مقالات

الصيام للشباب السالمين مع تقديرنا للختايرة

د. أسامة الملوحي

سياسي سوري
عرض مقالات الكاتب

إذا نادى زعيم ذو قوة وبأس ومهابة في قومه: من يطيعني ويلبيني ويأتيني لأمر جلل؟… فإن الشباب وأصحاب القوة وذوي القدرات في القوم يسارعون ويبادرون ويتسابقون, ويهتفون لبيك يا زعيم ويزيدون في التلبية والفداء…ولأن هذا الزعيم لا يمهل ولا يؤجل ولا يرحم فإن أغلب المسارعين المتسابقين ينفذون
ولو لبّى النداء ضعاف القوم ومستضعفيهم من العجزة والمرضى والمعطوبين وأحجم السالمون القادرون المتمكنون لشعر الزعيم بالإهانة و لاستشاط غضبا وزمجرة وغيظاً ولفعل ما فعله فرعون وهامان.
ولله المثل الأعلى.
خاطب الجليل المسلمين وكتب عليهم الفرائض و الطاعات وكان نداؤه وخطابه عموماً وبشكل رئيسي للأصحاء و للشباب ….كتب على القادرين وخفف عن غير القادرين.
ولا يليق إذا نادى الجليل وأمر وكلف أن يستجيب إلا الأقوياء والشباب والمتمكنين في صحتهم وأحوالهم.
( يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42)خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۖ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43)) القلم 42-43
في الدنيا تكاد الدعوة للسجود تكون للسالمين…للسالمين بشكل أساس, ومن كان غير سالم فله العذر والرخصة والـفداء… والسجود رمز الطاعة والاستجابة.
ولكننا نرى الاستجابة أكثر وأقوى عند الذين بلغوا من العمر عتيا ومن الذين التصقت بهم الأمراض التصاقا.
والصيام كتبه الله على من شهد الشهر وليس ممن ينطبق عليهم أنهم يشهدون الشهر من كان مريضاً أو على سفر.
( …فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ …)
ولكن ما العسر في صيام المسافر أو حتى المريض؟….أغلبنا يقضي أغلب ساعات النهار وهي وقت الصيام بالنوم بل يقضون النهار بالنوم العميق المديد….نوم ليس له مثيل في سائر الشهور.
الجليل يريد من الصائم القرآن…يريد منه تدبر القرآن وتلاوة القرآن وتعلم القرآن والعمل بالقرآن.
في النهار قرآن وفي الليل قيام بالقرآن….القيام هو أطول ركن من أركان الصلاة ولا يوجد داخل ركن القيام سوى القرآن.
إذن شهر الصيام شهر انشغال واشتغال بالقرآن وليس شهر راحة ونوم ولهو.
حتى الذين يستطيعون الصيام ولكن بمشقة وعنت أعفاهم الله وأبدلهم بالإطعام:
(…وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ…)البقرة 184
الجليل لا يريد أن ننشغل عن رمضان بل يريد أن نتفرغ فيه ونحن بصحة تامة, ونحن في استقرار ووعي وتركيز فنصوم ونقوم ونتدبر ونقترب من الجليل ما استطعنا إلى ذلك قوة ونشاطاً وسبيلاً.
فلا والله لا يكون أن يلبي الناس رؤساءهم بقوة ويستجيبون لزعمائهم وقادتهم بسرعة أكثر مما نلبي الله ونستجيب له.
لبيك اللهم في شهر رمضان صياماً وقياماً وعملاً لبيك في صحتنا قبل المرض ,لبيك في شبابنا قبل الهرم , لبيك ونحن سالمون قادرون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى