني والدولي الذي تغاضى ولا يزال عن عشرات المجازر التي ارتكبها نظامهم المدلّل قبل وبعد تلك المجزرة المريعة .
وحسبما أكد الجنرال “روبرت مود” رئيس بعثة المراقبين الدولية، أنه وبعد تمهيد مدفعي من قبل جيش النظام قامت مجموعة من الميليشيات الطائفية الموالية للأسد من القرى العلوية المجاورة للحولة (“القبو” و “الشرقلية” و “القناقية”)، مدعومين بقوات من الجيش النظامي باقتحام المنطقة حيث داهموا بيوت المدنيين وقتلوا كل من وجدوه في تلك البيوت من رجال وأطفال ونساء ذبحاً بالسكاكين وبأدوات حادة أدت إلى تهشيم الرؤوس بوحشية مفرطة، وقد أكد حينها الجنرال “مود” مقتل 92 شخصًا في الحولة من بينهم أكثر من 30 طفلًا، إلا أن المجلس الوطني السوري أكد أن عدد ضحايا المجزرة فاق 110 أشخاص، نصفهم من الأطفال.
نعم .. هكذا تم التعامل من قبل هذا النظام المجرم مع المدنيين الآمنين، فقط لأنهم قرروا الانعتاق من نير العبودية في مزرعته التي يعتبرها ملكاً موروثاً لا يُنازَع عليه .
أما عن الموقف الدولي فقد صرح أمين عام الأمم المتحدة “بان كي مون” والمبعوث الدولي لسوريا حينها “كوفي أنان” بأن : “المجزرة انتهاك صارخ للقانون الدولي”، وأدان المتحدث باسم البيت الأبيض المجزرة ووصفها بأنها تمثل صورة حقيرة لنظام غير شرعي ردّ على الاحتجاجات السلمية بوحشية لاإنسانية”، فيما وصفت وزيرة الخارجية الأوروبية “كاثرين آشتون” المجزرة بالمهولة ودعت لوضع حد لسفك دماء السوريين، وطالب وزير الخارجية البريطاني “وليام هيغ” بردّ دولي قوي، ومنذ ذلك الحين قال الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند إن “الخيار العسكري لم يعد مستبعداً”… إلا أن ذلك الخيار العسكري لم يأت حتى يومنا هذا.!
واستنكاراً للمجزرة طردت كل من (الولايات المتحدة الأمريكية، المملكة المتحدة، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، النمسا، سويسرا، هولندا، بلجيكا، بولندا، النرويج، البرتغال، تركيا، أستراليا، نيوزيلندا، اليابان) السفراء السوريين من أراضيهم فيما حملت روسيا المسؤولية عن مجزرة الحولة على عاتق السلطات ومن سمتهم “المتطرفين” في سورية على حد سواء.!
أما الثابت فإن السوريين أدركوا منذ ذلك الوقت أن إخوتهم في “الحولة” لم يكونوا يتعرضون لحملة قمع تقليدية، بل كانوا يتعرضون لحملة إبادة وحشية ممنهجة ، لم ترتجف فيها أيدي القتلة وهي تواجه رعب الأطفال و صراخ استغاثاتهم، وأن العالم يبيعهم الكلام والوهم فالمجتمع الدولي إن أحسنوا الظن به هو متواطئ مع النظام وإلا فما الذي يجعله يصمت ويتغاضى عن نظام أجمع القاصي والداني بأنه مجرم فاقد للشرعية .؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى