دين ودنيا

صوم الجياع

بشير بن حسن

مفكر إسلامي
عرض مقالات الكاتب

يقول الله تبارك وتعالى مبينا المقصد الأكبر من عبادة الصيام ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ، فالتقوى هي الثمرة التي يجب أن ترى و ينعكس أثرها على الصائم ، وهي حالة من الوعي الديني ، بمراقبة الإنسان ربه عز وجل ، ولحظ تصرفاته ، وحرصه الزائد على فعل الأوامر واجتناب النواهي والزواجر ، وليس المقصود من الصيام الجوع والعطش والامتناع عن سائر المفطرات فقط، التي هي في الأصل من المباحات في سائر الأوقات ، إذ لو كان المقصود تركها لكان ذلك سهلا على كل إنسان حتى من لا يدين بدين الإسلام ، ولذا نرى أناسا يتركون الطعام والشراب بقصد الحمية والتداوي ، أو لأجل النحافة بسبب الدهون والشحوم الزائدة في أبدانهم ، أو قصد إضراب الجوع ، أو غير ذلك من الدواعي ….
وما أمرنا الله سبحانه بترك المباحات كل هذه الساعات الا من أجل أن نترك من باب أولى المحرمات ، التي هي حرام في كل الأوقات ….وهي أكثر من أن تحصر ،
وإلا كان الصوم مدخولا أشبه بتعذيب الإنسان لنفسه بلا فائدة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ) رواه البخاري ومسلم .
وقال أيضا ( رُبّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش ) رواه أحمد .

يقول جابر بن عبد الله رضي الله عنه ( اذا صمت فليصم سمعك وبصرك عن المحرم ، ودع أذى الجار ولتكن عليك سكينة ووقار ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء )

إذا لم يكن في السمع مني تصاون * وفي بصري غضّ وفي منطقي صمت

فحظّي إذن من صوميَ الجوع والضما * فإن قلت إني صمت يوما فما صمت !!

فهيا أنظروا في حال كثير منا !!

ترى منا صائما عن الطعام والشراب ، و لسانه لم يصم عن الغيبة والنميمة والخوض في أعراض الناس !
صائم و هو ينظر إلى الحرام ويتلذذ به !!
صائم وهو يغش في بيعه وشراءه !!
صائم وهو يحتكر السلعة و يغبن المستهلك!!
صائم و هو عاق لوالديه أو أحدهما !
صائم وهو يأكل الربا والرشوة !
صائم وهو يظلم الناس ويأكل أموالهم بالباطل!
صائم وهو يسفك الدماء ويقتل الخلق !
صائم وهو ظالم لزوجته وعياله !
صائمة وهي متمردة على زوجها مترفعة عليه !
صائمة وهي متبرجة فاتنة !!
صائمة وهي همازة لمازة بلسانها وأفعالها !!

فأين صيام هؤلاء ؟؟

إنه صيام الجياع لا أكثر ولا أقل ، ويوشك إن لم يصلحوا من شأنهم أن لا يكون لهم أجر ، بل يكون عليهم الوزر لانتهاكهم حرمة الشهر !!

فيا عباد الله صوموا عن المحرمات ،، وصونوا صومكم عن النواقض والنواقص ، فإنها أيام معدودات .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى