مقالات

التغول الإيراني في المنطقة العربية

مطيع السهو

سياسي وكاتب
عرض مقالات الكاتب

على مدى أربعين عاماً كانت بعض الدول والقوى العربية تقلّل من خطر إيران بل اعتبرتها مناصرة للقضية الفلسطينية والقضايا العربية عموماً وكان كلّ التّخوّف من الخطر الصهيوني حتى توغّلت إيران في المنطقة فأوجدت لها خلايا وقوى أجيرة تأتمر بأمرها، ولو قارنا الخطورة وحجمها على الأمن القومي العربي بين العدو الفارسي والعدو الصهيوني لوجدنا مفارقات عديده، حيث مازالت بعض القوى المشكوك بانتمائها في بلادنا تحاول تضليل أمتنا عن إدراكها لتلك المفارقات على كثرتها، والحقيقة إيران وإسرائيل وجهان لعملة واحدة ، يوحّدهما هدف مشترك هو تدمير العرب السنة والاستيلاء على مقدراتهم والقضاء على أيّة بادرة للتوحّد من خلال إثارة الفتن واشعال فتيل الصراع في المنطقة بين السنة والشيعة، و إيران تقوم بهذا الدور لتسوّغ تدخَلها في المنطقة، ومن ثمّ تقوم بتنفيذ عمليات تخريب الدول العربية ومحاوله الهيمنة على قرارها عبر اذرعها المنتشرة في عدد منها .
إنّ عدد الضحايا الذين سقطوا على يد العدو الصهيوني منذ احتلاله لفلسطين وحتى الآن لا يساوي عدد الضحايا الذين سقطوا في عمليات الإبادة الممنهجة على أيدي الإيرانيين وأزلامهم في العراق وحدها ـ هذا قبل أن نفتح جراح سوريّة، والأقطار العربية التي أوقعتها إيران في براثنها أكبر حجماً وثراء وأهميةً في القوة والمقدّرات من الأراضي التي احتلّتها إسرائيل والنفوذ الذي وصلت إليه في المنطقة على مدى خمسه وسبعون عاماً
ومن هنا تجد إسرائيل صعوبة في إثارة الفتن الطائفية وتمزيق النسيج العربي في المنطقة لعدة أسباب ، ربما أهمهما الاختلاف بين الديانة اليهودية والإسلامية بينما نجد أنّ إيران استغلّت قضية الدين ومنذ أن استلم الخميني الحكم صرّح بتصدير الثورة الإسلامية إلى الدول العربية بشكل علني وليحظى بالتأييد تبنّى تحرير القدس وجعله شعارا إلّا أنّ التحرير هذا يمرّ من العراق فالشام ومن ثمّ دول الخليج، ومن ناحية أخرى يلاحظ أنّ طبيعة الصراع بين إيران وإسرائيل منذ عقود هي تصريحات وإعلام فقط فإيران وإسرائيل تلتقيان في ضرب المشروع العربي إلّا أنّهما تتنافسان في قضية الهيمنة والتوسع ، حيث يطمح الكيان الصهيوني في بناء إسرائيل الكبرى ، بينما تطمح إيران بإعادة بناء الإمبراطورية الفارسية ومن خلال هذه الممارسة والتوجّه يبدو أنّ هناك شبه اتّفاق ضمني بين إيران واسرائيل ،
وإن لم يكن بينهما تحالف معلن أمّا إظهار العداوة فما هو إلّا تقية سياسية فضحتها اربع عقود مضت، وكلّ هذا في غياب تام لأيّ مشروع عربي يقف أمام هذا الخطر الداهم الذي يتهدّد الهوية والوجود بل على العكس تماما هناك شرخ خطير أخذت تتوسّع هوّته، فدول ارتمت بأحضان إيران وأخرى راحت تحتمي بإسرائيل !
أما بالنسبة للحكومات العربية المتعاقبة فلم يكن بالأصل هناك دور إيجابي لها أو للجامعة العربية ولالمعاهدة الدفاع المشترك ولالشيء اسمه أمن قومي عربي !
بل الدور الأساسي المفعّل و غير المعلن والذي أُسِّست لأجله تلك “الجامعة العربية” في آذار/مارس من العام 1945 هو تثبيت الحدود والخرائط التي نتجت عن اتفاقية (سايكس-بيكو) ، وفكرة إنشاء جامعة الدول العربية أصلاً لم تكن فكرة عربية محضة بل باقتراح وتوجيه من الدول الغربية، لاسيما بريطانيا ووزير خارجيتها “أنتوني إيدن” سنة 1943 .!
خلاصة القول : لامناص اليوم من إعادة ترتيب المنطقة من جديد وفق هذه الأخطار التي أخذت تعصف بالأمّة فإن لم يكن هناك مشروع عربي يتبنّاه جيل من الشباب المدرك لهذه التحديات، والمؤمن بوحدة الأمّة ودورها وتحمّل المسؤولية في صنع مستقبلها، فالقادم هو تقسيم المقسم، وتجزئة المجزأ، والمزيد من التبعية والضعف والتشرذم .

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. نعم صدقت استاذ ابو سعد المحترم الخطر الايراني على العرب والاسلام انا ساتكلم بهذا الخصوص هو اخطر من بني صهيون عليهما وخاصة كما نعرف انهم ادات بيد بني صهيون ويعملون سوية من اجل ضرب الامة وبكل مفاصلها ولولا ان تكون كذلك لما تركوا ايران تسرح وتمرح وتحتل العواصم العربية في ظل صمت كل المجتمع الدولي الساقط اخلاقيا وانسانيا …
    لقد اصبت كبد الحقيقة اخي ابو سعد بموضوع هام جدا وقيم جدا وحساس ومصيري للامن القومي العربي او للامة العربية والاسلامية على حد سواء بوركت همتكم وفقكم الله وسدد رايكم والله ولي التوفيق ودمتم بخير مع كل المودة والاحترام

  2. اسلوب سهل في التعبير و وضوح في الأفكار. بعيدا عن السياسة، أكثر ما يعجبني هو أسلوبك المتميز بالطرح.

  3. سلمت يداك ليت قومي يعلمون.
    بارك الله بك ولا نضب هذا اليراع الذي يصدع بالحقّ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى