مقالات

العراق في مواجهة أيام الجمر الجديدة؟

داود البصري

كاتب وصحفي عراقي
عرض مقالات الكاتب

وسط ركام الفوضى العراقية العارمة التي تتصارع في أتونها ملفات الوباء و تشكيل الحكومة وتصاعد الموجة الثانية من الحراك الشعبي و التناحر السياسي و الطائفي ، تأتي معضلة جديدة أعد لها بليل بهيم ووفق تخطيط إستخباري مبرمج يتعلق بترتيب الأولويات و تهيئة الساحة السياسية لفرض أجندات قديمة/ جديدة تتعلق بإستمرار الهيمنة الإيرانية على القرار العراقي ، فقد تصاعدت في الأيام الأخيرة تحركات ميليشياوية شيعيةمشبوهة في غرب العراق ترافقت مع حملات تضليل إعلامي و حملات من الإشاعات و الأخبار المفبركة ، وتوجت بهجمات عسكرية في منطقة صلاح الدين وفي شمال بغداد على مواقع لميليشيات الحشد الشيعي قيل إنها من تدبير ( داعش ) ذلك البعبع المخيف الذي أعلنت الحكومة العراقية و بمساعدة القوات الأميركية أيام رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي الإنتصار عليه بالكامل بعد تحرير الموصل و تطهير غرب العراق من فلوله حسب البيانات الرسمية!!! ، و لكن مع إشتداد مخاض الولادة الصعبة للحكومة العراقية بعد شهور طويلة من إستقالة حكومة الطائفي الفاشل عادل عبد المهدي ، وترشيح و رفض العديد من المرشحين الذين كان أخرهم السيد مصطفى مشتت الكاظمي الذي تعول عليه الولايات المتحدة في قيادة مرحلة إنتقالية تنتهي بتنظيم إنتخابات جديدة و فرض واقع سياسي جديد يتجاوز حالة التحاصص الطائفي المريض ويؤسس لقيام دولة صلبة وليست جزر طائفية مفككة مترهلة و مفلسة ، ومن أهم المطالب الأميركية التي تواجه حكومة الكاظمي إن تشكلت هي تفكيك ميليشيات الحشد الشيعي و إدماجها في المؤسسة العسكرية العراقية و حصر السلاح بيد الدولة!!وهي قضية تضرب في الصميم كل مخططات النظام الإيراني التي صرف عليها الكثير ، وبذلت الكثير من الجهود و الدماء في سبيل إقرارها! ، أي أن مسألة إنهاء الحشد الشيعي تعتبر خط إيراني أحمر و تيار صاعق ، فليس سرا إن فتوى السيستاني فيما كان يسمى بالجهاد الكفائي كانت تهدف أساسا لشرعنة تأسيس و قيام منظمة ( الحرس الثوري العراقي )!! ولكن وفق صيغة مخاتلة تبدو و كأنها تكليف شرعي للدفاع عن المذهب ثم تركها تنمو تدريجيا و من الميزانية العراقية لتنتج في النهاية واقعا لايمكن الفكاك من أسره يتمثل في قيام منظمة الحرس الثوري وهو الهدف المركزي المقدس الذي كان يعمل من إجله الإرهابي النافق قاسم سليماني ورجله الأول في العراق جمال جعفر المهندس! ، و الذي بمصرعهما في الثالث من يناير المنصرم تقوض كل شيء و تحطمت الآمال الإيرانية في تأسيس وتكريس ذلك المشروع الطائفي الإرهابي الخبيث ، لذلك فإن الإيرانيين لايمكن أن يتراجعوا بسهولة و يرفعوا راية الإستسلام و الفشل ، بل كانت لديهم خطط بديلة تتمثل في تصعيد الصراع العسكري في العراق من خلال العودة للمربع الأول و إعلان أن داعش قد عاد من جديد و إن الدفاع لابد أن يشمل تعزيز الحشد و بما يجعل الجهود لتفكيكه مسألة مستبعدة حاليا !!، وعليه فقد تم الإيعاز للميليشيات الشيعية بضرب ضربتها في شمال بغداد بعد أن إرتدى أفرادها ملابس داعش وهاجموا نقاط أمنية عراقية بأسلحة إيرانية حديثة و بتحرك لايمكن أن يصدر من داعش المهلهلة و الضعيفة بل أن الميليشيات الشيعية في سوريا قد دخلت المعمعة و قبل ساعات أعلنت فرقة العباس القتالية التابعة للمرجعية الشيعية و المدافعة عن القبور و الأضرحة من أنها صدت هجمات لداعش غربي كربلاء!!َ، و إذا كان نوري المالكي قد أدخل داعش للموصل و تسبب بمأساة كارثية لأهلها ولجميع العراقيين فإن عصابات إيران الحشدية تخطط بمهارة و شيطنة لإفشال مهمة حكومة الكاظمي و التلويح بخطر إجتياح داعشي للمراقد الشيعية المقدسة لهم في العراق في كربلاء و النجف من أجل تعزيز قوة الحشد بل و الإستعانة بقوات الحرس الثوري الموجوة طلائعها في العراق للدخول في العمق العراقي وخلط الأوراق لمواجهة مخطط طرد الإيرانيين من سوريا كما أعلنت ذلك إسرائيل ، وجعل العراق ساحة لتصفية الحسابات الإيرانية مع أميركا ولو أدى ذلك لشرذمة العراق بالكامل… المخطط الإيراني في قمة الخبث بل و يعمل من أجل إشعال حرب أهلية طائفية طاحنة في العراق تعزيزا للأمن الإيراني و مواصلة حرق ما تبقى من العراق ، و أحسب أن الوضع في منتهى الحرج و الدقة ، ومصطفى كاظمي ضعيف جدا ولا يمكن له مواجهة التحديات القائمة وبدون حسم دولي ولجم إيران وعملائها فإن العراق مقبل على كارثة كبرى لا تخطأ العين الخبيرة قراءة دلالاتها و معرفة إرهاصاتها المرة… العراق فعلا يتقلب اليوم على جمر النار!!! فهل من مغيث ؟؟؟    

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى