مقالات

شعيط ومعيط

محمود الجاف

كاتب وصحفي عراقي
عرض مقالات الكاتب

( شعيط ومعيط وجَرار الخيط ) من الأمثال الشَعبية التي تُطلق على التافهين خُصوصاً من تَفَرعَنَ منهُم وحصل على مكانة لايستحقُها وبما إننا أبتُلينا بهم بعدَ الاحتلال ونشاهدهُم يوميا في وسائل الإعلام ونرى من يُقسم بالولاء لهُم ويقبّل أياديهم . أيقنت إنهُم ليسوا سوى صفات تتَجسد في شخص يصنعهُ خَوفنا وجَهلنا وفي الغالب يكونوا أكثر من تَنحني لهُم الرؤوس … ورغم دنائتهم يُصبحوا أسياد يجري خلفهُم السَواد الأعظم من الناس ويقودوهُم في كُل مَناحي الحياة ولهذا وصَلنا لهذا الحال وسَنرى ما هو أسوء .
وقصتهُ : يُحكى أن كان هناك صديقان يحملان أرذل الصفات أحدهُما اسمهُ شعيط والآخر معيط . يعيشون في مدينة لها نظام خاص يختلف عن ما نحن عليه الآن .. مثلاً في النظام الملكي عند وفاة الملك يحل مَحلهُ ولي العهد . وفي العراق يُعَيَن عن طريق المُباركة الصَليبية الصِهيونية الصَفوية ؟!
لكن عندهُم يُكلَف المُنادي ليُعلن خبر وفاة الوالي القَديم وتنصيب الجديد فلم يكُن في تلك الأيام فضائيات تنقل هَمبلاتهم وأكاذيبهم ولا مذياع ( راديو ) ولاهواتف يجمعوا من خلالها الحبايب . وفي يوم من أيام الشتاء البارد والأمطار الغزيرة حيث كان الخير والأرزاق وفيرة مات الوالي فكلفوا المُنادي لنقل الخبر فطاف لسبعة أيام في القرى والأرياف ؟
يمشي ويُردد ( سيُدفن الوالي في اليوم الفُلاني . فلا يُسمح بسماع الأغاني . وقبل غُروب شمس اليوم الثاني . وبعد النهار السابع . يتم أختيار الحاكم الجديد الديمقراطي الرائع ) خرج لدفنهُ الرجال والنساء ودُموعهُم تَسيل ودعائهم لهُ بالجنة فبعدهُ ضاع البلد والمال والولد وتاهت الأمة وحلت عليها الغُمة …
نظام اختيار الحاكم الجديد عندهُم عَجيب غَريب حيث يجتمع العُملاء الذين باعوا الآخرة بالدنيا في ساحة كبيرة ويُعطى إلى ممثل امريكا طيرًا أسود اللون ثم يأمر الجَميع بالهُدوء والسكينة ويطلقهُ … وحين يتغَوَّط على رأس احدهُم يُصبح الوالي ولايحقُ الإعتراض عليه خُصوصاً إذا باركتهُ المَرجعية .
سمعَ شعيط بالخبر فقال لصديقهُ معيط لم لا نذهب ؟
وأعمارنا وصفاتنا مُستوفاة للشُروط . تجمعوا من جميع الشرائح يُصفقون لهُم . تجّار حرامية . فلاحين سَرسرية . عُمال . كسبة وأطلقوا الطير الذي أخذ يَحوم ويبحث عن الظالم الذي ينشر الحُزنَ الهُموم ويريهُم في عز الظُهر النُجوم حتى فعلها على رأس شعيط فأستغرب الحضور لكن ليس بمقدور أحد أن يفتح فمه فالكاتم موجود والنظام يجب إحترامهُ من كُل الوجود . فقال الحاخام : الحاضر يبلغُ الغائب من اليوم يُعتبر شعيط والياً وله جميع الصلاحيات ومنها اختيار الناهب . عفواً النائب وعليكُم احترامه والخشوع والخضوع أمامه ( والما يعجبه دفعة مَردي وعصاة كردي )
فبدئوا في حُكم الولاية ودَمروها من البداية للنهاية وبعد مرور شهر طلب معيط من الوالي ( أن يأمر بمُراجعة مقره لأخذ الموافقة على دفن أي شخص يموت) فوافق وكلف المنادي لنشر الخبر . وبعد مرور سنين وفي أحدى الليالي الحَمراء الصاخبة لشعيط ونائبه حاضراً وعلى الموائد ما لذ وطاب والجواري ( الكاولية ) يلطفن الأجواء وينفذن ما يأمر به تذكر كلامهُ حول دفن الموتى . إلتفت إليه وقال : لماذا طلبتَ أن يأتوك بالميت قبل دفنهِ ؟
قال : كنت أهمس في أذنه وأقول : الولاية الي يحكُمها شعيط ومعيط المَوت أحسن بيها ؟
في هذا الزمان يوجد الكثير من الذينَ يعتبرون أنفسهم الأحسن والأفضل لأنهُم عملاء ويملكون بعض الدراهم التي جاءت بطُرق نعرفها جَميعًا . لاتَعتبوا عليهم فَالعيب فينا ونحنُ من أكل بَعضنا البعض وصِرنا ماكنتهُم الإعلامية التي يبطشون بها …
وإلى بلدي أقول :
لو كانَ الزمانُ غير زَماني … والمكانُ غير مَكاني
لكنتُ أحببتك بقلبين … أحدهُم يحيا بقُربك وآخر ثاني
وما ضَيعت من عمري بفراقك ثواني
ولبقيت اكتب لك الاشعار والاغاني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى