مقالات

ضحايا الحُب والعاطفة

محمود الجاف

كاتب وصحفي عراقي
عرض مقالات الكاتب

العاطفة : هي كَمية منَ المَشاعر والأحاسيس الجَسدية اضافة الى الوعي والإدراك الذي يعكس ردة فعل الشخص تجاه المَواقف والأمور التي يُواجهها في حياته وتشمل مجموعة لامُتناهية من الظواهر النفسية سواء كانت مُحدّدة تجاه حدث مُعيّن يُرافقها بعض الانفعالات المَرئية والواضحة . وهناك الكثير من أشكال العواطف التي تؤثر على طريقة العيش والتفاعل لان كل التصوّرات المُتكوّنة لدى الأشخاص والخيارات أو القرارات التي يتّخذونها تتأثر بشكل كبير بالمشاعر التي يحملونها . اما الحُب : فهُو الحالة التي يصنعها العقل . وهي دائما جميلة ومُغرية يُسعِد بها الحواس وباقي أعضاء الجسد فتتعانق الأيدي وتمشي الأقدام بحُب وتأكل المعدة وتهضم الطعام بحُب ويعيش الكبد وينام وينبض القلب ويدق على أبواب الحُب . وغالباً ما يعود التحكم بالعواطف بالمنفعة على الشخص حيث يجعله أقوى عقلياً ويُساعدهُ على اتخاذ القرارات الصحيحة لأنه يُدرك انها ليست سجناً يُعتقل فيه بل هي حالة نفسية مُؤقتة يجب تَجاوزها فإدارة المشاعر لا تتطلّب قمعها وتجاهلها بل تُساعد على تخطّيها بشكل فعّال وذلكَ يتطلّب بعض الخطوات منها : تحديدها بدقّة لان عدم معرفة الشعور وسوء التعبير عنهُ يُؤدي إلى اتخاذ قرارات خاطئة . وإعادة صياغة الأفكار لان الاتجاه الذي يتم النظر منهُ إلى الأحداث يُؤثر بشكل كبير على الإدراك لذلك يجب على الشخص أولاً . تغيير طريقة نظرته للأمور قبل الشعور بها . ثُم مُحاولة الخُروج من المزاج السيئ عن طريق القيام ببعض الأفعال الإيجابيّة التي تعزّز الحالة النفسية . لقد كان اشهر ضحايا العاطفة والحُب هو الشاب الايطالي الذي ينتمي الى اسرة غنية . وقع في حب فتاة من أسرة ادنى منهُ في المُستوى المَعيشي .. اتفقا على الزواج ولكنهُ لقي مُعارضة شديدة من أسرته وصلت الى حد التهديد . كبرت الضغوط عليهما فقررا الانتحار وتوجها معا الى صخرة عالية تطلُّ على البحر . الشاب كان هو البادئ لأنه لا يستطيع رؤيتها وهي تموت . ولكنها تراجعت عندما رأت هذا المنظر وعادت إلى البلدة وتزوجت شخصا آخر . وعندما علم أهل القرية بذلك قرروا أن يَتقدم النساء في كل الاحوال ومن هنا ظهرت مقولة السيدات اولا ( Ladies First ) …. اعرف شابّا بغداديا عشق فتاتا جميلة ولكنه أُسِرَ في بداية الحرب العراقية الايرانية وعندما عاد عام 1990 اعتذر منها وتزوج غيرها . انتظرته وكانت وفية له وجمالها لن يعود ولا خديها اللذان كانا كالورود . واشقاء كانا يعملان معا منذ الطفولة حتى جمعا ثروة كبيرة واملاك لاتعد ولاتحصى وعندما كبر اولادهما وبدأت تثار التساؤلات حول ماهو حقي وما هو حقك قال له الكبير : انت كنت تعمل عندي وكل شيء ملك لي ولأولادي فأصيب قلب شقيقه من اثر الصدمة ومات رحمه الله … فاستخدم ميزانا في عقلك دوما عند التعامل مع الاخرين أيا كانوا قريبين او بعيدين وضع العنان في عنق مشاعرك وعواطفك ولاتطلقها الا بعد الفحص والتدقيق في تعاملاتك وقيِّم وقوِّم مسيرتك كل حين وبدل وعدل رفوف القلب فالذي كان في القاع قد يرتفع الى القمة او العكس ولا يخدعوك باسم الحُب فكم جريمة ارتكبت باسمه . كم مراهقة هربت من بيتها ولم تعد ؟ … وكم طفلا ولد دون هوية في موعد غرامي تحت جنح الليل ؟ . ثم تركاه على قارعة الطريق . وكم بنتا اعتقدت أنهُ الحَبيب المثالي ثم خدعها ورحل وتركها لأوجاعها ومصيرها ؟ كم من خطيئة جرفت من ورائها ندما ؟ … سيدتي : كوني أنت الحب ولا تكوني الخطيئة . لأنكم عندما تسرقون بعض اللحظات بعيدا عما شرعه الله تجعلون منه جريمة لان الشيء الجميل النقي لا يكبر تحت جنح الظلام ابدا . مشاعر وقوة خارقة لا تنمو إلا في النور وبين احضان الاهل وامام ابصارهم … كم مرت علينا قصصا لأشخاص خدعوا باسم الحب … عشرات مجهولي النسب كانت امهاتهم تحلم بالفارس المُنقذ فانجرفت خلف الملذات ونسيت الحلال ..الحب الحقيقي هو تلك اللحظات التي تكونين فيها الملكة بعقد شرعي وليس خفية في مساء عيد الحب وانتم تفترشون الدباديب الحمراء .. تأكدي أن من أحبك بصدق سيأتيك الى بيت ابيك ولو حافي القدمين . مع والديه .. عندما تتحرك العاطفة وتُثار النفس وتعمل الغرائز الجياشة يتوقف العقل وتتولى نفسك القيادة فتدفع بك الى الهاوية . والمصيبة انهم بعد ان يصحوا وينظروا في المرآة سيجدوا ان قطار العمر قد فاتهم . تعالوا نجعل من عقولنا المهبط الحقيقي لطائرات الحب . حتى لانسقط في مستنقعات الخيانة والخداع والاوهام … عند زواج الرجُل الجاهل والانثى ولايربى الطفل وفق الاسس الدينية او العلمية والاخلاقية الصحيحة ينشأ عاطفيا الى حد الغباء فيصدق ويُصبح تابعا لكل من هب ودب باسم الدين او الحب ثم يكتشف انه كان على وهم ولكن بعد فوات الاوان واذا به قد خسر كل شيء والادهى من ذلك ان الزمان لا يعود ؟ ايها المُثقفون والمُثقفات . في العصر الذي تُطلقون عليه الجاهلي قال أعرابي من فزارة : عشقتُ جارية من الحيّ . ولكني والله ما حدّثتُ نفسي بريبة قط . سوى اني خلوت بها يوما فرأيت بياض اصابعها في سواد الليل فوضعت كفي على كفها فقالت : مَهْ . لا تُفسد ما صلح . فسال جبيني عرقاً ولم أعد . مَهْ : اسم فعل بمعنى انكففْ …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى