دين ودنيا

المقالات اللطيفة في تراجم من كان خليفة (22)

محمد عبد الحي عوينة

كاتب وداعية إسلامي. إندونيسيا.
عرض مقالات الكاتب

على هامش الدولة الأموية
أ- نَافِع بن الازرق

قتل سنة 65 هـ
اسمه ونسبه:
نافع بن الأزرق بن قيس الحنفي، البكري الوائلي، الحروري، أبو راشد: رأس الأزارقة، وإليه نسبتهم. كان أمير قومه وفقيههم. من أهل البصرة. صحب في أول أمره عبد الله بن عباس.
وله أسئلة رواها عنه، قال الذهبي: مجموعة في (جزء) أخرج الطبراني بعضها في مسند ابن عباس من المعجم الكبير.
(لسان الميزان ت أبي غدة 8/ 247، الأعلام للزركلي 7/ 351)
صفاته:
كان نافع جباراً فتّاكاً، قاتله المهلب بن أبي صفرة ولقي الأهوال في حربه، وقتل يوم دولاب على مقربة من الأهواز .
خروجه:
وكان أول خروج نافع بن الأزرق في أربعين رجلاً، وفيهم من عظمائهم عطية بن الأسود، وعبد الله بن صبار، وعبد الله بن أباض، وحنظله بن بيهس، وعبيد الله بن ماحوز، وذلك في ولاية يزيد بن معاوية. وعلى البصره يومئذ عبيد الله بن زياد، فوجه اليهم عبيد الله أسلم بن ربيعه في ألفيّ فارس، فلحقهم بقرية من الاهواز تدعى آسك مما يلى فارس، فواقعهم، فقتلت الخوارج من اصحاب أسلم بن ربيعه خمسين رجلا، وانهزم أسلم.
ولم يزل يتفاقم أمر الخوارج، ويأتي إليهم من كان على رأيهم وهواهم من أهل البصره حتى كثروا بعد موت يزيد، وهرب عبيد الله بن زياد من العراق.
وخاف أهل البصره الخوارج على أنفسهم، ولم يكن يومئذ عليهم سلطان، فاجتمعوا على مسلم بن عبيس القرشي، ووجهوا معه خمسه آلاف فارس من أبطال البصره، فسار إليهم، فلحقهم بمكان يسمى الدولاب فالتقوا واقتتلوا، وصبر بعضهم لبعض، حتى تكسرت الرماح وتقطعت السيوف، وصاروا إلى المكادمة، فقُتِلَ مسلم بن عبيس، وانهزم اصحابه. وكان المهلب يومئذ بخراسان على ولايتها. فخاف أهل البصره حين قتل مسلم بن عبيس خوفاً شديداً من الخوارج، فاختاروا عثمان بن معمر القرشي، وانتدب معه زهاء عشره آلاف رجل من أبطالهم، فسار بهم عثمان في طلب الخوارج، فلحقهم بفارس، فاقتتلوا، فقُتِلَ عثمان، وانهزم اصحابه.
فكتب أهل البصره الى عبد الله بن الزبير يعلمونه أنه لا إمام لهم، ويسالونه أن يوجه إليهم رجلاً من قِبَلِه يتولى الأمر.
(الأخبار الطوال صـ 270)
انضمامه لعبد الله بن الزبير:
كان نافع بن الأزرق هو وأصحابه من أنصار الثورة على (عثمان)، ووالوا علياً، إلى أن كانت قضية (التحكيم) بين علي ومعاوية، فاجتمعوا في (حروراء) وهي قرية من ضواحي الكوفة، ونادوا بالخروج على عليّ، وعرفوا لذلك، هم ومن تبع رأيهم، بالخوارج أو الحرورية وكان نافع (صاحب الترجمة) يذهب إلى سوق الأهواز، ويعترض الناس بما يحير العقل (كما يقول الذهبي) ولما ولي عبيد الله بن زياد إمارة البصرة سنة 55 هـ في عهد معاوية، اشتد على (الحروريين) وقتل (سنة 61) زعيمهم أبا بلال: مرداس بن حذير، وعلموا بثورة عبد الله بن الزبير على الأمويين (بمكة) فتوجهوا إليه، مع نافع. وقاتلوا عسكر الشام في جيش ابن الزبير إلى أن مات يزيد بن معاوية (سنة 64) وانصرف الشاميون، وبويع ابن الزبير بالخلافة. وأراد نافع وأصحابه أن يعلموا رأي ابن الزبير في عثمان، فقال له خطيبهم (عبيدة بن هلال اليشكري) بعد أن حمد الله وذكر بعثة نبيه صلّى الله عليه وسلم وأثنى على سيرة أبي بكر وعمر: واستخلف الناس عثمان، فآثر القربى، ورفع الدرة ووضع السوط، ومزق الكتاب، وضرب منكر الجور، وآوى طريد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وضرب السابقين بالفضل وحرمهم، واخذ الفئ فقسمه في فساق قريش ومجان العرب، فسارت إليه طائفة، فقتلوه، فنحن لهم أولياء ومن ابن عفان وأوليائه برآء، فما تقول أنت يا ابن الزبير؟ فقال: قد فهمت الّذي ذكرت به النبي صلى الله عليه وسلم، وهو فوق ما ذكرت وفوق ما وصفت، وفهمت ما ذكرت به أبا بكر وعمر، وقد وفقت وأصبت، وفهمت الّذي ذكرت به عثمان، وإني لا أعلم مكان أحد من خلق الله اليوم أعلم بابن عفان وأمره مني، كنت معه حيث نقم عليه، واستعتبوه فلم يدع شيئا إلا أعتبهم، ثم رجعوا إليه بكتاب له يزعمون أنه كتبه يأمر فيه بقتلهم، فقال لهم: ما كتبته، فإن شئتم فهاتوا بينتكم، فإن لم تكن حلفت لكم، فوالله ما جاؤوه ببينة ولا استحلفوه، ووثبوا عليه فقتلوه، وقد سمعت ما عبته به، فليس كذلك، بل هو لكم خير أهل، وأنا أشهدكم ومن حضرني أني وليّ لابن عفان، وعدو لأعدائه.
ولم يرضِ هذا نافعا وأصحابه، فانفضوا من حوله.
وعاد نافع ببعضهم إلى البصرة، فتذاكروا فضيلة الجهاد (كما يقول ابن الأثير) وخرج بثلاثمائة وافقوه على الخروج. وتخلف عبد الله بن إباض (الذي ينتسب إليه الأباضية) وآخرون، فتبرأوا منهم. (تاريخ ابن خلدون 3/ 182، الأعلام للزركلي 7/ 352)
ولما جاء نافع إلى نواحي البصرة سنة أربع وستين فأقام بالأهواز يعترض الناس، وكان على البصرة عبد الله بن الحرث بن نوفل بن الحرث بن عبد المطّلب، فسرّح إليه مسلم عبس بن كويز بن ربيعة من أهل البصرة بإشارة الأحنف ابن قيس، فدافعه عن نواحي البصرة وقاتله بالأهواز، فقتل مسلم ثم قتل نافع.
فأمّر أهل البصرة عليهم الحجّاج بن باب، والخوارج عبد الله بن الماخور ثم قتل الحجّاج بن باب الحميري، وعبد الله بن الماخور.
فأمّر أهل البصرة ربيعة بن الاخدم والخوارج عبيد الله بن الماخور. ثم اقتتلوا حتى أمسوا، وجاء إلى الخوارج مددٌ فحملوا على أهل البصرة فهزموهم، وقتل ربيعة وولّوا مكانه حارثة بن بدر، فقاتل وردّهم على الأعقاب ونزل الأهواز.
ثم عزل عن البصرة عبد الله بن الحرث وبعث ابن الزبير عليها الحرث القبّاع بن أبي ربيعة فزحف الخوارج إلى البصرة، وأشار الأحنف بن قيس بتولية المهلّب حروبهم، وقد كان ابن الزبير ولّاه خراسان، فكتبوا لابن الزبير بذلك فأجاب، فاختار من الجند اثني عشر ألفا وسار إليهم فدفعهم عن الجسر. وجاء حارثة بن بدر بمن كان معه في قتال الخوارج، فردّهم الحرث إلى المهلّب وركب حارثة البحر يريد البصرة فغرق في النهر. وسار المهلّب وعلى مقدمته ابنه المغيرة فقاتلهم المقدمة ودفعوهم عن سوق الأهواز إلى مادر.
ونزل المهلّب بسولاف وقاتله الخوارج وصدقوا الحملة فكشفوا أصحاب المهلّب ثم ترك من الغد قتالهم وقطع دجيل ونزل قريباً منهم وخندق عليه، وأذكى العيون والحرس. وجاء منهم عبيدة بن هلال والزبير بن الماخور في بعض الليالي ليبيّتوا عسكر المهلّب، فوجدوهم حذرين.
وخرج إليهم المهلب من الغد في تعبئة، واقتتلوا، ونزل الصبر. ثم شدّوا على الناس فأجفل عسكر المهلّب وانهزم، وسبق المهلب المنهزمين إلى ربوة ونادى فيهم فاجتمع له ثلاثة آلاف أكثرهم من الأزد، فرجع بهم وقصد عسكر الخوارج واشتدّ قتالهم ورموهم بالحجارة، وقتل عبد الله بن الماخور وكثير منهم وانكفؤا راجعين إلى كرمان وناحية أصبهان منهزمين، واستخلفوا عليهم الزبير ابن الماخور وأقام المهلّب بمكانه حتى جاء مصعب بن الزبير أميراً على البصرة (تاريخ ابن خلدون 3/ 182)
مَقْتَلِه:
فِي سَّنَةِ ( 65هـ) اشْتَدَّتْ شَوْكَةُ نَافِعِ بْنِ الْأَزْرَقِ.
وَكَانَ سَبَبُ قُوَّتِهِ اشْتِغَالُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَاخْتِلَافُهُمْ بِسَبَبِ مَسْعُودِ بْنِ عَمْرٍو وَقَتْلِهِ، وَكَثُرَتْ جُمُوعُهُ وَأَقْبَلَ نَحْوَ الْجِسْرِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ مُسْلِمَ بْنَ عُبَيْسِ بْنِ كُرَيْزِ بْنِ رَبِيعَةَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَرَفَعَهُ عَنْ أَرْضِ الْبَصْرَةِ حَتَّى بَلَغَ دُولَابَ مِنْ أَرْضِ الْأَهْوَازِ، فَاقْتَتَلُوا هُنَاكَ، وَاستعد مُسْلِمُ بْنُ عُبَيْسٍ وَاستعد ابْنُ الْأَزْرَقِ ، وَاشْتَدَّ قِتَالُهُمْ، فَقُتِلَ مُسْلِمٌ أَمِيرُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَقُتِلَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ أَمِيرُ الْخَوَارِجِ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ.
(الكامل في التاريخ 3/ 276، لسان الميزان ت أبي غدة 8/ 247)
نبذة عن فرقة الأزارقــــــة
هم اتباع نافع بن الازرق الحنفي، المكنى بأبي راشد، ولم تكن للخوارج قط فرقةً اكثر عدداً ولا أشد منهم شوكةً، واختلفوا في أول من أحدث ما انفردت الأزارقة، منهم من قال أول من قال ذلك رجل منهم اسمه عبد الله ابن الوضين وخالف نافع بن الأزرق في ذلك، واستتابه منه، فلما مات ابن الوضين رجع نافع واتباعه الى قوله، وقالوا كان الصواب معه ولم يكفر نافع نفسه بخلافه إياه حين خالفه، وأكفر من يخالفه بعد ذلك، ولم يتبرأ من المحكمة الاولى في تركهم إكفار القعدة عنهم وقال إن هذا شىء ما زلنا دونهم، وأكفر من يخالفهم بعد ذلك في إكفار القعدة عنهم، وزعم نافع واتباعه أن دار مخالفيهم دار كفر
والذى جمعهم من الدين أشياء منها:
1- قولهم بأن مخالفيهم من هذه الامة مشركون وكانت المحكمة الاولى يقولون إنهم كفرة لا مشركون.
2- ومنها قولهم إن القعدة – ممن كان على رأيهم – عن الهجرة اليهم مشركون وإن كانوا على رأيهم وكانت المحكمة الاولى لا يكفرون القعدة عنهم اذا كانوا على رأيهم.
3- ومنها أنهم أوجبوا امتحان من قصد عسكرهم إذا ادعى أنه منهم، بأن يدفع إليه أسير من مخالفيهم ويأمروه بقتله، فإن قتله صدقوه في دعواه أنه منهم، وإن لم يقتله قالوا هذا منافق ومشرك وقتلوه.
4- ومنها أنهم استباحوا قتل نساء مخالفيهم وقتل أطفالهم.
5- وزعموا أن أطفال مخالفيهم مشركون، وقطعوا بأن أطفال مخالفيهم مخلدون في النار.
6- قالوا ديار مخالفيهم ديار كفر.
مصادر ترجمته:
الكامل في التاريخ لابن الأثير
لسان الميزان ت أبي غدة
تاريخ ابن خلدون
الأخبار الطوال
الأعلام للزركلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى