تحقيقات

حتى لا ننخدع ظهور مفاجئ لرامي مخلوف… ورسائل مررها لرأس النظام.. ما هي؟

فراس العبيد – رسالة بوست

“سيادة الرئيس… أرجوك”، بتلك العبارة، مرر، الملياردير، رامي مخلوف، ابن خال رأس النظام، بشار اﻷسد، مجموعة من الرسائل، في ظهوره المفاجئ عبر صفحته الشخصية في الـ”فيس بوك”.

وظهر مخلوف إبان ملف طويل من الملاسنة الكلامية والتصريحات التصعيدية، التي خرجت على لسان الموالين له وﻷسماء اﻷخرس، زوجة بشار اﻷسد، وعبر “فيس بوك”.

ليضع الرجل حدّاً، بطريقته، بعد بلوغ الصراع ذروته وﻷول مرةٍ في تاريخ العائلتين، المتحالفتين، “مخلوف_اﻷسد”.

عفا الله عما سلف:

ودون شك؛ فإنّ “آل مخلوف” لم يكونوا ليقيموا وزناً لـ”آل اﻷسد” الذين تؤكد الكثير من التصريحات والوثائق، أنهم دخلاء على الطائفة العلوية، ما يعني أن النزاع أخذ حيزاً عشائرياً، بقالب متحضر، مع ترك بابٍ للحوار، يحتمل معه قيام “مصالحة” تاريخية، على مبدأ “عفى الله عما سلف”.

استغلال الدين:

والملفت أنّ “رامي مخلوف” عنوّن لتسجيله المصوّر، “كن مع الله ولا تبال”، وعادةً ما لجأ حافظ اﻷسد إلى النصوص والمصطلحات الدينية لضرب معارضيه، وسبق أن استخدم حافظ، عبارة “تجديد البيعة” بعد خلافه مع شقيقه “رفعت” الذي حاول اﻻنقلاب عليه في فترة مرضه، قبل إخراجه بصفقة خارج البلاد.

وبدا مخلوف في خطابه الركيك، أقرب ﻹثارة عواطف الناس، عبر استخدام العبارات الدينية، “الله المعطي” وغيرها، كما ظهر وكأنه يحاول استعطاف اﻷسد نفسه على مبدأ “ﻻ تخلي الناس تشمت فينا” كما هو دارج باللهجة العامية.

كنوع مبتذل من استغلال الدين، أو بعض عباراته، بطريقة العاهرة التي تحاضر عن الشرف.

يا روح ما بعدك روح:

وأقرّ مخلوف أن القرارات الأخيرة التي تتعلق بفرض الضرائب على شركة الاتصالات التابعة له “سيرتيل”، هي بتوجيه مباشر من بشار الأسد.

وطالب مخلوف، اﻷسد، بمهلة لتسديد تلك الضرائب المقدرة (بحدود 180 مليون دولار)، وبرر بأنّ المال ليس موجداً “تحت البلاطة”، ومنعاً من انهيار هذه الشركة.

كما اشترط مخلوف على اﻷسد، اﻹشراف شخصياً على توزيع أموال الضرائب،  على “الفقراء والمحتاجين”، وبرر بأنه، ﻻ توجد ثقة بأي شخص آخر للقيام بهذا العمل، وهذه العبارة تعدّ صفعة في وجه النظام برمته، وتؤكد أن الفريق المتزعم، مجرد “لصوص ﻻ يأتمن حتى زعيمهم جانبهم”.

ويحاول مخلوف، عبر تسجيله المصوّر، وضع اﻷسد شخصياً، في خانة ضيقة، ومواجهة مباشرة معه، في تصعيدٍ هو اﻷول من نوعه، ولم يسبق أن مارسه حتى رفعت اﻷسد، بوجه شقيقه، حافظ.

بالتالي؛ يعتبر خروج ابن خال اﻷسد، تصريحاً علنياً، بأنّ الملف بلغ ذروةً ﻻ تطاق، وعلى مبدأ إن لم تستجب، سنفتح الملفات القديمة، وعلي وعلى أعدائي، وياروح ما بعدك روح!

وقد مهد مخلوف في رسائله المبطنة لتلك النقاط، وركز على أنه لا يزال يحافظ على شراكة عائلته مع آل اﻷسد، وحلفهم التاريخي، ومرر ذلك، بعبارات “الشركة شريكة للدولة”، وهي النقطة التي يفهم منها كل سوري، أنه يقصد “اﻷسد”.

فالنظام الحاكم، اختزل منذ تولي حافظ اﻷسد، سوريا الدولة، بشخص الأسد، وأردف مسماها بلقبه، حتى تماهت معها، فصارت “سوريا اﻷسد” خلال عقود سبقت الحراك الثوري.

الفاسد إذا حوصر:

ومن ضمن الرسائل التي مررها مخلوف، للعودة إلى المصالحة والشراكة، أنّ تكون برعاية مباشرة، من رأس النظام، بشار اﻷسد، وألمح بشكلٍ أو بآخر إلى وحدة مصير العائلتين، وهو نوع آخر من التهديد، فبسقوط “الثروة” التي تديرها عائلة “مخلوف” وفتح الملفات القديمة، التي مررها بقول، “فتح ملف الشركة واحداً واحداً”، بالتالي؛ ذكر بأنه سيسقط “ورقة التوت” عن “آل اﻷسد”، وتغرق السفينة بالطرفين، ولم يغفل ملخوف التذكير بدوره منذ بداية الحرب على معارضي اﻷسد، وهو اعتراف يفترض أن يقدم كورقة إدانة في المحافل الحقوقية الدولية، على فرض آمنا بعدالتها ومصداقيتها.

ويعني كلام مخلوف، “كلنا في الفلقة سوا، وﻻ تنسا يا سيادة الرئيس أني شريكك في قتل المدنيين”.

ويحاول مخلوف أنّ يمرر المثل القائل؛ “اليهودي إذا انضاق فتح الدفاتر العتاق/القديمة”، كنوعس من الضغط، واستعادة ديونه.

استجداء:

والمتتبع لكلام رامي مخلوف، يجده غلّب إطار “المودة” و”السمع والطاعة”، ومرر بدهاء عبارات “الترجي” التي تكررت في التسجيل المصوّر أكثر من عشر مرات، بل ولجأ إليها في خاتمة حديثه، ثلاث مرات. مؤكداً أنّ باب المصالحة والشراكة بين العائلتين، لم يغلق.

والقراءة الدقيقة لتلك العبارات هي من باب المحافظة على الدولة “الطائفية” والشراكة في حكمها بين تحالف العائلتين، مخلوف_اﻷسد، وهي نقطة واضحة في كلامه، ويمكن فهمها تاريخياً وفي مطالعة كلام “ابن رفعت، دريد اﻷسد”، مؤخراً، كيف كشفت أنّ الصراع العائلي يدور في محوره حول “إدراة البلاد” فقط، وكأنها “مزرعة خاصة”، لصالحهم، ضمن مشروع طائفي تم تأسيسه على يدي حافظ اﻷسد.

تطورات الصراع:

وتعود خلفيات الصراع الذي ظهر علناً إلى التسريبات التي يعتقد أنها من تقديم “آل مخلوف” والمعروفة بفضيحة اللوحة الفنية باهظة الثمن التي اشتراها اﻷسد هدية لزوجته، وسبقها تسريبات سابقة فيما عرف بفضيحة “ملكية شركة تكامل” التي تتفرد بإدراة ملف البطاقة الذكية و”تقديم الغذاء” للشارع الموالي، والتي فاح ريح نتانتها عالياً، ومررت تلك التسريبات عبر صحفٍ روسية.

وأراد مخلوف الطعن في “اسماء اﻷخرس”، زوجة بشار اﻷسد، بدليل أنه طلب الرعاية الشخصية من اﻷسد ﻹدارة ملف “سيريتل”، وسبق أن أشرنا أنّ موسكو أيضا منزعجة من تفرد “اﻷخرس” باقتصاد البلاد، وعبرت عن انزعاجها، بوقف صفقة القمح، كصفعة للأسد، لوضع حدٍّ للموضوع.

والمتابع للأيام القليلة الماضية يجد أن الصراع بين العائلتين، انحصر ليس فقط عبر “فيس بوك” من خلال صفيين موالين للطرفين، كأكرم عمران، مدير صفحة سوريا الفساد في زمن اﻹصلاح” والمحسوب على آل اﻷسد، والصحفية الموالية ﻵل مخلوف، ماغي جزام، التي أهانت قبل يومين “أسماء اﻷسد” ونعتتها بـ”سيدة الصبار”، بل انحصر الصراعبين “تكتل مخلوف، واﻷخرس”، ومن الضروري مواجهته وحسمه بتدخل شخصي من “بشار” وهي إحدى رسائل رامي.

مخلوف أيضاً حاول تقديم صك براءته أمام الشارع الموالي، نافياً عن نفسه تهم الفساد، التي حاول إعلام النظام التلميح إليها، طاعةً ﻷسماء اﻷخرس، وبهدف إزاحته من المشهد، وجعله شماعةً يعلق عليها الانتكاسة اﻻقتصادية.

تحدٍّ معلن:

ويمكن قراءة خروج مخلوف شخصياً، كتحدٍّ للأسد، ومطالبة بخروجه العلني، بدلاً من ترك ملف إدراة اللاقة ولاحلف القديم بيد زوجة اﻷسد، كنوع من الذكورية، المكشوفة، وتقديمه منطق “واجهني رجلاً لرجل”، تاركاً خطاً للعودة وطريقاً أو سكةً للرجعة، من خلال التلطف بالكلام، والذي قد يفهمه اﻷسد، ضعفاً من مخلوف.

ويشار إلى أنّ ملف “الفساد الثنائي” بين حلف مخلوف اﻷسد، كشفت عنه تحقيقات صحافية أعدها “الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين” ومقره واشنطن،  استناداً إلى 11.5 ملايين وثيقة مسربة، وتتحدث عن 140 زعيماً سياسياً من دول العالم بينهم 12 رئيس حكومة حالي أو سابق، هربوا أموالاً من بلدانهم إلى ملاذات ضريبية، تجنباً للمساءلة عن مصادر أموالهم وشرعيتها. فيما يرعف باسم “وثائق بنما”.

وكشفت “وثائق بنما” تلك؛ عن تفاصيل فساد ابن خال بشار الأسد الملياردير السوري “رامي مخلوف” الذي يسيطر على مفاصل اقتصاد البلاد ولا سيما في قطاعات النفط والاتصالات السلكية واللاسلكية.

كما تحدثت الوثائق عن العميد “حافظ مخلوف”  شقيق رامي الأصغر، الذي استغل نفوذه العسكري والأمني كونه ضابطاً  في الاستخبارات وأجهزة الأمن لمساعدة شقيقه الأكبر للقضاء على منافسيه.

وأشارت الوثائق إلى أن “حافظ مخلوف”  تمكن من الحصول على مبلغ 4 مليون دولار، كانت في حسابات سرية خاصة به في البنوك السويسرية، رغم لاعقوبات الدولية عليه لدوره في مساندة اﻷسد ضد المدنيين، بينما لفتت الوثائق إلى أنه فقد منصبه العسكري بعد تناحر وصراع داخلي ويعتقد أنه فر إلى بيلاروسيا في عام 2014.

ويذكر أنّ  رامي مخلوف أعلن في مؤتمر صحافي، في حزيران/يونيو 2011 ، نيته تحويل أرباح مساهمته في شركة سيريتل التي تدر أرباحاً قدرت بنحو ربع مليار دولار سنوياً للعمل الخيري الذي تديره جمعية البستان “الخيرية”.

إﻻ أنّ تسريبات ويكيلكيس، أزهرت لاحقاً، وعبر وثائق مسربة، أن مخلوف  استغل أجواء الحرب في سورية، لشراء مزيد من الأسهم في المصارف السورية، رغم إعلانه التحول الى العمل الخيري، وإعلانه وأشقائه الاستقالة من مجالس إدارات مصارف وشركات مثل بنك سورية الدولي الإسلامي وبنك بيبلوس وشركة العقيلة للتأمين.

 واعتمدت تلك الوثائق المسربة على رسائل إلكترونية مخترقة من شركة شام كابيتال للوساطة المالية ونشرتها صحيفة الأخبار اللبنانية المقربة من حزب الله الموالي لنظام اﻷسد.

أخيراً؛ ﻻ يمكن لعاقل أن ينخدع بعبارات الملاطفة التي ركز عليها المفسد مخلوف في مغازلة المفسد بشار، وكما يقال، بين النور ما في تكليف.

وكتب اﻷستاذ المحامي المعارض، أنور البني، على صفحته الشخصية في الفيس بوك، نقطة غاية في اﻷهمية، يجدر التنبه لها، يقول؛ “حتى لا ننخدع.. فيديو ومطالبة ناهب أموال الشعب السوري رامي مخلوف لقاتل الشعب السوري بشار الأسد هو تمثيلية هدفها إعادة بعض الهيبة لبشار بعدما سقطت وظهر كتابع وطرطور. ومحاولة لإظهاره المسيطر والآمر.

العالم يعرف الحقيقة. أصبحتم خدم لمجرمين على شاكلتكم وهذه التمثيليات مثل مسلسلاتكم أصبحت منبوذة مثلكم”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى