بحوث ودراسات

“جمال باشا السفاح” الخنجر المسموم في ظهر الأمة، والسبب المباشر لسقوط الخلافة الإسلامية 1 – 2

عامر الحموي

كاتب وأكاديمي سوري
عرض مقالات الكاتب

حيث كان جمال السفاح ومن خلفه الماسونية العالمية العامل المباشر غير الحقيقي لسقوط الدولة العثمانية، بينما كان محمد علي البكتاشي ومن خلفه الماسونية العالمية العامل الحقيقي غير المباشر لسقوطها.

عندما ظهرت حركة محمد بن سعود في نجد في القرن الثامن عشر وسيطرت على أغلب شبه العربية وكوّنت الدولة السعودية الأولى، كان الخليفة العثماني سليمان الثالث إبّانها مشغول بقتال الروس والفرس، فكلف واليه على الشام أحمد باشا المشهور بالجزار بالقضاء على الحركة، ولكنه فشل في ذلك، فكانت نتيجة ذلك خسارته لولايته. فكلف بعده والي الشام الجديد عبد الله باشا العظم بالقضاء على هذه الحركة، ولكنه فشل أيضاً رغم مجهوده العظيم لحماية المدينة  المنوّرة، فطلب من سليمان باشا والي بغداد بمحاربة تلك الحركة ولكنه تذرّع بالاعتداءات الفارسية على العراق وقدم طلب (تعجزي) ألا وهو حمولة 65 ألف جمل من إسطنبول لشن تلك الحرب ضد حركة محمد بن سعود.

وكأنّ الأحداث كانت تهيئ الجو من قبل الماسونية العالمية ليقوم بتلك المهمّة ربيبها “محمد علي الألباني” الذي وصل مصر 1803م -بعد فشل حملة نابليون عليها 1798-1801م-  والتي استطاعت تنصيبه والياً على مصر بمؤامرة -تشبه مؤامرة السيسي العبد الزاهد الصائم الذي لا يفطر إلا على الماء- ، وروج له الماسوني المعمّم حسن العطار، وخدع بالدعوة لتنصيبه والياً على مصر شيخ الأزهر “عمر مكرم” والذي كان أوّل ضحاياه عام 1805م. فبعد طلب السلطان العثماني منه القضاء على حركة محمد بن سعود، أرسل محمد علي ابنه طوسون عام 1813م وتلاها إرسال حملة بقيادة ابنه إبراهيم، ثم قاد هو الحملة عام 1815م، حتى نجح ابنه إبراهيم فيما بعد بتدمير الدرعية عام 1818م وإرسال محمد بن سعود إلى إسطنبول حيث أعدم هناك.

استطاع هذا البكتاشي (عميل محفل الشرق الأكبر الفرنسي) استمالة قلوب البكتاشية من الإنكشارية في الدولة العثمانية إلى صفه، ولكنّ السلطان محمود الثاني استطاع القضاء على البكتاشية نهائياً بعد أن دمّر ثكناتهم في غلطة والبارة وشواطئ بحر مرمرة عام 1826م. فاستغلّت الماسونية العالمية خلو الدولة العثمانية من عصبها الشوكي الجيش الإنكشاري، وقامت بدعم ثورة اليونانيين ووجهت بريطانيا وفرنسا وروسيا أسطولاً ضخماً حديثا ادّعت أنّ هذا الأسطول جاء لمراقبة الأوضاع في اليونان، ولكنّه ما إن وصل مربض الأساطيل العثمانية والجزائرية والمصرية في نافارين عام 1827م، حتّى فتح عليها النار عليها دون سابق إنذار وهي رابضة، فأبيد الأسطولين العثماني والجزائري، وفر من بقي من الأسطول المصري بقيادة إبراهيم بن محمد على، والذي تآمر بعدها مع فرنسا على إسقاط الدولة العثمانية وعلى احتلالها الجزائر، استطاعت فرنسا بعد ثلاث حملات احتلال الجزائر عام 1830م، وتوجه محمد علي والي مصر والجزيرة العربية بجيش قاده ابنه إبراهيم عام 1831م لإسقاط الخلافة العثمانية، بدأً من الشام حتى وصل مشارف حاضرة الخلافة الإسلامية، فاضطر السلطان محمود الثاني بضغط من بريطانيا التوقيع معه على معاهدة كوتاهية 1833م، طبعاً السلطان محمود الثاني عقد المعاهدة أملاً في بناء جيش حديث تعويضاً عن خسارته للجيش الإنكشاري، ولكن هذا الجيش الجديد هزم مرة أخرى أمام محمد علي عام 1839م، ممّا أدى لوفاة السلطان محمود الثاني وتسلم ابنه عبد المجيد الأوّل الخلافة (1839- 1860م).

هذا الانتصار لمحمد علي ولفرنسا أفزع بريطانيا بعد سيطرة فرنسا ومحمد علي على طريقها للهند، وبروز إمبراطورية ناشئة تهدّد مصالحها في المنطقة، فقامت بإرجاع محمد علي إلى حدوده في مصر، وإلزامه بمعاهدة لندن الأولى 1840 والثانية 1841م، دون القضاء عليه، مع فرض شروطها عليه، وعلى الدولة العثمانية.

بهذا التاريخ أصبحت بريطانية صاحبة الكلمة الأولى في الدولة العثمانية تتجاوز قراراتها السلطان العثماني، والذي يرفض يقتل أو يعزل، كما حدث للسلطان عبد العزيز 1860- 1876م، ثمّ خلعها لمراد الرابع بن عبد المجيد الأوّل بعد أشهر من توليّه، وتسليم أخوه عبد الحميد الثاني الخلافة الذي أظهر بداية صداقته للإنجليز ولربيبهم أبو الماسونية التركية وأبو الدستور “مدحت باشا”، وكان عبد الحميد الثاني رحمه الله تعالى -ذو الخبرة الواسعة في السياسة- يتقن مراقصة الذئاب الماسونيّة، حتّى استطاع تأمين الاستقلال في القرار السياسي للدولة العثمانية وقصقصة جوانح الإنجليز من الطابور الخامس وعلى رأسهم مدحت باشا وأتباعه الذين سمّوا أنفسهم العثمانيون الجدد…

ولكنّ بريطانيا ومن ورائها الماسونية العالمية استطاعت إعادة تشكيل الطابور الخامس من الشباب التركي تحت مسمّى “الاتحاد والترقي”، حتى نجحت في الانقلاب على السلطان عبد الحميد الثاني عام 1908م عندما استطاعت تحريك عملائها من الاتحاد والترقي الذين تغلغلوا في الجيش الثاني العثماني، والذي كان مقرّه في سلانيك مانستر  (البلقان) والتي كانت تحت الإشراف الدولي بعد بلقنتها وتدويلها مثلها مثل ما حلّ بجبل لبنان، حتّى باتتا جميعا تحت إشراف دولي نمت فيهما الأحزاب الماسونية وتغلغلت إلى صفوف العسكر.

وأهم شخصيات حزب الاتحاد والترقي كانت:

1- محمد طلعت باشا من الأخوة الأشقاء لمحفل الشرق الأعظم الإيطالي الذي يترأسه عمانويل قراصوه ممن سرقوا أموال الدولة العثمانية وهرب الأول إلى ألمانيا والثاني هرب بخزينة الدولة إلى إيطاليا.

2- سليمان البستاني على وصف حفيده أمين معلوف كان يمدح بشعره السلطان عبد الحميد ثم عندما حدثت المشروطية أظهر عن معدنه الحقيقي بالقدح والتشهير بالسلطان عبد الحميد الثاني.

3- أسعد باشا التوباني المسلم الخائن هو وعارف حكمت اللازي الذين سلما السلطان عبد الحميد فتوى خلعه بالاضافة إلى آرام أفندي الأرمني وعمانويل قراصوه اليهودي.

4- كريكور زهراب من الأرمن الحاقدين على الخلافة الإسلامية.

5- أحمد جمال باشا كان ماسوني تابع لمحفل الشرق الأعظم الفرنسي حيث درس في فرنسا  وقد اتفق مع الحلفاء في الحرب العالمية الأولى على تسليمه البلاد العربية ويسمى سلطان بلاد الشام والحجاز واليمن وهو سبب خسارة السفر برلك وكانت مسرحية من قلبه لم يعد لها العدة جيدا وهذا ما أدى إلى خلعه من قبل أنور باشا عن الجيش الرابع وتولية جمال باشا الصغير الذي دافع عن القدس دفاع المستميت وعهد للأول الخائن إدارة مستودع للأسلحة في إسطنبول، لإذلاله.

6- محمد سعيد حلمي الصدر الأعظم في عصر المشروطية ماسوني من أحفاد محمد علي باشا عدو الدولة العثمانية، هو من أشاع بعد تسلمه الصدارة في عهد الاتحاديين كذبة هروب السلطان عبد الحميد إلى النمسا وأصدر قرار بخلعه.

7- ولا ننسى نيازي ريسلي باشا البطل الثاني في أحداث المشروطية مع أنور وكان لص سارق قاتل وقتل عام 1911، وكذلك محمود شوكت العراقي الشركسي قتل عام 1911، وكذلك أمين رسلان رئيس حزب الحرية والإتلاف المنشق عن الاتحاد والترقي قتل 1911.

8- الوحيد بينهم الذي لم يكن ماسونيا وكان مغرر به هو مصطفى أنور باشا -فقط كان اتحاديا لذلك أطلقت عليه الماسونية أخ بالتبني- ولكن كان أشدهم على السلطان عبد الحميد الثاني وندم على ذلك بعد هروبه من اسطانبول.

وفد الخيانة برئاسة اليهودي عمانيويل قرصوه (رئيس محفل سلانيك الماسوني الذي ينتمي له معظم الاتحاديين ومنهم جمال باشا وطلعت باشا)
يسلم خليفة المسلمين السلطان عبد الحميد الثاني وثيقة عزله عام ١٩٠٩م وتولية أخيه محمد رشاد مكانه الذي لم يكن له من الحكم شيء إلا الصوري.

_________________________________

المراجع:

١- الدولة العثمانية: علي الصلابي.

٢- السلطان عبد الحميد والأطماع الصهيونية في فلسطين: أنيس عبد الخالق محمود.

٣- موقف الدولة العثمانية من الحركة الصهيونية: حسان الحلاق.

٤- قصة الإسلام: راغب السرجاني.

٥– السلطان عبد الحميد والرقص مع الذئاب ١-٢: مصطفى أرمغان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى