مقالات

الأسد أو نحرق البلد

د. صابر جيدوري

أكاديمي وباحث سوري.
عرض مقالات الكاتب

كانت العادة في سورية أن تشتعل فيها حرائق صغيرة في مواسم الحصاد، فيشتعل حقل قمح هنا وبيدر هناك، وكانت التهمة غالباً ما توجه إلى طفل ألقى بعقب سيجارته على قارعة الطريق مما أدى الى حريق التهم محصولا كان ينتظره صاحبه بفارغ الصبر، غير أن حرائق اليوم لا تُشبه حرائق الأمس. حرائق اليوم تُشعلها قنابل الطائرات وليس أعقاب السجائر، والمتهمون بحرائق اليوم ليسوا أطفالًا تخلصوا من أعقاب سجائرهم بطريقة غير واعية. المتهمون اليوم ضباط علويون كبار يقودون طائرات الميغ ويقصفون بها المدن السورية لتحترق على رؤوس ساكنيها دون رأفة ولا رحمة. ضباط علويون موجهون من قيادة مجرمة وسعت مساحة الدمار، وتحللت من كل القيم بهوس الانتهاك وحب السلطة.
مع ملحوظة لست أنا الذي اتهمهم بحرق البلد، هم من أعلنوا صراحة (الأسد أو نحرق البلد)، وهم من غنوا (يا سكود شعل نار الله وسورية وبشار)، وهم من ارتكبوا كل الموبقات التي يحمر منها وجه أبليس. من يستطيع أن يفسر لي كيف يمكن لبشر لهم أمهات وزوجات وبنات أن يغتصبوا امرأة أمام زوجها السجين، وأن يضعوا خازوقا في دبره؟ من يفسر لي كيف يقوم طائفي حاقد دخل مع عصابته في ساعات الفجر الأولى إلى مدينة الصنمين عام 2013 وقتل ثلاثة شباب أمام أمهم، وهي تتوسل إليه أن يًبقي لها واحداً منهم؟!
لقد مارس التتار الجدد كل ما ذكرته وأكثر، لأنهم لم يفهموا بعد أن الدول يجب أن تُحكم بالعدل. العدل الذي لا يختلف عليه اثنان، لأن العدل هو أن يفوز كل صاحب حق بحقه. التتار الجدد لم يفهموا بعد معنى احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية التي أقرتها الشرائع السماوية والمواثيق والإعلانات الدولية، فراحوا كالثيران الهائجة يحرقون ويدمرون ويعيثون في الأرض فساداً.
لقد كتبت لهؤلاء التتار منذ بداية الثورة مقالًا شرحت فيه لماذا يردد أبناء حوران شعار (الموت ولا المذلة)، طلبت فيه من قيادتهم تشكيل لجان تحقيق نزيهة وموضوعية ومقتدرة، تنظر في شكاوى الذين تعرضوا للقتل والقهر والظلم، من أجل أن يتحقق العدل في فضاءات المجتمع السوري. العدل الذي ينفي أخطارًا كثيرة. ينفي الظلم والتمييز وحالة الاستلاب التي يحدثها القاهر للمقهور. طلبت ذلك في لحظة تاريخية كنت اعتقد جازمًا أنهم لو فعلوا ذلك لما وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه الآن. والآن أتساءل ويتساءل معي كل أحرار سورية: كيف سيحكم التتار الجدد سورية بعد الذي فعلوه في البلاد والعباد؟
لا أعرف إن كانوا يمتلكون تقارير دولية أو إقليمه تؤكد استمرارهم في حكم سورية، وإنه لا مشكلة في الدماء التي سالت على تراب الوطن، ولكن ما أعرفه ومتأكد من معرفته أنهم لن يحكموا سورية بعد أن حرقوا مدنها بالطائرات. ما أعرفه أن الشعب لم يعد يلتفت إلى تصريحات الأسد عن تطهير المدن من الإرهابيين على حد زعمه، ولا إلى ما يصرح به بوتين ولافروف، ولا إلى تصريحات خامنئي وروحاني، ولا إلى مسرح عبثي من نوع مؤتمر جنيف ومهزلة سوتشي، ولا إلى ما تُصرح به المعارضة الخائنة، هذه كلها مشاهد نظام في سكراته الأخيرة، وصور نهاية لنظام يفاجئه الخطر من حيث لا يحتسب. من الشعب الذي استهان به فقصفه بالطائرات وأحرق مدنه، ومن الثوار الذين يغزلون لسورية أثواب غضبها الأحمر. أجزم أن سورية ستخرج من تحت الرماد لتنتصر وتزدهر، فالنظام يبدو مفزوعًا إلى الحد الأقصى ويشعر أن الانهيارات الكبرى بدأت، والأقنعة سقطت، ولحظة الحقيقة تبلورت، والنهاية اقتربت بإذن الله.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. لعنة الله عليهم هم التتار الجُدد…هم حفدة أبو طاهر القُرمطي …..هُم حفدة ابو لؤلؤ المجوسي …….حقد دفين على ابناء الامة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى