منوعات

حوارات الدكتور أحمد بن عثمان التويجري، رئيس منظمة العدالة الدولية، مع الأستاذ جمال سلطان، رئيس تحرير صحيفة المصريون، حول الانقلاب العسكري في مصر

أحمد التويجري، بتاريخ 3 أغسطس، 2013، 3:38 م

الأخ الفاضل الأستاذ جمال سلطان

رئيس تحرير صحيفة المصريون

تحية طيبة وأرجو أن تكون ومن تحب في أحسن حال وبعد

أتابع بأسى وألم كبيرٍين مواقفك وما تكتبه والنهج الذي انتهجته صحيفة المصريون في الأشهر الأخيرة، وذلك لما ألمسه من فجور في الخصومة وتجرد من الحيدة والانصاف وابتعاد عن المهنية الإعلامية وللأسف الشديد، ولو كنتَ أيها العزيز تافهاً من تافهي الإعلام المصري أو مأجوراً من مأجوري فلول النظام البائد لما شعرت بأدنى أسى ولما حرصت على التواصل معك، فما أكثر التافهين والمأجورين في كل زمان ومكان وما أحقرهم جميعاً.

ولكن ولأنك ممن يحسب على الحق وأهله وممن أظن فيهم خيراً فإنني أناشدك بالواحد الأحد الذي ستقف وحيداً بين يديه وستسأل عن كل حرف كتبته وكل موقف اتخذته، بل وعن كل ما نشر وينشر في صحيفة المصريون من زيف وباطل وبذاءة، أن تراجع نفسك وأن تُحكّم ضميرك وقيمك، وأن تتقي الله عزّ وجلّ في إخوانك المؤمنين، وأن ترجع إلى الحق فإن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل، وأن تعلن بشكل لا لبس فيه رفضك التام للانقلاب العسكري الذي لا يمكن أن يوصف إلا بأنه خيانة من أخس الخيانات، ونكوص شنيع عن ثورة 25 يناير المجيدة، وأملي أن تتذكر أن أهم مكاسب الثورة إنما كان ارساء المنهج الشوريّ والديموقراطي في الحياة السياسية وإعلاء سيادة الأمة، واعتماد القنوات الدستورية سبيلاً للتغيير، وإن أول ما حققه الانقلاب المشؤوم هو تدمير هذه المكتسبات، بل إنه أعاد الأمة وليس مصر وحدها إلى منطق القوة بديلاً لمنطق الحق، وإلى منهج التآمر والخيانة بديلاً للشورى والدولة الدستورية.

 إن ما تواجهه مصر ليس انقلاباً ضد الإخوان ولا انقلاباً ضد إرادة الشعب المصري وإنما هو انقلاب ضد الإسلام والهوية الإسلامية لمصر وضد كل قيم العدالة والنزاهة والاستقامة، وإن مصر عزيزة علينا وهي أغلى من كل الأحزاب والتيارات ولن تخرج من محنتها إلا إذا وقف الشرفاء من أبنائها مع الحق والعدل والمبادئ والقيم الأصيلة وصدعوا بمواقفهم لا تأخذهم في الله لومة لائم، وصدق الله العظيم  

﴿ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ، شُهَداءَ بِالْقِسْطِ، وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا. اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى، وَاتَّقُوا اللَّهَ، إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ ﴾ (المائدة 8)

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ﴾ (135 النساء)

حفظ الله مصر وشعب مصر وأحق الحق وخذل الباطل والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

أخوكم د. أحمد بن عثمان التويجري


جمال سلطان، بتاريخ 3 أغسطس، 2013، 5:22 م

أخي الكريم دكتور أحمد

أؤكد لك بشكل لا لبس فيه تأييدي الكامل والتام لقرار عزل مرسي وأعتقد جازما أنه أنقذ مصر من مشروع دولة فاشية مروعة.

وأؤكد لك إدانتي الكاملة لما أعقبه من بعض الممارسات القمعية والتي تورط في مثلها مرسي نفسه من قبل حتى الدماء.

وأؤكد لك أن ما حدث صراع سلطة يخوضه الإخوان وأن السيسي أكثر ديانة وحبا للإسلام من خيرت الشاطر.

وأن العواطف الهائجة التي يتورط فيها أهلنا وإخواننا في الخليج لن تساعدهم على رؤية رشيدة للواقع في مصر.

هذا ما أدين لله تعالى به وألقاه عليه.

وأما مسألة توصيفي فلا أعبأ بذلك، واعتدت عليه من سنوات، والإخوان لا يعرفون شيئا اسمه المختلف في الرأي أو الموقف السياسي.

وإنما دائما المختلف منافق أو خائن او عميل أو مرتزق أو مرتشي أو فاسد أو مأجور، وقد وصفوني بكل تلك الصفات فلا داعي لإكرامي بنفيها.

وشاكر لك لطفك ومقدر مشاعرك جدا لكني لا أتعاطف معها أبدا وأراها ضررا فادحا بالإسلام والمسلمين في مصر.


أحمد التويجري، بتاريخ 3 أغسطس، 2013، 9:04 م 

أخي العزيز جمال رعاك الله ووفقك لكل خير

من الواضح أنك في حال انفعال شديد ولذلك لم تقرأ مناصحتي الأخوية لك كما كنت أحب أن تقرأها.

القضية ليست جماعة الإخوان المسلمون ولا الرئيس مرسي وإنما هي قضية مبادئ قبل وبعد كل شيء. 

أليس هناك دستور صوت عليه الشعب المصري في استفتاء حر وقبلته الغالبية من الشعب؟

ألم تكن هناك انتخابات نزيهة لمجلس شعب ولمجلس شورى؟

ألم ينتخب الشعب المصري الرئيس مرسي في انتخابات حرة ونزيهة؟

 أيعقل أن مثقفاً ومناضلاً مثلك يقبل أن يُعطّل الدستورُ بقرار عسكريّ (مهما كانت أخطاء الرئيس) دون العودة إلى الشعب من خلال القنوات الدستورية المشروعة؟ وهل يعقل أن مثقفاً ومناضلاً مثلك يرضى أن يعزل رئيس منتخب بقرار واحد من أعوانه؟

ما الذي حققته الثورة إذا كان أي وزير دفاع يملك في أي لحظة أن يقفز على السلطة؟

وما الفرق بين المجتمعات المتخلفة والمجتمعات المتحضرة إذا لم يكن للدساتير وللانتخابات والاستفتاءات قيمة وسلطان واحترام؟

إنني أناشدك أن تتحقق من نسبة رضا الشعب الفرنسي الآن عن الرئيس فرانسوا هولاند (وقد اخترته لأن الثورة الفرنسية هي أم الثورات)، إنها لا تتجاوز 24%، وقد تحققت منها قبل قليل، فهل تعتقد أن من المقبول أن ينقلب عليه وزير دفاعه ويعطل العمل بالدستور الفرنسي وينصب رئيساً مؤقتا في مكانه؟

ثم أيها العزيز، أي نظام فاشي تتحدث عنه؟ ألم تطلع وأنت القريب من الأحداث على مجزرة المنصة ومجزرة نادي الحرس الجمهوري ومجزرة المنصورة ومجزرة جامع القائد إبراهيم؟

 ألا تعلم كم هم المعتقلون السياسيون منذ بدء الانقلاب المشؤوم؟ ألا تعلم كم هي القنوات الفضائية التي أغلقت واعتقل العاملون فيها؟ ألا تتابع أراذل المجتمع المصري في قنوات الفلول بل وقنوات الدولة المصرية نفسها التي هي ملك للشعب وما تتقيؤه صباح مساء من الفجور والتشويه والتحريض والدعوة إلى قتل مئات الألوف إن لم نقل الملايين من الشعب المصري؟ إني والله لأعيذك أن تكون للخائنين خصيما.

 إن أعظم ما اتهم به الرئيس مرسي والإخوان المسلمون هو الأخونة، ولقد كانت جريدة المصريون المصدر الرئيس لي في فضح هذه الفرية من خلال ما نشرته بتاريخ 8 سبتمبر 2012م، أم لعلك نسيت أيها العزيز؟ ألم تقولوا في تقرير لكم: إن من بين مساعدي الرئيس الأربعة لم يكن من الإخوان إلا واحد هو عصام الحداد، وفي مجلس الوزراء لم يكن من الإخوان إلا خمسة وزراء من مجموع ستة وثلاثين وزيراً هم صلاح عبد المقصود وزير الإعلام، وخالد الأزهري وزير القوى العاملة، وطارق وفيق وزير الإسكان، وأسامة ياسين وزير الشباب، ومصطفى مسعد وزير التعليم العالي، وأنه لم يكن ضمن الفريق الاستشاري للرئيس سوى أربعة مستشارين من الإخوان من مجموع 17 عشر مستشاراً هم الدكتور محيى حامد، والدكتور حسين القزاز، وأميمة كامل، والدكتور عصام العريان، ومن بين سبعة وعشرين محافظاً لم يكن هناك إلا سبعة من الإخوان، وفي المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي عدد أعضائه خمسة وعشرون عضواً لم يكن هناك إلا أربعة من الإخوان هم الدكتور محمود غزلان، والدكتور محمد البلتاجي، وعبد المنعم عبد المقصود محامي جماعة الإخوان المسلمين، والفنان وجدى العربي. ألم يقل تقريركم إن جميع رؤساء الصحف القومية والهيئات والمؤسسات الإعلامية التابعة للدولة وعددهم خمسون رئيساً ومديراً ( وقد تم تعيينهم من قبل مجلس الشورى الذي يهيمن عليه الإخوان المسلمون هيمنة كاملة) لم يكن أي منهم من الإخوان أو حتى محسوباً عليهم. فأي أخونة تلك التي يتحدث عنها الإعلام المأجور؟ وأي استئثار بالمراكز المهمة في الدولة مارسه الإخوان؟ وأين هي الفاشية أيها العزيز؟

 وبعد هذا كله، ما علاقة خيرت الشاطر بمناصحتي لك؟ (وهو معتقل سياسي الآن ومن أوجب واجباتك الشرعية والأخلاقية الدفاع عنه لا أن تغتابه)، وكيف علمت أن السيسي أكثر تديناً وحباً للإسلام منه؟ هل شققت عن قلبيهما؟

إنني مرة أخرى، ومن تقديري الكبير لك، أناشدك بالواحد الأحد أن ترجع إلى الحق وبخاصة ونحن في هذه الأيام المباركة، ولست بحاجة لتذكيرك بقول الواحد القهار: “ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد”، ولا بقول المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام: “رب كلمة لا يلقي لها الرجل بالاً تهوي به في النار سبعين خريفاً”.

حفظك الله وحفظ مصر ووفقنا جميعاً إلى الحق والخير ولك المودة والتقدير.

أخوكم د. أحمد بن عثمان التويجري


 جمال سلطان، بتاريخ 4 أغسطس، 2013، 0:24 ص

أخي الدكتور أحمد، مرة أخرى أؤكد لك أني مؤمن تماما بأن ما حدث إنقاذ لمصر من كارثة.

لا أعرف كيف تفسر موقفي بأنه انفعال، هذا ما كتبته قبل شهر وكتبته قبل أسبوع وأكتبه الآن.

كل ما تقوله رده ميسور، من أول هولاند وأولى بك أن تذكر ديجول لأنه الأقرب شبها بما حدث في مصر، مرورا بسفك الدماء وقد تورط مرسي في سفك دم أكثر من ثمانين مواطنا وحيا شرطته التي فعلت ذلك.

وأما تقارير الأخونة فكانت قديمة، وأما الدستور فأول من أهدره وتآمر عليه هو مرسي نفسه، وأما الانتخابات فكانت على عهد وشروط نقضها مرسي وجماعته.

وأما ديانة السيسي فتلك شهادة الإخوان أنفسهم له قبل الأزمة وشهادات عديدة من علماء ورموز إسلامية التقوه مرارا وسمعت منهم ذلك بنفسي، كما أن التقارير الغربية التي استندت إلى شهادات أساتذته في أمريكا قالت ذلك وحددت أن بناته منقبات.

صدقني أن الصورة على غير ما تتصور في مصر، وأعرف أن الإخوان نجحوا في صناعة غيمة كثيفة من التضليل الإعلامي جرفت كثيرا من الإسلاميين داخل مصر وخارجها.


أحمد التويجري، بتاريخ 4 أغسطس، 2013، 4:13 ص

أخي العزيز جمال حفظك الله

 لم تجب وللأسف الشديد على أي من أسئلتي المشروعة رغم قولك إن الإجابة عليها سهلة، وإلى أن أتلقى إجاباتك أيها العزيز فإنني أرجو أن يتسع صدرك للملاحظات التالية:

أولاً: ضربت لك مثلاً بالرئيس الفرنسي هولاند لأبيّن لك أن مستوى رضى الشعب عن أداء أي رئيس منتخب في مجتمع ديموقراطي لا يبرر على الاطلاق الانقلاب عليه، وأما الرئيس ديجول فلم ينقلب عليه وزير دفاعه وإنما اختار هو الاستقالة كبرياء منه رغم تصويت الشعب الفرنسي لصالح برنامج الاصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والجامعية التي تبناها بنسبة 51,41%، ولولا كبرياء ديجول الذي لم يرض بتلك النسبة المتدنية من التأييد لاستمر رئيساً لفرنسا ولما استطاع أحد أن يعزله عن كرسي الرئاسة إلا من خلال الانتخابات.

ثانياً: أعجب كل العجب من قولك إن الرئيس مرسي سفك الدماء، في حين أنه هو الذي هوجم في قصر الرئاسة من قبل أراذل وشراذم المجتمع المصري وبلطجية النظام البائد، وأشعلت النيران في بوابات وأسوار القصر الذي كان يعمل فيه، وقذفت عبوات المولوتوف على نوافذ القصر وجدرانه، وأتي بالجرافات لخلع الأبواب، وبرغم كل ذلك لم نسمع أنه أمر بإطلاق رصاصة واحدة على أي من المهاجمين، ولو فعل لما كان ملوماً.

ثم يا أخي جمال، أيجهل مثلك أن البلطجية والبلاك بلك وأشباههم لم يكونوا إلا أدوات في أيدي الثورة المضادة؟ وهل يعقل أن لا يدرك مثلك أن تقاعس الأجهزة الأمنية في مواجهة التخريب الهائل الذي كانت تقوم به تلك الفئات المجرمة إنما كان أمراً متعمداً وقد اتضح الآن أنه كان جزءاً من المؤامرة التي كانت تحاك ضد مصر وليس الإخوان المسلمون وحدهم؟ وكيف يليق بمثقف مثلك أن يقارن بين مواجهة مخربين وخارجين على القانون بل ومجرمين محترفين، وبين قتل وسفكِ دماءِ شرفاء مسالمينَ لم يحملوا سلاحاً ولم يهاجموا منشآتٍ ولم يقذفوا مولوتوفاً وإنما تظاهروا بطريقة متحضرة دفاعاً عن الحق والشرعية والدستور والمؤسسات الدستورية؟

 ثالثاً: إن من المكابرة أن تقول: إن تقارير الأخونة كانت قديمة وهي لم يمر عليها إلا سبعة أشهر، وإني أسألك بالله الواحد الأحد: ما الذي تغير منذ 8 سبتمبر 2012م وحتى 3 يونيو 2013م تاريخ الانقلاب؟ مع أنك تعلم أن الإخوان لو استحوذوا على أغلب المناصب العليا أو حتى كلها لما كانوا ملومين، وقد قلتُ: تعلم لأنك مثقف، ولا يساورني شك في أنك تعلم أن هذه هي تقاليد العمل السياسي في النظم الديموقراطية، وإن من حقي أن أسألك، كم عيّن أوباما من أعضاء الحزب الجمهوري وزراء في حكومته؟ وكم من أعضاء حزب العمال يتولون مناصب قيادية في حكومة ديفيد كاميرون؟ وكم من اليمينيين والقوميين يتولون مراكز قيادية في حكومة فرنسا الاشتراكية؟ أم إن مصر يجب أن تكون لها ديموقراطية خاصة تحكم بها الأقليةٌ الأغلبيةَ ويتولى السلطة فيها من لم يفز في الانتخابات؟ إنني قبل أن أختم الحديث عن هذه المسألة أسألك بالله الواحد القهار أن تقدم لي دليلاً واحداً معتبراً على أخونة الدولة، كما أسألك أن تذكر لي اسم ضابط واحد عينه الإخوان المسلمون في الجيش أو الأجهزة الأمنية أو حتى رقوا رتبته، ووالله إنك لن تجد أحداً لأن هذا لو حدث لقامت الدنيا ولم تقعد ولكنت أنت أول المشنعين عليهم في ذلك.

 ورحم الله القائل: أحرامٌ على بلابلهِ الدَّوحُ حلالٌ للطير من كلِّ جنسِ؟

رابعاً: إن من أعجب العجب أن تقول: إن الرئيس مرسي هو أول من أهدر الدستور وتآمر عليه! ولا اخالك تقصد بذلك إلا الإعلان الدستوري الذي تراجع الرئيس مرسي عن معظم بنوده، فيا عجباً ويا عجباً يا أخي جمال! أيجهل مثلك الظروف التي خرج فيها الإعلان الدستوري؟ أولم يكن الرئيس مرسي مضطراً كل الاضطرار لذلك الفعل لتحصين منجزات الثورة في ظل المؤامرات التي كانت متواصلة للإجهاز على ما تبقى منها؟ أولم تكن تعلم أن خطوة المتآمرين التالية في ذلك الحين وبعد حل مجلس الشعب إنما كانت حل مجلس الشورى ثم الإجهاز على الرئاسة؟ وهل يخفى على مثلك أن مؤامرة اليوم ما هي إلا امتداد لمؤامرات الأمس؟

 ثم يا أخي جمال، ما الذي ترتب على الإعلان الدستوري من قرارات اتخذها الرئيس مرسي سوى الردع النفسي للمتآمرين وقطع الطريق على مؤامراتهم؟ إنني لا أعلم أنه اتخذ أي قرار على أساس ذلك الإعلان بما يشكل تجاوزاً لصلاحياته الدستورية.

 خامساً: لم يكن تعليقي على ديانة السيسي فهي بينه وبين خالقه، وإنما كان على جزمك بأنه أكثر تديناً وحباً للإسلام من خيرت الشاطر، فهذا ما استنكرته وأستنكره لأنك من أول من يعلم أن هذا من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا من يعلم السرّ وأخفى. وبما أننا في سيرة التدين فإني أستميحك العذر في أن أسألك: أي تدين وخلق أباحا للسيسي أن يتآمر على ولي نعمته؟ وأي تديّن أجاز له أن ينقلب على وليّ أمره ورئيسه الأعلى؟ وأي تدين أعطاه حق أن يعطل دستوراً صوت عليه الشعب المصري وأقره بأغلبية كبيرة؟ وأي ورع أباح له قتل المئات وسفك دماء الآلاف من المتظاهرين المسالمين؟ إلى غير ذلك من سلسلة الأسئلة المشروعة في هذا المجال.

 وبعد ذلك أيها العزيز هل شهادات كل من في الأرض وليس فقط أساتذته في أمريكا وما حددته تلك الشهادات من نقاب بناته تعدل شيئاً في مقابل ما نشاهده كل يوم من أفعاله التي يندى لها الجبين؟ أليس هو من طلب من منى مكرم عبيد بأن تسارع للاجتماع ومن معها من المتآمرين من حثالة المجتمع المصري صبيحة الثلاثين من يونيو قبل بدء المظاهرات بساعات والح عليهم بأن يكتبوا طلباً بتدخل الجيش قبل الساعة الثالثة بعد الظهر؟ ألم تطلع على اعترافاتها المشينة حول هذا التآمر في كلمتها التي ألقتها في معهد دراسات الشرق الأوسط في أمريكا؟ فأي تديّن وأي أخلاق هدته إلى ذلك؟ أليس هو المسؤول حتى الآن عن قتل أكثر من أربع مئة نفس بغير ذنب ولا فساد في الأرض، وعن إصابة أكثر من خمسة آلاف مواطن ومواطنة لا جرم لهم إلا أنهم تظاهروا دفاعاً عن كرامة مصر ودستورها وإرادة شعبها؟ أليس هو المسؤول عن اعتقال العشرات من شرفاء مصر وتلفيق التهم المضحكة لهم؟ أليس هو المسؤول عن اختطاف الرئيس محمد مرسي وإخفائه في مكان لا تعرفه أنت ولا أنا ولا حتى زوجته وأولاده؟ وأي تدين أجاز له أن ينحاز إلى متظاهرين حُشد وسِيق كثيرٌ منهم إن لم يكن أكثرهم بالإغراءات والأعطيات والتضليل الإعلامي ولم يخرجوا إلا ساعات قليلة ارتكب عدد غير يسير منهم فيها كل أصناف المجون، وأن يتجاهل ملايين المتظاهرين من الصائمين القائمين الركع السجود في كل ميادين مصر على مدى أكثر من ثلاثين يوماً؟ أو ليست هذه الحشود الهائلة التي نشاهدها كل يوم وكل مساء من مواطني ومواطنات مصر؟ أو ليست لهم حقوق؟ أو ليس الجيش المصري جيشهم أيضا؟ وأي تدين زيّن للسيسي أن يلقي الأعلام والمنشورات المؤيدة والمشجعة على متظاهري ميدان التحرير، وأن يروع متظاهري الميادين الأخرى بالتهديدات والغازات الخانقة والرصاص الفتاك؟

 سادساً: تقول أيها العزيز: إن ما حدث كان إنقاذاً لمصر من كارثة مروعة، ولا أدري والله ما الذي تقصده بهذا القول، فقد كانت مصر تنعم بنظام دستوري ديموقراطي، وكانت المعارضة (الظالمة) مكفولة الحقوق، لم يودع أي أحد من المنتمين إليها في السجون، ولم تغلق قنواتها التلفزيونية والقنوات المؤيدة لها ولا صحفها ومجلاتها على الرغم من كل ما كنت تمارسه من الفجور الإعلامي، وقد كانت مصر على أبواب استكمال مسيرتها الدستورية بإقرار نظام الانتخابات وإجراء انتخابات مجلس النواب، فأين هي الكارثة؟ إلا إذا كنت تقصد أن المعارضة كانت على وشك حمل السلاح وبدء حرب أهلية ضد الرئيس مرسي ومجلس الشورى وحزب الحرية والعدالة، وأرجو ألا يكون هذا هو قصدك.

 سابعاً: تقول أيها العزيز: إنك تعرف أن الإخوان نجحوا في صناعة غيمة كثيفة من التضليل الإعلامي جرفت كثيرا من الإسلاميين داخل مصر وخارجها، وأسألك بالله الواحد الأحد أن تضرب لي مثلاً واحداً من هذا التضليل، ولتبدأ بي أيها العزيز لتبيّن لي أين هو التضليل فيما ناقشتك فيه من مسائل، فإني والله طالب حق ورجّاع عن كل خطلٍ بتوفيق الله وتسديده، ورحم الله امرءاً أهدى إلينا عيوبنا.

بقي لي رجاء صغير أرجو أن تحققه أيها العزيز، وهو أن تتجول غداً مساءً في ميادين القاهرة لتتبين من حجم الحشود الرافضة للانقلاب المشؤوم، وإن أمكن أن تصلي العشاء والتراويح مع إخوانك وأخواتك في ميدان رابعة العدوية أو في ميدان النهضة، ولست بحاجة إلى تذكيرك بأن ليلة الغد من الليالي التي تتحرى فيها ليلة القدر، وكلي رجاء أن تسهم مشاهداتك في توضيح ما عجزت عن توضيحه في مكاتباتي لك.

حفظك الله وحفظ مصر ونصر الحق وأهله، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

أخوكم د. أحمد بن عثمان التويجري


جمال سلطان، بتاريخ 4 أغسطس، 2013، 11:50 ص

 ديجول استقال بتحضر وأخلاق فروسية لأنه رأى أمته منقسمة ومرسي قبلنا أياديه من أجل الحل فقالت له الجماعة لا وأصر على وضع البلاد على شفا حرب أهلية.

مرسي أغلق قنوات فضائية وسجن معارضين وطارد إعلاميين وهدد خصومه بمحاكمتهم عسكريا وأعطى انذارا أخير للقنوات المعارضة بالغلق.

مرسي سفك الدماء البريئة ومن تصفهم بالبلطجية والخارجين على القانون يصفوا قتلاك اليوم بالإرهابيين والخارجين على القانون.

وجماعة مرسي هي التي حاصرت المحكمة الدستورية لمنعها من الحكم بحل مجلس الشوى وهو الذي أصدر الإعلان الفرعوني وسحبه بعد أن انتهى عمره الافتراضي وحقق المطلوب منه.

والأخونة يكون من المكابرة الفجة محاولة نفيها ويمكن مراجعة حلفاء الإخوان أنفسهم اليوم لكي يطلعوك القوائم والجدل فيها مضيعة وقت.

الاعتصامات نحن هنا أدرى بها والأمر ليس سلميا كاملا كما تتصور من الرياض ولا داعي للشرح هنا وربما تنبئك الأيام عن ذلك ونحن لا ننشر ذلك لكن نعرف تفاصيله.

كل حديث عن دولة معاندة وعصية وتحديات ومؤامرات كان يعرفه مرسي والإخوان من اليوم الأول لكنهم رفضوا أن يشارك شركاء الثورة في حمل المسؤولية وإكمال بناء الدولة.

وقالوا إننا قادرون على حملها وحدنا ونقضوا العهود وخانوا من وضعوا أيديهم في أيديهم علنا والملايين شاهدة.

أخي الحبيب، أقدر رؤيتك الملائكية للإخوان ومرسي، وأعرف عبقرية الجماعة في صناعة المظلوميات منذ نشأتها، فهي لا تخطئ ولكن الآخرين يتآمرون عليها، وأقدر صدمة الإخوان في مصر والعالم عندما خطفوا وقد ظنوا أنهم خطفوا الدولة الأكبر.

وعلى كل حال هذه قناعتي، كان الله رحيما بمصر، وأثق أن مستقبلها أفضل كثيرا بإذن الله.


 أحمد التويجري، بتاريخ 4 أغسطس، 2013، 7:48 م

أخي العزيز جمال حفظك الله وهداني وإياك إلى الحق.

 لقد أقنعتني أيها العزيز، بردودك التي يستغرب صدورها من مثلك، بأنك في حال انفعال شديد حجب ويحجب عنك رؤية الحقيقة والاعتراف بها.

لقد قلت لك في أول ردودي عليك: إن القضية ليست قضية مرسي ولا قضية الإخوان المسلمون وإنما هي قضية مبادئ قبل وبعد كل شيء، ولكنك وللأسف الشديد تتهرب من مواجهة هذه الحقيقة. ولكي أوضح الأمر وباختصار شديد فإني أقول مرة أخرى: لا يجوز لا شرعاً ولا نظاماً ولا أخلاقاً عزل رئيس منتخب، مهما كانت أخطاؤه، إلا بطرق دستورية مشروعة، وما يسمى بالشرعية الشعبية أو الثورية لا مكان له في الأنظمة الديموقراطية على الإطلاق، وأنت من أول من يجب أن يعرف هذا ومن أول من يجب أن يؤمن به ويدافع عنه. إن أكبر مكاسب ثورة 25 يناير كانت ولا تزال أربعة أشياء: الدستور الذي كتبه ممثلو الشعب وأقره الشعب في استفتاء ديموقراطي حرّ ونزيه بأغلبية كبيرة، وأول مجلس شعب منتخب بانتخابات حرة ونزيهة، وأول رئيس مدني منتخب بانتخابات حرة ونزيهة، وأول مجلس شورى منتخب بانتخابات حرة ونزيهة، وإن مصيبة الانقلاب الكبرى أنه أطاح بكل تلك الانجازات وأعاد الأمة وليس مصر وحدها إلى عهود الانقلابات العسكرية ومنطق القوة بديلاً عن منطق الحق، وإلى منهج التآمر والخيانة بديلاً عن الشورى والدولة الدستورية. هذه هي الحقيقة التي تتهرب من مواجهتها ولا تريد أن تجيب عن أسئلتها المشروعة وللأسف الشديد.

 أما ديجول فلم يُطالب من تظاهروا ضده بعزله ولا باستقالته، وإنما كانوا يعبرون عن معارضتهم لإصلاحات كان يعتزم القيام بها، ولم يستقل فروسية كما ذكرت وإنما كبرياءً وغضباً من عدم تأييد الشعب الفرنسي لإصلاحاته بغالبية كبيرة، فأعد قراءة التاريخ أيها العزيز لتعلم تفاصيل تلك الأحداث.

 ولعلمك فإن المتظاهرين الفرنسيين لم يطالبوا بعزل ديجول ولا بتولي الجيش السلطة، وما كانوا ليفعلوا ولا ليقبلوا ذلك لسبب بسيط هو إن المبادئ والتقاليد الديموقراطية لا تقبل التآمر والقفز على السلطة تحت أي ذريعة، فصناديق الاقتراع هي بوابات التغيير في النظم الديموقراطية، وليست الأبواب الخلفية لوزارات الدفاع.

لقد كان بينكم وبين مرسي وجماعة الإخوان المسلمين أربعة أشهر أو أقل لتذهبوا إلى صناديق الاقتراع لانتخاب مجلس نواب له كل الصلاحيات في تشكيل الحكومة وإعادة رسم السياسات بشكل كامل بل وحتى تقديم موعد الانتخابات الرئاسية، فما الذي منعكم من ذلك؟ وأي الطريقين أرشد في ميزان العقل؟ طريق إرساء المبادئ الديموقراطية واستكمال بناء المؤسسات الدستورية، أم طريق النكوص إلى زمن الانقلابات العسكرية ووضع فرد وصياً على الشعب ومقرراً لإرادته ومنح العسكر حق الفصل بين الفرقاء السياسيين؟ إن هذا والله لهو العجب الذي ما بعده عجب!

 تقول أيها العزيز: إن مرسي سفك الدماء البريئة وأغلق قنوات فضائية وسجن معارضين وطارد إعلاميين دون تقديم دليل أو حتى قرينة على أي شيء من ذلك، وأنت أول من أسمع منه مثل هذه الدعاوى بهذه الصورة، وإنني أناشدك بالله أن تقدم دليلاً واحداً أو حتى قرينة على أي شيء مما ادعيته، متى أمر الرئيس مرسي بسفك دم أي أحد؟ وأي قناة أو صحيفة أمر بإغلاقها؟ وأي معارض أمر بسجنه؟ ومن هم الإعلاميون الذين طاردهم؟

 اتق الله يا جمال ولا تأخذنك العزة بالإثم إلى هذا الحد من الفجور في الخصومة. وهل يجهل إعلامي مثلك ما كانت تفعله قنوات الفجور وصحفه ليل نهار وما كان يكيله أراذل الإعلام من الشتائم والبذاءة والزور والبهتان في حق الرئيس مرسي دون أن يلاحق أي منهم حتى بدعوى قضائية من قبل الرئيس دع عنك أن يأمر بإغلاق قناة أو أمر باعتقال اعلامي؟

 تقول يا أخي جمال: “ومن تصفهم بالبلطجية والخارجين على القانون يصفوا قتلاك اليوم بالإرهابيين والخارجين على القانون”، فهل يعقل يا أخي جمال أنك لا تفرق بين بلطجية النظام البائد من المجرمين المحترفين وجماعات البلاك بلوك الذين كانوا يروّعون الناس ويقتلون وينهبون ويمارسون كل أنواع البغي والفجور، وبين هذه الحشود الهائلة من العلماء والمفكرين والمهنيين والشرفاء من بسطاء الشعب المصري العابدين الصائمين الذين يملؤون ميادين مصر هذه الأيام في سلمية تامة لا يعتدون على أحد ولا يقومون إلا بما كفله لهم الدستور؟ ما أكبر اجحافك ومكابرتك! وما أعظم ما تقوله عند الله!

 لقد تهربت أيها العزيز من إجابتي بشكل مباشر عن فرية الأخونة وعن التقرير الذي نشرته صحيفة المصريون التي كنت ولا تزال ترأس تحريرها، فقد سألتك ببساطة ووضوح: ما الذي تغير منذ تاريخ نشر التقرير الذي نفيتم فيه الأخونة بشكل قاطع وحتى تاريخ عزل مرسي؟ إن الجواب معلوم ولكنك لا تريد الاعتراف به، وهو إنه لم يتغير شيء على الإطلاق. فإذا كانت الغالبية العظمى من كبار المسؤولين في كل قطاعات الدولة ليست من الإخوان أو حتى من المتعاطفين معهم، بدءاً من مساعدي الرئيس ومستشاريه ومروراً بالوزراء والمحافظين ورؤساء تحرير الصحف والمؤسسات الإعلامية القومية وانتهاء بالمجلس القومي لحقوق الإنسان دع عنك قيادات الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية، فأين هي الأخونة وما هو تعريفك لها؟ أم إنها ما قاله لي أحد رجال الأعمال المصريين الكبار عندما واجهته بالحقائق والأرقام حول هذه الفرية، من أن من أدلة الأخونة أن الإخوان عينوا واحداً من المنتمين إليهم عضواً في لجنة في قريته الصغيرة مسؤولا عن توزيع المؤن على المواطنين؟

 وأما إحالتك لي إلى من سميتهم “حلفاء الإخوان أنفسهم”، وأجزم أنك تقصد حزب النور وبالأخص رئيسه يونس مخيون الذي أساء أدب الحوار في أحد لقاءات الحوار الوطني المتلفزة، التي دعا إليها الرئيس محمد مرسي وقاطعتها أحزاب وتيارات الخراب، وذلك بإصراره على الحديث قبل أن يأتي دوره وقبل أن يؤذن له، وبتهديده بالانسحاب من اللقاء إذا لم يعط الكلمة فوراً، فلما أذن له الرئيس بالحديث رأفة به وحرصاً على إنجاح اللقاء، لم يقابل الإحسان إلا بالإساءة، ثم أرعد وأزبد ولوّح بملف كان في يده ادعى زوراً وبهتاناً أنه يتضمن قوائم أسماءٍ تثبت الأخونة، ومنذ ذلك الحين وإلى هذه اللحظة لم يقدم شيئاً على الاطلاق رغم المطالبات المتكررة له بذلك، ووالله إنه لو قدم أي شيء لكنتم أنتم أول من ينشره ويذيعه، فأين الإنصاف والتجرد أيها العزيز ؟

 ثم ألم يكشف الله عزّ وجلّ حقيقة هذا المفتون ويفضحه وحزبه على رؤوس الأشهاد؟ ألم يكن مطية من مطايا المتآمرين والخونة؟ ألم يُلفَظوا بعد أن مُضِغوا وأدّوا الدور المخزي الذي قاموا به؟ أليس هو وحزبه من عبّر عنهم المفتون الآخر ياسر برهامي حين قال في بيانه وفتواه المشهورة قبل الثورة المجيدة ما نصه: “انطلاقًا مِن تمسكنا بديننا وشعورنا بالمسئولية تجاه بلادنا وحرصًا على مصلحتها، وتقديمًا وتغليبًا لأمن العباد والبلاد في هذه الفترة العصيبة، وتفويتاً لمقاصد الأعداء التي تهدف إلى نشر الفتن نرى عدم المشاركة في تظاهرات الخامس والعشرين من يناير”؟، أليست عقيدة مخيون وعقيدة برهامي وأعوانهما التي أصمّوا ولا يزالون يصمّون بها آذان الأمة تقوم على عدم جواز الخروج على الحاكم حتى وإن جلد ظهورهم وأكل أموالهم وأظهر أثرة عليهم؟ فأين عقيدتهم مما فعلوه وقاموا به؟ وأي كفر بواح رأوه من مرسي ليخرجوا عليه ويتحالفوا مع سفلة تمرد وتواضروس والبرادعي وجبهة الخراب ضده؟ وهل يليق بمثقف مثلك أن يستشهد بمواقف ودعاوى مثل هؤلاء بعد كل ما استبان من حالهم؟

 تقول: “إن جماعة مرسي حاصرت المحكمة الدستورية لمنعها من الحكم بحل مجلس الشورى”، وأقول: يا سبحان الله! ألم تكن تلك المظاهرات مظاهرات سلمية؟ ألم يعترف عدد من قضاة المحكمة الدستورية أنه لم يمنعهم أحد من الدخول إلى المحكمة؟ ألم ينقل المتظاهرون موقعهم ليسهلوا الدخول والخروج من وإلى المحكمة؟ ألم يقل رئيس المحكمة الدستورية في ذلك الحين المستشار ماهر البحيري في تصريحات له لصحيفة “المصري اليوم” ما نصه: “فوجئت بالأمن يحيط بالأبواب وينتشر خارج أسوار المحكمة لمنع اقتراب المعتصمين، وتمكنت من الدخول دون التعرض لأي إهانة أو اعتداء”، فأين كنت أيها العزيز؟ وكيف تغيب عنك مثل هذه الحقائق؟

وبما أننا في سيرة المحكمة الدستورية، هل كنت راضياً عن قرارها الجائر وغير الدستوري بحل مجلس الشعب؟ ألم يكن الواجب أن يقتصر حكمها على ثلث أعضاء المجلس فقط دون المساس بالثلثين الذين كان انتخابهم صحيحاً ودستورياً مئة بالمئة؟ فأي محكمة دستورية تلك التي تستحق منك هذا الدفاع؟ وما الفرق بين حكمها وقرار السيسي بحل مجلس الشورى؟ أليس العامل المشترك هو الخيانة والتآمر والانقلاب؟

تقول أيها العزيز: ” كل حديث عن دولة معاندة وعصية وتحديات ومؤامرات كان يعرفه مرسي والإخوان من اليوم الأول لكنهم رفضوا أن يشارك شركاء الثورة في حمل المسؤولية وإكمال بناء الدولة”، وأحمد الله أنك تعترف بوجود الدولة العميقة والمؤامرات والتحديات، ولكني اقول مرة أخر: يا سبحان الله! ألم يستجد الرئيس مرسي كل القيادات السياسية المعارضة له ويكرر الدعوات لهم للحوار مرات ومرات؟ ألم يقل في أكثر من خطاب إنه على استعداد للذهاب إليهم في أماكنهم؟ ألم يرفضوا كل الدعوات ويقاطعوا كل لقاءات الحوار؟ ألم يضعوا الشروط التعجيزية في كل مرة وجهت فيها إليهم الدعوات؟ اتق الله يا جمال! واذكر يوماً لا تغني نفس عن نفس شيئاً!

وبعد هذا، هل تعلم أيها العزيز أن الرئيس مرسي تولى الرئاسة والخزانة المصرية مدينة بألف وثلاث مئة ملياراً وعشرة مليارات جنيه؟ وأن الفوائد السنوية على تلك الديون قد بلغت ما يقرب من ثلاث مئة مليار جنيه، أي ما يعادل 60% من الدخل القومي المصري؟ وهل تجهل أنه ورث جهازاً حكومياً ترعرع فيه الفساد وعشعش لأكثر من سبعين عاماً؟ وهل لم يصل إلى علمك أن كل المعونات والقروض الخارجية التي كانت تقدم لمصر توقفت بشكل كامل منذ تولّى الرئاسة، لا لشيء إلا لأنه يقول ربي الله؟ وهل يجهل مثلك أن الموساد وشفيق وأراذل الأقباط ومن حولهم من الأحزاب كانوا يرصدون المليارات ويخططون بالليل والنهار لإفشال الثورة ووأدها في مهدها؟ وهل تركت المعارضة الخائبة ومن ورائها أكابر المجرمين في الداخل والخارج للرئيس مرسي لحظة واحدة ليتفرغ لإنجاز ما كان يريد إنجازه؟ وبأي حق ومنطق يطالب بأن يحل كل مشكلات مصر في شهور أو عام أو عامين أو حتى عشرة أعوام؟ وهل كان من المقبول والمعقول أن يُحكم على أدائه من خلال أشهر هي أقل من ربع مدته الرئاسية؟ إنه الفجور السياسي الذي ما بعده فجور، وإنه العداء للإسلام قبل العداء لمرسي والإخوان.

 إن الإخوان ليسوا ملائكة ولهم أخطاؤهم مثل غيرهم، والرئيس مرسي أخطأ وأصاب وكل مجتهد يخطئ ويصيب، ولست أدافع لا عن مرسي ولا عن الإخوان، بل إنني أنتقدهم منذ أمد بعيد، ولكنني أدافع عن الحق وعن مصر، ولو أنصفت أيها العزيز لرأيت انجازات كثيرة وكبيرة تحققت في الأشهر التي حكم فيها مرسي، فقد قطع شوطاً كبيراً في إرساء المؤسسات الدستورية ولم يتبق إلا انتخابات مجلس النواب، كما ثبت بالممارسة دعائم احترام الحريات العامة، وأحدث بالتعاون مع مجلس الشورى تحولاً هائلاً في هيكلة ميزانية الدولة تم توفير مئات المليارات من خلاله، وبدأ في تخطيط وتنفيذ مشاريع عملاقة منها مشروع قناة السويس الذي كان متوقعاً أن يدر على مصر أكثر من مئة مليار دولاراً سنوياً، ومنها إعادة إحياء مشروع صناعة نصر وغيرها من المشاريع الصناعية الطموحة، والكثير الكثير الذي لا يتسع المقام لبسطه.

 وأما الخائن السيسي فيكفيه خزياً أنه كذب في أول خطاب له بعد خيانته وانقلابه على أربعة من شرفاء مصر أربع كذبات شنيعة، وقد أخزاه الله بأن جعلهم جميعاً يكذبونه على رؤوس الأشهاد، ولا أظنك إلا وقد اطلعت على هذا، فأي خير يرجى من مثل هذا الكذاب الأشر؟ ومتى كان المؤمنون من أنصار الكذابين؟

حفظك الله أيها العزيز وردك إلى الحق رداً جميلا ولك المودة والتقدير.

أخوكم د. أحمد بن عثمان التويجري


 جمال سلطان، بتاريخ 4 أغسطس، 2013، 09:03 م

 أخي الدكتور أحمد، واضح أنك تتكلم عن دولة أخرى وتجربة أخرى غير التي أتحدث أنا عنها

نسأل الله الهداية والسداد والخير لمصر وشعبها ولأمة الإسلام أجمعين.


 أحمد التويجري، بتاريخ 4 أغسطس، 2013، 09:03 م

أخي العزيز جمال وفقك الله لكل خير

كنت أتمنى أن تجيب على أسئلتي المشروعة وأن تظهر لي من الأدلة والبراهين ما يقنعني بالعدول عن مرئياتي ومواقفي، ولكنك لم تزدني أيها الأخ الحبيب إلا يقيناً بصحة وصواب ما أراه، فلك الشكر والامتنان وستبقى الأخ العزيز الذي أكن له الحب والتقدير وكما قيل: إن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية.

 حفظك الله ووفقنا جميعاً إلى الحق والخير وحفظ أمتنا وجميع أوطاننا من كيد الكائدين ومؤامرات الخائنين والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

 أخوك المخلص د. أحمد بن عثمان التويجري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى