مقالات

من العرش إلى النعش

محمد علي صابوني

كاتب وباحث سياسي.
عرض مقالات الكاتب

كثر الجدال واللغط حول محاكمة العقيد “أنور رسلان” رئيس أحد أقسام التحقيق في أمن الدولة (المخابرات العامة) بالفرع الداخلي 251 أو ما يعرف بفرع الخطيب تلك المحاكمة التي بدأت فصولها في ألمانيا يوم 23 نيسان/أبريل الحالي
وقد وجه الادعاء العام الألماني للعقيد رسلان تهمة مشاركته في تعذيب سجناء بين أبريل/نيسان 2011 وسبتمبر/أيلول 2012 قبل أن يغادر سوريا.
وقد اعتبر البعض بأن “رسلان” قد انشق عن النظام عام 2012 لذا يجب عدم مقاضاته !
وهنا أود أن أوضح مسلّمة مهمة يجب أن يعيها المعارض والمؤيد على حدٍّ سواء : من يعتقد بأن انشقاقه عن النظام يمكن أن يعفيه ويمحو ما اقترفت يداه من جرائم بحق الناس فقد ضلَّ وأخطأ مناصروه ، وإذا كان الإسلام الذي جبَّ ما قبله أعفى الكافر التائب من الحق العام .. لكنه لم يُعفِ الجناة من دماء الناس وأموالهم وحقوقهم، فمن ذا الذي نصّبكم أوصياء على أولياء الدّم وأصحاب الحقوق كي تقرروا العفو عن مجرم تلطخت يداه بدماء الأبرياء، وبحقه اليوم دعاوى قضائية واضحة وجلية من ذوي الضحايا .؟!
لا تخلطوا الحق بالباطل .. و”رسلان” لم ينشق، بل غادر البلد بهدوء في العام 2012 إلى الأردن ومنه إلى تركيا حيث اخترق “الائتلاف” في عهد “أحمد الجربا” و تم تعيينه “مستشاراً أمنياً”، إلى أن أنجز مهامه الموكلة إليه وقد نجح .. ثم طلب اللجوء إلى ألمانيا عام 2014 حيث لا يزال موجوداً على أراضيها، وطيلة تلك السنوات لم يُفكر أن يكون طرفاً في قضية قانونية ضد النظام بالرغم مما يمتلكه من كمٍ هائل من المعلومات بحكم منصبه، بل لم يعبّر عن ندمه خلال جلسة المحاكمة واعتبر أن ضابط الأمن يضطر أن يكون “قاسياّ” أحيانا !! (كما ذكر المحامي أنور البني في تسجيله المتداول) ..لأنه وببساطة شديدة لم يختلف مع النظام ولم ينشقّ عنه بل تصرفاته أوحت وتوحي بأنه قد أوفد بمهمة مخابراتية لاختراق وتمزيق مؤسسات المعارضة حاله حال الكثيرين ممن ادعوا الانشقاق وبعد أن أتموا مهامهم، منهم من عاد إلى حضن النظام ومنهم من آثر الابتعاد والتواري عن الأنظار بعد أن قبض نصيبه من أموال فقرر أن يستثمر تلك الأموال بصمت وبعيداً عن الأضواء .
أما بالنسبة لمن أفرطوا في التفاؤل، و يعتبرون هذه المحكمة تمهيداً لمحاكمة “بشار” فأود أن ألفت عنايتكم إلى أن بشار لن يمثُل أمام محكمة من المحاكم .! ولأسبابٍ كثيرة منها :
أن الذي يمثل أمام المحاكم الدولية عادة يكون من أحد الصنفين :
١ – زعيم شريف لم تُرضِهم أفعاله
٢ – طاغية مجرم لم يرضخ لإملاءاتهم

أما “مطيّتهم السوري” هو لا ينتمي لكلا الصنفين، فلا يمكن أن يكون زعيماً شريفاً .. ولا هو بالطاغية المستقل برأيه وشخصيته.
لذا وجب التنويه إلى أن “الصنف الثالث” الذي ينتمي إليه عادة ما تكون نهايته إما بالإبقاء عليه إلى أن يموت، وتنتقل المهمة إلى موظف آخر .. أو تتم تصفيته إن احترق “كرته” مبكراً أو شكّل خطراً على مشغليه … ففي هذه “المؤسسة” بالذات لا يوجد “الرئيس السابق” .. فإما “الحاليّ” … أو “الراحل” !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى