مقالات

بازار روسي على رأس اﻷسد

فراس العبيد – رسالة بوست

وجهت موسكو صفعة جديدة للأسد، رغم أنها تبرأت مما نشره موقع “وكالة الأنباء الفيدرالية” الروسية، وجريدة “نوفايا غازيتا” الروسية، اللتان هاجمتا النظام، قبل أيام، واتهمتاه بالضعف والفساد.

وزعم المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، أن موقع وكالة الأنباء الفيدرالية الروسية تعرض مرتين لهجمات إلكترونية من “متطرفين تابعين للنظام التركي”.

ألم نقل لكم إنها..؟

والراجح؛ أنّ المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، برر لتنصل بلاده من اتهام اﻷسد بالسقوط في “نظرية المؤامرة” وإلقاء الكرة في “الملعب التركي” وإن بشكلٍ غير رسمي، ما يجعل تلك الرسالة داخلية سورية بامتياز، تستهدف اﻹعلام الموالي للأسد، حصراً، فهو الوحيد القادر على تلقف مثل تلك المعلومات ليختم في نهاية تقاريره، “ألم نقل لكم أنها مؤامرة من العثماني الجديد؟”.

صراع عائلي:

وتشير بعض التسريبات والتقارير أنّ موسكو تحاول إدارة وتوجيه الصراع العائلي بين الثنائي “اﻷسد_ مخلوف”، وبرز ذلك من خلال موجة تراشق اﻻتهامات بين الطرفين.

ويعتقد محللون، أنّ تبادل اﻻتهامات بين آل اﻷسد_مخلوف، يفسر تفسخ حكم العائلة المستعصية، وإدراك روسي، أن النهاية دنت.

إﻻ أنّ حقيقة الصراع، تحمل أبعاداً سياسية أخرى، فهي في المحصلة إحدى أشكال “إقصاء اﻹيرانيين” عن الساحة ومراكز القرار في سوريا، بما فيها “الجانب اﻻقتصادي”.

فاصل قليل:

ومن الناحية العملية؛ يبدو أن موسكو بتنصلها، أرادت إعطاء “اﻷسد” الفرصة اﻷخيرة في نهاية الشوط بدل الضائع، للمراجعة، والتوقف عن الرقص على الحبلين “الروسي_اﻹيراني”، وضرورة الموازنة واﻻنحياز ﻷحد اﻷطراف.

إذ إن الشعب السوري بشقيه، المعارض والموالي، مدرك تماماً، “لصوصية آل الأسد”، ولا قيمة لتذكيره، بشراء بشار لوحة فنية، بقيمة ثلاثين مليون دوﻻر، وإهداءها لزوجته، إﻻ تحريك الراكد.

والتذكير بأنّ ورقة اللعب وضعت على الطاولة للتفاوض حول المصير النهائي، وفقاً للتسريبات اﻹسرائيلية.

وبغض النظر، عن التصريحات اﻹسرائيلية تلك، فإنّ موسكو، باتت مدركةً تماماً، عدم قدرتها على التفرد بإدارة الملف السوري، لاسميا في شق إعادة اﻹعمار، بعيداً عن “واشنطن” و”الغرب”.

لماذا الوكالة الروسية؟

ولعلنا نسأل؛ “ما الدافع ﻻختيار المتطرفين اﻷتراك اختيار الوكالة الروسية لبث أخبار فاضحة عن آل اﻷسد؟!”.

باختصار؛ ثمة مؤشرات على وجود استياء روسي، من اﻷسد ودور عقيلته اﻷخير في إدارة اﻻقتصاد، تجلت بوضوح في صفقة القمح اللين، التي تعثرت دون تقديم أي مبررات، وبقي أفراد المجتمع في الشارع الخاضع للنظام، بين فكي “الوهم والجوع”.

ويرجح ذلك، الدراسة التي صدرت مؤخراً، عن المجلس الروسي للشؤون الدولية، والتي أشارت إلى أن تعافي الاقتصاد في سوريا غير ممكن إطلاقاً.

بازار روسي على رأس اﻷسد:

بالمقابل؛ ﻻ يمكن التسليم بالمطلق أنّ موسكو مستعدة اﻵن ﻹنهاء  حكم اﻷسد، وإنما معظم المؤشرات أنها فتحت “بازار التفاوض على الرأس”، ولن وﻻ ترغب روسيا بالخروج بخفي حنين، وإنما ضمان مصالحها، وفق تسويات وتفاهمات دولية محددة، ولن يأتي ذلك قبل ممارسة ضغوطات، يفترض أن تنتهي باﻹطاحة باﻹيرانيين، وغعادة تشكيل خارطة جديدة للدولة السورية، وفقا للمقايس التي ستخرج من غرف “الكبار”.

بالمجمل؛ روسيا تراوغ حتى اللحظة، فهي مقتنعة منذ البدايات أنّ “اﻷسد” انتهى، لكنها لن تلقي بكرتها الأخير، بسهولة.

والمراوغة تلك ليست من طرف الروس وحدهم، إذ إنه لم توجد حتى اللحظة، الشخصية التي ستدير المرحلة المقبلة، مع وجود معارضة هزيلة أقرب أن توصف باﻷدوات، وجفاف النظام من الشخصيات المؤهلة.

ولعل النقطة التي يغفل عنها كثيرون، تتعلق بوجود “تيار جهادي”، أو على اﻷقل “جيب جهادي”، قادر على امتصاص الصدمة، وإعادة تمدده.

بالمحصلة؛ روسيا افتتحت البازار، وسوريا داخلة في مرحلة تكوين جديدة، شأنها في ذلك، شأن التغييرات التي جرتها رياح “كورونا”، وعلى الجميع أن يسعى “والمقصود هنا المجتمع الدولي” لرسم وجهٍ لنظام يمتاز بوﻻءات قديمة، ومنضبط في إطار حركته، بما يضمن آمن جيرانه “الصهاينة”، شريطة أن يكون، مقبول محليا، وهي معادلة صعبة لكنها ربما تكون “ممكنة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى