منوعات

البوطي بين السذاجة والعمالة

علي الصالح الظفيري

ناشط سياسي سوري
عرض مقالات الكاتب

محمد سعيد رمضان البوطي :
ذالك المُهاجِر أو المُهّجر مع أسرته القادمة من شرق تركيا إلى بلد العلم والعلماء والتجارة بل هي المنارة(دمشق)
نعم هي دمشق التي ترزخ بالعلم والعلماء على مستوى العالم الإسلامي منذ القدم .
جاءها رجلٌ يملك من العلمِ والورع الكثير ،كما وصفه أغلب تلاميذه الّذين كان كثير منهم أبناء لعلماء دمشق الذين تتلمذوا على يده بالفقه الشافعي الذي كان من فحوله .
و هنا كان الولد محمد سعيد رمضان البوطي يُجالس أولاد العلماء عند أبيه ، وعند العلماء الآخرين الذين يأخذ عندهم العلم بعض الفتيان الذين يحرصون على التخصّص في العلوم الشرعيّة، وكعادة البعض من الشيوخ بتوجيه أبناءهم بعد نضوجهم في العلوم الشرعيّة إلى التخصص الأكاديمي بالّلغة العربيّة لما له تأثير إيجابي في النطق والمنطق ولأن الّلغة العربيّة تعتبر أصلاً من العلوم الشرعيّة المهمة .
نعم صار ذلك الشابُ الفقير الذي ربّما أثّرت به وبشدّة العوز والفوقية التي يُتّهم بها الدمشقي بشكل عام، إلى أن تكوّن وصار الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي.
وهنا كانت سورية والمنطقة يسيطر عليها التيارات القومية، والعسكر الّذين كان صدامهم الحتمي مع التيارات الإسلاميّة العلميّة والمشتغلة أيضاً بالسياسة.
و ربّما كان الواقع السوري هو من خدم ذلك الشاب ، حيث إن الصراع بين العسكر والقومجيين من جهة والإسلام من جهةٍ أخرى ساهم في تحييد الكثير من طلاب العلم والعلماء والمشايخ البارزين في سورية وهنا سُلِط الضوء على المغمورين والغرباء عن المناخ الدمشقي إن صح التعبير فظهر على السطح علمياً البوطي والألباني .
وبعد أحداث الثمانينات أو مايسمى بأحداث الإخوان المسلمين برز البوطي وتفرّد بالمشهد الشرعي العلمي وذاع صيته عربيّاً بل وعالميّاً وكان له هذا التصدّر الذي ربما استحقه الرجل بعلمه وأسلوبه الحواري الفكري ،حتى صار له ما له من المنزلة والمكانة العلميّة الرفيعة.
ولكن لطالما كانت تلاحقه سلباً مواقفه المسايرة للنظام السوري المجرم والمداهنة أحياناً ، بل والتي كانت تصل إلى النفاق المتقن في بعض المواقف ، لكن تبرير تلك المواقف من المحب وحتى المبغض يعتبر منطقيّاً إلى ما قبل الثورة السورية ، إلى أن وصل البوطي بل والشعب السوري والمنطقة إلى مفرق طريق لا مجال فيه للنفاق والرمادية، وخاصة من النُخَب والعلماء، فهنا كان السقوط المدوّي لهذا الشيخ الثمانيني الذي وصل من العمر والمكانة العلمية إلى الحد الذي لا يغريه مال ولا جاه ولا نساء ، ولكن هذا الرجل كان و بوقاحة غير معهودة من العلماء إلّا علماء السوء الذي كان ممّن مثّلهم أفضل تمثيل، فوقف مع النظام السوري المجرم ضد ثورة شعب هو أعرف الناس بمعاناته عبر عقود .
رجل بقي لعقود يُدرِّس بالمساجد ويؤلّف الكتب ويحاضر في كلية الشريعة هو وولده ، يختلط بالناس ، يسمع منهم ، ويتدخّل ببعض الأمور ولا يُخفي قربه من هرم السلطة واللقاءات المتكررة بهم أيام المقبور حافظ الأسد والوريث بشار .
السؤال : لماذا يادكتور سعيد ؟
كثير ممّن تعلق بالرجل لعلمه أو لشخصه حاول عبثاً أن يضع بعض المبرّرات الواهية لموقفه المعادي للثورة بل والمؤيد للنظام المجرم بالكليّة ولكن غالباً ماتكون المبرّرات لا ترقى إلى المستوى الذي يقتنع بها عاقل ، وهنا أكاد أجزم بأن الرجل وقف مُجبراً بهذا الموقف المعادي للحق ولكن من أجبره وكيف ؟!
الذي أراه أن الرجل قد جنّدته جهة عالمية ، بعد أن وصل إلى ماوصل إليه من مكانة ، وهنا الرجل صار ينفّذ تعليمات تلك الجهة التي فرضت عليه الوقوف مع النظام المجرم لأنّها ربّما المُشغّل لكلاهما ، ولا يهمّها بهذا ما يؤول له حال هذا الرجل ، لأن تلك الجهة مصلحتها بقاء النظام حاكماً لسورية أو على الأقل بقاؤه بالحكم أطول وقت ممكن كي يُنفّذ ما يُطلب منه من تدمير وتهجير للسوريّين وهذا مافعله هذا الرجل .
والسؤال الذي يطرح نفسه وبقوّة ، لماذا قُتل ومن قتله ولماذا تم اختيار هذا التوقيت لقتله ، فهذا أيضاً يحتاج إلى التفكير مليّاً ،فربما أن هذا الرجل أراد أن يتفلّت من مُشغليه، فأحسّوا بهذا وكان مصيره هو الجزاء الطبيعي لمن يدخل تلك المنظّمات السريّة ويحاول الخروج عمّا يُخطط له أو حتى حاول الإنشقاق عنهم ، أو أنهم أنفسهم وجدوا أن الرجل نفّذ المطلوب منه وبالتالي انتهت مهمّته و يحتاج إلى نهاية معقولة، يختلف عليها المُحبّون والمُبغضون للرجل في آنٍ واحد وهذا ماحصل بالفعل.
فالبوطي كان ومازال وربّما سيظل محل جدل وخلاف، لكن الثابت عندي أن الرجل عالم و لا شك في ذلك، ولكن أضلّه الله على علم ، و وقف مع الظالم بوقاحة ، وصار الآن عند الحق ، بسوء خاتمة كما يظهر لنا والعياذ بالله .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى