مقالات

رامي مخلوف يخلع جلد الحوت ويلبس ثوب الورع

سميرة بدران

أديبة سورية
عرض مقالات الكاتب

كن مع الله ولاتبالي عنوان الفيديو الذي نشره مخلوف على صفحته الفيس بوك

في سابقة لم يكن لها مثيل خلال خمسين عاماً مضت هي فترة حكم عائلة الأسد، التي سيطرت ومازالت على سورية بالقبضة الحديدية والنار، وأحاطت أفرادها بالغموض والسرية، يظهر أحد أفراد العائلة الحاكمة – رامي مخلوف- امبراطور المال والأعمال، مخاطباً ابن عمته – أنيسة – بشار الأسد متوسلاً الرحمة بلبوس الطاعة والرضا، من ظلم الدولة السورية له في اقتطاع الضرائب المترتبة على شركاته الكثيرة المسيطرة على الاقتصاد السوري، مذكراً بأفضاله على الشعب السوري، من خلال جمعياته الخيرية التي تصدرت واجهاتها زوجة الرئيس أسماء الأخرس، التي تقود حملتها اليوم ضد رامي مخلوف وأسرته وتبحث في الدفاتر القديمة.

نشر الغسيل المتسخ بدأ حينما صودرت العديد من ممتلكات رامي مخلوف وأسرته حين تم الحجز الاحتياطي على أمواله المنقولة وغير المنقولة في شهر كانون الأول من العام الماضي لضمان حقوق الخزينة العامة من الغرامات والرسوم المتوجبة والمقدرة بنحو 2 مليار ليرة سورية ، قبل أن توجه إنذاراً لمخلوف بتسديد أكثر من 130 مليار ليرة قبل الخامس من أيار المقبل، فاستعر الخلاف بين الطرفين وراح كل منهم يفضح الآخر.

فكشف رامي مخلوف عن استهتار بشار الأسد ولامبالاته بالشعب السوري الذي يعاني الفاقة والفقر بسبب ماآلت إليه البنية التحتية في سوريا خلال الحرب الدائرة منذ عشر سنوات إبان انطلاقة الثورة السورية، حيث فضح عملية شرائه للوحة تقدر بثلاثين مليون دولار هدية لزوجته أسماء من قبيل البذخ وفقدان الشعور بالمسؤولية تجاه شعب يموت جوعاً وحاجة.

وكشفت المصادر المطلعة من خلال جريدة وطن التي تتبع لرامي مخلوف عن محاولات لأسماء الأسد زوجة بشار الأسد في تصدير ابن خالتها – مهند الدباخ- حوتاً آخر مقابل حوت المال السوري الذي تقود حملتها منذ شهورلإسقاطه

ومهند الدباغ مالك شركة التكامل الذي أصدر البطاقة الذكية التي هي آخر وسيلة لسحب واستنزاف السوريين في وقت لم يعد السوري يمتلك حتى قوت يومه، فأصبح يأخذ وقوده ومحروقاته وحاجياته وحتى خبزه عن طريق البطاقة الذكية التي يدفع للحصول عليها ضعف مايدفعه للحصول على حاجاته.

والفيديو الذي نشره رامي مخلوف من حسابه الشخصي على الفيس بوك أثار الكثير من الجدل ، إذ أنه أكد أن العائلة الحاكمة تتآكل بتسارع مستمر، وتنحدر إلى الهاوية.

فأن يظهر أخطبوط المال والاقتصاد المسيطر على مقدرات سورية خلال عشرين عاماً مستجدياً ابن عمته – أنيسة- للوقوف معه وإنصافه وأخذ حيفه من الدولة السورية الظالمة التي تطالبه ب 130 مليون دولار ضرائب -وهذا مالم يتعوده وهو الذي كان يضرب عرض الحائط بكل القوانين التي وضعت لرعاع الشعب وليست له-

ثم محاولة دغدغة مشاعر السوريين الذين رفعوا شعارات ثورتهم في 2011 بإسقاطه -حوت المال-ومحاكمته على الفساد والهيمنة، هذه الشعارات التي غيبته عن الساحة وراح يعمل في الظل متستراً بجمعياته الخيرية التي أسسها للتهرب من الضرائب والسرقة، وتبيض الأموال،

ثم هذا الفيض الرحماني والبوس الديني الذي ظنَّ أنه سيجعله مرضياً لشريحة من الشعب السوري ونسي أن القتل والتدمير والاستنزاف الذي مارسته هذه الأسرة خلال السنوات العشر الماضية لم تبق السوريين في المستوى الذي أرادوه لهم من الوعي المتأخر والتبلد الحسي، وموت الضمير،

وهذه اللهجة المتعالية التي لاتصدر إلا عن من ولد وعاش في طبقة مخملية وعائلة ثرية أباً عن جد رغم أن الواقع معروف لدى السوريين كلهم، ومصدر هذه الثروة بيّن وواضح، فمنذ خمسين عاماً لم يكن الأب محمد مخلوف إلا مديراً لشركة التبغ السورية التي عينه فيها حافظ الأسد حينما اغتصب السلطة وفرض سيطرته على البلاد والعباد، وشق محمد مخلوف طريقه إلى الثروة والمال من خلال خصخصة الكثير من الشركات والمؤسسات وفرض الأتاوات واحتكار كل الأبواب المؤدية إلى الربح وتضخم الأموال

ولكن مايدعو للتساؤل ، هل انقطعت كل الوسائل الممكنة في المكاشفة والمعاتبة والتباحث والتحاصص والتقاسم بين رامي مخلوف وبشار الأسد وهما على نفس البقعة من الأرض، ؟ وهل رامي مخلوف بهذا المستوى من الغباء الذي يوحي إليه أن رسالته هذه قد تخفف عنه قيمة الضرائب التي عليه دفعها أو ترحمه الدولة السورية فتقسطها له وعلى دفعات، وهل هو من التبلد فلا يعرف أن الشعب السوري برمته كشف فساده وإثراءه غير الشرعي على حساب لقمة السوري وقوت يومه ، حتى بات في عين رامي مخلوف شعباً من المساكين والفقراء والمحتاجين الذين سيكرم عليهم بأموال ضرائبه مخولاً بشار أن يقف على توزيعها ، جاعلاً من نفسه ومن ابن خالته فاعلَي خير في مؤسسة خيرية أحدهما يتبرع والآخر يتطوع للتوزيع،

ما حدث وما نشر على وسائل التواصل الاجتماعي ليست مشكلة عادية في أسرة عادية، إنما هي جرس الإنذار بأن عهد هذه العائلة قد انتهى، وبأن القضم والتآكل وصل إلى مرحلته الأخيرة، وأن كل فرد في هذه العائلة أصبح محصوراً في عنق زجاجة ضيق، وعليه أن يتخفف حتى من جلده ليحصل ربما على فرصة الخروج من عنق هذه الزجاجة ،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى