مقالات

فِخاخ العَسل

محمود الجاف

كاتب وصحفي عراقي
عرض مقالات الكاتب

كرَّم الله المَرأة وأعلى شأنها وجعلها بعضاً من الرجل وجعلهُ بعضاً منها ولا يوجد ما يُوضح معنى المُساواة افضل من هذه الكلمة . قال تعالى ﴿ … بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ… ﴾ آل عمران : 195 . ساوى بينهما في أهليّة الأداء والوجوب وأثبت لها الحقّ في التملُّك والشراء والبَيع كما جعل ميزان التفاضل هُو التقوى والعمل الصالح دون النظر إلى الجنس لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) وأوصى بها النبيُّ صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع فقال (استَوصوا بالنِّساءِ خيرًا فإنَّهنَّ عندَكُم عَوانٍ) وحذَّر من التقصير في حقّها لأنّها أمانة من الله عند الرجل ولا يجوز الغدر بها أو خيانتها وجعل المُحافظة عليها من ضرورات الإسلام الخمس وإحداها حفظ العِرض . ويُمنع التقرب منها إلّا بالزواج الشرعيّ وممّا يؤكّد استمرار وصيته بهنَّ إلى يوم القيامة أنها جاءت بلفظ (استوصوا) والذي يُفيد الاستمراريّة . أي ليُوصي احدكم الآخر فلو قال (أوصيكُم) لكانت مُقتصرة على زمنه . وذُكِرَ في معنى الوصيّة أو الاستيصاء بالنساء في الأحاديث أنّه : الطلب بقبول الوصية أي كأنّ النبيّ عليه الصلاة والسلام يقول : ” أوصيكم فاقبلوا هذه الوصية ” وهذا خطاب مُوجَّه إلى كلّ رجل سواء كان أباً أو أخاً أو زوجاً أو ابناً أو غير ذلك .

ان المرأة هي اللبنة الأساسية لبناء وتقدم المُجتمع ومُربية الأجيال . لا يمكن وصفها بالضعف وقلة الذكاء فهي شطر النفس الإنسانية ولكنها اعتبرت على مر العصور كائناً مُنحطا وشيطانا يُوسوس بالشر . أُهينت وكانت تُشترى وتباع كالسلع والمواشي والمتاع . وتُكرهُ على الزواج والبغاء وليس لها أية حقوق وعليها واجبات كثيرة . اختلف في بعض البلدان حول ان كانت إنسان وتدخل الجنة كالرجل أم لا ؟ وفي النهاية قرر أحد المجامع في روما أنها حيوان نجس . أو أنها بلا روح ولا خلود ولكن يجب عليها العبادة والخدمة . ويجب ألا تأكل اللحم ولا تضحك ولا تتكلم وعليها أن تمضي وقتها في العمل والطاعة وحكموا عليها بأن تُمنع من الكلام وتضع على فمها قفلاً من حديد كانوا يُسمونه الموزلير وكانت النساء جميعهنَّ من أعالي الأسر وأدناها تسير في الطرقات او في دارها وهي مُغلَّقة الفم . هذا عدا العقوبات البدنية التي كانت تتعرض لها لأنها أداة الإغواء وتستخدم لإفساد القلوب . كانوا يربطونها بذيول الخيول ثم يجرونها بأقصى سرعة او على الأعمدة ويصبون الزيت الحار والنار على أبدانهن . وحرم بعض أعضاء مجلس التربيون الرومانى عليها التملك لأكثر من نصف أوقية من الذهب وألا تلبس ملابس مختلفة اللون ولا تركب عربات إلى مدى ميل من روما إلا في بعض الحفلات العامة ..

وعند الإغريق هي شجرة مسمومة مُحتقرة مسلوبة الحُقوق . وقال عنها أرسطو : ” إنَّ الطبيعة لم تزودِها بأيِّ إستعداد عقلي يُعتَدُّ به ولذلك يجب أن تقتصرَ تربيتُها على شؤون التدبير المنزلي والأُمومة والحَضانة وما إلى ذلك ثم قال : ” ثلاث ليس لهنَّ التصرُّف في أنفسهنَّ : العبد ليس له إرادة والطِّفل له إرادة ناقِصة والمرأة لها إرادة وهي عاجِزة “.. وقال ايضا : ” إن المرأة رجل غير كامل وقد تركتها الطبيعة في الدرك الأسفل من سُلَّم الخليقة ” وكذلك ذكرَ : أن المرأة للرجل كالعبد للسيّد والعامل للعالِم والبربري لليوناني وأن الرجل أعلى منزلة منها . وقال سقراط : ” إنَّ وجودَ المرأة هو أكبر منشأ ومصْدر للأزمة والانهيار في العالَم وهي تُشبه شجرةً مَسْمومة حيث يكون ظاهرها جميلاً ولكن عندما تأكل منها العصافير تموت حالاً ” . واعتبرت عند الرومان متاعاً يتصرفون فيها كما يشاؤون وكانوا يعتبروها شراً لا بد من اجتنابه ومخلوقة للمتعة وخاضعة للرجل وهو يملك مالها فهي في نظره ونظر المجتمع كله أمة لا قيمة لها وكان بيد أبيها حق حياتها وموتها فاذا تزوجت ملكها زوجها وفي ذلك يقول جايوس : ” توجب عادتنا على النساء الرشيدات أن يبقين تحت الوصاية لخفة عقولهن ” .

وعند الفُرس أبيح الزواج بالأمهات والأخوات والبنات والخالات والعمات وبنات الأخ والأخت وقد تزوج يزدجرد الثاني من ابنته ثم قتلها وكان بهرام جوبين مُتزوجاً من أخته . وكانت في وقت الطمث تنفى خارج المدينة ولا يتم مُخالطتها وفي عهد الساسانيين لم يكن زواج المُحرمات يعد معصية عندهُم بل تقربا إلى الله .

وعند المصريين القُدماء كانوا يأتون بفتاة جميلة مُزينة بالحُلي واجمل الثياب ثم يلقونها في نهر النيل ظناً منهُم أنه بهذا سيفيض ويعم النماء وظل هذا التقليد سارياً حتى ألغاه الخليفة عمر بن الخطاب .

لقد جاء الاسلام في حين كانت البنت نصيبها الوأد والدفن في الرمل والرجل يتزوج العشرة والعشرين . واصبحنَّ فيه فقيهات وشاعرات . وشارك مع النبي صلى الله عليه وسلم في عدة من غزواته بعض الصحابيات . وكان يصطحب معه نسائه إذا خرج إلى الجهاد فكانت معهُ عائشة في غزوة بني المصطلق سنة ستة للهجرة وأم سلمة عند صلح الحديبية وأم عمارة في غزوة احد وكانت أم سليم بنت ملحان حاضرة يوم حنين مع زوجها أبي طلحة رغم انها كانت حاملاً بابنها عبد الله وكان الغالب على دورهنَّ مُداواة الجَرحى والمَرضى ومُناولة الطعام والشراب . وكنَّ أيضاً يَخرُجنَّ للعلم .

اما في العصر الحديث فقد نالت نصيبها من المآسي في الحصار والحروب ثم الاحتلال وحكوماته ألمُتتابعة التي اذلتها واستغلتها واهانتها ومنها الاعتقال والاغتصاب داخل السجون او تركها عند ذهاب الرجال الى المعارك مع الخليط من مشاعر ألحُب والقلق والخوف والشوق والحاجة والترقب والمُعاناة التي تُواجهها من صعوبات الحياة فقد وجدت نفسها فجأة وعلى غير العادة مسئولة عن أسرة وقد تكون مجموعة أسر . ناهيك عن مشاكل الأولاد والمدارس وقد تفقد زوجها الى الابد . او يختطف فلا هو حيا تحلم بعودتهِ ولا ميتا تبكي عليه . هذا الحال ساقها الى جحيم لا تُحسد عليه . وفي زمن اكذوبة الديمقراطية تسولت في الطرقات او تنقلت على حاويات النفايات لتأكل وتجمع الطعام لأطفالها . ومع ذلك مازالت صامدة وتُعطي وتُحب وتُنجب وتُربي وتعلوا شفتيها الابتسامة وتنبض بالعاطفة وترتقي قمم المجد … ألا تستحق أن نبني لها صرحا من ذهب . وبعد كل ما ذكرت أليس من حقي أن اعتقد أن تدمير المرأة هو الهدف الحقيقي لكل ما جرى وقد يتصور البعض ان تركيزي على نظام الملالي هو امر مقصود او ينبع من مشاعر الحقد عليهم وهو حقيقي . لكني كلما بحثت عن جريمة وجدتهم الداعم او المُنفذ لها او الآمر بها فأي حقد هذا . الله اكبر . واليكم احدها :

هل سمعتُم عن عملية فِخاخ العَسل ؟

جاء في كتاب زواج المُتعة والأنشطة التجسسية الإيرانية للكاتب ( جولتكين افجي ) أنه تبين بعد التصريحات التي أدلت بها بثينة شعبان مُستشارة الرئيس السوري حافظ الأسد في 2011 لصحيفة كويت تايمز . أكدت فيها عن وجود تسجيلات لفضائح جنسية لزعماء وقادة عرب أن جهاز الاستخبارات والحرس الثوري كان يُرسل نساء الباسيج ليمارسنَّ الفعاليات الاستخباراتية بشكل مُكثف لاسيما في تُركيا والعراق واليمن وسوريا والبحرين والسعودية والكويت في ما يُسمى ( زواج المتعة . أو ما أطلق عليها عملية فخاخ العسل ) واحيانا يستخدمون فتيات جذابات لإغراء رجال الأعمال والطلاب الشباب الواعدين لارتكاب أفعال فاضحة حيث يتم تسجيل ذلك لابتزاز الضحايا لدفع مبالغ كبيرة من المال او تجنيدهم . وبحسب تقريرٍ لموقع صحيفة “ديلي ميل” البريطاني فقد انتحر 4 من الرجال الذين استهدفتهم تلك العصابات تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً . وكشف مُحققوا الشرطة أنه تم تسجيل نحو 864 حالة هذا العام وهو ضعف عدد الحالات العام الماضي . والآن يعتقد الخبراء أن الآلاف يقعون فريسةً لها ولا يقومون بإبلاغ الشرطة واكتشفت الوكالة أن هذه العصابات تدير جرائمها في مراكز تُدار بطريقة أشبه بالمصانع إذ تستخدم مُمثلين لخداع المُستهدَفين . وقال المُحققون انهم استخدموا موقع الفيس بوك او مواقع التعارف عبر الإنترنت وأيضاً مواقع التشبيك المهني كموقع “لينكد إن”. ناهيك عن حالات كثيرة لنساء واولاد تم تصويرهم من اجل الحصول على المعلومات والاخبار عن ذويهم بحجة الارهاب . من اجل القضاء على المُقاومة وبمُباركة ومُوافقة وضوء اخضر امريكي . وعمليات الدريل وحرق الجثث ليست ببعيدة . ثم تبين ان الفكر الصفوي يُحلل كل ما ذكرت في مُقابل انتشار افكار الخميني الشاذ الذي جعلها دين يُقدسونهُ ويتقربون بها الى ربهم الاعور الدجال وارتكاب مُختلف انواع الجرائم ومنها ماذكرت … كل ذلك الحزن والالم كان باسم الحُب .

المشاعر التي رزقنا الله اياها من اجل ديمومة الحياة حولوها الى دروس في علم الاجرام .

انتبهوا على عوائلكم من تلك الفخاخ … حتى لايكون حالنا مثل الراعي الذي ساق أغنامه إلى حظيرتها وغلَّق الأبواب . فلما جاءت الذئاب الجائعة ويئسوا من الوصول إليها دبروا خطة … وهي إقامة تظاهرات عند بيت الراعي يهتفون فيها بالحرية للأغنام وطافوا حول الحظيرة فلما سمعتهم تأثرت بهم وبدأت تنطح الجدران بقرونها حتى تحررت وهربت إلى الصحارى والذئاب تجري خلفها والراعي يصرخ ويُنادي ولكن هَيهات .

فقد فات الاوان …

الأغنام الان بلا حارس … فكان ماكان ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى