حقوق وحريات

إضاءات سياسية (13)

هيثم المالح

عرض مقالات الكاتب

مقابلة أ. أحمد منصور مع هيثم المالح في برنامج بلا حدود

على قناة الجزيرة في 05/06/2002

ضيف الحلقة : الأستاذ هيثم المالح (رئيس الجمعية السورية لحقوق الإنسان) .

أحمد منصور : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أحييكم على الهواء مباشرة وأرحب بكم في حلقة جديدة من برنامج (بلا حدود) .

منذ الإعلان عن حلقة هذا الأسبوع وأنا أتلقى كمَّاً هائلاً من الملفات والمراسلات والتساؤلات والنداءات عبر البريد الإلكتروني والفاكس والهاتف من أنحاء مختلفة من العالم ، لكن معظمها من سوريا ، لكن أشدها تأثيراً هي تلك التي جاءت من أمهات أو زوجات أو أبناء فقدن أو فقدوا آباءهم أو أزواجهن  أو إخوانهم خلال العشرين عاماً الماضية ولم يعرفوا لهم أثراً بعد اعتقالهم على يد سلطات الأمن السورية ، فأصعب شيء في الحياة ، أن تفقد ابناً أو أخاً أو أباً أو زوجاً ولا تعرف له أثراً وتظل على أمل أن تعرف هل هو توفي أم لا زال على قيد الحياة وإذا كان لا يزال على قيد الحياة فكيف أصبح شكله ، وكيف أصبحت صورته بعد عشرين أو خمسة وعشرين عاماً قضاها في السجون ؟ ورغم أن محاكمة السيد رياض الترك (رئيس المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري) التي تتم الآن في سوريا ، والذي قبض عليه بعد مشاركة له عبر الهاتف في هذا البرنامج في شهر أغسطس الماضي ، رغم أنها تدور الآن مع محاكمات أخرى صدرت ضد النائبين في البرلمان السوري رياض سيف ومأمون الحمصي فيما ينتظر آخرون من الناشطين السياسيين محاكمات مماثلة ، إلا أننا وجدنا ملف حقوق الإنسان في سوريا ملفاً متضخماً ومتشبعاً وقديماً ومليئاً بأحداث جسام يصعب أن نتناولها في حلقة واحدة ، لكننا -على الأقل- سنحاول تسليط الضوء على المهم منها في حوارنا اليوم مع الأستاذ هيثم المالح (محامي الدفاع عن كثير من المتهمين السياسيين وعلى رأسهم رياض الترك ورياض سيف ومأمون الحمصي ، ورئيس الجمعية السورية لحقوق الإنسان) .

هيثم المالح .. سيرة ذاتية وكفاح سياسي :

ولد هيثم المالح في دمشق عام 1931 . حصل على دبلوم القانون الدولي العام بعد الإجازة في القانون وبدأ العمل في المحاماة عام 1957 . ثم انتقل للقضاء عام 1958 ، وفي العام 1966 أصدرت السلطات السورية قانوناً خاصاً سرحته بمقتضاه من العمل في القضاء ، فانتقل للعمل في المحاماة حيث يمارسها حتى الآن .

بدأ نشاطه السياسي في وقت مبكر فاعتقل للمرة الأولى أثناء الحكم العسكري لأديب الشيشكلي عام 1951 ، ثم اعتقل مرة ثانية في عهد الرئيس حافظ الأسد عام 1980 مع عدد كبير من النقابيين والناشطين السياسيين بسبب مطالبته بتعديلات دستورية وبقي في السجن إلى العام 1986 ، وأثناء اعتقاله أضرب عن الطعام عدة مرات بلغ مجموعها 110 أيام ، منها سبعون يوماً متواصلة أشرف خلالها على الموت .

يعمل ناشطاً في منظمة العفو الدولية منذ العام 1989 . أسس في يوليو الماضي 2001 مع آخرين من رجال القانون والناشطين السياسيين الجمعية السورية لحقوق الإنسان . حصل في مارس الماضي على درع المدافعين عن حقوق الإنسان في حفل أقيم في القاهرة ، وهو مشارك بارز في المؤتمرات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان .

ولمشاهدينا الراغبين في المشاركة يمكنهم الاتصال بنا بعد موجز الأنباء على : 44888873-00974 أو على رقم الفاكس الذي سيظهر على الشاشة الآن ، أو عبر موقعنا على شبكة الإنترنت www.aljazeera.net

أستاذ هيثم مرحباً بيك .

هيثم المالح : مرحباً .

أحمد منصور : خمسون عاماً من الشغب السياسي ولا زلت تواصل مسيرة الشغب ، سؤالي الأول لك حول محاكمة رياض الترك الذي اعتقل بعد مشاركة هاتفية له في برنامجنا (بلا حدود) في شهر أغسطس الماضي وكانت جلسة محاكمته الرابعة في حزيران/يونيو 2002 الأسبوع الماضي ونقلت وكالات الأنباء جانباً مما حدث في الجلسة ، بصفتك محاميه ، ما هي طبيعة الاتهامات الموجهة إليه ؟ وإلى أي اتجاه تسير المحاكمة ؟

محاكمة رياض الترك.. تفاصيل ما وراء الكواليس

هيثم المالح : في الواقع أنه وُجِّهت إليه اتهامات ، يعني العقوبة فيها عقوبة جنائية ، يعني تهمة تغيير الدستور بطرق غير مشروعة وحدها جنائية الوصف ، وُحكِم على الآخرين النائبين : مأمون الحمصي ورياض سيف-بهذه التهمة- بخمس سنوات ..

أحمد منصور : التهمة هذه فقط .

هيثم المالح : بهذه التهمة فقط 5 سنوات أشغال شاقة .

أحمد منصور : لكن يبدو أنه هذه تهمة من عدة تُهم موجَّهة إليه .

هيثم المالح : هذه من عدة تهم ، إثارة النعرات الطائفية ، ومحاولة إثارة العصيان المسلح و .. يعني تهم عديدة ، يعني -مع الأسف- هي التهم دائماً جاهزة ، يعني لما السلطة تريد أن تعتقل إنسان يعني ما أسهل ما تُهيِّئ التهم ، تفصلها على كيفها يعني ، ما في ضوابط قانونية للموضوع ، طبعاً إحنا يعني رافقنا الأستاذ رياض الترك في عدة جلسات ، في الجلسة الأولى اشترط أن تكون المحاكمة علنية وأن يحضر ..

أحمد منصور [مقاطعاً] : اشترط على من ؟

هيثم المالح : على المحكمة .. محكمة أمن الدولة ، قال : وإلا لا يتكلم ، أن تكون محاكمة علنية بمعنى أن يدخل الصحفيون ، الدبلوماسيون ، يعني أقارب .. أقارب المعتقل أو المحال للمحكمة ، ففي ذاك الوقت رئيس المحكمة الأستاذ فايز النوري قال : أوافق ، وقال الطلبات ما فيها شيء ومشروعه ، وأدخل في الجلسة الأولى ، يعني صحفيين وأدخل دبلوماسيين ، في الجلسة الثانية هو طبعاً اختلينا فيه نحنا في ذاك الوقت مع الأستاذ رياض حتى ننسق معه يعني الدفاع وخطوات الدفاع باعتبار السابق ، نحن نروح نحاول نزوره في السجن ، فلازم يحضر معنا يعني ضابط أمن أو موظف أمن وهذا مخالف للقانون يعني ، محامي يختلي بموكله على انفراد .

أحمد منصور : باختصار .. لأن هم أربع جلسات يعني .

هيثم المالح : نعم ، أربع جلسات ..

أحمد منصور : نعم ، باختصار .

هيثم المالح : فالجلسة الأولى مشت بهذا الشكل وأُجِّلت الجلسة .. أما الجلسات التالية فوجئنا بأنها .. المحكمة اتخذت قرار بما .. نقدر تقول العودة إلى السرية ، لأنه منعوا دخول الصحفيين ، منعوا دخلوا الدبلوماسيين ، يعني حتى أُدخلت زوجته بطلب خاص ، برجاء خاص يعني زوجة الأستاذ رياض الترك ، ففي الجلسة الماضية -الحقيقة- الرجل مع إصراره على السكوت ، بررا إصراره على السكوت لأنه هو لا يريد أن يثير فتنة ، يعني فيه يبدو بعض الضغوط أو بعض محاولات الابتزاز معه من أجهزة معينة .

أحمد منصور : يعني هو .. هو حتى ..

هيثم المالح : لفتح ملفات هو آثر عدم فتحها ، لأنه البلد لا تحتمل الآن هذا .. هذا الفتح يعني ..

أحمد منصور : هو وكالة الأنباء الفرنسية ووكالات أنباء أخرى نقلت عن الجلسة الأخيرة كلام كثير خلاصته أن الرجل لا يريد إثارة فتنة في البلاد ، وأنا لا أريد أن ندخل في التفصيلات بشكل ممل ، ولكن باختصار وكشاهد من الشواهد الآن -لرجل عمره 72 سنة- قضى منها 17 سنة في السجون دون تهمة .

هيثم المالح [مقاطعاً] : أكثر ..

أحمد منصور [مستأنفاً] : دون تهمة ..

هيثم المالح [مقاطعاً] : قبلها فيه سنتين ونصف في أيام …

أحمد منصور [مستأنفاً] : وكالة الأنباء .. وكالة الأنباء الفرنسية قالت : إن الأحكام التي أو الاتهامات التي يواجهها قد تصل به إلى عقوبة السجن المؤبد .

هيثم المالح [مقاطعاً] : نعم .

أحمد منصور [مستأنفاً] : هم فعلاً يمكن أن تصل إلى هذا ؟

هيثم المالح : نعم ، ما فيه عندنا .. يعني كل شيء مفتوح وإن كنا .. ، يعني ، كما لمسنا من المحكمة إنه ستكون موضوعية -هكذا قال رئيس المحكمة- ستكون موضوعية وستبحث الأمور بشفافية وبكذا ، ولكن نحنا ما فيه عندنا اطمئنان في الحقيقة يعني إنه ماذا سيحصل غداً ، لأنه محكمة ..

أحمد منصور : أنت لك تصريحات ..

هيثم المالح : محكمة أمن الدولة هي محكمة استثنائية هي خارجة عن الدستور أساساً ، نحن دفعنا -في الأساس في الجلسات الأولى- دفعنا بعدم صلاحية المحكمة دستورياً ..

أحمد منصور : في ظل قانون الطوارئ يمكن أن تنفذ هذه المحاكم .

هيثم المالح : لا يمكن ، لأنه قانون الطوارئ .. قانون الطوارئ صدر بعده الدستور ، دستور 1973 صدر .. قانون الطوارئ صدر بـ 1963 ، الدستور صدر بـ 1973 بمعنى الدستور هو أعلى ، يعني ، قانون في البلد فيلغي ضمناً ما يخالفه ، وإن كان الدستور قال تبقى القوانين السابقة سارية ، فالقوانين التي تكون متوافقة مع الدستور أساساً يعني ، أو التي لا تكون مختلفة مع الدستور .

تجميد قانون الطوارئ في سوريا وهم أم حقيقة ؟

أحمد منصور : (هيومن رايتس وتش) في تقريرها السنوي لـ 2002 عن سوريا قالت إن .. يعني هناك عملية تجميد لقانون الطوارئ في سوريا من العام 2001 .

هيثم المالح : هذا وهم ، الآن شفناه عشر أشخاص اعتقلوا على قانون الطوارئ ، كلام غير صحيح ، وفيه معتقلين آخرين يعني ..

أحمد منصور : إيه الطبيعة القانونية ؟ الآن حُكِم على مأمون الحمصي وحكم على رياض سيف بخمس سنوات سجن كلاهما في مارس وأبريل الماضي ، بمحاولة تغيير الدستور بطرق غير مشروعة ، هناك ثمانية آخرون الآن ينتظرون المحاكمة ..

هيثم المالح : ينتظرون المحاكمة ، نعم .

أحمد منصور : إيه الطبيعة القانونية لهذه الأحكام بصفتك محامي الدفاع في هذه القضايا ؟

هيثم المالح : يعني بالنسبة إلى مأمون الحمصي ورياض سيف ، مأمون الحمصي حوكم على بيان ، مجرد صفحة كلام ، رؤى ..

أحمد منصور : وعضو بالبرلمان من المفترض أن تكون لديه حصانة .

هيثم المالح : عضو .. ورؤى مستقبلية لما يريد ، والمخجل أنه مأمون الحمصي في بداية بيانه يقول : أطالب بقدسية الدستور ، الدستور ليس مقدساً ، فهو يريد أن يرفع الدستور من عمل البشر إلى عمل الإله يعني ، المقدس هو الكتب السماوية ، فالدستور من عمل الناس وكل ساعة ممكن تغييره ، بدليل وقت الانتخابات ، وقت انتخب الرئيس بشار الأسد عُدِّل الدستور ، فتعديل الدستور ليس مشكلة يعني ، مع ذلك هو يطالب بقدسية الدستور ، فكيف نقول للإنسان اللي بده يطالب بقدسية دستوره إنه بإيده يحاول يغير الدستور بطرق غير مشروعة ؟ فهذا شيء -فعلاً- غريب ، يعني غريب على الفهم ، الإنسان السوي العادي ، أي شخص عادي ، تتكلم معه هذا الكلام ، مستحيل يقول لك إنه هذا الإنسان يريد أن يغير الدستور لأنه بيطالب بقدسيته ، فمع ذلك وحوكم -مع الأسف- مع قبل محكمة جنايات عادية في .. في القصر العدلي ، طبعاً حوكم بالأكثرية وأحد المستشارين خالف ورأى إنه بيان مأمون الحمصي لا يُشكلَّ جريمة وعمله لا يشكل شيء يعني ، طبعاً نحنا طعنا في الحكم ..

[فاصل إعلاني]

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى