مقالات

ما هكذا تورد الإبل يا أهلنا في لبنان

نعيم مصطفى

مدير التحرير
عرض مقالات الكاتب

قبل الشروع في بسط القول فيما يتعلق بالعنوان الموسوم لا بد من الإشارة إلى أن المستهدف من هذا المقال ليس الشرفاء اللبنانيين – وما أكثرهم – من أفراد ومنظمات وأحزاب، وإنما السهام موجهة إلى أصحاب المبادئ والقيم الضعيفة إن لم أقل المعدومة من اللبنانيين وعلى رأسهم التيار الوطني الحر الذي يتزعمه جبران باسيل إضافة إلى ميليشيا حزب الله…

بعد انفجار الربيع العربي ومن ضمنه الثورة السورية عام 2011 ثم مجابهة الثورة بالحديد والنار، مما دفع بالسوريين للهجرة أفواجاً أفواجاً فراراً من الإبادة الجماعية التي تُمارس على أيدي جيش النظام ثم انضمت إليها فيما بعد القوات الروسية والإيرانية وحزب الله…

وكانت وجهة السوريين الأولى بطبيعة الحال هي دول الجوار وهي لبنان وتركيا والأردن ومن ثم اتسعت مساحة الهجرة إلى مصر والسودان وأوربة….

 والحق يُقال أن معظم الدول – على اختلاف وتفاوت بينهم – قد رحبوا بالسوريين وفتحوا لهم أذرعتهم وآووهم إلا دولة لبنان – التي كانت تتغنى وتتفاخر بالروابط الأخوية بين البلدين تحت شعار(( سوا ربينا ))- فقد تبرمت وتأففت وضاقت ذرعاً

  • الشريحة التي أشرنا إليها – بالسوريين على الرغم من تدفق الأموال إلى مصارفها من المنظمات والدول العالمية المانحة لأجل اللاجئين وراح اللبنانيون يسوقون الذرائع المزيفة والحجج الواهية لتبرمهم بالسوريين كضعف الاقتصاد اللبناني وضيق مساحة الدولة وما إلى ذلك..

ولكنهم تجاوزوا هذه المسوغات وراحوا يكيلون الإهانات للسوريين مما أثار حفيظتي وجعلني أضع النقاط على الحروف.

ثمة فريق كبير وشرخ واسع بين الشعب السوري عامة الذي يعشق الحرية والديمقراطية ويربأ بنفسه عن التدخل بشؤون الدول الأخرى وبين النظام الذي استلم الحكم بالانقلاب وبالقوة وبالسلاح منذ نحو خمسين عاماً على يد حافظ الأسد واستمر حكمه إلى الوقت الحاضر على يد وريثه وابنه بشار.

لقد دخل جيش النظام السوري إلى لبنان عام 1976 بذريعة إحلال السلم بعد اندلاع الحرب الأهلية، وثبت أقدامه عقوداً من الزمن وراح يمارس هواياته في عرض حركاته الهمجية على الشعب اللبناني فسامه أشد ألوان العذاب من قتل وسلب ونهب واغتصاب، وفي عام 1990 حاول ميشيل عون – الرئيس الحالي الذي يؤيد جرائم بشار – وكان آنذاك رئيساً للحكومة العسكرية حاول التصدي للقوات الغازية السورية وإخراجها من لبنان لكنه مُني بالهزيمة فهرب حافي القدمين إلى السفارة الفرنسية ودعا أنصاره إلى وقف إطلاق النار بعد أن تمكنت القوات السورية من قتل وجرح المئات من العسكريين والمدنيين وارتكبت مجزرة مريعة بحق أسرى من الجيش اللبناني.

وفيما بعد أمعن النظام والجيش السوري في إذلال الشعب اللبناني إلى أن قتل رئيس وزرائه آنذاك رفيق الحريري لأنه انتقد الممارسات المشينة للجيش السوري، مما دفع باللبنانيين للاستغاثة بالمجتمع الدولي لإنقاذهم من هؤلاء البرابرة المتوحشين، فاستجاب المجتمع الدولي لتلك الصرخات، وأرغم النظام السوري على سحب قواته عام 2005 وبذلك تحرر اللبنانيون من أسوأ احتلال مرّ عليهم عبر التاريخ، وفرح الأحرار والشرفاء وأقاموا الأفراح والأيام الملاح لكن الشريحة اللبنانية التي أتحدث عنها يبدو أنها قد استمرأت الذل والإهانة فحزنت على خروج النظام السوري وراحت تسعى لإعادته وقد ظهر ذلك جلياً عند اندلاع الثورة السورية، فقد سارع اللبنانيون الانبطاحيون لتأييد النظام ومساندته ضد الشعب السوري الذي طالما وقف مع الشعب اللبناني عندما كان يرزح تحت الاحتلال الأسدي.

ويمكنني الآن تشخيص المشهد على النحو التالي:

فقد ذكرت أن الأحزاب والكتل الشريفة والحرة والتي لا تنسى جرائم الأسد التي ارتكبها في حق شعبهم، قد وقفت بجانب الشعب السوري ودعمته، ولكن الشريحة التي هي موضع النقد قد تمادت في إهانتها للشعب السوري، ولم يخجل الوزير العنصري والطائفي السابق  باسيل بالبوح فيما يجول في خلده من كراهية وبغض لا مثيل لها للسوريين.

فدعم قانوناً يبيح لكل الزوجات غير اللبنانيات بالحصول على الجنسية اللبنانية باستثناء السوريات، وكذلك كان بعض اللبنانيين يحذر السوريين من الاقتراب من الفتيات اللبنانيات أو الاقتران بهن.

وآخر تصريح ظهر على القناة المتطرفة الداعشية في مسيحيتها (و -ت -ف)  التابعة لباسيل والتيار الوطني الحر.

بأنه يجب فصل الأطفال السوريين عن الأطفال اللبنانيين من أجل ألا يتأثروا بثقافة الأطفال السوريين.

ويا ليت شعري من هم هؤلاء الذين يخافون من الغزو الثقافي السوري؟!!

إنهم الذين يتشوقون لعودة جيش الأسد حتى ينهبهم ويغتصبهم ويسفك دماءهم.

أجل يحق لهم أيضاً أن يخشوا على ثقافة أطفالهم، لأن ثقافة اللبنانيين هي ما تسمى بثقافة فوق/18/ فهم لا يعرفون من الثقافة والعلم سوى من المعدة إلى الركبة يعني فنون الجنس وفنون الطعام (أهم شخصية على مستوى الوطن العربي والإقليمي الشيف رمزي وأهم مغنيات هيفا ونانسي الخ…)

في حين أن الشعب السوري يربأ عن هذه الثقافة وعن هذه الشهوات وقد أثبت علو كعبه في حلّه وترحاله، والإبداعات والإنجازات التي يحققها الشعب السوري مبثوثة في كل الدول التي هاجر إليها، وقد اعترفت المستشارة الألمانية (ميركل) ودولتها من أعظم الدول العالمية في التطور والتقدم بأن تطور الطب يعود فضله للسوريين الذين يبلغ أعدادهم في هذا الحقل ما يربو على /10/ آلاف طبيب.

وأختم حديثي بقول أفلاطون:

” لو أمطرت السماء حرية لرأيت بعض العبيد يحملون مظلات “

وقول المفكر مصطفى محمود:

” هناك من يناضلون من أجل التحرر من العبودية، وهناك من يطالبون بتحسين شروط العبودية “.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى