ثقافة وأدب

بلدي عروسُ الحزن

يوسف الحمود

كاتب وباحث سوري
عرض مقالات الكاتب

بلدي عروسُ الحزن ([1])

( بلدي عروسُ الحُزنِ كحّلَ عينَها

هذا الرّمادُ من الزّمان الأغبرِ )

بلـدي عــروسُ الحـزن قرّحَ جفنَـــها

نزفُ الدِّما مثلُ السّماء المعصِرِ

بـــلدي دميُّ الرّوح أرهــــقَ روحـَـهُ

هــذا الجنــونُ مــن البــلاء المنــــْكَرِ

حتّى  غــدا  أسـطورةً  كونيّــــــــةً

تبكي النّجومُ عليه قبــل الأسطــــرِ

يا ديــــرُ  إنّي  طفـــــــلةٌ  وقـــصيدةٌ

غنّتْ سنيناً  في  ثـراكَ   المــــُزهــرِ

رقصتْ على ماء الفراتِ صبابةً

والمــاءُ مثـــلُ الشّهدِ مثـــلُ السّــكّــرِ

عشقتْ رياحينَ الفــراتِ وهــالهَا

رُوحٌ  ورَوحٌ  من  نَـداهُ الأطهـــرِ

نهرٌ  تسيـــلُ  بمقــلتيَّ   دمـــوعُـــــهُ

ويسيلُ  دمعي  في  ربــاهُ  المقـــْفـِـرِ

حتّى غدتْ أشـلاءُ قلــبي صـورةً

رُسمـتْ على النّهرِ الحزيـن الأكـدرِ

إنّــي أرانــي فـي الهــوى قِيثـــــارةً

غنّتْ  بأوتــارِ  الشّجى   المستعْبـِرِ

إنّـي أراني في  الهوى  أنشــودةً

بقيتْ  هنـــاك  بلــحنِهــا  لم  تُنْــــشرِ

ماتتْ عصافيرُ المنى في صدرنا

مـوتَ  الشّريـدِ  بحلمهِ  المخضوضرِ

والكون قد غشّتهُ أثواب الدّجـــى

والشّمس  كَلمى  مثلُنــــا  لم  تَظــهرِ

فالشّعرُ والنّهرُ المخضّبُ بالدِّمــا

والرّوحُ والأحلامُ في صدرٍ عَرِي

صاروا سواءً مثلَ صورةِ مُتحفٍ

من مُتحفِ العشّاقِ خُلْدَ الأنهـــــرِ

تأبى القوافي أن تغـادرَ مَحْجــري

والحرفُ في جسدي يعانقُ مَنْحري

تأبى القــوافي أن أقـولَ قصيـــدةً

إلاّ  رسمتُ  حروفَها  مـن  أَبهــري

تأبى القـوافي أن أقـولَ قصيـــدةً

إلاّ  نزفتُ  حروفَها  من  مَحْجري

حتّى استحالتْ نغـمةً أبديّـــــــةً

مفجُوعــــةً  تُتلى  بلـحْنٍ  أحـمــرِ

طافتْ على الأشعارِ تنفُثُ لحنَها

نفـثَ الملائكِ فـوقَ رُوحِ الأعْــصُرِ


([1]) هي مدينة دير الزَّور عروس الحزن ودرّة الفرات شرقي سوريا على نهر الفرات العظيم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى