مقالات

التجربة القطريّة التفوق في الرياضة والتميز في الإعلام

علي الصالح الظفيري

ناشط سياسي سوري
عرض مقالات الكاتب

في بطن خليج العرب شبه جزيرة صغيرة الحجم لا تكاد تُرى على الخريطة ، لم يكن لها علو كعب عبر التاريخ ، فحتى طبيعتها الجغرافية تتميّز بانعدام الجبال ، أرض صحراوية منبسطة ، يقطنها عدد قليل من السكان يعيشون حياة البداوة عبر التاريخ ، تعاقب على حكمها عدّة دول ، وكان الإهمال لها واضح عبر العصور لعدّة أسباب .
وبعد سيطرة الإنكليز على أغلب جزيرة العرب مباشرة أو عن بعد ، حصلت قطر في سبعينيّات القرن العشرين على استقلالها وغدت كيانًا مستقلّاً ، ومن هنا كانت دولة قطر .
ومع اكتشاف الغاز الطبيعي فيها بكميّاتٍ كبيرة بدأت مرحلة – بحبوحة العيش – التي بدت واضحة في العمران والبنى التحتية كحال دول الخليج العربي التي اكتشف فيها النفط والغاز مدعومة بغطاء حمايةٍ بريطاني في البداية ومن ثم أمريكي بعد أن ورثت أمريكا النفوذ البريطاني في كثير من دول العالم .
وهذه الطفرة الاقتصادية كانت ستبقى سقف قطر لو أنها اكتفت بالتعالي في الأبنية والتميّز بالخدمات والرفاهيّة والبذخ مثل أغلب دول الخليج التي حصرت اهتمامها على تلك النواحي وبنسبٍ مُختلفة ، والتي أعطت صورة نمطيّة عن الخليجي إن صحّ التعبير بأنه ذلك الإنسان المُترف الذي يطمع بالرفاهية من الجميع ، ويطمع فيه الجميع لتخمته الواضحة بالمال ، والدولة الخليجية التي تملك الكثير من المال وبلا بصمة دولية ، بل على العكس كانت أغلب تلك الدولة مطمعًا للجميع .
لم يكن التميّز القطري واضحًا قبل إنشاء قناة تلفزيونية إخبارية استقطبت كادرًا مميّزًا من خيرة الإعلاميّين العرب، وبمعايير دوليّة واضحة المعالم ، قناة مميزة تقول بتعمد واضح في نشراتها : قناة الجزيرة في قطر .
وهنا كانت تلك القناة بداية مرحلة جديدة ومميّزة في حياة قطر بل والعالم العربي بأكمله ، خاصة أنها كسرت كثيرًا من الخطوط الحمراء التي كان يفرضها الإعلام العربي الرسمي المترهّل والسخيف بكل ماتحمله الكلمة من معنى ، صارت تلك القناة قبلة المثقف العربي المتعطّش لمثل برامجها ، بل وفتحت آفاقًا جديدة للمشاهد العربي الذي يسعى إلى أن يرى خبر أقرب للواقع وبمهنيّة واضحة ، فصارت قطر ترفع رأسها بقناتها ، وقناتها تتطاول عنقًا بدعم مالي قلّ نظيره .
فكانت بصمة قطر واضحة في جزيرتها ، وصار السبق القطري في هذا المجال واضحًا ، ولم تنجح العديد من المحاولات في استنساخ تلك التجربة رغم اتباع الخطوات ذاتها .
هذا الإنجاز المميز لم يجعل قطر تركن للراحة وتكتفي بما وصلت إليه ،بل دخلت مجالاً آخر لا يقلّ أهمية عن الإعلام الإخباري وهو (( الرياضة)) التي تعد بابًا واسعًا حتى على الكبار ، لحاجته للبذل والتعب ومجارات التقدم الكبير المتسارع ، وكانت التجربة الرياضيّة القطرية رائدة بامتياز .
قنوات فضائيّة رياضيّة ، حرصت أن تكون الناقل الحصري لعدّة بطولات عالميّة ، استقبال للكثير من البطولات على أرض قطر ، ومحاولة التميّز في الخدمات بشتّى المجالات ، جهود جبّارة بذلت لعقود أثمرت إنجازًا على مستوى العالم ، بأن تربح قطر فرصة استضافة بطولة كأس العالم بكرة القدم لعام 2022 وهو سبق عربي عالمي كبير بلا شك ، حجز لقطر مقعدًا بين الدول المؤثّرة عالميًا خاصة بعد دخولها مضمار السياسة الدوليّة من خلال استضافة العديد من مؤتمرات المصالحة في نزاعات مختلفة .
ربما نختلف مع قطر في بعض توجّهاتها سياسيًّا ، إعلاميًّا ، …..إلخ ، لكن لا يتّسع لمُنصف منطقي إلا أن يعترف بأن دولة صغيرة لا تكاد تُرى على الخريطة أصبحت دولة رائدة بعدة مجالات عجزت عنها كبار الدول .
حيث حلّق الصقر القطري عاليًا في الرياضة والإعلام و أصبح رقمًا صعبًا جلب له الكثير من المكاسب ، وعددًا ليس بالقليل من الأعداء .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى