مقالات

أبناء يافث بن نوح عليه السلام (2- العرق التتري)

عامر الحموي

كاتب وأكاديمي سوري
عرض مقالات الكاتب
  • لمحة عن الأعراق التي سكنت قارة آسيا:

1- بشكل عام سكن وسط وشمال قارة آسيا الشعوب التترية (التركمانية) وتشمل تلك القومية (التركمان التتر والمغول والبلغار “تتارستان” والعرق الأصفر الصيني) عدا الطاجيك والأفغان وإيران فهم فرس .
ولا ننسى أن سكان الأمريكيتين الأصليين من الهنود الحمر هم من العرق التتري الذين هاجروا من سيبريا إلى ألاسكا ثم انتشروا في القارتين الأمركيتين عن طريق مضيق برنديج الفاصل بين القارتين الآسيوية والأمريكية والذي يتجمد في فصل الشتاء لعدة شهور ويصبح صالحا لعبور لمشاة. وكانت ديانة معظم الهنود الحمر هي الشامانية وهي الديانة القديمة للتتر ومنها الطوطومية المنتشرة في اليابان وعلى سواحل شرقي سيبيريا.
والحد الفاصل بين قارتي آسيا وأوروبا هي جبال الأورال التي كانت تسمى بجبال البلغار (كما ذكرها الإدريسي وهي مروسمة على خريطته للعالم، وكذلك ذكرها كثير من المؤرخين المسلمين) وذلك نسبة لشعوب البلغار التتر التي انطلقت من بينهم قبائل الهون واكتسحت أوروبا في القرن الخامس الميلادي ووصلت باريس وروما. وتعني كلمة البلغار باللغة التترية والسلافية سكان الجبال وأصلهم من جبال الأورال التي كانت تسمى جبال البلغار.

2- أما بالنسبة لسكان باكستان والهند والبنغال والسيلان وجزء صغير من بورما؛ رغم احتوائهم على بعض العناصر المالاوية والصينية، فهم هنود سنسكريتيون ويرجعون هم والفرس والكرد والعرب إلى أرومة واحدة وهي العرق السامي.

٣- سكان جزر الهند الشرقية فهم من شعب المالايو سواء في أندونوسيا وماليزيا وثلث سينغافورة جزر المحيط الهادي وكذلك أكثر سكان أستراليا الأصليين.

4- وسكن العرب في العراق والشام وشبه الجزيرة العربية.

٥- أما سكان باقي الدول في آسيا التي تمتد من جبال الأورال وشمال إيران وشمل كل من الهند وجزر الهند الشرقية فهم من الآسيوين التتر ومنها دول روسيا الاتحادية والدل التي أستقلت عن الاتحاد السوفيتي ككزاخستان وأوزباكستان وقرقيزيا وتركمانستان عدا الطاجيك فهم فرس ومنغوليا والصين وكوريا واليابان والفيليبين والهند الصينية من لاوس وكمبوديا والفيتنام وتايلاند وكثير من بورما ونصف سنغافورة.

  • العرق التتري:

تعني كلمة تتري في اللغة الصينية “البدوي” ساكن البادية، وباللغة التترية القديمة تعني “الفارس”. وموطنهم الأصلي يوجد شمال صحراء “غوبي” في منغوليا، حول بحيرة بايكال (تقع في أقصى شمال منغوليا)، وامتد وجودهم حتى البحر الأسود ، ويقول د. راغب السرجاني : واسم التتار والمغول يطلق على الأقوام الذين نشأوا في شمال الصين، في صحراء تسمى صحراء جوبي في منغوليا.

فالتتار هم أصل القبائل في هذه المنطقة، ومنهم جاءت قبائل أخرى كثيرة، منها: قبيلة المغول والترك والسلاجقة وغيرها من القبائل، وعندما سيطر جنكيز خان على هذه المنطقة أطلق اسم المغول على هذه القبائل كلها، …..

أما قبيلتا التتار والمغول، فقد وجدتا في الشمال الغربي من الصين ، ونقل عن ابن كثير عن مواطن المغول قوله: “إنهم كانوا يسكنون جبال طمغاج في أرض الصين”.

أما الأويراتية، هي فئة من فئات المغول، فقد كانت غربي بحيرة بايكال، التي قامت إلى جنوبها مملكة تركية هي الكرايت، وكانت لهم السيطرة والنفوذ على القبائل المغولية، حتى إن ملكهم طغرل قد تغلب على عمه وسيطر على العرش بمساعدة زعيم مغولي يدعى يسوكاي وهو والد جنكيزخان، وكان يحظى برضى أسرة كين في شمال الصين لوقوفه سداً أمام القبائل التترية التي كانت تشكل خطراً على دولتهم.

كماوجدت قبائل في شمال جبال (الطاي)، هي النيمان، وبالقرب منهم وجدت قبائل كرايتً ، وإلى الشمال من الكرايت وجد المركيت، وكانوا ينزلون على حوض نهر سلنجا الأوسط والأدنى، وتنسب إلى هذه القبيلة والدة جنكيزخان وزوجته.

أما قبيلة البرجقين التي ولد فيها جنكيزخان فقد اتخذت من منابع أنهار تولاوأونون، وكيرولين، من جبال منتاي، حيث الغابات، موطناً لها.

وتباين الصينيون التتار وقبائل المغول بحسب تطورهم في ثلاث مجموعات:
التتار البيض، وسكناهم بالقرب من سور الصين.
والتتار السود ومنازلهم شمال صحراء غوبي.
والتتار المتوحشون تجمعوا فيما وراء بحيرة بايكال في منطقة الغابات، واعتمدوا على الصيد وإليهم ينسب جنكيزخان.

  • الدول التاريخية التي أنشأها التتر:

من أهم الدول التترية (حضارة الصين التاريخية) فالعرق الأصفر يرجع نسبا للعرق التتري ومن الصين جاءت أصول اللغة التترية، ودول اليابان القديمة والذين ترجع أصولهم للعرق المغولي التتري، و دولة (خاقانية) الكوك تورك، والإمبراطورية التيمورية، والإمبراطورية السلجوقية، وإمبراطورية الآق هون، وإمبراطورية الهون في أوروبا، وإمبراطورية الهون الغربية، وإمبراطورية الهون العظمى، وإمبراطورية الهند البابرية، ودولة (خاقانية) الخزر، ودولة (خاقانية) الأويغور، ودولة (خاقانية) الآوار، والدولة الخوارزمية، والدولة الغزنوية، ودولة القبيلة الذهبية، ودولة الخانات السود، وأعظم تلك الدول الدول هي الدولة العثمانية العلية التي سادت العالم حينها.

ومن أهم الإمبراطوريات التركية القديمة التي كانت آنذاك، وهي إمبراطورية «هيونغ نو» (القرن 3 ق.م ـ 051 م )، إمبراطورية الهون البيض (الهياطلة) وهي قبائل تركية من أحفاد الهيونغ نو هاجروا من شمال غرب الصين وقاموا بغزو الأقاليم الشرقية من إيران (خراسان) وبلاد ما وراء النهر، وأفغانستان والهند في القرن الخامس الميلادي.

دولة الأتراك توبا ـ وايي، حكمت الصين من سنة 386 ـ 535 م، وكانت معاصرة لدولة «جوان ـ جوان» التركية المغولية (400 ـ 552 م) التي حكمت رقعة كبيرة من سهول منشوريا مروراً بالصين الشمالية وحتى أقاصي تركستان غرباً، وكذلك إمبراطورية الغز (توكيو) أو كوك ـ ترك.

وفي النصف الثاني من القرن السادس الميلادي، نشأت إمبراطورية الغز / توكيو (كوك ـ ترك )، وكانت تحكم الصين الشمالية لتصبح أكبر إمبراطورية في آسيا، و بعدها ظهرت إمبراطوريات الآفار 565 ـ 796 م ،الخزر من آواخر ق 6 م ـ ق 11 م، الترك البجناك، إمبراطورية الأويغور 745 ـ 1250 م ودامت حوالي 500 سنة.

حكم الأتراك روسيا وأوروبا الشرقية اليوم، وبقيت لآلاف السنين فحكمتها قبائل السيث (تركية أو فارسية) قبل القرن السابع الميلادي، وبعدها تأسست إمبراطورية الهون لتليها في القرن السادس الميلادي قبائل الآفار (أتراك ومغول) لتحكم مناطق روسيا والمجر، ثم كان ظهور إمبراطورية الخزر في القرن السابع الميلادي والتي حكمت خمسة قرون، وبعدها إمبراطورية البجناق والقبجاق (مغول جنكيز خان)، ثم وقعت تحت حكم المغول (التتار) حوالي ثلاثة قرون، والدخول بعدها في الإسلام. وقد أصبحت روسيا دولة مستقلة في أواخر ق 15 م ـ بعد ضربات تيمور لنك للتتار ـ وهكذا بقيت روسيا اليوم تحتوي على أقلية تركية تترية بنسبة 8,3 %.

وحتى إقليم الصين الذي كان تحت حكم الأتراك حوالي 900 سنة، حيث كان الجزء الشمالي منه خاضعا لحكم توبا لمدة 149 عاماً، أما القسم الآخر فقد كان تحت حكم إمبراطورية جوان جوان، وبعدها إمبراطورية توكيو، لتحكمها فيما بعد إمبراطوريات الخطا، جوتشين، المغول، كنغ (المنشورية التركية) وهي آخر سلالة تركية حكمت الصين.

  • تاريخ العلاقة ما بين الأتراك والإسلام:

ترجع العلاقة بين العرب والأتراك إلى زمن الفتوحات العربية الإسلامية التي قضى فيها العرب على الإمبراطورية الساسانية (الفارسية) وبعد فتح أرمينيا تواجه العرب مع الأتراك على جبهتين، الأولى مع الخزر (في صراع متواصل لمدة 100 سنة تقريباً) في جبهة القوقاز، الثانية مع الهياطلة في شرق إيران ـ في أثناء فتوحات خراسان ثم بلاد ما وراء النهر ـ ودامت عشر سنوات.

وفي هذه الفترة اقتصر انتشار الإسلام بين الأتراك اقتصر على إقليمي ما وراء النهر وخراسان وبعدها بدأ الإسلام يتسرب عن طريق التجارة والاحتكاك مع أقارب الأتراك المسلمين، حتى عام 349 الذي اعتنق فيه معظم الأتراك الإسلام على شكل كتل بشرية ضخمة عبر تكتلاتهم الكبيرة،

ومن هنا عاد استخدام المماليك الأتراك في المجتمع الإسلامي في الوظائف الكبرى بالدولة والاستعانة بهم كجيوش في الفتوحات الإسلامية أيام الخلافة (خاصة من أجناس أخرى كالصقالبة والزنوج والديلم) إلى أن انتقلت هذه الأخيرة إلى العثمانيين في وقت برز فيه العثمانيون كأعظم قوة إسلامية، وخاصة بعد فتحهم للقسطنطينية.

وازدهرت تلك العلاقة إبان «الدولة العثمانية» باعتبارها من أعظم الإمبراطوريات في التاريخ، حيث عاشت ما يقارب ستة قرون وكان لها الفضل في نشر الإسلام في البلقان والقوقاز وتشركسيا (بلاد الشركس)، ومؤسسها هو عثمان بن أرطغل بن سليمان شاه التركماني إذ لعبت دورا هاما في الفتوحات الإسلامية.

وأيضا هناك الإمبراطوريات التركية المتعاقبة التي حكمت إيران، فكانت البداية مع السلاجقة الغز الذين اشتهروا ببناء المدارس والمساجد لهذا فهم يحتلون مكانا هاما في تاريخ الفن الإسلامي، وبعدها وقعت تحت حكم كل من خوارزم شاه، الإمبراطورية المغولية، الدولة التيمورية، الدولة الصفوية لمدة 221سنة، الأفشاريين التركمان 17 سنة، القاجار التركمان 131 سنة،

وهكذا بقيت إيران تحت الحكم التركي أكثر من ألف سنة، فقد عرفت العهود التركية في إيران بالرخاء والازدهار وتشجيع الآداب والفنون والثقافة الفارسية -عدا الفترة الصفوية والأفشارية-.

وقد حكم الأتراك شمال للهند (دلهي وما حولها) حيث تأسست دولة تركية على يد ألتتميش وبقيت 25 سنة، وبعدها تأسست الدولة الخلجية وحكمت لمدة 70سنة، ثم الدولة التغلقية 79 سنة، أما في وسط الهند وجنوبها فكانت هناك سلطنة بهمان التركية المسلمة حكمت مدة 171 عاما، وتلتها الإمبراطورية المغولية بقيادة تيمورلنك 52 سنة، وبعدها الدولة المغولية البابرية.

ومن هنا نرى أن العالم الإسلامي في القرون الأخيرة كان مؤلفا من ثلاث إمبراطوريات تركية عظيمة الشأن في التاريخ كانت متزامنة، وهي الإمبراطورية العثمانية، إمبراطورية المغول في الهند، الإمبراطورية القاجارية في فارس وما حولها، وقد عرف كل منها برعايته للعلوم والفنون والثقافة والأدب والمعمار.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع:

1- قصة الإسلام: إشراف راغب السرجاني.

2- موقع جواهر الإلكتروني

3- تاريخ الأتراك والتركمان ما قبل الإسلام وما بعده: أسامة أحمد تركماني.

4- الكاتب.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى