مقالات

هل القضية الفلسطينية مازالت قضية العرب والمسلمين الأولى؟

نعيم مصطفى

مدير التحرير
عرض مقالات الكاتب

لا شك أن القضية الفلسطينية شغلت المسلمين والعرب ردحاً من الزمن، وقد كانت الشعوب تتعاطف مع الشعب الفلسطيني وتستقبله بحفاوة ومودة وحنان، وتعتبره أخاً وشقيقاً في الإسلام والعروبة، وتعامله معاملة الأنصار مع المهاجرين في المدينة المنورة، أما الحكام الطغاة العملاء فكانوا يتاجرون بالقضية الفلسطينية ويمارسون كل فنون الرذيلة، متخذين فلسطين وجاء لتصرفاتهم الوضيعة، فهم يقتلون شعوبهم  ويعذبونهم إذا ما رفعوا صوتهم مطالبين بحريتهم وبكرامتهم وبحقوقهم، متذرعين بأنهم مشغولون الآن عن إرساء الديمقراطية ونشر الحرية بحل القضية الفلسطينية والصراع مع العدو الإسرائيلي وهم في الحقيقة يستمدون شرعيتهم من وجود هذا الكيان الغاصب.

وقد فضح خبثهم ونفاقهم الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر قائلاً:

” لا أحترم الزعماء العرب لأنهم يملؤون الدنيا ضجيجاً وصياحاً باسم فلسطين والقضية الفلسطينية ومدة حكمي كاملة تقابلت مع الكثيرين منهم، ولم يناقشني أحد منهم إطلاقاً في ملف فلسطين”.

الواقع إن القضية الفلسطينية كانت امتحاناً ناجحاً للشعوب العربية والإسلامية التي أظهرت روح التعاون والتعاضد في احتضان أهلنا الفلسطينيين من دون منة بل رأت ذلك واجباً شرعياً وأخلاقياً وإنسانياً.

ولكن الأيام تدور وتداول وتتغير ولا تبقى على وتيرة واحدة وكما قال الشاعر:

يوم لنا ويوم علينا      ويوم نساء ويوم نسر

وفي السنوات التسع الفارطة الأخيرة جاءت أيام حالكة وسوداء على الشعوب العربية عندما قررت خلع حكامها الطغاة الظالمين الخونة المأجورين، واللحاق بركب الأمم  الديمقراطية المتطورة، فكانت فاتورة هذا القرار حمامات وأنهار من الدماء سالت وتدفقت على ثرى مصر وسورية وليبيا واليمن ومازالت، وقد جعلت هذه الأحداث بوصلة الأوليات مختلفة عما كانت عليه، فقد أصبحت القضية الفلسطينية أقل تلك  المآسي شأناً، والذي يسعى دائماً لتسليط الضوء عليها ويضخمها مازال يرفع راية المتاجرة بالقضية- كالنظام السوري الذي يتحدث عن إجرام إسرائيل ليصرف الأنظار عن جرائمه التي فاقت إسرائيل بمئات المرات – ولا يعني هذا الكلام أن نهملها وإنما يجب على كل عاقل أن يبدأ بالبحث لحل القضايا الجسام تباعاً من الأعلى إلى الأدنى، فالدماء الإسلامية والعربية ليست رخيصة ولا متفاوتة وإنما على قدم المساواة ولا يوجد دم نقي طاهر وآخر فاسد ورديء، وميزان حجم المأساة لا يخفى على أحد فهو بالخسائر البشرية أولا وبالإعاقات التي سببتها الحرب ثانياً وبالتهجير ثالثاً وبالخسائر الاقتصادية رابعاً…..

ويمكننا اتخاذ نموذجاً لدولة من تلك الدول التي أشرنا إليها وموازنتها مع فلسطين ولتكن هذه الدولة سورية.

  • عدد الشهداء الذين قتلتهم إسرائيل منذ تأسيس الكيان الصهيوني /15/خمسة عشر ألفاً، وعدد شهداء الشعب السوري تجاوز المليون
  • المساحة التي احتلتها إسرائيل /15/ خمسة عشر ألف كم مربع، والمساحات التي أجلي سكانها عنها على يد العصابة الأسدية والمستعمر الروسي والإيراني أكثر من/100/ مئة ألف كم مربع.
  • عدد سكان الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم سنة/1948/ هو400 ألف لاجئ، عدد السوريين الذين تم تهجيرهم في السنوات من 2011 – 2018أكثر من مليون لاجئ.

والواقع أن معاملة إسرائيل للفلسطينيين سواء الذين يعيشون تحت حكم الكيان المغتصب أو الذين يعيشون في رام الله وغزة تعتبر معاملة راقية وحضارية قياساً لمعاملة حكام العرب لشعوبهم وهذا ليس مدحاً وإطراءً لإسرائيل القاتلة المجرمة وإنما هو هجاء وذم للبرابرة والوحوش حكام العرب وعلى رأسهم بشار الأسد.

نحن رأينا على شاشات التلفاز كيف يركض الجندي الإسرائيلي المدجج بالسلاح أمام الطفل الذي يحمل حجراً، ورأينا كيف الشابة عهد التميمي صفعت الجندي الإسرائيلي المسلح وأذلته أمام الناس وأمام الكاميرا ولم ينبس ببنت شفة بل حولها إلى القضاء، هب أن ذلك خرج عن مواطن عربي ضد عنصر مخابرات ماذا يصنع؟ الجواب يفرغ مسدسه في رأس المواطن.

وقد حصل أشد من ذلك بكثير في سورية، فقد خرج الناس بصدور عارية يهتفون بإسقاط النظام السوري الظالم فكان ردة الفعل بمجابهة تلك الحشود بأعتى أنواع الأسلحة، وقد كان من أنجح ابتكارات النظام السوري السفاح هو إسقاط البراميل الممتلئة بالمتفجرات على الناس فهي قليلة الكلفة وتقتل حجماً كبيراً من الناس ولا تميز بين صغير وكبير ولا بين طفل وامرأة.

  أخلص مما تقدم أن العرب والمسلمين  في أسوأ حالاتهم ويُطوقون بالحروب والمآسي والأزمات من كل حدب وصوب ويجب تكاتف الشعوب لإسقاط الأنظمة الفاسدة، واختيار الرئيس الكفء والوفي والمخلص الذي يكون همه الأول خدمة شعبه ولا يسعى لأن يكون فرعوناً يسخر الشعب كله لخدمته، وعندما تتحرر الشعوب من قبضة جلاديها الخونة يكون حلّ القضية الفلسطينية من أسهل القضايا، لأن الذي يضع العصا في دواليب تحرير فلسطين ويعرقل الحلول الحقيقية هم حكام العرب، ولا أدل على ذلك أنهم في الآونة الأخيرة شجعوا أمريكا لنقل سفارتها إلى القدس وكان بإمكانهم أن يمنعوا ذلك لو أرادوا بدفع حفنة من الأموال للتاجر ترامب، ويسعون الآن لإنجاح بما يُعرف بصفقة القرن حتى تبقى القضية الفلسطينية قلقة ومضطربة وطوق نجاة لهم حتى يعبثوا كما يشاؤون في بلدانهم وشعوبهم بذريعة أنهم مشغولون بحلّ القضية الفلسطينية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى