حقوق وحريات

إضاءات سياسية (9)

هيثم المالح

عرض مقالات الكاتب

أنابوليس .. وذنب الكلب

25/11/2007

في الحرب الأولى على العراق التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية ، أعلنت الإدارة الأمريكية عن جائزة للدول العربية إذا شاركتها فيما يسمى (الحرب لتحرير الكويت) ، وقد تعهدت الإدارة بحل القضية الفلسطينية ، وكان ذلك في عهد جورج بوش “الأب” .

وكعادة الحكام العرب صدقوا الكذاب الأمريكي واشتركت بعض الجيوش العربية في الحرب على العراق ودعا وقتها الرئيس حسني مبارك لاجتماع مستعجل للقادة العرب في مؤتمر قمة لبحث الموضوع في خلال زمن قياسي يعد بالأيام وليس بالأسابيع أو الشهور ، ودون أن يكون قد أعد لأي جدول أعمال .

هرول معظم الحكام العرب إلى القاهرة واتخذوا قراراً بإدانة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ، واتخذوا قراراً تاريخياً في هذا الصدد كان في منتهى الصرامة والقسوة .

اجتمع الحكام العرب في مدريد في عام 1991 بدعوة من الإدارة الأمريكية واستحضر كل رئيس معه وفداً من القانونيين والسياسيين ، وتباحث الجميع في جو من الود والابتسامات .

انتهى المؤتمر وأعقبه تصريحات لزعماء عرب من أنهم يتمسكوا بالسلام خياراً استراتيجياً ، وظن هؤلاء مع الأسف أن البلطجي الأمريكي زعيم المافيا العالمية الذي كان له الدور البارز مع آخرين ممن يسمون المجتمع الدولي ، الدور الأساسي لسرقة فلسطين وطرد شعبها وتشريده في كل بقاع الأرض ، وممارسة تصفيات عرقية ودينية بحقه ، وتحت سمع العالم أجمع لا تزال المحرقة مستمرة والجميع يسمع ويرى ، بما فيهم الحكام العرب الذين ينتقلون من هزيمة إلى أخرى دون أن يرف لهم جفن ، ويكذبون على شعوبهم لإيهامها بأنهم يسعون لتحقيق النصر .

أعقب مدريد بسنوات مؤتمر السلام الذي انعقد في “أوسلو” سراً برعاية الزعيم الراحل ياسر عرفات ، حيث دخل الوفد الفلسطيني من مطبخ الفندق الذي انعقد فيه المؤتمر حتى لا يراهم أحد ، وتم الاتفاق بين الوفد الفلسطيني والوفد الصهيوني على خطوات لتحقيق قيام دولة فلسطينية ، فيما سمي”غزة أريحا” أولاً .

ومضت على اتفاقية “الهزيمة” في أوسلو عشر سنوات ساد فلسطين الهدوء ، إلا أن الدولة المغتصبة استمرت في اقتلاع الأشجار ، وتدمير المزارع ، وزرع المستوطنات في الضفة الغربية ، وتهويد القدس ، وأحاطتها بالمستوطنين اليهود ، وبالتضييق على الفلسطينيين ، حتى كانت الانتفاضة الأولى ، ثم أعقبتها الانتفاضة الثانية حين زار السفاح شارون المسجد الأقصى متحدياً بذلك الشعور العام العربي والإسلامي والفلسطيني خاصة ، وسقط العديد من القتلى والجرحى والمعاقين ، واعتقلت السلطات الصهيونية الآلاف من الفلسطينيين وزجت مؤخراً في السجن بعدد كبير من نواب المجلس التشريعي الفلسطيني “من حركة حماس” .

واستمرت الآلة العسكرية الصهيونية تدك منازل الفلسطينيين في الضفة والقطاع وتحاصرهم وتمنع عنهم كل سبل الحياة .

وما إن فازت حركة حماس بالانتخابات الديمقراطية المشهورة حتى حاصرتها قوى الشر الصهيونية وساهم بعض من يحمل الهوية العربية بالحصار ، وسقط من سقط من الشهداء والجرحى والمعاقين ولا زالت المجزرة مستمرة بكل أشكالها .

عاد البلطجي المافيوي بوش “ولد أبيه” إلى دعوة دول لمؤتمر في “أنابوليس” فهرول من هرول وهم كثر ومن أهمهم ، ما يسمى السلطة الفلسطينية برئاسة “أبو مازن” ، الذي أعلن عن أهمية المؤتمر  .

العجيب في الأمر أن الآلة العسكرية الصهيونية لا تزال تعمل قتلاً وتدميراً ، فتقتلع الأشجار وتهدم بلدات بأكملها ، وتبني الجدار العازل الذي حكم القضاء الدولي بعدم شرعيته ، وتحاصر مليوناً ونصف من السكان في غزة ، وتغلق المعابر المؤدية إلى الأراضي العربية ، وتفرض الجوع والمرض والعري على شعب أعزل ليس لديه سوى القليل مما يدافع به عن نفسه ، وما يسمى المجتمع الدولي ساكت أصم لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم وكأن الأمر لا يعنيه ، والمؤسف أن الجانب العربي ليس أقل سوءاً من هؤلاء ، بما فيه ما سمي السلطة الفلسطينية ، التي راعها أن تسيطر حماس على غزة لنشر الأمن والأمان ولتدفع عن نفسها المؤامرات التي حكيت ضدها ولا تزال ، وللجانب العربي فيها نصيب .

كل هذا مفهوم إلا أن الذي لا أستطيع فهمه هو أن يربط الحكام العرب مصير شعوبهم بذنب الكلب ، ويصدقوا كذبة بعد أخرى ، ويقعوا بالحفر مراراً وتكراراً .

لقد قيل قديماً : “إذا وقع الحمار في حفرة فلا يمكن أن يقع فيها ثانية” ، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم : «لاَ يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْن» متفق عليه .

المؤسف أن نرى العديد من الأنظمة العربية في سبيل بقائها في دفة الحكم تبيع كل شيء ، وتنخلع من لباسها لتبدو عارية تماماً ، لتراود الجميع عن نفسها ، كيف لا ؟!! ومقدرات الأمة بين يديها ولعابها يسيل من أجل الكراسي التي تجلس عليها والثروات التي تنهبها .

إن ما ينتظر الساعين إلى مدريد لا يختلف عما وقع لهم في كل “المؤتمرات” السابقة أو المؤامرات التي حكيت لهم ، والفخاخ التي نصبت فوقعوا في حبائلها مرات ومرات فهل ستفيق أمتنا من كبوتها وتلجم حكامها عن العبث بنا ؟ فنحن لسنا بحاجة إلى أنابوليس ولا إلى “البلدوزر الأمريكي” الذي يقود العالم إلى الهاوية . 

لقد آن للمنهزمين أن يتنحوا ويفسحوا الطريق لغيرهم عسى أن يكونوا أقدر منهم ، وللشعوب أن تأخذ على أيديهم وتدافع عن مصالحها ، وتمارس حقوقها المهضومة وتسعى لبناء مستقبل مشرق ، وإلا فالمصير هو الاندثار والضياع .  

والله الموفق

نداء استغاثة إلى أصحاب الجلالة والفخامة والسيادة حكام البلاد العربية

21/03/2008

في هذا الزمن الصعب تمر أمتنا بأحلك الظروف والصعاب فيما ترتكب السلطات الصهيونية في فلسطين أبشع المجازر في توجه عام لتصفية القضية الفلسطينية ، كما يجري حصار غزة المجاهدة منذ أكثر من عام ، بل ومنذ الانتخابات النيابية الديمقراطية التي جاءت بحماس إلى الحكم .

فلم تنفع هذه الديمقراطية لأنها لم تكن على مقاس الغرب كما لم تؤد إلى الاستسلام ، كما وتزامن كل ذلك مع إعادة نشر الصور المسيئة للإسلام والمسلمين في شخص نبيهم محمد صلى الله عليه وسلّم ، بل وطالب وزير الداخلية الألماني الصحافة بإعادة نشر الصور في مسعى تحريض للفتنة ، كما عبرت الحكومتان الألمانية والإيطالية عن رغبتهما بالمشاركة والاحتفال بذكرى اغتصاب فلسطين وطرد شعبها في أكبر مجزرة في العصر الحديث ، كما دعت دور نشر في فرنسا وإيطاليا مثيلاتها في الكيان الإسرائيلي لتكون ضيف شرف عليها ، في الوقت الذي تجري فيه جرائم تصفية للشعب الفلسطيني .

ومؤخراً طلعت علينا دولة الإرهاب الأمريكية بإرسال أساطيلها إلى سواحلنا في خطوة معبرة عن نفسها لا تحتاج إلى شرح أو تحليل ، موضحة مشاركة الآلة الحربية الصهيونية في قتل أبنائنا في فلسطين وغيرها .

لقد شرعنت المنظمة الدولية أكبر مجزرة في التاريخ الحديث حين أنشأت الكيان الصهيوني تحت اسم دولة إسرائيل فخالفت ميثاقها الذي أنشئت بموجبه في نقطتين أساسيتين :

أولاً : أن ميثاق تأسيس منظمة الأمم المتحدة قد أشار بوضوح إلى أن المنظمة ليست منظمة دينية وهي موصوفة كونها منظمة علمانية ، إلا أنها مع ذلك أنشأت كياناً دينياً لليهود في فلسطين وهو ما يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة .

ثانياً : ليس في ميثاق الأمم المتحدة ولا في القانون الدولي ما يعطي المنظمة الحق في مصادرة أراضي شعب وإعطائها إلى آخرين ليسوا من هذه الأرض وبالتالي فقرار التقسيم الذي صدر في عام 1947 هو قرار معدوم من الناحية القانونية .

ثم أبرمت منظمة التحرير الفلسطينية اتفاقيتها في أوسلو مع الدولة الإسرائيلية المغتصبة للأرض والعرض والشرف ، ومرت عشر سنوات من الهدوء فماذا تحقق ؟ .

ثم طرحت القمة العربية في بيروت مبادرتها المشهورة التي قوبلت بالرفض الفوري والتعنت من الجانب الإسرائيلي والإهمال من الجانب الأمريكي ، الذي تفتقت قريحته للدعوة إلى اجتماع أنابولس ليس بغرض إنهاء المأساة الفلسطينية وإنما انتصاراً للكيان الصهيوني ، وإعلاماً كان الغرض منه حفظ ماء الوجه الكالح للولايات المتحدة الأمريكية .

في هذه الأيام يتعرض شعبنا في فلسطين لعملية تصفية وإبادة جماعية تستوجب منا وقفة شجاعة تظهر للعالم أننا قادرون على رد العدوان وإعادة الحقوق إلى أصحابها .

إنكم أيها القادة العرب ستجتمعون في قمتكم المقبلة في دمشق ، وأمتكم والشارع العربي ينظر إلى ما سوف تقدمون من عمل لبناء مستقبل مشرق بعيد عن التنازلات والهرولات ، وما يطلب منكم اليوم هو :

1-  عدم اتخاذ أي قرار يضفي الشرعية على قرار التقسيم آنف الذكر .

2-  دعوة الدول التي تقيم علاقات مع العدو الإسرائيلي إلى سحب سفرائها .

3-  السعي الحثيث لجمع شمل الأطراف الفلسطينية وتوحيد كلمتها .

والتاريخ يسجل وهو لا يرحم .

والله من وراء القصد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى