مقالات

فدرلة سورية، ورؤية سياسية

د. قصي غريب

كاتب وأكاديمي سوري
عرض مقالات الكاتب

ذكر الناشط الحقوقي رديف المصطفى في خبر انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي :
وفقًا لمتابعتي حصلت أربعة اجتماعات مباشرة وجهًا لوجه بين المجلس الوطني الكردي وبين قيادة الـ ب ي د في مقر عسكري أمريكي جنوب الحسكة، وبحضور مظلوم عبدي قائد ميليشيا قسد وقد وصفوا بأن نتائج الاجتماعات كانت إيجابية وجرى الاتفاق على عدة نقاط منها :
سوريا دولة اتحادية فيدرالية ، وسيكون هناك إقليم كردي موحد باعتراف عتراف دستوري ، وهذه اللقاءات جرت وتجري بإطار ما يسمى بوحدة الصف الكردي.
يا ترى ما هو موقف الائتلاف مما يجري خصوصا ان الائتلاف يعتبر قسد وب ي د منظمات إرهابية علما ان المجلس الوطني الكردي لازال جزءا من الائتلاف ؟
رداً على هذا العبث والاستفزاز والعدوان من قبل عصابة انفصالية مجرمة عابرة للحدود وقوات عسكرية لدولة محتلة لأرض سورية في الانفراد بتقرير شكل النظام السياسي في الدولة السورية المقبلة.
لا بدّ من القول:
إن الشعب الذي يمثل الركن الأساس من أركان قيام الدولة هو حصراً صاحب السيادة والقرار والحق في ممارسة تنظيم وإعطاء شكل النظام السياسي في الدولة من خلال طريقتين ، الأولى: انتخاب الشعب جمعية نيابية تأسيسية تكون ذات وكالة محدودة تنحصر مهمتها في وضع دستور الدولة باسمه ، ونيابة عنه بحيث تكون الوثيقة الدستورية الصادرة عنها باسم الشعب الذي انتخبها وفوضها ، ولذلك لا ضرورة للاستفتاء عليها لأنه بمجرد إقرارها من قبل الجمعية التأسيسية تصبح دستوراً نافذاّ وقد كتب الدستور السوري سنة 1950 بهذه الطريقة.
والطريقة الثانية: وضع الدستور عن طريق الاستفتاء ، حيث يمارس الشعب سلطاته دون وسيط ويرجع هذا إلى أن الوثيقة الدستورية قد تضعها لجان حكومية مختصة أو حاكم فرد ثم تعرض على الشعب في استفتاء عام وقد كتب الدستور الفرنسي سنة 1958 بهذه الطريقة.
وهنا لا بد ّ من الإشارة، إلى إن وضع مشروع الوثيقة الدستورية التي تنسجم مع بيئة وظرف وتاريخ وثقافة المجتمع من قبل لجان مختصة بتكليف من المجلس التأسيسي ومناقشتها من مختلف فئات الشعب والاستفتاء عليها فيما بعد ؛ لتأخذ قوتها من موافقة الشعب عليها هي من أنجع الطرق ديمقراطية.
ولذلك لا يستقيم أن تقرر عصابة انفصالية عابرة للحدود وعملاء للاحتلال وقوات محتلة من جانب واحد شكل النظام السياسي للدولة السورية لأن هذا من الاختصاص السيادي للشعب السوري.
ومن جانب أخر هناك مجموعة من الشروط التي يجب أن تتوافر لقيام الدولة الفيدرالية وهي:

  • أن تحتوي الدولة على مجموعات من القوميات، والأديان، والطوائف المتقاربة في النسب العددية، وتعيش تاريخيًا في مناطق سكناها، ولم تنجح آليات الاندماج الوطني في استيعابها وصهرها في الدولة، وتملك جميعها رغبة بالفيدرالية.
  • البعد الجغرافي الشاسع للتواصل بين المجموعات القومية، والدينية، والطائفية في الدولة، مما يجعل من الصعوبة بمكان أن تسيطر الحكومة المركزية عليهم.
  • وجود اتفاق وإجماع بين كل المجموعات القومية، والدينية، والطائفية في الدولة، على تطبيق الفدرالية، نظراً لوجود مصالح سياسية واقتصادية مشتركة بينهم.
  • الرضا والقبول بسلطات وسياسات متوازية بين المركز والأطراف، وبما لا يدفع أي إقليم فيدرالي إلى تفضيل الاستقلال عن البقاء ضمن الدولة الفيدرالية.
    ولكن الشروط المذكورة آنفاً، لا تتوافر في التكوين المجتمعي والجغرافي السوري المتداخل والمتشابك.
    كما أن الذهنية لأغلبية الشعب السوري لا تتحمل ، أوتتقبل الفيدرالية كنظام حكم في ظل الأوضاع والظروف الراهنة ، لأنها تعني لديها التقسيم، ولاسيما أن تطبيق الفيدرالية بحاجة إلى استقرار سياسي، واقتصادي، واجتماعي، وثقافي، ورغبة حرة، واتفاق واجماع وطني لا يتوافر الآن.
    ومع هذا سيبقى شكل النظام السياسي للدولة السورية المقبلة وهويتها رهنًا بإرادة الشعب السوري من خلال مجلس تأسيسي منتخب عن طريق صناديق الاقتراع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى