دين ودنيا

المقالات اللطيفة في تراجم من كان خليفة (25)

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب

على هامش الدولة الأموية
د- شبيب الخارجىّ

ولد يوم النحر سنة 26 هـ
مات غريقاً سنة 78هـ
اسمه ونسبه ومولده:
أبو الضحاك شبيب بن يزيد بن نعيم بن قيس بن عمرو بن الصلب بن قيس بن شراحيل بن مرة بن همام بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة – الشيباني (من بنى شيبان) الخارجي.. ويكنى أيضاً: أبا الصحاري. (وفيات الأعيان 2/ 454)
وأمه جهيزة، وكانت أيضاً شجاعة تشهد معه الحروب، وكانت تقاتل معه قتال الأبطال كذلك زوجته التي فر الحجاج من قتالها
وكان مولده يوم عيد النحر سنة ست وعشرين للهجرة.
خروجه وادعائه الخلافة
وكان شبيب مع صالح بن مسرح رأس الصّفرية من الخوارج، فلما مات صالح بالموصل، أوصى إلى شبيب، فخرج شبيب بالموصل، وكثرت جموعه، وذلك في خلافة عبد الملك بن مروان، وولاية الحجاج بن يوسف الثقفي بالعراق فإن عبد الملك أرسل إِلى الحجاج بولاية العراق سنة خمس وسبعين (المعارف1/411، المختصر في أخبار البشر 1/197)
فأرسل الحجاج لمُحَارَبَتةِ الْحَارِثِ بْنِ عُمَيْرَةَ، فَلَمَّا أَحْرَقَ الْحَارِثُ الْبَابَ عَلَى شَبِيبٍ وَمَنْ مَعَهُ وَقَالَ: إِنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْهُ، وَنُصَبِّحُهُمْ غَدًا فَنُقَتِّلُهُمْ، وَانْصَرَفَ إِلَى عَسْكَرِهِ – قَالَ شَبِيبٌ لِأَصْحَابِهِ: مَا تَنْتَظِرُونَ؟ فَوَاللَّهِ لَئِنْ صَبَّحَكُمْ هَؤُلَاءِ غَدْوَةً إِنَّهُ لَهَلَاكُكُمْ. فَقَالُوا: مُرْنَا بِأَمْرِكَ. فَقَالَ: بَايِعُونِي أَوْ مَنْ شِئْتُمْ مِنْ أَصْحَابِكُمْ، وَاخْرُجُوا بِنَا حَتَّى نَشُدَّ عَلَيْهِمْ فِي عَسْكَرِهِمْ، فَإِنَّهُمْ آمِنُونَ.
فَبَايَعُوه، وَأَتَوْا بِاللُّبُودِ فَبَلُّوهَا بالماء، وَجَعَلُوهَا عَلَى جَمْرِ الْبَابِ وَخَرَجُوا، فَلَمْ يَشْعُرِ الْحَارِثُ إِلَّا وَشَبِيبٌ وَأَصْحَابُهُ يُضَارِبُونَهُمْ بِالسُّيُوفِ فِي جَوْفِ الْعَسْكَرِ، فَصُرِعَ الْحَارِثُ، فَاحْتَمَلَهُ أَصْحَابُهُ وَانْهَزَمُوا نَحْوَ الْمَدَائِنِ، وَحَوَى شَبِيبٌ عَسْكَرَهُمْ، وَكَانَ ذَلِكَ الْجَيْشُ أَوَّلَ جَيْشٍ هَزَمَهُ شَبِيبٌ. بعث إليه الحجاج خمسة قواد، فقتلهم واحداً بعد واحد. ادعى الخلافة. (وفيات الأعيان 2/ 454 الكامل في التاريخ 3/ 438)
بين شبيب والحجاج
وفي سنة سبع وسبعين للهجرة، خرج شبيب من الموصل يريد الكوفة وخرج الحجاج من البصرة يريد الكوفة ، وطمع شبيب أن يلقاه قبل أن يصل إلى الكوفة ، فأقحم الحجاج خيله فدخل الكوفة قبله، وتحصن الحجاج في قصر الإمارة،. ومر شبيب بعتّاب بن ورقاء فقتله شبيب، ومرّ بعبد الرحمن بن الأشعث، فهرب منه، وقدم شبيب وأمه جهيزة وزوجته غزالة عند الصباح الكوفة، ودخل إليها ، فوجد باب القصر مغلقاً والحجاج فيه، فقتل الحرس ثم دنا من الباب فعالجه هو وأصحابه فأعياهم فتحه، فضربه شبيب بعمود كان في يده فنقب الباب، فيقال إن ذلك النقب لم يزل في الباب إلى أن خرب قصر الإمارة وفيه ضربة شبيب. وقد كانت غزالة نذرت أن تدخل مسجد الكوفة فتصلي فيه ركعتين تقرأ فيهما سورة البقرة وآل عمران، فأتوا الجامع في سبعين رجلاً فصلت فيه الغداة وخرجت من نذرها فقيل فيها: (وفيات الأعيان 2/ 454، المعارف 1/ 411)
وفت الغزالة نذرها … يا رب لا تغفر لها
بين الحجاج وغزالة:
كانت غزالة من الشجاعة والفروسية بالموضع العظيم، وكانت تقاتل في الحروب بنفسها قتال الأبطال، وقد كان الحجاج هرب في بعض الوقائع مع شبيب من غزالة فعيّره ذلك بعض الناس بقوله:
أسد علي وفي الحروف نعامة * فتخاء تنفر من صفير الصافر
هلا برزت إلى غزالة في الوغى * بل كان قلبك في جناحي طائر
وقال بعضهم: رأيت شبيباً وقد دخل المسجد وعليه جبة طيالسة عليها نقط من أثر المطر، وهو طويل أشمط جعد آدم، فجعل المسجد يرتج له. (وفيات الأعيان 2/ 455)
موته:
ولما عجز الحجاج عن شبيب بعث عبد الملك إليه عساكر كثيرة من الشام عليها سفيان بن الأبرد الكلبي، فوصل إلى الكوفة، ثم إن الحجاج أمر سفيان بن الأبرد أن يسير إلى شبيب، وكان الحجاج قد كتب إلى الحكم بن أيوب، وهو زوج بنت الحجاج وعامله على البصرة في أربعة آلاف إلى شبيب، وأمره فليلحق بسفيان بن الأبرد، وليسمع له وليطع.
وكان شبيب قد أقام بكرمان حتى انجبر واستراش هو وأصحابه، ثم أقبل راجعاً فاستقبله سفيان، وتكاثروا على شبيب فانهزم وقُتِلَت غزالة وأمه جهيزة، ونجا شبيب في فوارس من أصحابه، واتبعه سفيان في أهل الشام، فلحقه بالأهواز فولى شبيب فلما حصل على جسر دجيل نفر به فرسه وعليه الحديد الثقيل من درع ومغفر وغيرهما فألقاه في الماء فقال له بعض أصحابه: أغرقا يا أمير المؤمنين قال: ذلك تقدير العزيز العليم، فتنادوا بينهم: غرق أمير المؤمنين وانصرفوا وتركوا عسكرهم ليس فيه أحد، فكبَّر سفيان ثم أقبل حتى انتهى إلى الجسر، وبعث مهاجر بن صيفي، فعبر إلى عسكرهم فإذا ليس فيه منهم صافر ولا آثر، فنزل فيه، واستخرجوا شبيبا وعليه الدرع، فزعموا أنه شق عن بطنه فأخرج قلبه، فكان مجتمعا صلبا كأنه صخرة، وإنه كان يضرب به الأرض فيثب قامة الإنسان.
وقيل ألقاه دجيل ميتاً في ساحله، فحمل على البريد إلى الحجاج، فأمر الحجاج بشق بطنه واستخراج قلبه، فاستخرج فإذا هو كالحجر إذا ضرب به الأرض نبا عنها، فشق فكان في داخله قلب صغير كالكرة فشق فأصيب علقة الدم في داخله.
وكان هلاكه في سنة ثمان وسبعين. (وفيات الأعيان 2/ 454، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم 6/ 190)
ثم خَرَجَ الصُّحَارِيُّ بْنُ شَبِيبٍ الْخَارِجِيُّ، وَاتَّبَعَهُ طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثِينَ رَجُلًا، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ خَالِدٌ الْقَسْرِيُّ جُنْدًا فَقَتَلُوهُ وَجَمِيعَ أَصْحَابِهِ، فَلَمْ يَتْرُكُوا مِنْهُمْ رجلاً واحداً. (البداية والنهاية ط إحياء التراث 9/ 355)
وقد ذكرت طرفاً من أخباره في كتابنا الحجاج مواقف وطرائف، وهو مطبوع طبعتين.
مصادر ترجمته:
المعارف
وفيات الأعيان
المنتظم في تاريخ الملوك والأمم
الكامل في التاريخ
المختصر في أخبار البشر
البداية والنهاية ط إحياء التراث

انتهى الجزء الأول من هذه المقالات اللطيفة، والتراجم الخفيفة، فيمن كان خليفة، بإنتهاء الدولة الأموية في المشرق، ويليها إن شاء الله الجزء الثاني ، وهو في الدولة الأموية في الأندلس.

لكن اسمحوا لي أن أتوقف عن النشر أياماً حيث أنني على سفر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى