مقالات

ماذا لو اصبحتُ الرَئيس؟

محمود الجاف

كاتب وصحفي عراقي
عرض مقالات الكاتب

بعد ان غَشيَ العراق غيومٌ سوداء ظالمة مُظلمة وبدأ المَوت يتَسللُ الى الناس شيئا فشيئا والأنين . هاجرَ من اهله المَلايين . وانا منهُم . كان حظي جارة الخير تُركيا وشعبها الامين . الذي كنت قد قرأتُ عنهُ الكثير منذُ سنين . ويكفيهم ان منهُم السلطان محمد الفاتح فهُو نعمَ الامير . وجيشه الكبير . سكنتُ في العاصمة . حتى جهزتُ نفسي للخُروج واشتريتُ المواد اللازمة . وطبعا عن طريق الزوارق لان بقائنا قد يطول فأكذوبة الامم المُتحدة لاتكتشفها الا بعد ان تزور تلك الدائرة وحينها ستعرف انك في ورطة كبيرة . وترى الناس في حيرة . وعليك الاختيار بينَ ان تهدر كرامتك وتجوع وتثور . او ان تُواجه اسماك القرش في البحر عندَ العُبور . او يُصيبك الويل والثبور . وكثيرون اختاروا الموت على بُؤس الحياة وذُلها فالناس لا يعرفوا المَستور ولم يقرأو ما بينَ السطور …

كان عددنا حوالي الاربعين في الغالب . عندما تحرك بنا القارب . ونحنُ نرتدي سترات النجاة . رغم اننا كرهنا الحياة . في وسط ذلك البحر المُخيف . غرقنا فصرخ الكُل يا لطيف … بقينا في البحر اياما وليالي لكنني لم ابالي . وفجأة اشرقت علينا شمس الصباح والامل في مَرمى بصرنا لاح ورأينا امامنا جزيرة . فسبحنا اليها حتى وضعنا اقدامنا عليها . وتبين انها خالية الا من الحيوانات والغابات والزروع . والحمد لله هي من النوع التي لا احد عليها يجوع . وهنا جمعتهُم وقلت لابد ان نختار من يقود . فهنا لاتوجد نقود . ونحتاج الى شرطة وجنود يحمون الحدود .

جلسنا نتباحث حول الموضوع فسألني احدهُم بكُل وضوح وقال :

ماذا ستفعل لو كنت الرئيس ؟

قلتُ : ساحكُم كما اراد الله ورسولهُ وأشكل فورا الوزارة وابني مسجدا ومنارة ونبدأ من الان الزراعة ونُشيِّد البيوت ونعمل وجبات 24 ساعة شرط ان يكون المسؤول من اهل الخبرة . واذا سرق منهم احد والله اجعله للأخرين عبرة . وان يكون لديهم البصر والبصيرة . ويحملون الاخلاق وعندهم غيرة .

وهكذا شكلنا الحُكومة :

كانت الاولى وزارة المَوارد : يُسجل فيها كل شيء من النقود والخيرات الوارد وامام الكثير من الشهود وليس شاهدا واحد . وبعد ان يتم استقطاع رواتب الجميع يُوزع الباقي من المال على الشعب في الحال من الجنوب الى الشمال .

2 : وزارة التجارة : يعتبر الوزير نفسهُ رئيسا لشركة فيها الربح والخسارة ويا ويله لو علمت ان احدا من الناس جاع والله ارميه الى السِباع . اريد ان يملأ عيونهم من الخير ويوفر لهم جميع البضائع الراقية ومن افضل المناشيء ولايهم الاسعار ان كانت غالية .

3 : وزارة الداخلية : كل شيء يُسرق من الناس يدفعهُ الوزير والشُرطة والا سيقعونَ في ورطة . وان ضرب احدهُم مُواطن يأخذ حقهُ بيديه في الظاهر وليس الباطن . وكل انسان يعرف ما له وما عليه ولا يأكل من الحرام . بل مما كسبت يديه . وعليه ان يحترم الناس ويغض البصر ويغلق عن شرفهم فمه وعينيه … وان سمعت ان احدا تكلم بالطائفية وجائوا به اليَّ . سألقنه درسا واجعله عبرة لكل البرية .

4 : الدفاع : الدفاع . لا يدخلها احدا من الرعاع . ولابد ان تعرف الناس امه واباه . ومن الذي رباه . وان يعشق تُراب ارضه ويحمي دينه وعرضه ويفهم الاسلام ويعرف الشهادة ولايقطع الصلاة والسجود على الوسادة ويواظب على العبادة .

5 : وزارة الاستخبارات : تشمل الامن الداخلي والخارجي والاستخبارات العسكرية . تطارد جميع العملاء في المدن والحارات والبرية وتلقي القبض عمَّن لايحمل الهوية او تسلل الى الوطن خلسة خصوصا من الصفويين السرسرية او الصهاينة والصليبيين البَربرية . وأمن الحدود تكون احدى شعب المُخابرات والسفارات وكل ما يتعلق بالأمن الخارجي واخبار الحضارات .

6 : التخطيط والبناء : اريدُ وزيرا يخشى الله حتى يجعل بلدي من اجمل البلدان . تعلوهُ العمارات والبنيان وملاعب الكبار والبنات والولدان . لا اريد احدا من الشعب في الايجار ساكن ولابد ان يُوفر لهُم خلال عام واحد جميع المساكن والطفل يهديه مع بيان الولادة قطعة ارض سكنية وهذا حقهُ وليس هبة منهُ او هدية .

7 : التربية والتعليم : اريد وزيرا يعرف قيمة التربية والاخلاق قبل التعليم في العراق . ويُعلم الطلبة اهمية الكتب والدفاتر والاوراق . ولايسمح بالغش والكذب والنفاق . ولايكون من السُرّاق . ويملأ عقول الناس بالثقافة مع العلوم . وليس اغاني عبد الحليم وام كلثوم .

8 : الدراسات العليا : خريجي هذه الوزارة مُهمين لانهُم دائما في القمة وقادة في المُجتمع ولديهم هِمَة . وان كان تعليمهُم ضعيف سيقع البلد في مَصاعِبَ جَمَّة . ولهذا لابد ان يستحقَ الشهادة . حتى يليق بالمُهندس ان يجلس في مكتبه او الطبيب في العيادة . وحتى الأئمَة في دور العبادة .

9 : المالية : احتاج اليها وزيرا مثل عمر بالأمانة والعدالة . لايسمح لاحد من الحيالة ان يسرق او يرتشي او يُهرِّبَ امواله .

10 : الاسكان والتعمير : اريد وزيرا يشعرُ بحال الفقير . وانا بنفسي سأتابع . وان وجدت منهُم احدا يسكنُ في الشارع . سأريهُم الفواجع .

12 : النفط : اختار لها رجلا امين يخشى الله في الناس ويحسب الحساب الى يوم القيامة ولايرضى ضميره ان يتسولوا او يأكلوا من القمامة ..

13 : الصحة : اريد ارقى الفنادق في البلد تتحول الى مُستشفيات وتمتلئ بالأطباء والطبيبات . حتى يأتي الاجنبي يُعالجُ فيها وهذه بالنسبة لي احدى اكبر الامنيات .

14 : الخارجية : نحتاج فيها الى شخص يحملُ كثيرا من الصفات . علمٌ وعقلٌ واخلاقٌ ويُجيد عدة لغات . يُشرِّفُ العراق في جميع المَحافل . ويعرف كيف يتكلم امام الجَحافل . وليس مجنونا مثل الكونفوشيوسي في القمقُم خاتل …

15 : وزارة الشباب والرياضة : لابد للشعب ان يُمارس الرياضة . ويترك الفُصول العشائرية والعَراضة . حتى يُصبح الناس في اكمل صحة وعافية . ولاتقضي حياتها في بيوتها غافية . او في السهرات والحفلات لاهية .

16 : وزارة الاوقاف والشؤون الدينية : اريد ان يُعلموا الناس الدين الحقيقي وليس دين الذبح والتقتيل . حتى يُحبوا ربهُم ويُحسون بالرحمة والمغفرة وليس التنكيل . فديننا دين السلام والوئام . وليس دين السرقات واكل الحرام . ومن حق الجميع الصلاة والصيام . ويُمنع ان يعمل في المساجد من يربي الطيور والحمام . ويسمي نفسه إمام …

17 : وزارة الطرق والجسور : نبنى طرقا وجسورا جديدة . ونلغي اسماء الاشخاص ونضع عليها الارقام العالمية المُعتادة . يعني يبدأ من الواحد صعودا حتى يعرف المواطن انه كلما تنخفض الارقام يكون قريبا من بناية ممثل الدولة والسيادة . مثلا : المُستشفى في الشارع الرابع ومركز الشرطة في السابع ثم دائرة النفوس وبعدها المدرسة ودائرة الاطفاء . ثم مركز القيادة . وكل شيء بتخطيط مُنظم دون زيادة . حتى الطبيب والعيادة .

18 : وزارة العدل والانصاف : لابد ان يُحبها ويثق فيها الشعب ولايخاف ويختبىء من القاضي خلف الجدران او تحت اللحاف . ولايسمح لاحد ان ياخذ حق المواطن . حتى لو كان سيدا او مرجعا او عميلا خائن …
وفجأة صحوتُ من هذه الرُؤيا العَجيبة . على وقع خطوات ابنتي الحَبيبة . وحمدتُ ربي على هذه الافكار الرَهيبة . وهكذا ببساطة يُمكن لأي مواطن ان يُشكل الحكومة … لو كان الوطن والناس اكبر هُمومَه …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى